قصر كلستان التراثي في قلب مدينة طهران + صور
العاصمة الجميلة طهران يعرفها البعض بزحامها المروري وتراكم أبنيتها وجمال حدائقها، لكنها تزخر بالمعالم الأثرية العريقة والمباني المزينة بأروع صور النقوش والزخرفة ولا سيما قصر كلستان الشهير الذي شيد على أطلال قلعة تأريخية، حيث كان في العهد القاجاري محلاً لإقامة ملوك السلسلة القاجارية ويبلغ عمره أكثر من قرنين.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء - هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة طهران التي تعد إحدى أكبر العواصم في العالم وأكثرها زحاماً، تضم في أكنافها آثاراً عظيمةً تعكس أصالة أهلها وعراقة تأريخها، ومن جملتها قصر كلستان الشهير الذي يمكن للسائح التجول فيه وتفقد معالمه بعد أن يستقل مترو الأنفاق وينزل في محطة الخامس عشر من خرداد " پانزده خرداد " ويتجه نحو شارع " داور " فيجد مدخل القصر أمامه.
يقول بعض علماء الآثار أن عمر هذا القصر 442 عاماً تقريباً، وهو مشيد وفق معاير معمارية وفنون هندسية فذة وفريدة من نوعها تعكس الجمال المعماري في العهد القاجاري الذي بلغ ذروته إبان حكومة الملك ناصر الدين شاه، ونقوشه الرائعة تجسد التركيب الهندسي الأوروبي الفارسي والذي تحول في أوائل القرن العشرين إلى نمطاً لهوية فن العمارة الإيراني الجميل.
هناك الكثير من الآثار القديمة في هذا القصر والتي تعرض فيه ضمن متحف خاص بتراث العهد القاجاري وبما في ذلك آثار فنية رائعة كالحجر الذي نصب على قبر الملك ناصر الدين شاه القاجاري وحجر كبير من الرخام وبعض الآثار التي خلفها الفنان الشهير كمال الملك وسائر الفنانين الإيرانين والأجانب، كما أن هذا القصر شهد أحداثاً عديدة طوال عدة قرون بحيث غيرت مسيرة التأريخ في إيران أبرزها الثورة الدستورية.
هذا المبنى التراثي الضخم فيه العديد من المباني، لكن المبنى الأساسي فيه ينقسم إلى جزئين أحدهما داخلي والآخر خارجي، وهذا الأخير هو قصر كلستان في الحقيقة وفيه باحة دار الحكومة " الديوان الملكي " وحديقة كبيرة مربعة الشكل " حديقة كلستان "، وهاتان الباحتان الكبيرتان تتوسطهما بعض الأبنية والممرات وبما فيها حريم الملك الذي هو محل إقامة زوجاته وأولاده.
في عام 1922 م تزايدت أعداد زوجات الملك ناصر الدين شاه القاجاري وإثر ذلك لم تعد غرف القصر تكفي لإقامتهن، لذلك أمر أمين السلطنة إبراهيم خان بهدم بعض مبانيه وتشييد مباني أكبر منها، وبالفعل نفذ الأمر وتمت توسعة القصر.
وفي عهد رضا شاه البهلوي بادرت الحكومة إلى تدمير المعالم الموروثة من العهد القاجاري والتي كانت مخصصة للفسق والفساد، تم تخريب مبنى القصر المخصص لنساء الملك وبنيت بدلاً عنه وزارة المالية، ولكن الحقيقة أن رضا شاه كان يكن الضغينة للسلسلة القاجارية لذلك أقدم على تخريب تراثها.
وأما أهم معالم القصر فهي عبارة عن: إيوان حجر الرخام، باحة كريم خاني الخاصة، رواق السلام، رواق المرايا، رواق المائدة " سفره خانه "، رواق برليان، المبنى المخصص للاسراحة والنوم، قصر شمس العمارة، مبنى بادكير، القصر الأبيض، الفسطاط " جادر خانه ".
* إيوان حجر الرخام
يتكون إيوان حجر الرخام من 65 قطعة من حجر الرخام الفاخر وبأحجام مختلفة، وهو أحد أروع الأماكن في قصر كلستان وبقربه إيوان عاج، وقد تم تشييده في عهد الملك ناصر الدين شاه القاجاري لأجل تخزين النفائس والأشياء الثمينة فيه، وجدرانه محفوفة بنقوش جميلة ورائعة من الجبس وتناظر زينتها ما كان معهوداً في العهد الزندي.
* باحة كريمخاني الخاصة
كما هو واضح من اسم هذه الباحة أنها مرتبطة بالحاكم القديم كريم خان زند، حيث يرجع تأريخ تشييده إلى عهد هذا الحاكم وفيه أهان الملك آغا محمد خان القاجاري جثمان كريم خان بعد أن نبش قبره ونقل عظامه المندرسة من شيراز إلى هذا القصر، حيث رام من ذلك إهانته، وهذه الباحة في الحقيقة تضم الآن رفات ذلك الحاكم الذي كان مدفوناً في مدينة شيراز.
