• عدد المراجعات :
  • 3447
  • 6/18/2006
  • تاريخ :

تقرير عن وضعية المتاحف الايرانية واقبال الناس عليها

علينا الاعتراف بأن درس التاريخ لم يكن مرغوباً كثيرا في مراحلنا الدراسية، فقد كان التلاميذ آنذاك يعتقدون ان الاحاطة باسم او اسمين قديمين مرّ عليهما مئات القرون امر عبثي، حتى ان التكرار الدائم لمقولة امتلاكنا لحضارة متقدمة قد سلفت، هو امر لم يعد يثير الاهمية، ولا يدفع احداً لتصفح الكتب والاطلاع على حوادث الايام وعظمائها.ان نهاية المرحلة الدراسية كان بالنسبة للكثير بمثابة قطع العلاقة مع التاريخ، حيث سادت وقائع اليوم والحياة المعاصرة، واضحى كل ما يرتبط بالتاريخ مفلسا.اما المتحف الذي يرمز في بلدنا للتاريخ والعراقة، فقد اضحى للكثيرين مكاناً مملاً مرهقاً، لا يناسب سوى الاذواق المحافظة. فالمتحف من الاماكن التي قد لا تطأها اقدام الكثيرين طوال حياتهم، لانهم لا يرون فيه فائدة ولا يؤدي وظيفة ترفيهية، فقلّما تجد شخصياً يضع المتحف في قائمة مقاصده في ايام العطل الى جانب اماكن كالسينما والمتنزهات والسفر.ويعتقد (الدكتور سعيدي) خبير علم الاجتماع واستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة طهران، ان المتحف مكان مهم، فسلوكنا الحالي يصوغه التاريخ، والمتحف مظهر لخطوات سلوكنا عبر التاريخ، وكل بلد يعرف من خلال تاريخه، وان الآثار القومية والعلمية والتاريخية هي التي تبرز هويتنا.ان عالم الاجتماع الاول (مك كانال) يتحدث عن حاجة الناس للمتحف قائلاً إن الانسان المعاصر يرى في العالم الجديد مقبرة، نتيجة الارهاق الذي اصابه من الحياة الروتينية لذا فهو يبحث عن الاصالة التي لا يجدها الا في الماضي، وتأتي المتاحف لتبرز تاريخ كل المجتمعات واصالتها.واليوم، ونحن نحيا عصر العولمة، لا يمكن تقصّي آثار الهوية إلاّ عن طريق الواقعية التاريخية.ان هذه الهوية التاريخية من الاهمية بمكان بحيث ان البلدان التي تفتقدها تجعلهم يفتشون عنها، حتى انهم قد يضطرون لاصطناعها اذا ما اجبروا على ذلك فالكثير من البلدان كانجلترا تحاول ربأ صدع النقص التراثي من خلال ترميمه بالسنن الابداعية.والناس العاديون لا يدركون ان ما لديهم باسم السنن والتقاليد والاصالة ما هو إلا تقليد للماضي.اما ايران فتعد واحدة من البلدان ذات السنن الاصيلة العريقة، وهي تمتلك ذخائر من التاريخ والقيم بحيث يصعب الاستفادة المثلى منها وحفظها.ان نقص الاعلام والدعايات المناسبة حول المتاحف وغياب الأدلاّء السياحيين، هو بعض مشاكل تواجهها متاحف ايران، ويشكل عاملاً في الحيلولة دون انجذاب الناس ليعيشوا ولو لساعة واحدة في ماضيهم.واضاف (د. سعيدي) ان السياح عادة ما يفرّون من الفضاء المزدحم والحديث، في حين ان متاحفنا تقع في مركز مدننا.اما (منصور نصرتي) المدير العام لمتاحف مؤسسة التراث الثقافي والسياحي الايرانية، فيرى ان المشكلة الاصلية لمتاحف ايران تكمن في غياب اي توصيف للمتحف في ايران، فالمتاحف تحتاج الى وصف مناسب لانها موقع ثقافي، وتساهم في التنمية الثقافية، مما يستدعي وجود هيئات خاصة للتعريف بمتاحفنا لسد النقص في هذا المجال.
