التلاحم الاسري واهميته في بناء المجتمع
ان الاسرة احدى العوامل الاساسية في بناء الكيان التربوي وايجاد عملية التطبيع الاجتماعي, وتشكيل شخصية الطفل واكتسابة العادات التي تبقى ملازمة له طوال حياتة, فهي البذرة الاولى في تكوين نمو الفرد بناء شخصيتة, فأن الطفل في اغلب احواله مقلد لابويه في عاداتهم وسلوكهم فهي اوضح مقصدا واقل تنضيما, واكثر احكاما من سائر العوامل التربوية.
اهمية الاسرة
ان الاسرة لها اثرذاتي في التكوين النفسي في تقويم سلوك الفردي وبعث الحياة والطمأنينة في نفس الطفل, فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم, والاتجاهات, وقد ساهمت الاسرة في طريق مباشر في بناء الحضارة الانسانية واقامة العلاقات التعاونية بين الناس ولها يرجع الفضل في تعليم الانسان لاصول الاجتماع, وقواعد الاداب والاخلاق, كما هي السبب في حفظ كثير من الحرف والصناعات التي توارثها الابناء عن الابائهم .... ومن الغريب ان الجمهورية التي نادى بها افلاطون, والتي تمجد الدولة وتضعها في المرتبة الاولى قد تنكرت للاسرة, وادت الى الاعتقاد بأنها عقبة في سبيل الخلاص والولاء للدولة, فليس المنزل في سبيل مع مالة من القيمة عظمى لدينا سوى العنة والشر في نظر افلاطون, واذا كان من امثالنا, ان بيت الرجل هو حصنة الامين فان افلاطون ينادي اهدموا هذه الجدران القائمة فانها لاتحتضن الا احساسا محدودا بالحياة المنزلية.
واجبات الاسرة
ان الاسرة مسؤولة عن نشاة اطفالها نشاة سليمة متسمة بالتزان والبعد عن الانحراف, وعليها ماواجبات ملزمة برعايتها هي:- اولا:- ان تشيع في البيت الاستقرار, والود والطمانينة وان التبعد عن جميع الوان العنف والكراهية, والبغض فأن اغلب الاطفال المنحرفين الذين تعودوا على الاجرام في كبرهم, كان ناشئاً ذلك- على الاكثر من عدم الاستقرار العائلي الذي فنيت به الاسرة, يقول بعض المربين :
((نحن لو عدنا الى مجتمعنا الذي نعيش فية فزرنا السجون ودور البغاء ومستشفيات الامراض العقلية. ثم دخلنا المدارس واحصينا الراسبين من الطلاب, والمشاكسين منهم والمتطرفين في السياسة, والذاهبين الى ابعد الحدود, ثم درسنا من نعرفهم من هؤلاء لوجدنا ان معظهم حرموا من الاستقرار العائلي, ولم يجدوا معظمهم بيتا هادئا فية اب يحدب عليهم, وام لم تدرك معنى الشفقة, فلا تفرط في الدلال ولاتفرط في القسوة وفساد البيت اوجد هذة الحالة من الفوضى الاجتماعية, اوجد هذا الجيل الحائر الذى لايعرف هدفا, ولايعرف له مستقراً)).
ان اشاعة الود والعطف بين الابناء له اثر بالغ في تكوينهم تكوينا سليما, فاذا لم يرع الاباء ذلك فان ابنائهم يصابون بعقد نفسية تسبب لهم كثيرا من المشاكل في حياتهم ولاتثمر وسائل النصح والارشاد التي يسدونها الابنائهم مالم تكن هناك موده صادقة بين افراد الاسرة, وقد ثبت في علم النفس ان اشد العقد خطورة, واكثرها تمهيداً للاضطرابات الشخصية هي التي تتكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بوالدية كما ان تفاهم الاسرة وشيوع المودة فيما بينهم مما يساعد على نموه الفكري وازدهار شخصيته.
