نسا أسلمن حديثاً في مهب التحديات
آلاء الخطيب
قائمة النساء اللاتي يتخلين عن دين آبائهن واجدادهن ويلتحقن بالاسلام، ما تزال تستوعب اعدادا غفيرة -سنويا- من شتي اقطار وبقاع الارض، وبالذات من البلدان الغربية حيث تواجه هذه النساء مصاعب وتحديات جمة بسبب اشهارهن للاسلام، ومع ذلک فهن يسبحن ضد التيار الجارف ويواجهن سخرية المجتمع الهابط والمتحلل، ويصلن الي بر الامان غير مباليات بالضجيج الذي تثيره الابواق الحاقدة هنا وهناک. وتضم القائمة، مختلف صنوف وطبقات النساء، منهن شهيرات واخر مغمورات، مثقفات وجامعيات، او عارضات ازياء او ممثلات او موظفات، يجمعهن قاسم مشترک واحد، هو اليأس من الواقع المنحط والبحث عن الحقيقة الضائعة، ويجدنها -خالصة- في الاسلام لاسواه.
ومن النساء الغربيات اللاتي أسلمن في الفترة الاخيرة، عارضة الازياء الفرنسية الشهيرة (فابيان)، فتاة في الثامنة العشرين من عمرها، جاءتها لحظة الهداية، وهي في قمة المجد الاجوف، غارقة في عالم الشهرة والاغراء والضوضاء انسحبت في صمت، تارکة هذا العالم بما فيه، لتعمل في التمريض وسط ظروف قاسية وحياة صعبة.
تقول فابيان: لو لا فضل الله عليّ ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر إليه الانسان ليصبح مجرد حيوان، کل همه إشباع رغباته وغرائزه بلاقيم ولا مباديء.
ثم تروي قصتها قائلة: منذ طفولتي کنت احلم دائما بأن اکون ممرضة متطوعة، اعمل علي تخفيف آلام الاطفال المرضي، ومع الايام کبرت، ولفت الانظار بجمالي ورشاقتي، وحرضني الجميع، بمن فيهم أهلي علي التخلي عن حلم طفولتي، واستغلال جمالي في عمل يدّر عليّ الربح المادي الکثير، والشهرة والاضواء، وکل ما يمکن أن تحلم به أية مراهقة، وتفعل المستحيل من أجل الوصول إليه.
وکان الطريق أمامي سهلا، او هکذا بدا لي فسرعان ما عرفت طعم الشهرة وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم اکن احلم باقتنائها، ولکن کان الثمن غاليا، فکان يجب عليّ اولا ان اتجرد من انسانيتي وکان الشرط للنجاح..والتألق.. ان افقد احساساتي، وشعوري، واتخلي عن حيائي الذي تربيت عليه، وافقد ذکائي، ولا احاول فهم اي شيء غير حرکات جسدي، وإيقاعات الموسيقي. وقبل کل ذلک ان افقد مشاعري تجاه البشر..لا أکره.. لا أحب.. لا أرفض أي شيء.. لان بيوت الازياء جعلت مني مجرد صنم متحرک مهمته العبث بالقلوب والعقول. فقد تعلمت کيف اکون باردة قاسية مغرورة.. فارغة من الداخل.. لا اکون سوي اطار يرتدي الملابس، فکنت جمادا يتحرک.. ويبتسم ولکنه.. لا يشعر.
ولم اکن لوحدي المطالبة بذالک، بل کلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها، وزاد قدرها في هذا العالم البارد.
عاشت (فابيان) تتجول في العالم عارضة لاحدث خطوط الموضة، بکل ما فيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل او حياء.
ولم تکن تشعر بجمال الازياء فوق جسدها المفرغ، الا من الهواء والقسوة.. بينما کانت تشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لها شخصيا واحترامهم لما ترتديه، فکانت تحيا في عالم الرذيلة بکل ابعادها، والويل لمن تعترض وتحاول الاکتفاء بعملها فقط.
وعن تحولها المفاجيء من حياة لاهية عابثة الي اخري جادة تقول (فابيان): لقد انقشعت عن عيني في لحظة، غلالة الشهرة والحياة الزائفة التي کنت أعيشها، وبدأت رحلتي نحو الانسانية حتي وصلت الي طريق النور وهو الاسلام. وقد زاد اقتناعي بالاسلام دينا ودستورا للحياة من خلال معايشتي له، واسلوب المسلمين الملتزم في حياتهم اليومية، ثم بدأت في تعلم اللغة العربية، فهي لغة القرآن، وقد أحرزت في ذلک تقدما ملموسا، وبعد ان استعدت نظام حياتي من صانعي الموضة في لعالم، اصبحت حياتي تسير تبعا لمباديء الاسلام وروحانياته.
