• عدد المراجعات :
  • 4589
  • 10/17/2014
  • تاريخ :

علاقة علم الاجتماع بالتربية البدنية والرياضة

علي الرغم من التاريخ الطويل للإنسان ومعرفته بالحياة الاجتماعية منذ نشأته الأولي إلا أن عمر علم الاجتماع قد لا يتجاوز المائة عام، وهو كما يقول روبرت ميرتون R. Merton: أنه علم جديد جدًا لموضوع قديم جدًا.

لقد اعتمد العلماء علي ما تركته الحضارات القديمة عند المصريين والبابليين والصينيين والهنود واليونانيين والرومان، وتوكد معظم الكتابات القديمة علي محاولات الإنسان لفهم حياة جماعته وضبطها وأن هذه المحاولات الأولى كانت في المجالات الدينية والسياسية.

يوكد هيرودوت Herodot, أن مثالية المصريين مثلاً هي في تبرير التنظيم الاجتماعي تحت أطباق المفهوم الديني والحياة الأخرى ليست إلا امتدادًا للحياة الدنيا، وهو ما يفسر عنايتهم الكبرى بدفن الموتى محنطين مع كل ما يلزمهم في الحياة الآخرة.

ويشير بعض المورخين إلي أن التفكير والفلسفة الصينية الاجتماعية تمثل أقدم تفكير منظم عن المجتمع قبل عصر سقراط إلا أن المفكرين الصينيين بقوا متوقفين في نفعية ضيقة وأخلاقية قاسية لم تبذل أي اهتمام للنظر في الآلام البشرية وبخاصة منها آلام النساء.

وكما يقول بعضهم أن الفضل يرجع إلي فلاسفة اليونان في وضع أساس العقلانية الغربية، وإلي ظهور أول تفكير منظم فتح باب الأساليب العلمية في الموضوعات الاجتماعية، كالملاحظة والمقارنة والنقد ... وغيرها، ولم يمسوا ما له علاقة بالعادات والأساطير والخرافات بل ذهبوا يفتشون عن الحق الطبيعي في احترام الشخصية الإنسانية ودافعوا عن الفرد، كما اهتموا أخلاقيًا بالدفاع عن فكرة المساواة ومقارعة العبودية والوطنية الضيقة التي تمثلها المدن اليونانية.

ولكن في المقابل لا يمكننا أن ننسي ابن خلدون، وما له من الفضل في إعطاء التاريخ تعبيره الاجتماعي عندما تحدث عن أحوال الناس وعاداتهم وتقاليدهم وسبب استعلاء بعضهم علي بعض.

ويقول هارى بارنس Barnes H.، إن أهم ما يميز ابن خلدون، هو فصله بين ما سماه بالتاريخ القصصي المملوء بالخرافات والأوهام وبين التاريخ العلمي الذي يقوم علي تحري الحقائق، وفي تحليله لأثر البيئة الطبيعية علي المجتمع، ولم يساويه إلا بودان Bodan، ومنتسكيو Montasikuh.

وقد تحدث ابن خلدون، عن تأثير الهواء في ألوان البشر وأخلاقهم والكثير من أحوالهم، وعن الخصب والجوع وأثره في أبدان البشر وأخلاقهم، وعن البدو والحضر واختلاف نحلتهم من المعايش بقوله: والبدو أقرب إلي الخير والشجاعة من أهل الحضر، وهو السياق في علم اجتماع المدن وفي اختلاف أنواع الصناعات والحرف فيها، وفي الرزق والكسب ووجوه المعاش وأصنافه ومذاهبه.

ويقول سوروكين، وهو من أكبر علماء الاجتماع المعاصرين، إن ابن خلدون ناقش جميع المسائل التي ترد دائمًا في موضوعات علم الاجتماع العام وفروعه المختلفة، كما أنه في مجال التاريخ يعتبر موسس التاريخ العلمي.

ويوجد علاقة بين علم الاجتماع والعلوم الأخرى، ومن بين هذه العلوم التربية البدنية والرياضة.

علاقة علم الاجتماع بتاريخ التربية البدنية والرياضة:

إن تتبع التاريخ للأحداث الرياضية التي وقعت، هو في حد ذاته ترتيب وتضييق للسلوك عبر الزمن، وبينما يولي المورخون اهتماماتهم نحو دراسة الماضي ويتجنبون البحث عن اكتشاف الأسباب، باستثناء فلاسفة التاريخ، فإن علماء الاجتماع يهتمون بالبحث عن العلاقات المتبادلة بين الأحداث التي وقعت وأسبابها.

ويذهب علم الاجتماع بعيدًا في دراسة ما هو حقيقي بالنسبة لتاريخ عدد كبير من الشعوب، ولا يهتم بما هو حقيقي بالنسبة لشعب معين.

والمورخون لا يهتمون كثيرًا بالأحداث العادية التي تتخذ شكلاً نظاميًا كالملكية أو العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة كالعلاقة بين الرجل والمرأة مثلاً، بينما هي محور اهتمامات علم الاجتماع.

