بنايه جنان الثمانيه
بناية " هشت بهشت " التاريخيه نموذج من قصور آخر السلاطين في العهد الصفوي , حيث تم بناءها في عهد الشاه سليمان عام 1080 هجري . الكاشي المعّرق المستعمل فيها يحمل رسوم من الطيور و الحيوانات المفترسه و غير المفترسه و تعد من آثار هذا القصر. لم يبقي من البستان الكبير لبناية " هشت بهشت " الا القليل و ان القصر التاريخي مازال اثر قيماً و ملحوض و قد تم انشاء منتزه حوله بعد الثوره الاسلاميه .
هذا القصر بني في عهد الشاه سليمان الصفوي وهو من افضل القصور التي بنية في ايام الصفويه . ولان كيفية البنايه ووضعها قد تغير علي اثر مرور الزمان فسوف يكون من الضروري الرجوع الي ما كتبه المؤرخين حول هذا القصر في زمانه حيث كانت لهم معلومات دقيقه عنه . ومن الاشخاص الذين دخلوا هذا القصر كراراً و لهم معرفه كافيه عنه هو " شاردن " الفرنسي الذي كتب كثيراً عن هذا القصر في سفره و نقدم لكم ترجمة جزءٌ مما كتبه : " انني قد واعدتكم من خلال توصيفي للبساتين الموجوده الي جانب الشارع الجميل في اصفهان ان اشرح لكم شيئاً عن احد القاعات الموجوده في احد هذه البساتين المسمي ب " بستان البلبل " هذه القاعه اسمها عمارة " هشت بهشت " = " الجنان الثمانيه " سقفها مغلف تماماً بالكاشي الراقي والجدران ذو طبقتين و الممرات و مكان الخدم الي اطراف القاعه , في هذه الممرات هناك مئات الاماكن المبهجه و المفرحه حيث تعد الافضل في العالم ولكلٍ منها منفذ ( شباك) يتشعشع نور الشمس من خلاله وينيرها . و هذا المنفذ من ناحية الكبر متناسباً مع المكان الخاص به .
هذه الامكان لاتتشابه في بينها من ناحيه التزئين وفي كل مكان يوجد شيءٌ جديد و مختلف ففي بعضها توجد التدفئات و في بعضها توجد الاحواض والنافورات و التي تصب المياه من مجاري معبئه في داخل الجدران .هذه القاعه العجبيه تختفي فيها السلالم و من الصعب علي الانسان ان يقوم باكتشافها . في قسمتة التحتانيه و البالغ عشرة اقدام تحت سطح الارض هناك الحجر الاخضر والاخشاب المطرزه بالذهب والاطارات المصنوعه من الفضه والكؤوس البلوريه و ادواتٌ من الزجاج الملون تم صناعتها باناقه .
و اما حول تزئينات القصر فلا يمكن تصور مدي شموخه و عظوته وساحريته المختلطه في ما بينها .توجد علي الكاشي المعّرق صور جميله مفرّحه للغايه و في مكان توجد المري البلوريه الملصوقه في الجدران . في هذه القاعه هناك غرق تم تغليفها بالمرآة و ان اثاثها من افخر الانواع الموجوده في العالم و هي اكثر ما تكون مثيره للشهوه و توجد غرف صغيره لايسعها الا فراش منام واحد .في الشرق الاوسط لم يكن لفراش المنام غلاف خاص و كان يفرش علي الارض مباشرةً و قد راءيت فراش منامٍ مدهش حيث ان ملحفته وحدها تقّيم بالفي اكو , و قد تم صناعتها من جلد السمور لكي تكون دافئه وخفيفه قالوا لي ان الشاه له كثيراً من هذه المفرشات و من هذا النوع . انني سوف اُنظم كتاباً يجمع الصور ( الرسوم ) و التزئينات والادوات و الكتيبات لهذه القاعه و ان في هذه الكتيبات توجد افكار لطيفه و شاعريه و في بعضها مقطوعات اخلاقيه .
