توقيت الظهور
إن توقيت ظهوره توقيت أكثر من دقيق و أكثر من حكيم ، و من نوع ربما لم يتفق في عمر البشرية كلها بهذا الشكل الحاسم ، ولهذا يكون توقيت ظهوره وحده نصف خطته ، ولهذا التوقيت أهمية فرضت انتظارها مئات السنين.
ذلك أن الناس في تأرجحهم بين الأديان و المذاهب بحثاً عن الأفضل ، ﻻيعتمدون على الآخرين بمقدار ما يعتمدون على أنفسهم ، و لايعتمدون حتى على الغيب بمقدار ما يعتمدون على أنفسهم - و خاصة من أقنعتهم الديالكتيك بسقوط كل المعادلات ، و أوصلتهم القيادات المصلحية و الانتهازية إلى حافة اليأس من إخلاص الغير ، و إلى التشكيك حتى في الشعارات المخلصة - فإذا قيل لأي فرد ، إن الإسلام هو المسلك الوحيد إلى السعادة الفاضلة في الدنيا و الآخرة ، قد يعترف به لياقة للمجتمع الذي يتظاهر مثله بالإسلام ، أو مجاملةً للقائل ، أو تقليداً ورثه مع ما ورثه من آبائه من التقاليد ، و بنى عليها تشريفاته الاجتماعية .
ولكنه ﻻيؤمن به ، إيمانه بالضوء الأحمر الذي يوقف سيارته على مفترق الطريق ، أو إيمانه بختم موظف الجمرك الذي يسمح له بتجاوز الحدود ، أو إيمانه بالأوراق النقدية ، التي يتعامل بها على ما يختار من بضائع و خدمات . فهو يؤمن بالإسلام بمقدار ما دخل في القانون و السياسة و الاجتماعيات و الكماليات ، و لايؤمن به كقانون ، يفرض نفسه بقوة البوليس ، و لايؤمن به كسياسة تضمن له مستقبلاً لامعاً.
كنتيجة طبيعية لهذه الازدواجية الناتجة من الاسترخاء الإيماني ، تزعجه الحدود الإسلامية التي تمنعه من الاقتحام في بعض المغريات ، و لايجد إيجابيات الإسلام ، فلايشعر بالطمأنينة ، التي تركّز نزاوته و هواجسه على مطامح مشروعة ، و لايلمس السعادة ، التي يشيعها الإيمان حول المؤمن ، و لايتضح أمامه الخط الأفضل الذي يهدي إليه الإسلام ، لأن البناء الناقص أطلال ومواد تثقل ولا تنتج.
ولهذا فالمسلم الناقص الإسلام - وأكثر المسلمين اليوم ناقصو الإسلام - يقبل الإسلام على تذمر ، و هذا التذمر يأخذ أبعاده من خلال تساؤلات مصدرها معاناة ، و من خلال شبهات قواعدها محاولات للبحث عن أعذار تصونه عن لوم المجتمع إذا تحلل من مظهر الإسلام ، و من خلال انتقادات يوجهها إلى أبيه و أمه و سائر المؤمنين الملتزمين الذين يصمهم بالقشريين و المتزمتين و المتطرفين . و قد يعلن هذا التذمر ، إذا التقفته كتلة تشجعه أو بديل يعتمد عليه.
ولكنه على العموم ، يجب أن يحافظ على الإسلام ، كمظهر من المظاهر الاجتماعية ، طالما ﻻ يكلفه عناءً ، فإذا اصطدم بشيء من مصالحه ، أو رفع إلى أزمة عاصفة، بادر إلى التحلل منه بلا تردد ، و كأنه ﻻ عهد له به.
و يبدو أن هذه الظاهرة كانت تمسح المجتمع في عهد الحسين (عليه السلام) ، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء ، قلّ الديّانون ).
و بما أن البدائل التي طرحت مقابل الإسلام كثيرة من داخل الأمة الإسلامية و خارجها، ابتداءً من عهد الفتوحات الإسلامية التي اعتمدت السيف - ﻻ الإيمان - مدخلاً إلى الإسلام ، حيث تقمصت الفلسفة اليونانية أزيائها المناسبة للتغلغل و الدس في الأمة ، و مروراً بعهودنا التي تسترت فيها الديالكتيك ببراقعها المتنوعة لأداء ذات الدور ، و انتهاءً بعهد - ما قبل الظهور - الذي تأخذ فيه المؤسسات البشرية أقنعتها ، و واجهاتها المشكلة للقيام بمهمة تمزيق الأمة من داخلها ، و بالفعل أدت إلى انشقاق الأمة طوائف و فرقاً تنبأ الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بأمهاتها يوم قال: (... و ستفترق أمتي بعدي ثلاثاً و سبعين فرقة...)... ، و أما البدائل التي من خارج الأمة في صيغ أديان و فلسفات سابقاً. و في صيغ أحزاب و مبادئ حالياً ، فإحصاؤها يحتاج إلى قاموس يسع مجلدات.