الملك آغا محمد خان القاجاري دفن عظام كريم خان زند تحت أحد السلالم لكي يكون موطئاً لأقدام المقيمين في البلاط إهانة له، وقد كان المتزلفون له يتسابقون في وطء هذا المكان.
وبعد انقراض السلسلة القاجارية نبش المكان من جديد واستخرجت عظام الحاكم الكبير كريم خان زند مرة أخرى ونقلت إلى مدينة قم لتدفن هناك.
* رواق السلام " المتحف "
في أول سفر قام به الملك ناصر الدين شاه إلى أوروبا، شاهد المتاحف ومعارض اللوحات الفنية في بعض بلدانها، وعندما قفل راجعاً إلى إيران أمر ببناء معالم ثقافية على غرارها، لذلك تم هدم بعض مباني القلعة القديمة وبنيت بعض أجزاء قصر كلستان إلى جانب رواق العاج، حيث شيدت الصالة الكبيرة ورواق المرايا والمتحف.
* رواق المرايا
بني رواق المرايا تزامناً مع بناء رواق السلام وهو في الواقع جزء من مبنى المتحف الجديد حيث نقلت الآثار الموجودة في المتحف القديمة إليه، وهو مزين بزخارف ونقوش وفيه لوحات جميلة رسمها الفنان الشهير محمد خان كمال الملك.
* رواق العاج أو المائدة " سفره خانه "
رواج العاج يعتبر أحد أجمل الأروقة في قصر كلستان وهو اليوم عبارة عن متحف، حيث تحفظ فيه آثار عديدة أهمها النفائس التي أهديت للملوك الإيرانيين من قبل حكام سائر البلدان وملوكها، وفي عهد الحكومة البهلوية كان يستخدم كدار للضيافة لاستقبال الضيوف المرموقين والوفود الأجنبية، وهو مزين بنقوش رائعة بيد الفنان الشهير محمود خان المعروف بملك الشعراء، وتعكس هذه النقوش ظاهر قصر كلستان قبل إعادة ترميمه.
* قصر شمس العمارة
يقع قصر شمس العمارة في الناحية الشرقية من قصر كلستان وهو أحد المعالم الرائعة التي يقل نظيرها في إيران، حيث تم تشييده بعد أن عاد الملك ناصر الدين القاجاري من جولته الأوروبية لذلك بني في عدة طوابق وتمتاز هيئته المعمارية بفن مركب بين أسلوب العمارة الغربية والإيرانية.
يتكون هذا القصر من خمسة طوابق وارتفاعه يبلغ 35 م وفي الآونة التي شيد فيها كان أعلا مبنى في محافظة طهران وأول عمارة يستخدم فيها هيكل حديدي.
* القصر الأبيض
في الايام الأخيرة من حكم الملك القاجاري ناصر الدين شاه، أرسل له الملك العثماني السلطان عبد الحميد أثاثاً فخماً، وبما أن القصور الرئاسية آنذاك كانت مليئة بالأثاث الفاخر لذلك قرر ناصر الدين شاه بتشييد قصر جديد في الناحية الجنوبية من قصر كلستان لكي تزين بهذا الأثاث الفخم.
وبالفعل فقد تم تشييد بناء جديد ظاهره مزين بحجر الرخام الأبيض لذلك سمي بالقصر الأبيض، والأسلوب المعماري الذي اعتمد في بنائه يناظر فن العمارة السائد في قارة أوروبا إبان القرن الثامن عشر، وقد خصص للاجتماعات الحكومية وفيه مقر رئيس الوزراء آنذاك وأطلق على رواقه اسم رواق السلطان عبد الحميد.
* المرسم
يقع المرسم في الجانب الشمالي للقصر وبالتحديد بين باحة كريمخاني الخاصة والمتحف، حيث تعرض فيه اللوحات النفيسة لأشهر الفنانين القاجاريين، واللوحات والنقوش الموجودة فيه تعكس مسيرة تطور فن الرسم في إيران في تلك الآونة.
* مبنى بادكير
أحد المباني الجميلة التي تستقطب نظر السائح لدى تفقده قصر كلستان، هو المبنى المسمى بادكير، وقد تم تشييده بأمر من الملك فتح علي شاه القاجاري، وبادكير بالفارسية تعني التهوية، ففي هذه البناية برجان للتهوية وتلطيف الأجواء الداخلية لذلك سمي بهذا الاسم، وتذكر المصادر التأريخية أن الملك القاجاري مظفر الدين شاه قد توج بالملوكية فيه خلال حفل رسمي.
في عهد الملك ناصر الدين شاه القاجاري تم ترميم هذا المبنى وهو حتى يومنا هذا ما زال متماسكاً وقائماً باستحكام، حيث يوجد فيه حوض كبير كان الملك ناصر الدين شاه يحتفظ فيه بشتى أنواع الطيور المائية النادرة ويشرف على تربيتها بنفسه.
* مطعم كلستان
حينما يدخل السائح في قصر كلستان قد لا يتوقع وجود مطعم فيه، ولكن بعد أن يتفقد بعض معالمه ويتجول في باحته سيجد نفسه أمام مطعم تراثي إيراني أصيل يقدم أشهى الوجبات المحلية في أجواء تأريخية لا نظير لها.
المصدر: وكالة تسنيم للأنباء