المسيرة الادبية للمرأة.. هل تدعو للتفاؤل؟
علي مرّ التأريخ کان للمرأة دور رائد في الحياة الثقافية والادبية، ولو قرأت کتاب اعلام النساء ستجد الکثيرات اللاتي کان لهن دور مشهود في الثقافة والادب. أما في العصر الحديث، فکلنا يعرف ملامح عصور الجهل والانحطاط التي مرّت بأمتنا الاسلامية، والتي حکمت علي المرأة بالحبس والجهل. والمرأة المعاصرة لم تفشل في ريادة الحياة الثقافية والادبية، لان مسيرتها الادبية أذا قسناها بمسيرة الرجل نجدها قصيرة جدا.
فالرجل خاض ميدان الادب قبلها بعشرات السنين، ومع هذا کانت هناک رائدات في الحياة الادبية، وعلي رأسهن الدکتورة بنت الشاطيء، کما لاننکر المکانة التي بلغتها عاتکة الخزرجي ونازک الملائکة وزينب الغزالي وملک حنفي ناصيف، وبروين اعتصامي، وبنت الهدي، وذلک في عصر عمالقة الادب الحديث.
وهناک من يعترض علي تسمية ادب المرأة بأدب نسوي لان المرأة انسانة وأدبها انساني مثل أدب الرجل، فان من ارداد اطلاق مصطلح (أدب نسوي) علي أدب المرأة، فهناک في المقابل سيطلق علي أدب الرجل، مصطلح (أدب رجالي) مع اننا لم نسمع قط بمثل هذا المصطلح، فلماذا نقصره علي أدب المرأة؟
ومع هذه الحقيقة الناصعة، فالمرأة أقدر من غيرها علي تجسيد واقعها ومحاکاة طابعها ورسم مکنوناتها الادبية من الرجل، ولکل واحد منهم ذاته وله قدرته في التحدث عن جنسه، ولا يستطيع الرجل التحدث عن المرأة وأسرارها ونفسيتها وعقليتها وفکرها مهما آتاه الله من قوة دراية وتمثيل دورها في الحياة، کذلک المرأة لا تستطيع أن تتحدث بلسان وعقلية رجل مهما کانت لديها بلاغة ادبية وأدوار رومانسية.. ولنکن أکثر واقعية ونسأل أنفسنا: هل يستطيع الرجل الاديب ان يعبّر بکلمة عن احساسه تجاه ابنه الرضيع؟ هل يستطيع الرجل ان يشعر بطفله ويعطيه نفس الاحساس الذي يناله من امه؟
ان المرأة هي الاقدر في التحدث عن المرأة ولذلک تقول أن القلم الذي تحمله المرأة يختلف عن القلم الذي يحمله الرجل، واذا أردنا معرفة ذلک علينا قراءة کتب المرأة وکتب الرجل لنلمس الفرق جيدا.
ادب المرأة.. وإشکالية التسمية...
اذن.. يثير مصطلح أدب المرأة جدلا واسعا حول مضمون هذه التسمية الظاهرة التي تتضمن إشکالية تصنيف الادب علي أساس اختلاف الجنسين، فهناک من يرفض هذه التسمية التي يري مقولة التمييز بين الادب بصفة عامة والادب النسائي خاطئة، کما انه لا يقر الا بوجود نتاج عام يلغي مقولة التمييزبين الادب بصفة عامة والادب النسائي خاطئة، کما انه لا يقر الا بوجود نتاج عام يلغي مقولة التمييزبين الادب النسائي والادب الرجالي،کما يلغي مقولة الخصوصية النسائية کطبيعة تعيق مساهمتها في ميادين الانتاج الاجتماعي والتي منها الادب، وهذا الرفض لا ينفي عندها التأکيد علي خصوصية طبيعية ثابتة، بل هي ظاهرة تجد أساسها في الواقع الاجتماعي الذي عاشته المرأة.
