أتي تصنيف السنن والتقاليد الخاصة بشهر رمضان المبارك ضمن قائمة التراث المعنوي في ايران ليدلّ على الأهمية والمكانة التي تحتلّها هذه العادات عند الايرانيين الذين يحتفون بها بكل مكوّناتهم العرقية والدينية والاجتماعية. *رمضان شهر المصالحة عند التركمن في معظم مناطق شمال شرق ايران حيث يقطن فيها التركمن، تقوم النساء والفتيات على شكل مجموعات ووفقاً لتقاليدهم بتنظيف مسجد الحّي، وذلك في آخر جمعة من شهر شعبان المعظم استقبالاً لشهر الصيام. ويبادر بعض العوائل بإهداء سجادات صلاة من نوع البسط الى مسجد الحّي. كما أنّ لاستهلال شهر رمضان عادات وتقاليد عند التركمن تبعث على البهجة والسرور. الليالي الأخيرة لشهر شعبان المعظمه هي موعد التركمن مع السماء، حيث تحدق عيونهم صوب السماء وتحديداً مغربها، عسى ان يحظى بروية هلال الشهر الكريم. ومن يحالفه الحظ ويستهل شهر الصيام، فيبادر الى قراءة آيات شريفة من سورة البقرة المباركة ويعلن بصوت عال وبفرح وسرور تامّ عن رويته لهلال رمضان. من تلك السنن الحسنة التي يمارسها التركمن قبل شهر رمضان، تنظيم مراسم المصالحة، حيث يبادر شيوخ كل حيّ بدعوة من وقع بينهم الشجار وتدهورت علاقاتهم الى شرب الشاي في أحد البيوت من دون إطلاع الطرفين على الأمر، حيث تجري حينها المصالحة بينهم. أما مساجد التركمن فتزدحم بالناس طوال شهر رمضان الكريم، ويسودها جوّ معنوي خاص. *آخر جمعة شهر شعبان في شيراز يمارس أهالي شيراز في آخر جمعة من شهر شعبان مراسم تسّمى «رمي الكتل الترابية» (الغرين). ففي هذا اليوم وحسب تقاليدهم القديمة، يذهب أهالي شيراز الى متنزّهات خارج المدينة على شكل مجموعات، ويقضون هذا اليوم حتى الليل في جملة من النشاطات التي تعود عليهم بالحيوية والبهجة، ذلك لأنّهم إيماناً منهم بأنّ شهر رمضان الكريم هو شهر العبادة والاستغفار والرحمة. هذا وقبل أيام من الشهر الفضيل، تنوي بعض العوائل النذور وتبسط موائد الافطار، كما تقام غالبية مجالس الضيافة على شكل مأدبة الإفطار. أما العوائل التي دخلت بناتها القفص الذهبي، فتقوم في مطلع شهر رمضان بعد الزواج بإعداد مائدة إفطار متكاملة تدعى «والون»، ومن إرسالها الى منزل العروس مصحوبة بباقة ورد. وفيما يخصّ مدلولات مراسم رمي الغرين (الكتل الترابية) يقول كبار السّن والشيوخ في محافظة فارس: في مثل هذا اليوم من كل عام، ومنذ قديم الزمن، يقف الناس، كبيرهم وصغيرهم، عند غروب الشمس باتجاه القبلة وهم يحملون بأيديهم كتلة ترابية، مردّدين هذه العبارات: ربّنا تركنا ذنوبنا ومعاصينا الماضية وحطمنا أغلالها وها نحن على استعداد تامّ للعبادة وصيام شهر رمضان؛ ومن ثمّ يرمون الكتل الترابية بقوّة الى الأرض لتتكسّر، ايماناً منهم بأنه مع تكسّر هذه الكتل الترابية، تتبرد سيئاتهم ومعاصيهم قاطبة وتنمحي. *المحافظة المركزية وإيقاظ الصائمين بالسحر يستيقظ أهالي مدينة خنداب في المحافظة المركزية وقراها عند سحور شهر رمضان المبارك على وقع طبل أوطست يضرب عليه بالعصا الفتى المكبّر الذي يصاحبه أكبر الموذنين وهو