كيف يمكن التوفيق بين اهتمامات الرجل والمرأة ؟
للمرأة اهتمامات وقيم في الحياة تختلف عن اهتمامات وقيم الرجل . تهتم المرأة بالحب والحوار والجمال والعلاقات الاجتماعية , فنري النساء يقضين وقتا طويلا لمساندة ومساعدة بعضهن البعض إذ إن المرأة وبطبيعتها تري كيانها من خلال المشاركة في الحياة . يقضي الرجال وقتا طويلا في الكفاح في الحياة بينما هم المرأة هو التعايش بسلام في محيط ملؤه الحب والتعاون والمساندة .
بالنسبة للمرأة فإن جانب العلاقات الاجتماعية أهم من جانب التكنولوجيا ومعترك الحياة . لنضع في الحسبان ( إن أولويات النساء هي نقيض أولويات الرجال ) . الحوار بالنسبة للمرأة هو شئ اساسي وانه اكثر من تحقيق هدف ما أو النجاح في موضوع ما . الحوار المستمر يشبع رغبة المرأة . هذه النقطة حساسة جداً ومهمه بالنسبة للرجل وعليه أن يتذكر دائماً إذ إن الرجل لا يستطيع ان يفهم او يهتم بهذه النقطة , فإشباع الرغبة عند الرجل هي شعوره بالنجاح في جانب الحياة , كإصلاح شئ ما في المنزل أو تحقيق نجاح في العمل . يميل الرجل وبطبيعته الي الكفاح وتحقيق الاهداف , بينما المرأة وبطبيعتها الي تطوير العلاقات وتعميم الحب .
عندما يذهب الرجل الي المطعم مع اصدقائه , فإنهم غالباً ما ينخرطون في الحديث عن مشكلة ما ويحاولون ايجاد الحل المناسب لها " قد تكون مشكلة سياسية او اجتماعية او ماليه او حتي رياضيه " . ولكن المرأة عند ذهابها الي المطعم مع صديقاتها فإنها تجد الفرصة لتوطيد العلاقة وكذلك تحاول النساء آنذاك مساندة بعضهما البعض .
عالم الرجال ملئ بالمشاكل والمصاعب والاهداف وعليهم ان يجدوا ويكافحوا لاجل تحقيق تلك الاهداف المثلي والبقاء علي قيد الحياة . بينما عالم النساء ملئ بالعلاقات الاجتماعية والحب المتبادل والعواطف الجياشة والاهتمام والرعاية , لذلك تربت عند النساء حاسة ( توقع احتياج الاخرين للمساعدة ) وعليه فإن المرأة توفر مساعدتها لمثيلتها وبدون سؤال الاخري لها . عرض المساعدة عند النساء لا يدل علي المرتبة العليا , وكذلك فإن طلب المساعدة لا يدل علي أي ضعف أو تدني المرتبة . عرض تقديم مساعدة ما للمرأة يجعلها تشعر بانها محبوبة . بينما في عالم الرجال فإن التطوع في تقديم المساعدة يعتبر امرا غير مقبولا وقد يفسر احيانا علي انه نوع من الاهانة , إذ إن ذلك يجعل الرجل يشعر احيانا أن الاخرين غير واثقين من مقدرته ولذلك فإنهم يحاولون مساعدته . تؤمن النساء بفكرة المشاورة وتقديم الاقتراح وذلك دلالة علي الاهتمام والرعاية , وكذلك تؤمن النساء بالتطوير المستمر . فإذا كان هناك شئ ما في حالة صالحة فإن المرأة تفكر بالتغيير والتطوير والتحسين في ذلك الئ . عندما تحب المرأة أي شئ فإنها تصرح بما تفكر وما تقترح من تطوير وتغيير في ذلك الشئ , وكل ذلك نابع من منطلق الحب والاهتمام .في هذا المجال فإن الرجل يختلف تماماً عن المرأة , فهو كما ذكرنا " صاحب الحلول " وشعار الرجل في الحياة هو ( اذا كان هناك شئ ما يعمل بصورة منتظمة فدعه وشأنه ولا تعبث به ) دعه يعمل ولا تصلح الشئ إلآ إذا عطل وتوقف عن العمل . ولذلك فعندما تحاول المرأة ان تغير من مظهر الرجل والذي يعتبر بالنسبة لها تطوير , فإن الرجل يغتاظ ويتألم ويرفض ذلك إذ انه ينظر للمسألة من وجهة نظره , ولايمكن له ان ينظر للمسألة من وجهة نظر المرأة ألا وهي ان المسألة عبارة عن محاولة تطوير وليست إصلاح . ما الذي يحصل في مثل هذا الموقف ؟ الكل يعلم النتيجة , إحتجاج الرجل الشديد وغضبه وكذلك زعل المرأة . هدفها هو التطوير النابع من منطلق الحب والاهتمام . مافهمه الرجل هو عكس ذلك , رأت فيه عيباً وتحاول إصلآحه .ياسبحان الله فما أكثر من تكرر مثل هذه المواقف في حياتنا !!!! .