وهناک من الاديبات من تعترض علي وجود ادب نسائي، وتعتبر هذا التصنيف رجاليا من أجل الابقاء علي تلک الحواجزالحريمية الموجودة في عالمنا العربي والاسلامي وترسيخها وتدعيمها حتي في مجال الابداع، مع العلم انهن يرفضن بشکل مسبق هذا التصنيف علي أساس ان الانتاج يعطي نفسه ويملک الحکم عليه في ما يقدمه دون اعتبار للقلم سواء کان رجاليا او نسائيا.
فلا يوجد أدب اسمه الادب النسائي، الادب هو الادب مهما کان نوع المبدع رجل کان او انثي، فهناک نساء يبدعن شعرا او قصصا، وهناک إبداع يتناول قضايا المرأة ولکن في النهاية هو أدب فحسب.
وتعتقد بعض النافذات ان الغموض الذي يعتري وجهات النظر المقدمة لمفهوم مصطلح الادب النسائي، وهو مصطلح عبّر أيضا عن الادب الذي تکتبه المرأة وهذا المصطلح آت من عدم تحديد وتعريف کلمة نسائي التي تحمل دلالات مشحونة بالمفهوم (الاحتقاري) وهذا ما يدفع المبدعات في استلاب الفهم الذکوري، کما ان تبرير هذا التبرم والرفض لمصطلح أدب المرأة، لا يمکن إرجاعه إلا الي الخوف من إلصاق تهمة الدونية والرغبة في انتحال موقع الرجل.
ومن خلال ما سبق، يتبين لنا انه رغم شيوع هذا المصطلح في الکتابات الادبية والنقدية، إلا أن معظم الکاتبات يرفضنه لانه يشکل نظره تصنيفية علي أساس جنسي، وهو مالا ينسجم مع طبيعية الادب نفسه، ولهذا فنحن نعتقد ان التعبير بأدب المرأة هو مصطلح اجرائي فقط لتمييز الکتابة التي تکتبها المرأة عن الکتابة التي يکتبها الرجل، باعتبار ان الاولي تصدر عن فئة من النساء قليلة جدا بالمقارنة مع الثانية، بغض النظر عن توفر الامکانيات والوسائل أو عدم توفرها.
وکون الادب ادبا، سواء صدر عن امرأة او عن رجل، لا ينفي ما للادب الصادر عن المرأة من خصوصية تمکن في قدرتها علي التعبير عن وجهة نظر المرأة -الانسان والمرأة- الانثي في مختلف القضايا والوقائع، کما تکمن في کشفها عن ذات المرأة في جميع حالاتها: مبدعة، انسان، أم، زوجة.. الخ.
وهنا يطرح تساؤل حول هدف الاهتمام بأدب المرأة؟
إن قصور الادب المنتسب للمرأة علي مستوي الکم يستلزم البحث عن اسبابه ومعطياته لتفاديه مستقبلا، لان دور المرأة في الامة بصفة عامة خطير ورسالتها تتميز بقدر کبير من الدقة والحساسية، فهي تمسک بزمام الامور في مرحلة تکوين وتنشئة الانسان، فاذا استطاعت هذه المرأة أن تمتلک أداة فنية، فان دورها سوف يکون أشد خطورة ورسالتها أکثر دقة وحساسية مما يجعل من تجربتها الادبية أخصب التجارب وأقواها علي التغيير، ولانها تستطيع إعادة تشکيل الواقع جماليا وموضوعيا انطلاقا من تجربتها بکل أبعادها وحدودها ودرجات وعيها، کما تستطيع تفعيل العمل الفني وإخصابه برؤية نابعة من طبيعتها الانثوية، ومن هنا فأن، إبراز هذا الادب وتشجيعه ودراسته قد يدفع به الي تفادي القصور الکمي ويقدم مزيدا من العطاء.
کما أن رصد المحاولات المستمرة لتحجيم دور المرأة ورسالتها، واستمرارية النظر إليها من خلال جسدها وتعطيل ذاتها وإرادتها وتهميش عقلها، سواء ممن يريدون لها أن تظل رازحة تحت أطلال الجهل والتخلف، أو ممن يريدون لها أن تذوب في قبضة التغريب والتمييع من الاطراف التي تدعوا الي الاهتمام بأدب المرأة وتقييمه تقييما جماليا وحضاريا.