ثانياً :- ان تشرف الاسرة على تربية اولادها وقد نص علماء الاجتماع على ضرورة ذلك واكدوا ان الاسرة مسؤؤلة عن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها خبرات الثقافة, وقواعدها في صورة تؤهلة فيما بعد لمزيد من الاكتساب, وتمكنة من المشاركة التفاعلية مع غيرة من اعضاء المجتمع كما اكد علماء التربية على اهمية تعاهد الاباء لابنائهم, للعطف والحنان والحدب عليهم والرأفة بهم حفظاً وصيانة لهم من الكأبة والقلق, وقد ذكرت مؤسسة اليونسكو في هيئة الامم المتحدة تقريرا مهما عن المؤثرات التي تحدث للطفل من حرمانة من عطف بية جاء فية
((ان حرمان الطفل من ابية وقتيا كان ام دائمياً - تثير فية كأبة وقلقا مقرونين بشعور الاثم والضغينة, ومزاجا عاتيا ومتمرداً, وخورا في النفس, وفقداً لحس العطف العائلي, فالاطفال المنكوبون من حرمانهم من ابائهم ينزعون الى البحث في عالم الخيال عن شئ يستعيضون به عما فقدوه في عالم الحقيقه, وكثيرا مايكونون في مخيلتهم صورة الاب مغوارا او الام من الحور.... وقد لوحظ في معاهد الاطفال انه كانت صحة الطفل البدنية, ونموة العضلي وضبط دوافعة الارادية تتفتح وتزدهر بصورة متناسقة في تلك المعاهد, فان انفصالة عن والدية قد يؤدي من جهة اخرى الى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق وتمكن العادات السيئة منة وصعوبة نمو حسة العاطفي))
ان افضل طريقة لحفظ الابناءمصاحبتهم ومراقبتهم, ويرى المربون المحدثون(ان افضل ميراث يتركة الاباء الى ابنائهم هو بضع دقائق من وقتة كل يوم ) ويرى بعض علماء الاجتماع والباحثون في اجرام الاحداث ( ان افضل السبل للقضاء على انحراف الاحداث هو ان تلقط الاباء من الشوارع ليلا) واذا قام الاب بواجبة من مراقبة ابنائة, ومصاحبتهم فأنه من دون شك يجد ابنة صورة جديدة منة فيها كل خصائصة, ومميزاتة وانطباعاتة وعلى الاباء ان يتركوا مجالس اللهوويعكفوا على مراقبة ابنائهم حتى لايدب فيهم التسيب, والانحلال ويقول شوقي.
ليس اليتيم من انتهى ابواه من
هم الحياة ..... وخلفاة ذليلا
ان اليتيم هو الذي تلقى ....له
اماً تخلت او اباً.....مشغولا
ثالثاً :- يرى بعض المربين ان من واجبات الاباء والامهات اتجاة اطفالهم هو تطبيق مايلي:-
1- يجب ان يتفق الام والاب على معايير السلوك وان يؤيد كل منها الاخر فيما يتخذاه من قرارات نحو اولادها.
2- ينبغي ان يكون وجود الاطفل مع الاب بعد عودته من العمله جزءاً من نظام حياتة اليومي, فالطفال الصغار يكونون بحاجة الى الشعور بالانتماء, وهم يكسبون هذا الشعور من مساهمتهم في حياة الاسرة.
3- ينبغي ان يعلم الاطفال ان الاب يحتاج الى بعض الوقت ليخلو منه الى نفسه كي يقرأ او يستريح اويمارس هوايتة.
4- تحتاج البنت الى اب يجعلها تشعر بأنوثتها, وانها من الخير ان تكون أمرأة تتمتع بالفضيلة والعفاف.
5- يحتاج الابناء الى اب ذي رجولة وقوة على ان يكون في نفس الوقت عطوفاً حسن الادراك فالاب المسرف في الصلابة والتزمت يدفع ابنة الارتماء في حضن امه طالباً الحماية والى التقليد اساليبها النسائية.
وظائف الاسرة
وللاسرة وظائف حيوية مسؤولة عن رعايتها, والقيام بها وهذه بعضها
1- انها تنتج الاطفال وتمدهم بالبيئة الصالحة لتحقيق حاجاتهم البيولوجية والاجتماعية, وليست وظيفة الاسرة مقتصرة على انتاج الاطفال فان الاقتصار عليها يمحو الفوارق الطبيعية بين الانسان والحيوان.
2-انها تعدهم للمشاركة في حياة المجتمع, والتعرف على قيمة, وعاداتهم.
3- انها تمدهم بالوسائل التي تهيئ لهم تكوين ذواتهم داخل المجتمع.
4- مسؤوليتها عن توفير الاستقرار والحماية والامن والحنو على اطفالهم مدة طفولتهم فانها اقدر الهيئات في المجتمع على القيام بذلك لانها تلقي الطفل في حال صغره ولاتستطيع مؤسسة عامة ان تسد مسد الاسرة في هذه الشؤون.