ورغم هذه الضبابية حول المتاحف فهو يرى ان زوّار المتاحف في ازدياد، مشيراً الي انه قدازدادت نسبة زوّار المتاحف في العام الماضي الى ثلاثة اضعاف تقريباً مقارنة مع الماضي، فنظرة الناس في الاعوام الاخيرة تجاه الثقافة والتاريخ قد تغيّرت واضحوا اكثر علاقة وهياماً نحو ذلك، حتى ان الناس انفسهم بدأوا يدعون لتأسيس المتاحف بعد ان جمعوا الآثار التاريخية في محافظاتهم، ونأمل عبر الاستفادة من مساعدات هؤلاء، ان نؤسّس متاحف تلبي هذا التنوع الاقليمي والثقافي في آثارنا. وذكر(نصرتي) ان تعداد الابنية التاريخية يقع ما بين ۴۵۰ و۵۰۰ محلاً، من بينها ۲۷۸ متحفاً، والمتاحف ذات انواع، فبعضها مثل تخت جمشيد او معبد جغازنبيل ذات معايير عالمية، وتقدّم الحضارة الايرانية مقابل الحضارات العالمية القديمة.وهناك متاحف تخصصية كمتحف الاواني الخزفية وهناك متاحف محلية وقروية ومتاحف طلابية ومتاحف شخصية وهناك منازل قد تحوّلت الى متاحف كمنزلي الاديبين (نيما يوشيج) و(جلال آل احمد). ورأى (نصرتي) أن زيارة تلك المتاحف ذو تكلفة رخيصة بل في الكثير من الحالات مجاني ولا سيما للطلاب وكبار السن. واشار الى ان ميزانية المتاحف هي قليلة ولا تلبي حاجات الاعمار والترميم والبناء والتنمية. من جهة ثانية تحدث (د. سعيدي) عن النشاطات والبرامج التخطيطية لجذب السيّاح والناس تجاه المتاحف ومن تلك العوامل المشجعة: "التخطيط السياحي لجذب السياح الاجانب من خلال الإعلام والقنوات العالمية المختلفة، كما ان الدولة يجب ان تضع سياسة وقواعد حول كيفية استقبال هؤلاء وطريقة التعامل مع الاجانب وايجاد التسهيلات المختلفة وتحقيق الوضع الامني والتأمين المطلوب، علاوة على وضع ادلاّء سياحيين يتحدثون بلغات مختلفة، وكذلك تأمين الوضع الصحي والغذائي المناسب". ورأى ان جذب السياحة الداخلية يحتاج الى تربية وتعليم، من ذلك تدريس التاريخ في المراحل التعليمية المختلفة، كما ان الصفوف يجب ان تنعقد في المتاحف ليبصر التلميذ المعلومات النظرية بشكل عملي ومباشر بعيدا عن الذهنية المجرّدة والمرهقة، فمتاحف انجلترا وفرنسا مثلا تعجّ بالتلاميذ.ان زيارات التلاميذ للمتاحف تتم في اوقات الفراغ والتنزه ولذا فهي تعدّ مرهقة لهم. في حين يرى احد ادلاء السياحة ان زيارة التلاميذ للاماكن الاثرية امر مضر، فهم يأتون بذريعة الرحلة العلمية والتعرف على التاريخ، لكن هذا الاماكن لا تثير هؤلاء فيشرعون بتدوين كتاباتهم التذكراية عليها،الامر الذي يساهم في تخريبها بما يفوق القدرة التخريبية للشمس والمطر والرياح في مئات السنين.ورأى (نصرتي) ان الاعلام يلعب دوره هنا في جذب السيّاح من خلال تغطية الحوادث والنشاطات المرتبطة بالتراث الثقافي، وان مؤسسة التراث الثقافي والسياحي لا يمكنها التأثير دون تعاون وكالات الاعلام. واکد أن الاستثمار في المجال الثقافي السياحي عامل مهم في تخفيف نسبة البطالة وايجاد فرص العمل، فالسياحة اليوم تشكل قطاعاً اقتصادياً مهماً الى جانب الصناعة والزراعة والخدمات والثروة النفطية والمعدنية.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)