كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا ؟
هناك سؤال يطرح نفسه ، و هو : كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا ؟ ، و يبدو لنا بأن الجواب ينحصر في الأمور التالية :
أولاً ؛ الإدارة الناجحة :
فمدير المدرسة ربَّان السفينة ، يديرها كيفما يشاء ، إن صَلُح صَلُحت أمور المدرسة كلّها .
فالحكمة تقول : ( أعطني مديراً ناجحاً ، أعطك مدرسة ناجحة ، فقيادة بلا شعب كشعب بلا قيادة ، لا ينجح أحدهما إلا بالآخر ) .
و المدير الكفء ، يكون قدوة في كل شيء ، فعله قبل قوله ، و هو يجمع خلاصة أفكاره ، و تجاربه ليقدمها لمدرسته .
فهو بمثابة
الأب الروحي لهذه المدرسة ، يسأل عن أحوال هذا المدرِّس ، و ذاك التلميذ بقلب حنون عطوف ، يطبِّق العلاقات الإنسانية في معاملاته ، و تتدفق بين جوانبه الحكمة و الحنكة ، و الذكاء و الأخلاق العالية الكريمة ، في كل تصرف من تصرفاته .
ثانياً ؛ المعلم المخلص الكفء :
فالمدرس ، هو حجر الأساس للعملية التعليمية ، و المرتكز الذي يعول عليه تنفيذ المنهج المدرسي . و من المهم ، أن يكون هذا المدرس ، قد أُعدَّ إعداداً جيداً لممارسة هذه المهنة ، و هي
رسالة الأنبياء ( عليهم السلام ) ، فيُبدع ، و يَبتكر ، و يحلِّل ، و يركِّب ، و يعمل بلا كَلَلٍ أو مَلَلٍ ، و واسع الاطلاع ، و خياله يعانق حدود السماء ، بل لا حدود له .
فيحلِّق مع طلابه في عالم الإبداع ، دون أن تقف أمامه أي معوقات أو مبرِّرات ، كضيق المبنى ، أو النصاب الكامل ، أو مستوى التلاميذ ، وغير ذلك .
و يجب أن يكون شغوفاً بالعلم و أهله ، و هو طالب علم لا يشبع ، و كأنه شارب ماء البحر ، كلما شرب ازداد عطشاً .
ثالثاً ؛ ولي أمر متجاوب :
لا تكتمل العملية التعليمية بدون رب الأسرة ، و الذي لا تنحصر مسئوليته فقط في توفير المأكل و المشرب و المسكن ، ولكن التربية الصالحة تعتبر بحق حياة . و تعتبر التربية الصالحة عن طريق القدوة الحسنة أفضل مثال يُحتذَى به ، فعندما نأمر بالصدق نكون أول المسارعين إليه .
و عندما نطلب من أبنائنا - مثلاً - إقفال التلفزيون ، و عدم السهر عنده ، و نطلب منهم المطالعة ، يكون واجبنا أن نحمل أي كتاب من المكتبة ، ليلاحظ حُبَّنا ، و شغفَنا بالعلم ، ليطابق القول العمل و النظرية بالتطبيق العملي .
رابعاً ؛ تلميذ مجتهد مطيع :فعندما يؤدِّي كل من المدير و المدرّس و ولي الأمر دوره ، و تكون الكرة في ميدان التلميذ ، لا بد له أن يستجيب لهذا الأمر ، فيؤدِّي دوره بتوفيق من الله تعالى .
و قد حثَّنا الدين الإسلامي على تنشئة الولد و رعايته حتى قبل ولادته ، من خلال اختيار الأم الصالحة ، فـ(
اختاروا لنطفكم فإن العِرْق دسَّاس ) ، ثم في تسميته ، و تربيته ،
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الولَدُ سَبع أمير ، و سَبع أسير ، و سَبع وزير ) .