البشر في كل الاتجاهات:
- و بما أن البشر يعتمد على تجربته الشخصية أكثر ، مما يعتمد على تجربة غيره ، و حتى أكثر مما يعتمد على الغيب - إذا كان مؤمناً به -.
- و بما أن لكل جديد وهجاً يغري ، وكيل الوعود جزافاً سهل ، و الغريق يبحث عن أي يد تمد إليه.
- و بما أن البشر - ﻻزال - يعتقد بأنه قادر على استيعاب الحياة ، و على وضع أفضل الخطط التي تسعده عبر الحياة و تستنفد أهدافه فيها، وعلى قيادة نفسه بنفسه في معزل عن السماء.
بذلك كله ، اندفع في كل اتجاه من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال ، يلبي كل نداء ، و يتحرك مع أية ريح كما أتقن وصفه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (... و همج رعاع . أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، ﻻيلجئون إلى ركن وثيق ، و لايستضيئون بنور العلم.. ). فكانت حصيلته تناقضات عشوائية ، الناجح فيها هو الأقوى في النطاح ، و الفاشل فيها من له أدنى تروٍّ وأناة ، و ضياع في خطوط متحركة و دوامات تدوخ و تبتلع، و تضحيات هائلة في الأرواح و الأعصاب و الأفكار ، يتبعها تخلف و قنوط.
و هذه الرحلة ، رحلة التجربة التي بدأتها الأمة - بعد فترة وجيزة من تكوّنها - عبر الأديان و الفلسفات و الأحزاب و المبادئ ، بحثاً عن الأفضل ، بعد انحرافها عن دينها الحق ، على إثر عوامل كثيرة أهمها :
- اتجاهها إلى قيادة مفروضة عليها ، و محسوبة عليها ، و اضطهادها قادتها السماويين .
- و عدم استيعابها دينها الحق ، نتيجة لانجراف عديد من الرواة و المحدثين الذين ائتمنوا على سنة رسول الله (صلّى الله عليه و آله) في تيار تلك القيادة المفروضة المحسوسة على الأمة . على أثر ذلك أصيبت الأمة ، و أصيب البشرية . أصيبت الأمة بإصابتين:
- أصيبت الأمة في ذاتها كخير أمة أخرجت للناس ، يفترض فيها أن تكون أكثر الأمم مناعة و سعادة ، فكانت أكثر الأمم تمزقاً و شقاءً ، كما تنبأ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه و آله) حين قال: (تتداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها... ) ، (... تأتيكم الفتن كقطع الليل المظلم ... ، تدع الحليم حيران... ) ، ( .. قالوا : أوَ عن قلة فينا يا رسول الله؟ قال: كلا، ولكن غثاء كغثاء السيل ).
- و أصيبت الأمة في مركزها ، كأمة مرشحة لقيادة البشرية جمعاء ، فلم تكن أمة قائدة لبقية الأمم ، ولم تكن أمة قائدة لأمة أخرى تقودها إلى الخير أو إلى ما يمكن أن يسمى خيراً ، و إنما كبقرة حلوب تحلب و لا تسمن ، أو كما في بعض الحديث : (.. غرضاً يرمى...).
و أصيبت البشرية بإصابة واحدة:
أصيبت البشرية في قيادتها الروحية ، فخسرت القيادة التي تبشرها بحضارة الروح، وتضمها إلى حضارة المادة، ووجد في ظل تفاعل هاتين الحضارتين مجتمعاً إنسانياً غنياً بمعطيات تلبي كل نداءات الإنسان، وتدفع عجلة التطور إلى الأمام بمحركين. فبقيت البشرية - بما فيها الأمة الإسلامية - تعاني صراعاً داخلياً حاداً بين العقل والضمير الأخلاقي من جهة، وبين الغرائز من جهة. والعقل معصوم ﻻ يتلوث بالشذوذ، فهو رسول من رسولي الله إلى الإنسان كما في الحديث: (إن لله على الناس حجتين: رسول باطن هو العقل، وعقل ظاهر هو الرسول). والضمير الأخلاقي حرّ شجاع ﻻ يصمت ولا يتلعثم، فهو محكمة الله في داخل الإنسان، المعبّر عنه في منطق القرآن (بالنفس اللوّامة) [سورة القيامة: الآية 2]. (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) [سورة القيامة: الآية 15]. إلا أن العقل والضمير ﻻ يكفيان لقيادة الإنسان فالعقل، وإن كان قوي الحجة، واضح الصوت، إلا أنه يشبه رجل الدين الحصيف الجليل، الذي يعترف به الجميع. ولا ينفذون كلمته. لأنه غير مسلح بالإرهاب والإغراء.