5- على الاسرة ان تقطع جزء كبير من واجب التربية الخلقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة...ففي الامم التي تحارب مدارسها الرسمية الدين بطريقة مباشرة او غير مباشرة, كذلك الامم التي تسير معاهدها على نظام الحياد في شؤون الدين والاخلاق كفرنسا وغيرها فيقع العبئ الديني على الاسرة ... فبفضل الحياة الاسرة تتكون لدى الفرد الروح الدينية وسائر العواطف الاسرية التي تؤهله للحياة في المجتمع والبيت.
ان فترة الطفولة تحتاج الى مزيد من العناية والامداد بجميع الوسائل التي تؤدي الى نموه الجسمي والنفسي, وان اوهى الاراء القول بان الوظيفة الوحيدة للاسرة امدادها للابناء بالمال اللازم لهم, فأن هذا القول قد تجاهل العوامل النفسية المختلفة التي لابد منها لتكوين الفرد الانساني كالحنان والعطف, والامن والطمأنينة فأنها لازمة لنمو الطفل نفسي ويجب ان تتوفرله قبل كل شئ.
لقد اكد علماء النفس والتربية للاسرة اكبر اثر في تشكيل شخصية الطفل, وتتضح اهميتها, اما مبدأ البايلوجي الذي ينص على ازدياد قابلية للتشكيل وازدياد المطاوعة كلما كان الكائن صغيرا. بل يمكن تعميم هذا المبدأ على القدرات السايكلوجية في المستويات المتطورة المختلفة.
ان مايواجهة الطفل من مؤثرات في سنة المبكرة يستند الى الاسرة فانها العامل الرئيسي في حياته, والمصدر الاول لخبراته, كما انها المظهر الاصيل لاستقراره, وعلى هذا فان استقراره شخصية الطفل وارتقائة يعتمد كل الاعتماد على مايسود الاسرة من علاقات مختلفة كماً ونوعاً..... ان اكتشافات علم التحليل ان قيم الاولاد الدينية والخلقية انما تنمو في محيط العائلة.
الاسرة في الاسلام
لقد اقام الاسلام نظام الاسرة على اسس سليمة تتفق مع ضرورة الحياة وتتفق مع حاجات الناس واعتبر الغريزة العائلية من الغرائز الذاتية التي منحها الله للانسان وقال الله تعالى((ومن اياتة انه خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينهما مودة ورحمة )) فهذه الظاهرة التي فطر عليها الانسان منذو بدأ تكوينة من ايات الله ومن نعمة الكبرى على عباده.
ان الاسلام يسعى الى جعل الاسرة المسلمة قدوة حسنه طيبة تتوفر بها عناصر القيادة الرشيدة قال تعالى عن عباده الصالحين ((والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواحنا وذريتنا قرة اعين لنا وللمتقين اماماً )) واهم قاعدة من قواعد التربية ان توجد عملياتها التربوية القدوه الحسنة, والمثل الاعلى للخير والصلاح.
لقد اهتم الاسلام اهتمام بالغ على ان تقوم الرابطة الزوجية على الاختيار والفحص حذرا من ان يكون احد الزوجيين مصاباً ببعض الاهات فتسرى الى ابنائهم فينشأ في المجتمع اولاد مشوهون في سلوكهم واتجاهاتهم, كما جعل الاسلام الاب الفتاة ولاية عليها, وشرك بينهما في اختيار الزوج الصالح لها حذراً من ان تختار بمفردها زوجاً من ذوي العاهات فتجر لنفسها الشقاء والويلات, وتبلى منة بذرية طالحة تبلى ويبلى بهم المجتمع, ومن الطبيعي انها لاتحسن اختيار الزوج الصالح لها فانها لاتعلم من الحياة الا قشورها, وهي تحكم على خطيبها بما يبدية لها من حديث مصطنع ووعود خلابة, وبما ينمقة لها من وسائل الغرام, او بما يتمتع به من حسن الصورة والتجميل والتزين بالازياء المغرية وهي - بصورة جازمة - لم تتطلع على مكر الحياة وخبث الفاسقين وكيد العاشقين, ولم تعرف كذب الوعود, ورياء العهود, ولم تفقه ان الزواج السعيد الذي يحقق احلامها وامالها اما يكون اذا اقترنت برجل شريف النفس, كريم الخلق, صادق الايمان حتى يعني بشؤنها وحقوقها وتنجب منة ذرية طيبة التي تكون قرة عين لها في حال كبرها وشيخوختها... وهذا ما يريده الاسلام لها.