التجارة الناجحة :
ندلُّكُم على تجارة تنجينا جميعاً من خسارة ، و تطلعنا للنجاح فقط ، ألا و هي ، التفكير دائماً
بالتفوّق و
التميز ، و هو الذي ينجينا من طموحنا الهزيل ، و هو ،
التفكير بالنجاح فقط .
لأن من حَام حول الحمى أوشك أن يقع فيه ، و
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( اللَّهُمَّ لا تُبقِنِي لِيومٍ ، لَم أزدَدْ فيهِ عِلماً ) .
و
الإمام الكاظم ( عليه السلام ) يقول : ( مَنْ تساوَى يومَاه فهو مَغبُون ، و مَنْ كان أمسه أفضلُ مِن يَومِه ، فهو مَلعون ) ، و العياذ بالله .
و غير ذلك من الأحاديث تحت شعار قوله تعالى : ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) ،( المطففين : 26 ).
فلنرفع شعار ، انتهى زمن النجاح ، ليبدأ زمن التفوق .
فهذا أحد الأدباء يقول : الدرس الأول يعلمنا ، أن البنيان هو الإنسان ، و إن الدرس الآخر ي، علمنا إن الإنسان هو البنيان .
إخواننا الأعزاء ، للتفوق ثمنه ، نحن نحتاج إلى تربية لا تعرف القنوط ، أو الانهزام ، أو الخنوع ، أو التراجع ، و يجب أن نصنع من أبنائنا أشخاصاً أقوياء ، من خلال تقوية إرادتهم و نفوسهم ، و تعويدهم على القوة الروحية و الجسدية ، و خَلق الهِمَم العالية . انظر إلى قوله تعالى : (
وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ) ، (النجم : 39 – 40 ) .
كيف يجيب الله تعالى بعد عدة أقسام بهذا الجواب العظيم ، على أن الإنسان مُرتَهِنٌ بعمله ، و أن استحقاقه بمقدار جِدِّه و اجتهاده . ولنوضِّح لأبنائنا كيف عاش علماؤنا الأفذاذ في الماضي ، الذين سطّروا أسماءهم في صفحات التاريخ الخالد ، و هم باقون ما بقي الدهر .
و لا بأس أن نأخذ العبرة من علماء الغرب ، أمثال ( أديسون ) ، الذي قال له أحد أصدقائه : لقد أخفقت في أكثر من ( 10 ) آلاف تجربة لاختراع المصباح الكهربائي ، فلماذا لا تكف عن تضييع وقتك و مالك ؟
فقال أديسون : أخطأت ؟!! ، لقد نجحت في اكتشاف ( 10 ) آلاف محاولة لا توصلني إلى ما أريد .
و ما أجمل قول الشاعر المتنبي :
إذا غامرتَ في شَرَفٍ مروم |
فلا تَقنعْ بِما دون النّجُوم |
مصنع الرجال :
لنعلم أبناءنا كيف تكون الحياة كِفاحاً و جِدّاً ، و عملاً و نجاحاً ، و لنعلمهم كيف يحفرون في الصخرة ، و يزرعون في البر ، و يسقون من عرقهم الزرع .
نقول فقط ، إذا أجدنا تربية الأبناء ، نستطيع أن نقول :( إننا أنشأنا جيلاً ناجحاً ، يعيد الأمجاد لأمتنا في مستقبلها المشرف ).
فما أجمل أن نعيش مع أبنائنا الصغار المتفوقين لحظات التفوق ، لحظة بلحظة ، ثانية بثانية ، و نحن نترقَّب وجوهَهم ، في خوفهم و قلقهم ، في ترددهم و توجّسهم ، ثم في فرحهم و سرورهم .
نعم ، هكذا هو حال التلاميذ المُجدِّين ، و ما أجملها من أوقات سعيدة ، إنها لحظة التفوُّق ، إنها لحظة التميز ، و الحمد لله رب العالمين .
كيف تغير مزاجك بتأثيرات إيجابية فورية؟الاستيعاب و النجاح كيف أعرف مدى استفادتي من وقتي؟ العلاقة بين اسم الشخص ومدى نجاحه في الحياة