والضمير الأخلاقي، وإن كانت محكمته مستمرة طول العمر، وصوته جهوري يعكره سعادة من يخالفه نهاراً ويؤرقه ليلاً، إلا أنها تشبه المحاكم العائلية، التي تصدر أحكاماً خلقية للتنبيه، أو تصدر أحكاماً قضائية مع وقف التنفيذ. والإنسان ﻻ يخضع إلا للقوة المنفّذة.
بينما الغرائز تشبه عصابة مغامرة من الشباب الأقوياء، التي ﻻ تتورع عن شيء في سبيل مآربها، فيجتاح منطق العقل والضمير الأخلاقي، بغرورها العنيف. وربما تسخر العقل من أجل التخطيط لمآربها بالعنف، كما قد تسخر العصابات الشريرة، الخبرات الخيرة لجرائمها تحت التهديد بالقوة.
إذن فالعقل والضمير الأخلاقي ﻻ يكفيان لتوجيه الإنسان وقيادة غرائزه، ولذلك كان العقل والضمير الأخلاقي يستغيثان السماء دائماً، لإمدادهما بالرسل.
في سنة خروجه ويومه وشهره
من الأمور التي ورد التأكيد عليه في كثير من الأخبار ومنها الأخبار التي ذكرناها من العلائم عدم تعيين وقت ظهوره وإحالته إليه تعالى ويستفاد من بعض الأخبار أن من وقّت له (عليه السلام) وقتاً فقد شارك الله تعالى في علمه وادعى أنه ظهر على سره وما لله من سر.
وفي بعض الأخبار (وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله وكذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجى المسلمون وإلينا يصيرون).
وفي بعضها (كذب الموقتون ما وقتنا فيما مضى ولا نوقت فيما يستقبل) وغير ذلك من الأخبار، فيكون أمره كالساعة التي قال تعالى: ( ويسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض).
ولا بد من ترك التوقيت وانتظار ظهوره في كل زمان بل في كل عام بل في كل شهر بل في كل جمعة بل في كل يوم، وترك التوقيت واحتمال الظهور في كل وقت لا يخلو من الحكمة.
فإنه يوجب الانتظار دائماً وانتظار الفرج فرج بل من أعظم الفرج كما في حديث أبي خالد الكابلي عن
علي بن الحسين (عليه السلام).نعم ورد في بعض الأخبار أنه (عليه السلام) يظهر في يوم عاشوراء يوم السبت.
عن علي بن مهران قال : قال أبو جعفر(عليه السلام) :كأني بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائماً بين الركن والمقام بين يديه جبرئيل (عليه السلام) ينادي (البيعة لله) فيملأها عدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً.
وفي بعض الأخبار يخرج في وتر من السنين .
وعن أبي بصير عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع . وعن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله: أن القائم (عليه السلام) ينادي اسمه ليلة ثلاث وعشرين ويقوم يوم عاشوراء يوم قتل فيه الحسين بن علي (عليه السلام).
وفي بعضها يظهر (عليه السلام) في يوم النيروز ويظفره الله تعالى بالدجال.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر ويظفره الله تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نيروز إلا ونحن نتوقع فيه الفرج لأنه من أيامنا، حفظته الفرس وضيعتموه.
في كيفية عيشه ومأكله وملبسه
عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: إذا خرج القائم (عليه السلام) لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف وما يستعجلون بخروج المهدي (عليه السلام) والله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الشعير وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله.
وعن معمر بن خلاد قال: ذكر القائم عند الرضا (عليه السلام) فقال: أنتم (اليوم) أرضى بالاً منكم يومئذٍ. قال: وكيف؟ قال: لو قد خرج قائمنا (عليه السلام) لم يكن إلا العلق والعرق (و) القوم على السروج وما لباس القائم (عليه السلام) إلا الغليظ وما طعامه إلا الجشب.