كان احمد يسوق السيارة وتجلس الي جانبه زوجته التي يحبها هدي وهما في طريقهما الي حضور حفلة نظمها احد الاصدقاء في الطرف الاخر من المدينة , وعند وصولهما الي المنطقة , بدي علي احمد عدم معرفته العنوان بالضبط وظل يلف ويدور في شوارع المنطقة املا في الاهتداء الي مكان الحفلة . ظل يلف ويدور وبدون أي يأس او استسلآم . وبعد فترة تكلمت الزوجة هدي وأشارت عليه أن يوقف السيارة ويقوم بالسؤال عن المكان بدلا من اللف والدوران والذي لم ينتج عنه أية فائدة . سكت احمد وتوقف عن الكلآم لفترة وهنا بدت عليه علآمات الانزعاج جراء ما اقترحته الزوجة الحبيبة . ولكنه لم يتوقف عن السواقة وظل يلف ويدور في نفس المنطقة الي ان عثر علي المكان المطلوب . وعندما ترجلا من السيارة ودخلا المكان .
كانت بوادر الانزاعج واضحة علي وجه احمد طوال فترة مكوثهما في الحفله , وكان قليل الكلام وضيق الخلق , بينما كانت الزوجة هدي في حالة إستغراب واندهاش جراء تصرف زوجها وظهوره بذلك المظهر المزري . فالمسألة بالنسبة لها فإن تصرفها داخل السيارة والاشارة علي زوجها بتوقف السيارة وسؤال احد المارة عن العنوان كان كإنما تقول : " بما اني زوجتك التي تحبك وتهتم بك فها اني اعرض عليك فكرتي التي تساعد علي التخلص من الضياع وعدم معرفة العنوان فعند عدم معرفة المكان بالضبط يجدر سؤال شخص ما قد يكون عارفاً للمكان وسيهدينا اليه وعندها تسهل المهمه " . أما بالنسبة للزوج أحمد فإن ما قلته وما أشارت به كان عبارة عن " إهانة كبري " لشخصه ولقدراته . فهي كأنما قالت : " أنا لا أثق بك ولا بقدرتك علي معرفة المكان بالضبط والاهتداء اليه بدون الحاجة الي مساعدة " !!! .
لو علمت الزوجة إن عدم معرفة احمد العنوان بالضبط ودورانه في الشوارع كان بالنسبة له ( مهمة ) وإن واجبه كرجل يحتم عليه ان يحققها وينجزها بنفسه وبدون اي تدخل او معاونة من قبل أي شخص آخر كي يثبت لزوجته ( انه انسان قدير ) وكذلك فإن السؤال وطلب المعونة _ حسب مفهوم الرجل _ معناه انحدار مكانته في ذلك التركيب الهرمي ونزوله الي مكانة أوطأ إضافة الي انه سيعطي الفرصة للشخص الذي سيقوم بمساعدته الي الارتقاء في ذلك الهرم . ولو بقيت الزوجة هدي ساكتة وتظاهرت بالراحة التامة وعدم الاستياء وتركت الفرصة لزوجها لمعرفة العنوان بنفسه الي أن يصلوا إلي المكان المطلوب لزاد حب احمد لها وذلك لسببين , اولهما انها اعطته الفرصه ليثبت لها انه انسان كفوء ويمكن الاعتماد عليه وعدم اجبارة علي الانحدار من مكانته في الهرم وثانيهما انها وبالرغم من الضياع واللف والدوران في الشوارع لم تبد أي إستياء او انزعاج .
بصورة عامة فعندما تحاول المرأة مساعدة زوجها أو تقديم النصحية من تلقاء نفسها وبدون أن يطلب الرجل منها ذلك , فإن وقع ذلك علي مسامع ومشاعر الرجل يكون كبيراً جداً ومؤلماً بشكل لا يمكن للمرأة ان تتصوره . فحتي لو إن المرأة قامت بذلك من باب الاهتمام والحب ب, إلآ إن الرجل وفي تلك اللحظة يفهم تصرفها ذلك علي عكس ما قصدته , يشعر الرجل وقتها بالاهانه والحرج . نعم هذا ما يشعر به الرجل واذا كان الرجل قد نشأ وتربي في بيت كانت أمه تقوم بذلك دائماً مع ابيه , فتلك الطامة الكبري . ردة فعل الرجل غالباً ما تكون عنيفة وقوية وشديدة الوطأ وقد تحمد عقباها . من المهم جداً ان يثبت انه قادر علي تحقيق الهدف المرسوم وانه اهلآ للمسؤولية حتي لو ان الامر كان بسيطاً مثل المثال السابق . ومن الغريب ايضاً فإن حساسية الرجل قد تزداد وتكبر عندما يكون الموضوع بسيطاً , فحسب تفكير الرجل ( إذا لم تثق المرأة به وبقدراته علي تحقيق الهدف في الآمور البسيطه فهل يمكن لها أن تثق به في تحقيق الهدف في الامور الصعبة والمعقدة والاكثر حساسية وهل ستثق بقراراته !!! . )