وعلى اي حال فان نظام الاسرة الذي سنة الاسلام يقوم على اساس من الوعي والعمق لما تسعد بة الاسرة ويؤدي الى تماسكها وترابطها من الناحية الفسلوجية, والنفسية, والاجتماعية, بحيث ينعم كل فرد منها, ويجد من ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
ان الاسلام يحرص كل الحرص على ان تقوم الرابطة الزوجية - التي هي النواة الاولى للاسرة- على المحبة, والتفاهم والانسجام, وهو الزواج المثالي الذي عناه (هامبلوك اليس) بقوله (( لايقوم الزواج المثالي حقا على توافق الشهوة فقط, وانما يقوم على اتحاد غير شهواني, اساسه مودة عميقة تتوثق على مر الايام وتشمل شتى نواحي الحياة, وهو اتفاق الاذواق والمشاعر والميول, وهو اتفاق على الحياة المشتركة, بما قد تستلزمة من من اعباء الابوة)).
وهذا هو ماينشدة الاسلام في الرابطة الجنسية ان تكون مثالية وتقوم على اساس وثيق من الحب والتفاهم حتى تؤدي العمليات التربوية الناجحة في تكوين المجتمع السليم.
اضطراب الاسرة
اذا مامنيت الاسرة بعدم الانسحام والاضطراب فان افرادها يصابون بالام نفسية, واضطرابات عصبية خصوصا الاطفال فانهم يمنون بفقدان السلوك والانحراف, وقد اظهرت الدراسات والبحوث التربوية الحديثة ان من اهم الاسباب الى انحراف الاحداث هو اضطراب الاسرة وعدم استقرارها فتنشأ منة الازمات التي تؤدي الى انحرافهم لذا من اللازم الحفاظ على استقرار الاسرة, وابعادها عن العوامل القلق والاضطراب حفظاً على الاحداث, وصيانة لهم من الشذوذ والانحراف.
الاسرة في العصور الحديثة
مشكلة الاسرة في العصور الحديثة - مشكلة خطيرة جداً, فقد فقدت نتيجة التغيرات الاجتماعية كثيرا من وظائفها التي كانت تقوم بها من ذي قبل, فأدى ذلك الى عرى الاسرة, وانهيار الروابط التي كانت تربطها فيما قبل, يقول بعض المربين :
((الواقع ان من مخاطر المجتمع الحديث الرئيسية ان دور الطبيعي الذي كانت تقوم به الاسرة بتضاءل نتيجة الاستيلاء المؤسسات الاخرى على كثير من مسؤلياتها وتخشى نتيجة التضاؤل ان تفقد الاسر الاثر الفعال الذي هو من اهم قوى الاستقرار في المجتمع)).
وان من اوهى الاراء القول باهمال شؤون الاسرة, وترك حديث البحث عنها لانها لاتؤثر في تطورنا الاجتماعي بل انها مصدر من مصادر الاستقلال يجب تحطيمها كم اعلنتة الماركسية في بداية تطبيقها زاعمة ان الرجل يستغل زوجتة واولادة فيتخذهم اداة انتاج واصر انجلز على ذلك فقال:
((ولاتعودوا العائلة الفردية بتحويل وسائل الانتاج الى ملكية عامة, الوحدة الاقتصادية في المجتمع, وتصبح ادارة المنزل الخاصة صناعة, وتصبح خاصة بالاطفال تربيتهم قضية عامة, اذ ياخذ المجتمع على عاتقة تربية جميع الاطفال على حد سواء أكانوا ثمرة زواج ام لم يكونوا ..... ))
وبهذا يختفي الخجل الذي يساور قلب الفتاة من جراء النتائج التي هي في زماننا اهم عامل اقتصادي خلقي يعوق الفتاة من خلال استسلامها بحرية الى الشخص الذي تحبة........
وقد تراجعت بعض البلدان عن كثير من مقرراتها لانها اصطدمت بالواقع الذي يعيشه الناس في جميع مراحل تاريخهم من ان الاسرة نظام مستقر ثابت لاغنى للبشرية عنه, ثم اتجه المشروع الروسي الى اعلاء شأن الاسرة والعمل على حماية الدول لمصلحة الام والاطفل. ومنح المرأة اجازة قبل الولادة وبعدها بأجر كامل.