• عدد المراجعات :
  • 3912
  • 6/7/2006
  • تاريخ :

تسخيرحركة الشمس لمنفعة الانسان

تسخيرحركة الشمس لمنفعة الانسان

تبدو البقع الشمسية أو ما يسمى بكلف الشمس للناظر إليها وكأنها تتحرك على سطح الشمس يوما بعد يوم , ولكن تبين للعلماء أن هذه البقع لاتتحرك بالصورة التي يراها الناظر إليها , وإنما الشمس نفسها هي التي تدور حول محورها . وتوصل العلماء ألى أن الشمس تتحرك في دورة محورية خلال 25 يوماً (  بينما تدور الأرض دورة كاملة حول محورها كل 24 ساعة ) . ويلاحظ أن حركة الشمس في دورانها حول محورها أسرع بكثير جداً من سرعة دوران الأرض حول محورها , حيث تبلغ نحو 618كم /الثانية , ولكن الشمس تستغرق وقتاً طويلاً حتى تتم دورة محورية كاملة , وذلك تبعا لكبر حجمها الذي يبلغ نحو 300ألف مثل لحجم كوكب الأرض .

ولما كان نجم الشمس وكواكب المجموعة الشمسية يمثلون جميعاً قسماً ضئيل الحجم جداً بالنسبة لمجرة درب التبانة التي يبلغ سمك قرصها نحو عشرة آلاف سنة ضوئية ,فإن الشمس وكوكبها لها دورة انتقالية حول مركز هذه المجرة , ولكن يصعب على العلماء تحديدها بدقة تبعا للحجم الهائل للمجرة . كما أن المجرة نفسها لها حركة محورية حول نفسها هي الأخرى وتسبح بسرعة تصل إلى 515كم /الثانية , يقول تبارك وتعالى : (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) ، يس (38) .

(وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى . . .) ، الرعد ( 2) .

( . . . وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ) ، لقمان (29) .

( الشمس والقمر بحسبان ) ، سورة الرحمن (5)

(وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) ، الأنبياء (33) .

كما توضح هذه الآيات الكريمة مشهد دخول الليل في النهار , ودخول النهار في الليل وتناقصهما وامتدادهما عند اختلاف الفصول , وعلاقة ذلك بالشمس والقمر وجريانهما المنتظم . وقد سخر الله جل وعلا الشمس والقمر لمنفعة الإنسان وتيسير معيشته على سطح الأرض , وما يقدر على هذا التسخير إلا الله فاطر السماوات والأرض ومابينهما وهو الذي يقدر ويعلم أمد جريان كل من الشمس والقمر وحركة كل ما في الكون إلى الوقت المعلوم .

وتدل هذه الآيات الكريمات على ان جميع عناصر الكون مسخرة بأمر الله عز وجل . والتسخير في اللغلة ( سياقة إلى الغرض المختص قهرا . . . فالمسخر هو المقيض للفعل , والسخرى هو الذي يقهر فيتسخر بإرادته ) وإذا كان الشئ مسخراً فهو مخلوق حتماً , لأن صفة القهر وتنفيذ الإرادة تلازم المخلوقين .

وقد اقترن تسخير الشمس والقمر بالجري في ضوء الآية الثانية من سورة الرعد الذي هو تعبير عن الحركة بسرعة ، بل وبسرعة غير محسوسة من بني البشر , ومن ثم اقترن التسخير في آيات أخرى بالسباحة . وواضح أن ذلك فيه استدامة لهذا التسخير حين يكون الفعل أدل على التعبير عن قهره وعبوديته .

وحركة النجوم والكواكب هي إذن حركة سريعة جداً , ولكنها تتم في سهولة ويسر دون شعور الإنسان بها , فهي ( جري ) و (سباحة ) . والفلك كحديدة الرحى أو كفلكة المغزل لا يدور المغزل إلا بها ولا تدور إلا به . والفلك هو المسار الذي تجري فيه الكواكب سباحة ولا تحيد أبداً عن هذا المدار الذي حدد لها بأمر فاطرها جل وعلا . ومعنى ذلك أن حركة النجوم والكواكب على الرغم من كثرتها لا تعد حركة تلقائية ذاتية أو حركة عشوائية أو هي وليدة الصدفة , بل إنها حركة منتظمة مقننة بمشيئة الله عز وجل تخضع للقانون الإلهي الأعظم المطلق للكون الذي سخر الله سبحانه وتعالى به كل الكون وعناصره . يقول تبارك وتعالى :( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون )،( يس 40) .

وقد اختلف المفسرون في تفسير كلمة ( المستقر ) في الآية (38 ) من سورة يس , وتساءل البعض : ماهو الموقع الذي ستستقر فيه الشمس بعد جريانها وسباحتها في الفضاء ؟ وأجمع المفسرون على أن حركة الشمس وجميع النجوم والكواكب والمجرات والكون كله هي حركة مستمرةConstant motion ومنتظمة , ورغم مرور بلايين السنين منذ نشوء الكون لم تتغير سرعة أي منها , وذلك لأنها مقدرة تقديراً إلهياً محكماً وبالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .

ولن يكون للشمس مستقر إلا بقضاء الله عز وجل لها بذلك , وهذا سيكون يوم الساعة , الذي تستقر فيه جميع حركة الكون وعناصره ويوم يطوي الله سبحانه وتعالى السماء بيمينه كما تطوى صفحات الكتاب .

يقول تبارك وتعالى في الآية الثانية من سورة الرعد .

( الله الذي رفع السموات بغير عمدٍ ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون )، الرعد ( 2) .

وتؤكد هذه الآية الكريمة هنا على نفس المعنى في الآية (29) من سورة لقمان بأن الشمس مسخرة بأمر الله عز وجل لمنفعة الانسان , ولأجل مسمى يعلمه الله سبحانه وتعالى .

فالشمس هي إذن أم الأرض وكل بقية كواكب المجموعة الشمسية التي تتأثر جميعا بجاذبيتها وتدور حولها في حركة انتقالية وفي مدارات إهليلجية الشكل . وسخر الله حركة الشمس المحورية لاستمرار تجمع غازاتها في باطنها ولحدوث التفاعلات النووية بينها لتتوالد فيها الطاقة الحرارية الهائلة لتصبح الشمس سراجا وهاجا مضيئاً في الفضاء إلى يوم الساعة .


البحر المسجور

الطارق

الكنس

مرج البحرين 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)