وتصل (فابيان) الي موقف بيوت الازياء العالمية منها بعد هذا التحول، وتؤکد انها تعرضت لضغوط دنيوية مکثفة، فقد ارسلوا لها عروضا بمضاعفة دخلها الشهري الي ثلاثة اضعاف فرفضت باصرار، فما کان منهم الا ان ارسلوا اليها هدايا ثمينة لعلها تعود عن موقفها... ثم توقفوا عن إغرائها بالرجوع، ولجأوا الي محاولة تشويه صورتها امام المسلمين، فقاموا بنشر اغلفة المجلات التي کانت تتصدرها صورها السابقة اثناء عملها کعارضة للازياء، وعلقوها علي الطرقات انتقاما منها.
وتنظر (فابيان) الي يديها وتقول: لم اکون اتوقع يوما ان يدي المرفهة التي کنت اقضي وقتا طويلا في المحافظة علي نعومتها، سأقوم بتعريضها لهذه الاعمال الشاقة ولکن کانت هذه المشقة.. ان زادتها نصاعة وطهارة وسيکون لها حسن الجزاء عند الله سبحانه وتعالي ان شاء الله.
بين التحقير والسخرية
(تانيا بولينغ) ذات ثلاثة وعشرين ربيعا، لا تحبذ التفکير في ماضيها، بل هي تمتنع حتي عن عرض صورها الشخصية، لقد فقدت کل رفاقها السابقين الذين باتوا غير مستعدين لقبول رفقتها، حتي والدها ووالدتها رموها بالصدود، تقول (تانيا) بکل عزم واصرار: إثنان وعشرون عاما من عمري طويتها، کما يطويها الناس هاهنا في الضياع والحريات الهدامة وجهل الذات، بعدها أخذ الله بيدي وانتشلني من قعر الظلمات، ليرفعني الي حيث سناء النور.
تقول (تانيا) بأسي: الکل کان يحيا لنفسه وما أجل نفسه، ولعلي لا أغالي ان قلت ان أحدنا لم يکن يحيا حتي مع ذاته التي هجرها هي الاخري.. لم نکن نمعن النظر حتي في مستقبلنا، بل لم يجرؤ أحد علي سؤال نفسه: لماذا أحيا؟ ولماذا ولدت؟ ومن اين جئت والي اين المصير؟
الکل يهيم علي وجهه في طرقات ومنعطفات مضلة لا يلوي علي شيء.. کنا جميعا نتسکع في أزقة الحياة الغوغائية ولا نفکر في مأوي أو دار هنيئة.. کالمشردين والسائبين.
بالرغم مما تعيشه الالمانية (تانيا بولينغ) من وحدة ظاهرية ومشاكل کثيرة مع عائلتها بسبب اعتناقها للاسلام، ان والديها اضحيا يستحسنان في واقع الامر، أخلاقها وشخصيتها الاسلامية علي نحو هو افضل مما کانت عليه تصرفاتها في السابق.
وکانت هذه الفتاة قد التقت - صدفة – بفتاة مسلمة محجبة، وحاولت کأي فتاة شابة المانية طائشة، ان تسخر من حجاب تلک الفتاة المسلمة وان تحقرها لاجل حجابها، فقالت: اي مرض ألم بک فجعلک تغطين جسدک هکذا؟ فردّت عليها بردّ قاطع قائلة: وانت اي مرض دهاک فجعلک تتعرين بهذه الصورة؟ وبالنتيجة سعت هذه الفتاة الي مباغتة (تانيا) في حوار أثبتت فيه ان الستر وحفظ حياء وعفة المرأة دليل علي السلامة النفسية والاتزان الروحي، وان الحجاب يمنع المرأة حرية معنوية يمکنها من صيانة امنها الاجتماعي، فيما التعري امر يخالف الفطرة والشخصية الانسانية للمرأة.
وبالنتيجة رفضت الالمانية (تانيا) کلام الفتاة المحجبة جملة وتفصيلا، ثم انطلقت کل منهما الي شأنه، لکنها بقيت تتذکر لفترة منطقها وثقتها بنفسها وحرصها علي دينها وسعة إطلاعها، حتي سنحت لها فرصة دفعتها لتتحدث وتتحاور بما لا بأس به مع عدد من المسلمات والمسلمين من شعوب مختلفة، ومضت فترة لکن منطق وقوة حجة ودليل المسلمين لم يمکّن ذهنها من التحرر من أسر قيودها، وشيئا أخذ عقلها وروحها ينقادان لافکار وعقائد المسلمين، حتي اشهرت اسلامها علانية.