وهذا ما يلزمه نفسه من خشونة الملبس وجشوبة المطعم وإتعاب النفس والبدن في طاعة الله تبارك وتعالى والجهاد في سبيله ومحو الظلم والجور والطغيان.
محل ظهوره وبيعته وصفة ظهوره
وأما محل ظهوره (عليه السلام) ومبايعته فهو البلد الأمين مكة المكرمة، فيصلي عند المقام أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود فيحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي ويصلي علي فيبايعه من يبايعه.
وبالإسناد عن الفضل عن ابن محبوب رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا خسف بجيش السفياني... إلى أن قال والقائم يومئذ بمكة عند الكعبة مستجيراً بها يقول: أنا ولي الله أنا أولى بالله وبمحمد (صلى الله عليه وآله) فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، إن الله تعالى يقول: (إن الله اصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).
فأنا بقية آدم وخيرة نوح ومصطفى إبراهيم وصفوة محمد، ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله وسيرته وأنشد الله من سمع كلامي لما يبلغ الشاهد الغائب.
فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً فيجمعهم الله على غير ميعاد قزع كقزع الخريف... ثم تلا هذه الآية (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً أن الله على كل شيء قدير). فيبايعونه بين الركن والمقام ومعه عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد تواترت عليه الآباء، فإن أشكل عليهم من ذلك شيء فإن الصوت من السماء لا يشكل عليهم إّذا نودي باسمه واسم أبيه.
وعن
أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل إلى أن قال: يقول القائم لأصحابه: يا قوم أن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم،فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له:إمض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم أنا أهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلاسة النبيين، وإنا قد ظُلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا فنحن نستنصركم فانصرونا.
فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه:
ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا؟ فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط من عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات وينسد ظهره إلى الحجر الأسود ثم يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي (صلى الله عليه وآله) ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس فيكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرئيل وميكائيل... .
وفي خبر آخر: يخرج إلى المدينة فيقيم بها ما شاء، ثم يخرج إلى الكوفة ويستعمل عليها رجلاً من أصحابه، فإذا نزل الشفرة جاءهم كتاب السفياني (إن لم تقتلوه لأقتلن مقاتليكم ولأسبين ذراريكم) فيقبلون على عامله فيقتلونه فيأتيه الخبر فيرجع إليهم فيقتلهم ويقتل قريشاً حتى لا يبقى منهم إلى أكلة كبش ثم يخرج إلى الكوفة ويستعمل رجلاً من أًصحابه فيقبل وينزل النجف .
(إسعاف الراغبين ص135 في حاشية نور الأبصار) قال: وضح أنه (صلى الله عليه وآله) قال: يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من المدينة هارباُ إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة... الحديث.
ينابيع المودة ص431 عن جواهر العقدين عن أبي داود والإمام والحافظ البيهقي مثله.
ينابيع المودة ص448 عن فرائد السمطين عن الحسن بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا في حديث ذكر فيه المهدي وغيبته وأنه الرابع من ولده إلى أن قال: وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإن الحق فيه ومعه... الحديث.
وعن أبي داود في سننه ص107 والترمذي في جامعه وأحمد في مسنده وابن ماجة في سننه والحافظ أبي عبد الرحمن النسائي في سننه والبيهقي في البعث والنشور وغيرهم عن أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه أناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام الحديث.
وعن أبي عبد الله نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن عبد الله بن مسعود في خبر طويل يذكر فيه خروج السفياني وخروج المهدي من المدينة إلى مكة وطلب مبايعته وآبائه (عليهم السلام)... إلى أن قال: فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له، ويلقي الله محبته في صدور الناس فيسير مع قوم أسد بالنهار ورهبان بالليل.
وقد ورد بطرق متعددة عن عبد الله بن عمر وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج المهدي (عليه السلام) من قرية يقال لها كرعة (وهي قرية من اليمن).
وفي النجم الثاقب (حكاية رقم 62) عن العالم الجليل أفضل عصره الشيخ أبي الحسن شريف العاملي في كتاب ضياء العالمين نقلاً عن جماعة عن محمد بن أحمد أن شيخاً تاجراً حكى لنا وصوله إلى هذه القرية وتشرفه بزيارة الحجة (عليه السلام) وقال: لا منافاة بين هذا الخبر والأحاديث الواردة في أنه يظهر بمكة لأنه (عليه السلام) يخرج من المحل الذي هو فيه فيأتي مكة ويظهر أمره فيها.