لست قادراً ان لا اذكر هذه النقطه انه عند التفرج في هذا المكان الخاص بالاستلذاذ والتمتع وعند العبور من الغرف الخاصه بالامراء ينجذب الانسان اليها بشكلٍ ينسي نفسه عندما يخرج منها . لاشك ان اجواء القصر تعطي انطباعاً شاعرياً للانسان .
علي الرغم من ان هذه البنايه هي ليست مستحكمه و خالده الا انها افرح الاماكن و اجلّها نسبةً الي القصور الموجوده في الممالك الاروبيه .
السائح " غوست " الذي زار ايران و دخل مدينة اصفهان في عهد الشاه فتح علي القاجار هكذا يكتب عن هذا القصر:
" هذه العماره واقعه في بستانٍ يرتفع عنه متراً ويبلغ طولها 35 متر و عرضها 26/25 متر غرف هذه العماره مرسومه بصوره كامله و مزينه بالجص المزخرف و ابوابها الجميله من الخاتم .
القاعه الوسطيه علي شكل قبه مصنوعه من شبابيك متشابهه توجد في هذه القبه ثماني شبابيك متشابهه و متساويه تم تعبئتها ماحول القبه و المصنوعه من الخشب .و في وسط هذه القاعه هناك حوض ذو ثماني اضلاع و قطره 83 سانتي متر مبني من المرمر الفاخر و يسمي ( حوض المرواريد ) و قد صمّم بشكل بحيث عندما تخرج المياه من ثقوبه كانها حبات المرواريد و قد تم بناء سلالم هذه البنايه بشكل بحيث يمكن الوصول الي فوق و تحت العماره من كل الجوانب , توجد في هذه البنايه غرف كثيره للخدم. و هناك اشجار ضخمه و متسلسله و قسمٌ من مياه نهر الشاه تدخل من امام هذه العماره الي البستان عندما كنت انا في مدينة اصفهان كان الشاه فتح علي يجلس في هذه العماره وينظر الي الرقصات اللاتي يرقصن . ان جدران هذه البنايه و اطاراتها و اقواسها و قبابها بل كل اجزاء هذه البنايه من راسها و حتي قدمها مزينه بالذهب و اشكال و رسوم مختلفه من الطيور والورود و غيرها التي تضفي علي القصر جمالاً زائداً . و توجد في هذا القصر لوحات مرسوم و جميله جداً .
و اما الصحفي ميرزا علي نائيني المعاصر لعهد الشاه ناصر الدين القاجار تم اعطاءهُ ماموريه من جانب البلاط الملكي في ان يجمع معلومات عن الجغرافيه والتاريخ في ايران . و قد تمكن من تجميع معلومات عن بعض مناطق في ايران ضمها في مجلدين و ان هذان المجلدين موجودان في مكتبة وزارة الماليه . يكتب عن قصر " هشت بهشت " =الجنان الثمانيه و في عام 1300 هجري هكذا: ان بستان " هشت بهشت " و عمارته التحتانيه والفوقانيه و اتساع اجهزته خارجه عن التوصيف . ماعدا الطارمه العليا و البالكونات فهناك مئه وواحد وخمسين زوج من ابواب الغرف في الطبقه الفوقانيه و التحتانيه . لقد سمعت من المعماريين الموثوقين ان الذين قاموا بتصميم هذه البنايه قد بالغوا في معماريتها واكرموها . واذا اراد احداً ان يرسم خريطة هذه البنايه و ينشئها في مكانٍ آخر من الصعب عليه ان يتمكن من تكملتها .البستان المذكور هو بستان ٌ كبير ذو شوارع عريضه و مقطع بقطع متسعه . يتجاور حائطٌ من هذا البستان مع حائط شارع " چهارباغ " هناك نهران كبيران يقطعان " چهار باغ " و يدخلا هذا البستان و يصبا في بحيره كبيره و هناك حوضان كبيران الي جانبي العماره و يوجد حول البنايه نهرٌ حجري يجري فيه الماء دائماً و في مقابل البحيره و القصر توجد بوابه عاليه ذو واجهتين واجبهه منها مشرفه علي " چهار باغ " حيث يوجد حوضٌ كبير امامها و الواجهه الثانيه يكون منها منظر القصر ووسط البستان و لهذا البوابه اوصاف كثيره . يوجد نهرٌ آخر يوازي ما قبله يمر من چهار باغ و يسري في البستان و له بوابه علي ما وصفنا انفاً و علي هذه البوابه توجد بنايه كانت لسنوات مقر " التلغراف ". توجد في هذا البستان ساحةٌ اُخري كبيره و فيها غرف و بالكونات راقيه و مطابخ و غيرها تسمي " نارنجستان هشت بهشت "=( موضع النارنج للجنان الثمانيه )ان ما يلفت النظر لتقرير الصحفي ميرزا علي خان النائيني المعاصر لعهد الشاه ناصر الدين . و التقرير الذي كتبه " ميرزا حسين خان تحويلدار " في عام 1308 هجري انهما يتطابقان تماماً بحيث لايسعنا الا ان نقول ان احدهما كتبت عن الاخر . ولان تاريخ اختتام تاليف " جغرافيه اصفهان " كان عام 1308 هجري فان هذه الجغرافيه ماخوذه من تقرير ميرزا علي خان النائيني و لم يتم ذكر الماخذ فيها .