أما الشيء الذي استحوذ علي اهتمامها في الاسلام، اکثر من غيره، فهو العلاقة المعنوية للمسلمين مع ربهم، وعلاقاتهم الصميمية فيما بينهم ومع افراد اسرهم، وتوادهم، ووجود الهدفية في الحياة عندهم، وتضامن المسلمين الذي لا يعرف حدودا سواء علي صعيد العنصر او القوم او الانتماء الجغرافي، إضافة الي التمسک بدينهم والاعتقاد الراسخ بالقضايا العقائدية، حتي في ما بين اوساط الشباب منهم، کل هذا جلب اهتمامها.
وما يجذب (تانيا) اليه اليوم بشکل فائق من حيث الجوانب الفکرية العقائدية هو القرآن او لا، واحاديث الرسول واهل بيته (ع)، اضافة الي شخصية ومواقف السيد الخامنئي.
وقد حققت هذه الفتاة الالمانية کل ما يتمناه المرء في دنياه، فهي لو فقدت کل شيء في تلک الحالة، فقد کسبت ذاتها، اذ کانت لو امتکلت کل شيء الا الله، مع ذلک فقد کانت تشعر بالخواء والضياع والحيرة، بيد انها اليوم عرفت ذاتها وربها الذي کانت غريبة عنه بالمرة، وبعد عثورها علي هذين الوجودين، حصلت علي کل شيء.
لقد حصلت علي الحرية المعنوية، وعلي السکينة والاطمئنان الروحي، وعلي اخوة واخوات في الله، ولا اهم من کل ذلک انها عثرت علي رسالة الله الي الانسانية (القرآن الکريم)، فکانت لها اعظم رأسمال في حياتها. منحتها شمس الاسلام کل عنفوان وحيوية بعد سبات طويل.
وفي اعتقاد الالمانية المسلمة (تانيا بولينغ) ان آية الله الخامنئي، هو القائد الوحيد، العالم والمؤمن والمحب للانسانية في عصرنا الحاضر، وهي تري انه افضل من الجميع لانه يفيض رحمة صادقة، لا يشوبها رياء او دعاية.
الشعور بالامن والاحترام النفسي
ومن النساء اللاتي أسلمن قريبا، (عائشة سکيندي) اذ کانت تتدرب في بلجيکا لکي تکون قسيسة ومبشرة لنشر المسيحية بين المسلمين وغيرهم في افريقيا، ولکن الله اراد لها طريق الهدي، فاعتنقت الاسلام من خلال قراءة کتاب اسلامي.
تعلمت السيدة (سکيندي) في احدي المؤسسات اللاهوتية البلجيکية، وعملت بعد ذلک في مؤسسة مسيحية تابعة لمجلس الکنائس في جنيف، بالرغم من انها کانت تتدرب لان تکون قسيسة، لکنها لم تکن تشعر بالارتياح او القناعة مما تدرسه عن المسيحية او الانجيل، کما لم تکن مرتاحة من قضية الثالوث وکون عيسي عليه السلام (ابن الله)، وبدأت تشعر بقلق متزايد بأن هناک خللا واضحا في هذه التعاليم.
وبعد انتهائها من الدراسة، مارست (سکيندي) التبشير لفترة معينة، ولکنها کانت لا تزال تعيش فترة الشک وتبحث عن الحقيقة في الاديان الاخري، حتي جاء الوقت الذي وقع تحت يديها کتاب بعنوان (فهم الاسلام) باللغة الفرنسية فقرأته کله، ووجدت انه يجيب ببساطة ووضوح علي کل الاسئلة الغامضة التي کانت تراودها، وکان المسيحيون يؤکدون لها بأن المسلمين يعبدون محمدا، وانه هو الله، ولکنها في النهاية، عرفت انه مجرد انسان نبي جاء لهداية البشر الي الله سبحانه وتعالي، فأشهرت اسلامها.
وحول اهم العوامل التي جذبتها الي الاسلام، تقول ( عائشة سکيندي): ان اهم ما يميز الاسلام عن غيره من الاديان، وبالتالي کان عامل الجذب الاساسي بالنسبة لي هو البساطة والوضوح في الافکار، ووضوح ما هو حلال وما هو حرام ووضوح مفاهيم اخري مثل مبدئي الثواب والعقاب.
