ابتعد عن الشك في الآخرين
أكّد علماء النفس أن الشك حين يتملك الإنسان تصبح حياته جحيماً وعذاباً لا تطاق، هناك مَن يشك في زوجته أو ابنته أو أخته أو أي إنسان له علاقة به، والسبب يعود إلى أن هذا الانسان لديه رغبة مكبوتة في عقله الباطن بالنزوع إلى المغامرة العاطفية والطيش الجنسي نظراً للكبت الانفعالي والاجتماعي الذي عاشه طفلاً ومراهقاً.
وهكذا ينفجر الصراع في نفسه بين نزوعه الوهمي للخيانة وتعاليم ضميره الصارم وحتى يوفق بين الإثنين تظهر هواجس الشك لتخدم تكيفه المرضي، فهو في الواقع يكون اتهامه للشخص القريب بما في نفسه لكي تجد مخرجاً مريحاً تستقر إليه وتهنأ به.
إذن، يجب عليه والحال كذلك أن يضع الأجزاء الأكثر ظلاماً من شخصيته تحت الضوء لأن الأسباب النفسية تعمل بعدة طرق، وكلما يحدث اضطراب نتيجة عامل نفسي واحد وتاريخ حياة كل شخص مليء بالحوادث والتجارب النفسية التي تكوّن شخصيته، وبناء الشخصية بدوره يكرر درجة ونوعية المرض النفسي حتى وإن كانت العوامل الحياتية والثقافية متشابهة.
ومحور حياة الانسان هو علاقته الشخصية منذ ولادته وحتى الشيخوخة، وقد ترى من الناس مَن ينظر إلى أسرته ومَن حوله نظرة الثقة والاطمئنان، فهو المتفائل المستبشر الذي يعيش في نور الأمل، ويرقب الشمس وراء الغيوم يردد الحكمة القائلة: "إن الجو العاصف لا يمكنه أن يبقى طوال الوقت".
ومنهم مَن تعكس الحياة على نفسيته ظلاً قاتماً فلا يثق فيها بأي إنسان ولا يرى غير الشر والظلم، فهو الشكاك المتشائم الذي يعيش في ظلام اليأس والتردد والشك، ومنهم مَن هو بين يتخذ لنفسه مركزاً وسطاً لا ترف فيه ولا مغالاة، تدفعه سفينة الحياة كما تشاء، فتارة يرجو الخير فينشرح وتارة يرقب فيغتم ويتردد ويشكو.
الآن - أخي القارئ – دعنا ننتقل إلى نقطة جديرة بالاهتمام والبحث وهي أن من أهم عوامل الشك ما نسميه "خمول الروح" أي فقدان الحماس والولع، فكثيرون هم الذين يداعبون في خيالهم الحصول على مناصب أو نتائج تسرهم؛ ولكنهم لا يشعرون تجاهها بذلك الحماس الحار المتحرك الذي يحفزهم إلى العمل وبذل كل ما في حوزتهم من موارد لتحقيقها.
فالخمول الروحي يدل إما على هزال بدني يجب مداواته وإما – وهذا هو الأغلب – على عبودية نفسية آملها تربية آلية فاسدة وأوحاها محيط ضيق تراه وقد كمن في كيانه نبع دافق من الخوف يتدفق من حين لآخر، ليصنع منه قالباً من الجمود النفسي من أثر الإخفاق الذي طبع عليه التشاؤم والتحسب والرهبة فتراه لا يجني من وراء أعماله غير العاقبة الوخيمة.
ولا يجد من الحماس المبدع غير الغرور و"الولدنة" لأنه قد علقت بخواطره ذكريات الفشل والإخفاق لا يفكر إلا في الجانب المؤلم الحزين في حياته إنه يسير باتجاه الجمود النفسي.
إن المران والاستقرار وبذل الجهد يؤدي مع الزمن إلى نمو الخيال السليم، ومرونة الذهن هي كفيلة بمواجهة الصعوبات بثقة واطمئنان ويجعل كافة الأمور ممكنة بعد أن كانت مستحيلة.