إلا أن هذه الاختلافات لم تمنع بعض المورخين أمثال ديوبولد ب. فان دالين، وإلمر د. ميتشل، وبروس ل. بنيت، من أن يكتبوا تاريخًا اجتماعيًا يعالج التربية البدنية والرياضة في المجتمعات القديمة، وفي العصور الوسطي، وفي أوائل العصر الحديث.

علاقة علم الاجتماع بعلم النفس الرياضي:

يعرف علم النفس الرياضي، بأنه: هو ذلك العلم الذي يدرس سلوك وخبرة الإنسان تحت تأثير ممارسة التربية البدنية والرياضة، ومحاولة تقويمها للاستفادة منها في مهاراته الحياتية.

وبينما يعد مفهوم المجتمع أو النسق الاجتماعي محور علماء الاجتماع، فإن مفهوم الشخصية الرياضية، محور علماء نفس الرياضة، الذين يعنون بالجوانب السيكولوجية أكثر من عنايتهم بالجوانب الفسيولوجية.

وبهذا فإن علم النفس الرياضي، يحاول تفسير السلوك كما يبتدي في شخصية الإنسان الرياضي من خلال وظائف أعضائه وجهازه النفسي وخبراته الشخصية، وعلي العكس يحاول علم الاجتماع فهم السلوك كما يبتديء في المجتمع وكما يتحدد من خلال بعض العوامل مثل عدد السكان والثقافة والتنظيم الاجتماعي.

ويلتقا علمي النفس والاجتماع في علم النفس الاجتماعي الذي يهتم من الوجهة السيكولوجية الخالصة بتناول الوسائل التي من خلالها تخضع الشخصية أو السلوك للخصائص الاجتماعية أو الوضع الاجتماعي الذي يشغله، ومن الوجهة السوسيولوجية في توضيح مدى تأثير الخصائص السيكولوجية لكل فرد أو مجموعة معينة من الأفراد علي طابع العملية الاجتماعية.

ويوكد هومانز Homans، في كتابه عن السلوك الاجتماعي أهمية الدوافع النفسية المفروضة علي الجماعات في تفسير بناء الجماعة، ويتضمن ذلك النشاط والتفاعل والمعايير والعواطف التي تنشأ عما هو اجتماعي، وهو بذلك يركز علي أشكال السلوك الاجتماعي التي تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات.

ويعرف خير الدين عويس، وفواد أبو حطب، علم النفس الاجتماعي، بأنه: هو العلم الذي يبحث في الفهم والمعرفة عن طريق البحث في التأثيرات التي هي نتاج القواعد المنبثقة من السلوك الاجتماعي للفرد.

وبالإشارة إلي محتوي علم النفس الاجتماعي - فالاهتمام الأساسي لهذا المجال، هو عمليات التأثير الاجتماعي، والتأثير الاجتماعي يحدث عندما يستجيب الإنسان لحدث ما أو في حضور إنسان أو أكثر مع الآخرين.

وصلة التأثير الاجتماعي تتم في ثلاثة أشكال، وهي كالتالي: تفاعل إنسان مع إنسان - تفاعل إنسان مع جماعة - تفاعل جماعة مع نفسها.

وبالإشارة إلي طريقته، فإن طرق علم النفس الاجتماعي تحتوي علي: الملاحظة الجماعية بعناية - ترتيب ودمج هذه الملاحظات، بحيث تسمح للعناصر العامة بأن توصف منطقيًا في الإطار المناسب لها - استخدام هذه العناصر في التنبو بالملاحظات في المستقبل.

وتعد الأسس الاجتماعية عبر برامج التربية البدنية والرياضة أحد الأسس الرئيسة، فهي تتسم بثراء المناخ الاجتماعي ووفرة العمليات والتفاعلات الاجتماعية، والتي من شأنها إكساب الممارس للتربية البدنية والرياضة عددًا كبيرًا من القيم والخبرات والحصائل الاجتماعية المرغوبة، والتي تنمى الجوانب الاجتماعية في شخصيته، وتساعده في التطبيع والتنشئة الاجتماعية والتكيف مع مقتضيات المجتمع ونظمه ومعاييره الاجتماعية والأخلاقية.

وقد استعرض كوكلي Coakley، الجوانب والقيم الاجتماعية للرياضة، فيما يلي:

- التعاون.

- الروح الرياضية.

- الانضباط الذاتي.

- التنمية الاجتماعية.

- تنمية الذات المنفردة.

- اللياقة والمهارات النافعة.

- المتعة والبهجة الاجتماعية.

- اكتساب المواطنة الصالحة.

- التعود علي القيادة والتبعية.

- الحراك والارتقاء الاجتماعي.

- متنفس للطاقات مقبول اجتماعيًا.

- تقبل الآخرين بغض النظر عن الفروق.


الإسلام والأسرة في مجتمع متطور

التربية منهجية إسلامية أم فرضيات علمية؟

"حب المظاهر"في المجتمع..وهم أم حقيقة؟ 

الثقافة من التبجّح الى الانتاج!

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)