التمثيل السابع :لقمان الحکيم
( مَثَلُ الّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم *الّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ في سَبِيلِ اللهِ ثُمّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا منّاً وَلا أَذى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون * قَولٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِىّ حَليم ). (1)
تفسير الآيات
وعد سبحانه في غير واحد من الآيات بالجزاء المضاعف، قال سبحانه: ( مَنْ ذَا الّذِى يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثيِرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وإليهِ تُرْجَعُون ). (2)
ولاَجل تقريب هذا الاَمر أتى بالتمثيل الآتي وهو:
أنّ مثل الاِنفاق في سبيل الله كمثل حبة أنبتت ساقاً انشعب سبعة شعب خرج من كلّ شعبة سنبلة فيها مائة حبة فصارت الحبة سبعمائة حبة،بمضاعفة الله لها، ولا يخفى أنّ هذا التمثيل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعة، فإنّ في
هذه إشارة إلى أنّ الاَعمال الصالحة يمليها الله عزّ وجلّ لاَصحابها كما يملي لمن بذر في الاَرض الطيبة.
وظاهر الآية أنّ المشبه هو المنفق، والمشبه به هو الحبة المتبدلة إلى سبعمائة حبة، ولكن التنزيل في الواقع بين أحد الاَمرين:
أ: تشبيه المنفق بزارع الحبة.
ب: تشبيه الاِنفاق بالحبة المزروعة.
ففي الآية أحد التقديرين.
ثمّ إنّ ما ذكره القرآن من التمثيل ليس أمراً وهمياً وفرضاً خيالياً بل هو أمر ممكن واقع، بل ربما يتجاوز هذا العدد، فقد حكى لى بعض الزُّرّاع أنّه جنى من ساق واحد ذات سنابل متعددة تسعمائة حبة، ولا غرو في ذلك فانّه سبحانه هو القابض والباسط.
ثمّ إنّه سبحانه فرض على المنفق في سبيل الله الطالب رضاه ومغفرته أن لا يتبع ما أنفقه بالمنّ والاَذى.
أمّا المنُّ، فهو أن يتطاول المعطي على من أعطاه بأن يقول: "ألم أعطك""ألم أحسن إليك" كلّ ذلك استطالة عليه، وأمّا الاَذى فهو واضح.
فهوَلاء ـ أي المنفقون ـ غير المتبعين إنفاقهم بالمنّ والاَذى ( لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يَحْزنون ).
ثمّ إنّه سبحانه يرشد المعوزين بأن يردّوا الفقراء إذا سألوهم بأحد نحوين:
أ: ( قول معروف )كأن يتلطف بالكلام في ردّ السائلين والاعتذار منهم والدعاء لهم.
ب: ( ومغفرة )لما يصدر منهم من إلحاف أو إزعاج في المسألة.
فالمواجهة بهاتين الصورتين ( خير من صدقة يتبعها أذى ).
وعلى كلّ حال فالمغني هو الله سبحانه، كما يقول: ( وَالله غني )، أي يغني السائل من سعته ،ولكنّه لاَجل مصالحكم في الدنيا والآخرة استقرضكم في الصدقة وإعطاء السائل. ( حليم) فعليكم يا عباد الله بالحلم و الغفران لما يبدر من السائل.
سوره البقرة1
-------------------------------------------------------
الهوامش
ـ البقرة:261ـ 263.
2 ـ البقرة:245.
التمثيل السادس : لقمان الحكيم
التمثيل الخامس:لقمان الحكيم
التمثيل الرابع :لقمان الحکيم