فتح مكة المكرمة
استمرَّت نتائج صُلحِ الحُدَيْبِيَّة الذي عُقِد بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقريش في سنة ( 6 هـ ) تتفاعل لصالح النبي .
فانضمَّت قبيلة خزاعة إلى معسكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وانضمَّت قبيلة كنانة إلى معسكر قريش ، فأصبح هناك حِلفان خلال فترة الصُلْح والسلام .
وشاء الله سبحانه أن تتهيّأ أسباب النصر الكبير والفتح المبين ، فينشُب الصراع بين قبيلَتَي كنانة وخزاعة على أثر هجوم الأولى على الثانية ، فانضمَّت قريش إلى كنانة .
فشعر أبو سفيان بخطورة الموقف بعد نصره لكنانة ، فاضطرَّ إلى الذهاب للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ليكلِّمه ، فلم يرد النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليه شيئاً .
ثم حاول أن يستنجد ببعض الصحابة وبأهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلم يشفعوا له ، وعاد إلى مكة يجر أذيال الهزيمة .
وأخذ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه يتجهَّزون لقتال كُفَّار مكة ، حتى بلغ تعدادهم عشرة آلاف مقاتل .
وكان ( صلَّى الله عليه وآله ) يخطِّط لِئَلاَّ يقَع القِتال بينه وبين قريش في داخل مكة ، لأنَّها حرم الله الآمن .
وفي الثاني من شهر رمضان سنة ( 10 هـ ) - على رواية - توجَّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) وجيشه نحو مكة ، وقاموا بتطويقها ، وإشعال النيران في الصحراء على مقربة منها ، ممّا أثار الرعب في نفوس الطغاة ، وعلى رأسهم أبو سفيان .
وأخيراً استسلم أبو سفيان للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ونطق بالشهادتين خوفاً ورعباً .
وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) العباس بن عبد المطلب أن يقف بأبي سفيان حيث تمرُّ جنود الله ، ليرى بِعَينه عظمة الإسلام .
فيقول أبو سفيان للعباس : لقد أصبح مُلْك ابن أخيك عظيماً .
فيردُّ عليه العباس : وَيْحك ، إنها النبوَّة .
وهكذا تحقَّق النصر الكبير ، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مكة المكرمة ، فاتحاً منتصراً من غير قتال ، ولا سفك دماء ، متواضعاً ، مستغفراً ، مسبِّحاً بحمد ربه .
وقال تعالى : ( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) النصر : 1 - 3 .