الادب النسائي في العصر الحديث...
ان مسيرة المرأة في الادب الاسلامي، قديمة قدم التأريخ،فقد ظهرت بعد ظهور الاسلام نساء قرضن الشعر وقلن أبياتا ودواوين خلّدا التأريخ عبر الزمان مثل الخنساء ورابعة العدوية وغيرهما.
أما في العصر الحديث، وبالضبط في القرنين التاسع عشر والعشرين، ظهر عدد کبير من النساء الاديبات، کتبن في کل فنون الادب من شعر وقصة ورواية وغيرها، ومنهن من أکملت السير في طريق الادب، وکان لها انتاج وافر وحضور مکثف في الساحة الادبية، وهناک من أسدل عليهن التأريخ ستارا من التهميش، وجعلن في عداد المجهولات رغم أن ما أنتجن -ولو کان قليلا- جديرا بأن يجعلهن من الرائدات.
والرجل الاديب -عبر العصور- أوفر حظا من المرأة الاديبة، ففي حين يجد الرجل السبيل ممهدا أمامه لتحقيق أحلامه وانجاز طموحاته، تجد المرأة ألف حاجز ومانع يقف دون تحقيق ما تريد، وانجاز ما تصبو إليه حتي ولو ثبتت جدارتها وتأکد نبوغها.
حين تحررت المرأة من القيود التي کانت تکبل يديها وتخنق أنفاسها، استطاعت بقدراتها ومواهبها التي وهبها الله لها أن تحرر أيضا وتتفجر لتخرج الي الوجود، ففعلت الکثير في سائر مجالات الحياة. وفي مجال الابداع الادبي -ومثل الرجل- التزم بعضهن بقيم الدين الاسلامي، واعترفن بفضل الاسلام ودعون في کتاباتهم الي الفضيلة ومکارم الاخلاق، وشارکن المسلمين همومهم وآلامهم، وتمرّد أکثرهن علي هذا الدين القيم واتهمنه بالرجعية والتخلف، فجاءت کتاباتهن تدعوا الي ما ينافي الدين ويعارض الاخلاق، وقد اعتنقن مذاهب غربية مختلفة وآمنّ بفلسفات متباينة لا تتفق مع جوهر ديننا ولا مظهره.
من هنا، لم يخل الادب الاسلامي من موضوع المرأة، فکانت له نظرته الاجتماعية والخلقية والوجدانية والجمالية التي لا تخرج عن نظرة الاسلام. وان مهمة الاديبة الاسلامية اليوم هي مهمة مبدع الثقافة، وهي مهمة شأن منتجها شأن سائر العاملين من أجل تقدم العالم الاسلامي وان تحقق الوصل اللازم بين الماضي الثري ومستلزمات الحاضر والمستقبل.
واخيرا ان الاديبة الاسلامية هي تلک الموهوبة التي تعي حق الوعي والادراک دورها بواجبها تجاه مجتمعها وامتها الاسلامية، ومن ثم فهي تکتب وفق معايير خاصة ومميزة، ولاشک ان اهمها انها تبدع من منطلق تسخير الادب لخدمة الدين، لان هذا الدين العظيم يشمل جميع جوانب الحياة الدنيوية والاخروية، فتخرج بين العملين الابداعي والرسالي وان تکون متشبعة بالمفاهيم الاسلامية الصحيحة التي تشکل لها أرضية انطلاق ضرورية في عملها.
انعام الکاظمي
لماذا كان نصيب المرأة من الإرث نصف نصيب الرجل ؟
حقوق المرأة ، و مقام الام في فكر الامام الخميني (ره)
سبع نظريات قيلت في المرأة ورد عليها القرآن
لها فقط - الام
نموذج المرأة الكاملة والزهراء (ع)
مشاكل الامومة .. هل تخبوا فعلا..؟
الأمومة أرقى وظيفة في المجتمع