و ان الذي يتضح لنا من التقرير المذكور هو ان هذا القصر كان علي حاله حتي اوائل القرن الرابع عشر و عاي ما كان عليه في العهد الصفوي و ان نواقصهُ وتغيراته طراءت عليه في القرن الرابع عشر الهجري .واما ميرزاحسن خان جابر الانصاري المعمار الاصفهاني والخبير بتاريخ و تغيرات الابنيه في اصفهان هكذا يكتب عن هذا القصر. بناية " هشت بهشت " هي علي منوال " چهلستون " اطروحه تاريخيه ماخوذه من " نقش جهان " حيث زمان الشاه عباس الكبير و هي بنايه صغيره الا انها عظيمه و قال شعراء مشهد عنها انها بُُُنيَة في عهد الشاه سليمان عام 1080 هجري و كاشيها المعرّق والجميل و خاصه الطواويس و باقي الطيور و بامرٍ من الشاه كانت عام 1102 هجري .مساحة هذا البستان هي اكبر بكثير من " چهلستون " و مكان حريم الشاه كان في جنوبه المنتهي الي السوق و في عهد " ظل السلطان " كانت السيده الكبري اخته مع كافة اولادها و عائلتها في ذلك المنتزه الملكي الكبير و كانوا يمرحون فيه . واليوم تم تقطيع ذلك البستان الي قطع صغيره و تم بيعها ربما خمسين بيت او قطعه تم استقطاعها منه و كذلك تم استقطاع اماكن كثيره منه و تحولت الي متاجر و اسواق و محلات كثيره في چهار باغ حيث يستنفعون منها كثيراً . و قد عبروا زقاق " جهانباني "و البيوت الموجوده في جانبيه و الحمام المسمي بالنمره في وسط چهارباغ . وكان هناك حوضٌ مرمريٌ كبير من آثار الصفويه و حوضان او ثلاثه المصنوعه من قطعه مرمريه واحده يسمي بالمرواريد واحدٌ في عمارة اشرف حيث تم صناعته بدقه عاليه ففيه نافورات كلٌ منها تساوي اصبع السبابه. يبلغ عددها في كل حوض اكثر من مئه نافوره و عند نصب الاحواض كانت المياه تجري من تحتها و من النافورات كانها حبات المرواريد و قد اهدت السيده الكبري ابنها بديع الملك واحدٌ من تلك الاحواض .وقد تم استقطاع من هذه العماره و من بستانها " بادامستان "=( موضع اشجار اللوز) محلاً للاتصالات ( التلغراف )و قد اُعطية هذه العماره فيما بعد الي البختياريين و منهم الي جلال السلطنه و اما قناة المياه المتجه الي " ماربين " فتتصل مياهها بنهر الشاه و قد تم انشاءها لتروي " هشت بهشت " بصوره دائميه و قد تم بناء عمارات ٌ في العهد الصفوي كلٌ منها خاص لشيءٍ معين ولها وزير ومستوفي خاص من خيرة العباد لكي يتمكنوا من الفصل بين الخصومات بين سكنة تلك البساتين في الحريم الملكي و تقسيم المياه المدعاة بماء الحلال و سبب تسميتها بماء الحلال هو ان الشاه عباس الثاني عيّن مبلغاً من المال في اطار الوجوه الشرعيه و بتلك الاموال تم انشاء القناة لتكون مياهها في حليه تامه و يغتسل منها حريم البلاط ولا يغتسلوا من مياه باقي المناطق واخيراً سمعتُ ان تلك المياه تساق الي خلف " آتشگاه " والي قريه تسمي " جروكان " و تعطي الي اولاد السيده الكبري . لان السيده الكبري والادها ساكنين في" هشت بهشت " اكثر من ستين سنه هذا بالاضافه الي ان البساتين و العمارات الحكوميه الاخري المجاوره كانت تحت تصرفهم مثل " بهشت آئين " =( مرآة الجنه ) و" رشك جنان "=( رقة الجنان ) و" انگورستان " = ( موضع اشجار العنب ) وحالياً " بهشت آئين " الواقعه في زقاق فتحيه اصبح اكادميه للبنات و قد اُعطيت " انگورستان " و عمارة " خسروخاني " بيد الامير الاعظم".