الشيء الاخر الذي جذبني الي الاسلام هو اخلاقيات بعض المسلمين الراقية، ومن ذلک التزامهم بالصلواة، واداء بقية الشعائر بانتظام وخشوع، والحقيقة انني کنت مترددة في ان البس الحجاب في البداية، وکانت عندي بعض التحفظات من بعض الامور مثل تعدد الزوجات، ولکن بتوفيق الله بدأت افهم الحکمة من وراء هذه التشريعات بانتظام.
تقوم (سکيندي) حاليا بالدعوة بين غير المسلمين، وتتحدث اليهم عن الاسلام وهو الطريق الصحيح اذ هو الذي اعطاها الشعور الحقيقي بالامن والاحترام النفسي، وهي واثقة من ان غير المسلمين لو درسوا الاسلام من خلال الکتب فقط لدخلوا الاسلام، ولکن المشکلة هي الحاجز اللغوي.
معاناة مع المجتمع الضال
ومن اسماء النسوية التي تضمنتها القائمة، السيدة السويسرية (لوسيا دحلاب) وهي مدرسة في احدي مدارس جنيف الرسمية، حيث أسلمت وارتدت الحجاب کفرض من فروض الاسلام وتعاليمه للمرأة المسلمة، ورغم غربة الحجاب في تلک المجتمعات الغربية المترفة، الا ان لوسيا لم تتردد في ارتدائه او تتثاقل في الالتزام به مثلما تفعل بعض المسلمات في المجتمعات الغربية اللاتي يحرصن علي عدم ارتداء الحجاب مسايرة للمجتمعات التي يعشن فيها.
وبعد ما أنعم الله علي لوسيا بالاسلام واصلت عملها کمدرسة مرتدية حجابها، ولما اقامت المدرسة حفلتها السنوية للطلبة، وکانت (لوسيا دحلاب) بين المدرسات الموجودات في الحفل، وکان بين الحضور صحفي سويسري. ما ان رأي هذه المرأة المسلمة تقف بحجابها بين المدرسات حتي اخذه الحقد وتوجه الي وزيرة التعليم في جنيف، ورفع مذکرة احتجاج علي وجود مدرسة مسلمة ترتدي الحجاب، وقال بوقاحة: ان هذا امر غير مسموح به في دولة لا دينية، وکتب الصحفي المذکور مقالا حرض فيه الحکومة ضد المدرسة المسلمة (دحلاب)، حيث ان الوزيرة تجاوبت معه واعلنت انها لن تسمح لاي مدرسة مسلمة بارتداء الحجاب، وطلبت من ادارة المدرسة ان تأمر ( لوسيا) بخلع الحجاب وتحذيرها من استمرار ارتدائها له، الا ان (لوسيا) أعلنت رفضها لخلع الحجاب وقالت انه يدخل ضمن الحرية الشخصية التي يسمح بها المجتمع السويسري.
من ناحيته ادعي القس السويسري (بيير فارين) بأن الحجاب يعتبر رمزا لعقيدة المدرسة (دحلاب) واشاد بقرار الحکومة بمنعها من ارتداء الحجات او منعها من التدريس، في حالة اصرارهاعلي ارتدائه، کما نشرت بعض الصحف السويسرية مقالات وکتابات تؤيد موقف حکومة جنيف ضد المدرسة المسلمة (لوسيا دحلاب).
ومسلمة أجنبية اخري، ضمتها القائمة، وهي الفتاة الدنمارکية الجامعية (جين أولف) التي شرح الله صدرها للاسلام، وعلم اهلها باسلامها فقاطعوها ولم يعودوا يزورونها، اذ کانت مقاطعة لا لين فيها، بغية اجبارها علي العودة الي دين آبائها واجدادها، لکنها ثبتت وحافظت علي عقيدتها وايمانها، ليقينها انها علي حق.
وحين قرر اهل الفتاة انهاء المقاطعة التي نفذوها بحقها، وقرروا زيارة ابنتهم وزوجها المسلم، فاشترطت ابنتهم عليهم الا يحضروا معهم اي طعام محرم کلحم الخنزير، والمشربات الکحولية، وعلم الاهل بما اشترطت عليهم ابنتهم ومضت الايام، ولاحظ الاهل السموا في سلوک ابنتهم وزوجها المسلم، فصارو يحبونها اکثر من اخوتها واخواتها جميعا، ووصل اعجابهم بزوجها حدا جعلهم يعرضون عليه السکن.
طوبى للنساء العارفات
مسؤولية المرأة في الاسلام
المرأة المسلمة ورحلة مواجهة التحديات
نموذج المرأة الكاملة والزهراء (ع)
عاشوراء ودور المرأة الإصلاحي
من يحدد النشاط السياسي المشروع للمرأة؟
سبع نظريات قيلت في المرأة ورد عليها القرآن