كيف سيحدث الوباء؟
أعلن علماء أنهم اكتشفوا الطريقة التي يمكن من خلالها تحول فيروس إنفلونزا الطيور إلى وباء فتاك. وقال الفريق الدولي الذي حقق الاكتشاف، والذي ضم علماء من اليابان وبريطانيا والولايات المتحدة، إنه وجد طفرتين جينيتين يحتاج إليهما فيروس (اج5ان1)، المسبب لإنفلونزا الطيور، حتى يتحول إلى وباء ينتقل من إنسان إلى إنسان.
وقال العلماء، الذين نشروا نتائج دراستهم في مجلة نيتشر، إن اكتشافهم سيساعد على تعقب سلالات الفيروس التي يمكن أن تسبب الوباء.
وحتى هذه اللحظة، ينتقل فيروس (اج5ان1)، بين الطيور، وفي حالات نادرة انتقل من الطيور إلى الإنسان.
وحتى لحظة إعداد هذا المقال، كانت منظمة الصحة العالمية قد سجلت 852 حالة لانتقال فيروس إنفلونزا الطيور (اج5ان1)، إلى البشر، مات منها 153 حالة. ومن بين هذه الحالات، أعلنتت مصر عن خمس عشرة إصابة، توفيت منها سبع حالات.
لكن فيروسات الإنفلونزا بشكل عام تتحول جينياً بسرعة فائقة، ويتخوف العلماء من ظهور سلالة جديدة من فيروس (اج5ان1) قادرة على الانتقال بين البشر.
وقال فريق العلماء إن حدوث هذا التحول ربما سيقود إلى تكرار الدمار الذي خلفه وباء الإنفلونزا في العام 1918، والذي يعتقد أنه قتل 50 مليون إنسان. ومن أجل دراسة الكيفية التي يمكن للفيروس أن يفعل بها هذا، درس الباحثون عينات من فيروس (اج5ان1)، أخذت من طيور وبشر أصيبوا به.
ومن بين 21 عينة من فيروس إنفلونزا الطيور أخذت من بشر سقطوا ضحايا له في إندونيسيا وفييتنام، وجد العلماء أن الفيروس في ثلاث من هذه الحالات اكتسب تغييرات بسيطة في بروتين يسمى (هيماجلوتينين)، يوجد على سطح فيروس (اج5ان1).
ويساعد هذا البروتين الفيروس على الانتشار من خلال الالتصاق بالمستقبلات على خلايا الجهاز التنفسي للضحية، التي تصبح هنا أقرب إلى محطة للشحن، مما يسمح للفيروس بغزو الخلايا وإصابتها.
وبينما كان بروتين (هيماجلوتينين) في معظم العينات قادراً على الالتصاق بمستقبلات الخلايا في الطيور، اكتشف الباحثون أنه في بعض العينات المأخوذة من البشر اكتسب البروتين القدرة على الالتصاق بخلايا الطيور والبشر على السواء.
ويعتقد أن هذه هي الخطوة الرئيسية التي يحتاج إليها فيروس إنفلونزا الطيور لكي يصبح قادراً على الانتقال من الانسان إلى الانسان. وكشفت التحليلات التالية طفرتين منفصلتين في مواضع مختلفة من البروتين مكنت فيروس (اج5ان1)، من التعرف على مستقبلات الخلايا البشرية.
ويقول الباحثون إن اكتشاف موضع الطفرتين ربما يساعد على التعرف على سلالات فيروس (اج5ان1) التي قد تكون في طريقها لاكتساب قدرة على الانتشار كوباء.
ويقول قائد فريق البحث، البروفيسور يوشيهيرو كاواوكا، عالم الفيروسات في مدرسة الطب البيطري في جامعة ويسكونسين – ماديسون: إن الفيروس سيحتاج إلى طفرات أكثر لكي يتكيف تماماً مع البشر، لكننا لا نعرف بعد مقدار الطفرات التي يحتاج إليها مثل هذا التحول.
ويقول كاواوكا: "لقد رصدنا العديد من الطفرات وحاولنا التعرف على أي منها هي الأهم.. ونعتقد أن هاتين الطفرتين هما الأهم".
لكنه حذر من الإفراط في التركيز على هاتين الطفرتين وقال: "من المهم جداً ألا نركز فقط على هاتين الطفرتين. فبوسع الفيروس أن يتحول إلى فيروس بشري من خلال العديد من الطفرات. وهاتان الطفرتان شديدتا الأهمية، لكنهما ليستا الطفرتين الوحيدتين".
لكنه أضاف: "غير أن هاتين الطفرتين تعتبران مؤشراً على اكتساب الفيروس القدرة على إصابة الخلايا البشرية".
ويعتقد الفريق أن الظروف المثلى لمثل هذا التحول ستتوافر عند اندماج فيروس الإنفلونزا البشرية مع فيروس (اج5ان1)، خاصة إذا كان الأخير ملتصقاً بمستقبلات خلايا بشرية.