هذا القصر الذي كان يوماً من القصور الفريده زارهُ السيد حسيني في عام 1334 شمسي من جانب ادارة تمييز التراث في اصفهان و شرح رايه في التقريرالآتي: "هذه العماره حالياً تحت تصرف ابوالفتح قهرمان ( الاميرالاعظم)و حسب ورقه خطيه هي من ضمن املاكه . وحسب الظاهر طراءت علي اراضيها و بساتينها بعض التغيرات الا ان القصر الاصلي باقيٍ كما كان و قد اصبح بنايه متروكه. لم يوجد من امتعته شيئاً و في عهد سدارة السيد ضياء الدين اصبح بستانٌ وطني الا انه في عهد الشاه الفقيد استرجع واغلغت بابه مرةً اُخري . في الزياره التي تمت عام 1334 شمسي تبين ان هذه البنايه بحاجه الي ترميمات كامله لان رسومها الجميله و نحوتها الراقيه المشابه لتزئينات " عالي قاپو" قد انعدمت و الباقي منها يجلب الانظارولاباس به. كرسوم الحيوانات المفترسه والطيور و اماكن الصيد حيث ان بعضها قديمي والبعض الآخر جديدٌ و تم رسم هذه الرسوم علي الكاشي و تم تعبئتها في الجوانب و هي جميله ولائقه للتفرج . المساحه الحاليه للبنايه هي 7500 متر مربع ".
وآخرين كتبوا ان مساحة البنايه و البستان كانت 85الف متر مربع الا ان مساحته الحاليه قريبه من الخمسة آلاف متر مربع .
و في الشهر السادس ( شهريور) من عام 1343 شمسي تم تسليمها للحكومه .
يقع هذا القصر في شارع " چهار باغ عباسي" و في مقابل شارع الشيخ البهائي و حالياً تحت اشراف الحكومه. ومن التقاير المختلفه التي شرحت اوصاف هذا القصر يتبين ان سبب اشتهاره هو وجود الاحجار المرمريه الراقبه فيه وكذلك سقوفه المقرنصه والمرسومه . بنايه القصر في طبقتين وله قاعات خاصه لجلوس الملك و غرف للخدم و فيها رسوم مختلفه ذهبيه و تزئينات جميله وكاشي معرّق فريد و رسوم للحيوانات المفترسه والطيور والمري المبنيه بصوره ممتازه و في الحقيقه هو من القصور الممتازه في العهد الصفوي . هذا القصر الذي كان يسمي ببستان البلبل كذلك . هو في الاصل كان جزءٌ من بستان "نقش جهان" في زمان الشاه عباس الاول وفي عهد الشاه عباس الثاني مابين عام 1078 و حتي 1105 هجري تم تجزيئه و بناء لبنايه فيه.
وقد تم تسجيل هذا القصر التاريخي تحت رقم 227 في التراث التاريخي .
علماً ان البستان السابق الذي بُنية فيه بنايه " هشت بهشت "كان كبير جداً و جميل للغايه و اليوم لم يبقي منه الا جزءٌ صغير .