الاسس النظرية وخصوصيات نموذج الديموقراطية الدينية في ايران
عندما اسقطت القوى الثورية النظام الحاكم بعد الثورة الاسلامية في ايران طرح الامام الخميني وقسم مهم من القوى الاسلامية نموذج الجمهورية الاسلامية، وفي الحقيقة دافعوا عن نموذج جديد يعمل على ايجاد علاقة مناسبة بين الاسلام والديموقراطية ودافعوا عن الديموقراطية الدينية. فرضيات هذه المجموعة هي في الحقيقة النظرة الثالثة، أي أنهم كانوا يعتقدون أنه يمكن استخدام والاستفادة من الديموقراطية بصفتها اداة جديدة لتحقيق الارادة الشعبية في المحيط الديني.
الامام الخميني كونه فقيها عقلياً، حيث يحظى العقل والاجتهاد في فكره الفقهي بمكانة خاصة، تطرق إلى الدفاع عن الديموقراطية الدينية. كان يعتقد في دفاعه عن الديموقراطية أن الديموقراطية الحقيقية هي في الاسلام والمساواة والحية لهما جذور في عقيدة التوحيد. من حيث أن جميع الناس هم عباد الله لذلك فهم بالنسبة لبعضهم البعض سواسية وأحرار ولا يستطيع أي انسان أن يضع القيود لباقي الناس. ويستنبط من هذه القضية حق تحديد المصير وهو (الامام الخميني) بالنظر إلى الاعتقاد بحجة العقل وسيرة العقلاء يعتقد كذلك أن رأي الاكثرية في القضايا الاجتماعية أقرب إلى الواقع وفي المواضيع التي لا يوجد فيها نص يمكن أن يصبح رأي الاكثرية معياراً للعمل الاجتماعي. على اساس هذه النظرة للدين، يدافع الامام الخميني عن الديموقراطية بصفتها أداة سياسية وبناء على هذا وحسب قوله (للجمهورية نفس المعنى في كل مكان فيه جمهورية). لكنه أكد أن هذه الجمهورية تستند إلى قانون اساسي وهذا القانون هو الاسلام، وأضاف تشكل الجمهورية ظاهر وشكل الحكومة والاسلام مضمونها وهو عبارة عن القوانين الالهية.
حسب ما يقول فإن الاختلاف الاساسي بين الديموقراطية الاسلامية والديموقراطيات الاخرى ليس في تضاد الاسلام مع المساواة والحرية بل في اختلاف نظرة الاسلام والمذاهب المادية الاخرى لهذه القضايا وحسب ما يقول ايضا فإن المذاهب الالهية تقدم تعريفا اكثر واقعية للحرية والمساواة بين الناس لأنها تملك فهماً اشمل للأبعاد الوجودية للانسان حيث أنها تدافع عن حرية الأبعاد الانسانية للانسان لكن المذاهب المادية نظراً إلى نظرتها للانسان تدافع عن نوع من حرية الأبعاد الحيوانية للانسان. على هذا الاساس فإن الاختلاف المهم بين الديموقراطية الاسلامية والديموقراطيات الاخرى يكمن في الاسس المعرفية والنظرة إلى العالم والانثروبولوجيا لدى الليبرالية والاسلام، لانه من حيث علم المعرفة فتعتمد الليبرالية فقط على العقل الفيزيائي في حين أن الاسلام يعتقد أن العقل والوحي يستطيعان إلى جانب بعضهما الآخر أن يقدما للانسان فهما صحيحا للحقيقة. كذلك الليبرالية فهي من حيث علم الوجود فهي تركز على الانسان كما انها دنيوية في حين أن الاسلام يركز على الرب والآخرة، وبالنسبة للانثروبولوجيا فأن الليبرالية أيضا تنظر فقط إلى ميول الانسان ورغباته المادية والغريزية في حين ينظر الاسلام إلى الابعاد المادية والمعنوية للانسان وإلى كماله وسعادته أيضا.
بناء على هذا، فإن مجال عمل الديموقراطية الليبرالية أولا هو الميول والرغبات الانسانية في حين مجال عمل الديموقراطية الاسلامية هو القوانين الالهية القائمة على اساس المتطلبات المادية والمعنوية للانسان والتي أتت في سبيل حركته التكاملية، وثانياً الاختلاف الآخر للديموقراطية الاسلامية يمكن اعتباره كامنا في وجود الاهداف السامية (مثل سعادة الانسان وبنائه). في حين أن الديموقراطية الليبرالية لا تملك اهدافاً سامية وهي عبارة عن سعي لحفظ الوضع الموجود.
لنموذج الديموقراطية في ايران والقائم على هذه الاسس النظرية، الخصائص التالية:
-قبول قاعدة تأسيس النظام السياسي الديني من قبل الشعب.
-قبول القانون الاساسي القائم على ضرورة حكم القوانين الالهية من قبل الشعب.
-وجود آليات المشاركة السياسية المتساوية والحرة لجميع طبقات الشعب.
-وجود آليات الرقابة على القوى السياسية.
-ايجاد الآليات اللازمة من اجل الربط بين قانون الشريعة ورأي الاكثرية.
کتاب: الدين و الديمقراطية
ماذا يميزالثورة الإسلامية عن باقي الثورات في العالم؟ الإمام الخميني الشخصية والمنهجحول فكرة الإمام الخميني: خطوط وملاحظات