• عدد المراجعات :
  • 1242
  • 11/8/2014
  • تاريخ :

الطباطبائي - نبوغه وذهنه الوقاد

العلامةالطباطبائي

محمد بن حسين بن محمد الطباطبائي : (1321 ـ 1402 هـ )

من ملامح الشخصيات الكبيرة : إنّ كلَّ واحد منهم أُمّة ، لما يقومون به من انجازات كبيرة ويخلفون من الآثار التي من شأنها أن تُنجزها أُمّة، ولأجل ذلك نرى انّه سبحانه يصف إبراهيم _ عليه السلام _ بأنه أُمّة، ويقول:{ إِنَّ إِبْراهيمَ كانَ أُمَّةً قائِماً للّهِ حَنيفاً ولَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكينَ (120)} النمل .

وما هذا : إلاّ لاَنّ رائد التوحيد ـ منذ ريعان شبابه إلى أن لقى ربّه ـ أوجد ثورة عارمة ضد الشرك، وقاد نهضة توحيديّة كبيرة، وترك آثاراً ومنجزات عظيمة في المجتمع الإنساني، فعمله في الظاهر عملَ فردي ولكنّه في الواقع عمل أُمّة كبيرة ، وهذه من سمات الشخصيات الكبيرة.

هكذا كان العلاّمة الطباطبائي : فهو ـ بحقّ ـ أُمّة ، لما أنجزه من الآثار العلمية والخدمات الجليلة التي تركت بصمات واضحة على التراث الشيعي.

فيوم نُعِي َلموته : كأنّه نُعي لموت أُمّة كبيرة ، والذكر الحكيم يعبِّر عن موت العالم وفقدانه بنقصان الأرض و يقول : { أَوَ لَمْ يَرَوا أَنّا نَأْتِي الاَرض نَنْقُصها مِنْ أَطرافِها وَاللّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَريعُ الحِساب(41) } الرعد .

وقد فسَّرت الآية : بموت العالم ، روى أمين الإسلام الطبرسي، عن عدّة من المفسرين إنّ المراد من الانقاص ، نقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها. مجمع البيان ج3ص30.

وثمّة نكتة جديرة بالذكر: وهي انّ النبوغ تارة يتجلى في فن واحد كنابغة النحو سيبويه (المتوفى حوالي عام190) موَلف «الكتاب» الذي لم يكتب نظيره في النحو، و أُخرى يتجلى في أكثر من فن واحد فتكون شخصية ذات أبعاد مختلفة.

وهذا هو الشيخ الرئيس ابن سينا (384ـ 427هـ) الذي ضرب في كلّ فن بسهم و تجلّى فيه نبوغه، ففي مضمار الفلسفة فيلسوف مبدع بلغت الفلسفة المشائية على يده القمَّة، و في مضمار الطب طبيب ماهر وحاذق ألّف كتاب «القانون» الذي لم يزل يُدرَّس في الجامعات العلمية عبْر قرون، كما انّه أُستاذ الرياضيات والهيئة في عصره ، ولم يكن الشيخ الرئيس نسيج وحده في ذلك المجال ، بل لاحت أسماء شخصيات أُخرى في سماء العلم والنبوغ لا يسع المقال لذكرها.

وقد كان العلاّمة الطباطبائي : من تلك الثُلة الذين تمتعوا بذهنية وقادة، ومنفتحة على أكثر العلوم، وارتشف من معينها ونبغ فيها.

فهو في مجال التفسير : مفسّر بارع يفسّر القرآن بالقرآن والآية بالآية .

وفي مجال الفلسفة : مفكر إسلامي كبير موسس لاُصول فلسفية .

وفي العرفان وتهذيب النفس والتخلق بالمُثل العليا : عارف شامخ وأخلاقي مهذّب، ضمَّ العرفان النظري إلى العملي ، وبلغ شأواً عظيماً فخرق الحُجُب المادية بعيون برزخية .

كما انّه في العلوم النقلية : بلغ مرتبة الاجتهاد ، وكانت له أنظار في الفقه والاُصول إلى غير ذلك من الفضائل والمآثر التي يضرب بها المثل، ( ذلك من فضل اللّه يوَتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم).

المصدر: موقع تفسير الميزان

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)