يردد مقاطع من دعاء الخواجه عبد الله الانصاري، وينادي «أفيقوا ... فقد حلّ السحر». يتجوّل الموذن الطاعن في السن والفتى في الأحياء والأزقة، حيث يتقدّم الموذن الفتى الذي يضرب على الطبل أو الطست ويستمرّان في عملهما هذا حتى تضاء مصابيح البيوت. ولا تخلو مدينة خمين وهي من مدن هذه المحافظة، من هذا التقليد الرمضاني، حيث يصعد الفتى في عدد كبير من قرى هذه المدينة، سطح البيت في حيه كل ليلة في شهر رمضان ويبدأ بالضرب على الطست أو الطبل، وكلّما يقترب موعد السحر من أذان الصبح، يزيد الضرب على الطبل اكثر فاكثر إعلاناً من الفتى بأنّ موعد أذان الصبح قريب وبالطبع يجب الإمساك عن تناول السحور. ثم يرفع الفتى نفسه صوته بالأذان على سطح البيت. أضف الى ذلك، إعتاد أهالي من اكثر المحافظة المركزية منذ القدم وحتى يومنا هذا على طبخ خبز معروف يسمّى «الفطير». فالنساء وربّات البيوت في مدن هذه المحافظة وقراها مازلن يطبخن في التنور المنزلي هذا الخبز التقليدي لموائد الأفطار، كما ويتم إعداد حلوى خاصة لشهر رمضان الكريم قبل أسبوع من حلول هذا الشهر في محلّات بيع الحلويات على مستوى المحافظة. هذه الحلوى تسمّى «كوش فيل» (أذن الفيل). *أكياس البركة في محافظة همدان التقاليد والعادات الايرانية الخاصة بشهر رمضان الكريم في همدان يعود تاريخها الى ظهور الاسلام في ايران، وعلى الرغم من تعاقب العصور وتوالى السنين الاّ أنّ قسماً كبيراً من هذه العادات والتقاليد مازال قائماً الى وقتنا الحاضر. واحد من تلك التقاليد الخاصة بشهر الصيام في همدان، نذكر على سبيل المثال خياطة أكياس البركة في اليوم ال 27 من شهر رمضان الكريم. في هذا اليوم تحديداً، وعندما تتوجّه النساء الصائمات الى المسجد لأداء صلاتي الظهر والعصر، يحملن معهنّ كمية من القماش والخيط والابرة؛ حيث يبدأن بخياطة كيس او أكياس ما بين الصلاتين. يعتقد أهالي همدان بأنّ كل من يدخل مبلغاً من المال في هذه الأكياس، يضاعف الله سبحانه وتعالى من ماله ويكثر من رزقه. الى ذلك، يوزع الصائمون عند أذان المغرب وموعد الإفطار، مكّسرات أملاً في حل المشاكل واستجابة للحاجات وقضائها. ومن السنن والتقاليد الاخرى التي يمارسها أهالي همدان في شهر رمضان الكريم، جمع ما يبقى على موائد الافطار من فتات الخبز. *حفل ختم القرآن الكريم في مدينة خاش لشهر رمضان الكريم مكانة واهمية خاصة عند أهالي مدينة خاش في محافظة سيستان وبلوتشستان، حيث يكرمون هذا الشهر أيّما تكريم ويعدّونه شهر الصداقة والمحبّة ووحدة الصف واحترام الى الكبار. الإخوة من أهل السنّة في هذه المدينة لهم حضور واسع وحيوي في المساجد طوال شهر ضيافة الله الكريم، حيث يودّون عشرين ركعة تمثل صلاة التراويح طيلة هذا الشهر ناهيك عن أنهم يقيمون حفلاً قرآنياً بمناسبة ختم المصحف الشريف. يودّي الصائمون بعد الافطار هذه المراسم طوال الشهر الفضيل في 500 مسجد في خاش. كما تقام مجالس تفسير الذكر الحكيم في مساجد مدينة خاش وحوزاتها العلمية خلال شهري شعبان ورمضان المباركين.
المصدر: arabic.irib.ir