أيهما أفضل.. التربية بالضرب أم بالحوار؟
هل نظريات التربية الحديثة التي تنادي بالحوار، ومعاملة الطفل معاملة الند لتشجيعه على التعبير عن شخصيته هي السبب؟ وهل الأسلوب القديم، الذي يتلخص في أمثلة شعبية دارجة مثل: إضرب ابنك واحسن أدبه ما يموت إلا لما يفرغ أجله و«العصا لمن عصا»، وغيرها من الأمثال الشعبية التي تتلخص في ان الضرب وسيلة مهمة للتربية، وتحسين أخلاقيات الطفل، أكثر نفعا على المدى البعيد؟.
جميع النظريات التربوية والنفسية أجمعت على أن الضرب ليس هو العلاج لسلوكهم المرفوض، بل العكس فإن الضرب قد يكون أهم اسباب إنحرافهم
تربية الأطفال ليست من الأمور التي نتعلمها، كآباء وأمهات، في المدارس للأسف، وقلما نكون مستعدين لها، لكننا نتعلمها من آبائنا، وبطريقة لا شعورية إما نتمرد عليها ونتعامل مع أطفالنا بأسلوب يختلف تماما عما تربينا عليه، أو العكس، نكرر نفس الأسلوب بميزاته وسيئاته.
في الواقع في موضوع الاطفال نحن نحصد ما نزرعه، وكلما ربيناهم على اسس سليمة بتشجيعهم وتحفيزهم كلما كانت النتيجة أفضل من عقابهم وتهديدهم.
في بعض الاحيان تظهر الشواهد ان الآباء هم من يحتاجون إلى تربية وليس الأطفال، لهذا فإن فكرة استحداث مدارس خاصة لهذه الغاية أمر إيجابي.
مما لا شك فيه أن الضرب أصبح يقع في خانة الممنوعات التي يمكن معاقبة الآباء والمعلمين عليها في الآونة الاخيرة. فهو حسب الأغلبية، أحد اهم اسباب الشخصية العدوانية من جهة، والخجولة التي تفتقد إلى الثقة بالنفس والقدرة على المواجهة من جهة ثانية، ودليل على فشل الآباء في التربية، وهو ما يشير له الاديب العالمي تولوستوي بقوله: «إنّ الإكراه في التربية أو استخدام العنف يكون فقط نتيجة التسرّع وعدم الاحترام الكافي للطبيعة الإنسانية».
لكن على الرغم من مرور سنوات عديدة على تلك النظريات التي رفضت الاعتراف بالضرب كأسلوب للتعامل مع الاطفال سواء داخل المنزل او داخل أسوار المدرسة، إلا ان الجدل حول هذه القضية ما زال محتدما ليس في الدول النامية فقط ولكن في الدول المتقدمة أيضا، لأنها حسب البعض لم تعط النتيجة المتوخاة منها.
تكرار عملية الضرب في تربية الابناء تعد من الكوارث لانها تؤدي في بعض الاحيان الى تكوين سلوكيات مرضية
تقول الدكتورة منى عمر، استشاري طب نفسي الاطفال في جامعة عين شمس: «يجب أن نعترف في البداية ان قضية تربية الابناء هي اهم المشاريع التي يمكن القيام بها في اي مجتمع. فعلى اساسها يتم تنظيم المجتمع ككل، ولهذا تتطلب التربية ان يكون الآباء والأمهات على قدر كبير من الثقافة والوعي بكيفية التعامل مع ابنائهم». وتتابع: «في البداية يجب أن نتفق على أنه من الطبيعي أن يخطئ الاطفال، وأنه من الطبيعي أيضا ان يصوب الاباء والامهات تلك الاخطاء، ولكن المختلف عليه هو كيفية التصويب. جميع النظريات التربوية والنفسية أجمعت على أن الضرب ليس هو العلاج لسلوكهم المرفوض، بل العكس فإن الضرب قد يكون أهم اسباب إنحرافهم..
دكتور هاني السبكي استشاري الطب النفسي يقول: «تكرار عملية الضرب في تربية الابناء تعد من الكوارث لانها تؤدي في بعض الاحيان الى تكوين سلوكيات مرضية من بينها، على سبيل المثال، سلوك الخضوع حيث تنعدم رغبة الطفل في تكوين آراء وقناعات خاصة به، كما ينعدم استعداده للتعبير عن قدراته، وينتابه الشك فيها خوفا من الاتيان بأفعال لا ترضي والديه، وهذا يولد في النهاية شخصية سلبية تجاه الذات».
ويضيف: «هناك دراسة علمية صدرت مؤخرا من جامعة نيو هامبشير البريطانية تؤكد أن التلاميذ الذين تعرضوا للضرب كثيرا في المنزل تدهورت قدراتهم في التفكير والقراءة والحساب. ولهذا يبقى الحوار افضل الوسائل للتعامل مع الطفل. وبالنسبة للعقاب، من الممكن اتباع العديد من الوسائل الناجعة بدون تجريح أو إهانة، مثل حرمانه من شيء يحبه، مع ملاحظة نقطة هامة هي عدم الضعف او التراجع عن العقاب، الى جانب اختيار العقاب بما يتناسب مع الخطأ الذي تم ارتكابه، وبما يتناسب ايضا مع العمر وقدرة الوالدين على الالتزام به. والاهم هو تعريف الطفل السلوك الصحيح المطلوب منه الاتيان به. وإذا كان لا بد من اتباع الضرب فيكفي شد الاذن كوسيلة للتأنيب».
لا تقل لطفلك... كيف يتشكل مفهوم الذات في الطفل؟
كيف نزرع الثقة في الطفل
التربية بين الدلال والإهمال والقسوة واللين
7 أساليب للتعامل مع طفلك العنيد
الأسباب التي تؤدي الي المشاكل النفسية للطفل
نصائح لتسيطري على تصرفات طفلك أثناء التسوّق