المهدي وكيفية البيعة
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلاً خمسة وعشرين من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون (إشارة إلى قوله في سورة الأعراف آية (158) ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسى، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري، ومالك الأشتر.
وفي حديث آخر عن أبي جعفر (عليه السلام): لو قد خرج قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبيين يكون جبرائيل أمامه وميكائيل عن يمينه واسرافيل عن يساره الحديث.
وفي عقد الدرر في حديث طويل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه (عليه السلام) يأخذ البيعة عن أصحابه على ثلاثين خصلة يلتزمون بها ولا يغيرون منها شيئاً، فيخرجون معه إلى الصفا فيقول: أنا معكم على أن لا تولوا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا محرماً ولا تأتوا فاحشة ولا تضربوا أحداً إلا بحقه.. إلى أن قال (عليه السلام): فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا اتخذ حاجباً ولا ألبس إلا كما تلبسون ولا أركب إلا كما تركبون الحديث.
وعن إسعاف الراغبين قال: وجاء في روايات أن الله تعالى يمد المهدي بثلاثة آلاف من الملائكة وأن أهل الكهف من أعوانه. وذكر الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسير القرآن العزيز في قصة أصحاب الكهف قال: وأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي (عليه السلام) يقال أن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله عز وجل ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة.
وعن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أن القائم ينتظر من يومه ذي طوى في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً حتى يسند ظهره إلى الحجر ويهز الراية المغلبة (المعلقة) الحديث.
وعن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل إلى أن قال: يقول القائم (عليه السلام) لأصحابه: يا قوم أن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم.
فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: أمض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقُهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا فنحن نستنصركم فانصرونا.
فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه:
ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا. فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط من عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ثم يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي (صلى الله عليه وآله) ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتلكم به أحد من الناس.
فيكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرائيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتاباً جديداً هو على العرب شديد بخاتم رطب فيقولون له: اعمل بما فيه ويبايعه الثلاثمائة وقليل من أهل مكة.
ثم يخرج من مكة حتى يكون في مثل الحلقة قلت: وما الحلقة؟ قال: عشرة آلاف رجل جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ثم يهز الراية الجلية وينشرها وهي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) السحّابة، ودرع رسول الله (صلى الله عليه وآله) السابغة، ويتقلد بسيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذي الفقار.
وفي خبر آخر: ما من بلدة إلا يخرج معه منهم طائفة إلا أهل البصرة فإنه لا يخرج معه منها أحد.
المهدي (عليه السلام) يومئذ ينصر الله
محمد بن إبراهيم النعماني بأسانيده عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله: إذا قام القائم (عليه السلام) نزلت ملائكة بدر وهم خمسة آلاف الحديث.
محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن شبيب عن الرضا (عليه السلام) (في حديث طويل) قال: يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فإنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيهون ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فلم يؤذن لهم، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره وشعارهم يالثارات الحسين (عليه السلام) الحديث.
روي عن أهل البيت (عليهم السلام) أن الله تعالى أهبط إلى الحسين أربعة آلاف ملك هم الذين هبطوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر وخير بين النصر على أعدائه ولقاء جده فاختار لقاه، فأمر الله تعالى الملائكة بالمقام عند قبره فهم شعث غبر ينتظرون قيام القائم (عليه السلام) من ولده صاحب الزمان (عليه السلام).
وفي حديث أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... إلى أن قال: فيحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً... قلت: كل هؤلاء الملائكة؟
قال: نعم، الذي كانوا مع نوح في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقى في النار والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه وأربعة آلاف ملك مع النبي (صلى الله عليه وآله) مسومين وألف مردفين وثلاثمائة وثلاث عشر ملائكة بدريين وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين (عليه السلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلا شيعوه ولا يمرض مريض إلا عادوه ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته واسغفروا له بعد موته، وكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم (عليه السلام) إلى وقت خروجه (عليه السلام).
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد .
عن الشيخ المفيد بأسانيده عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين (عليه السلام): يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة، كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله وإسرافيل إمامه، معه راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نشرها، لا يهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله عز وجل.
وأخرج نعيم بن حماد عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: المهدي مولده بالمدينة من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) واسمه اسم نبي ومُهَاجَرُه بيت المقدس، كث اللحية، أكحل العينين، براق الثنايا، في وجهه خال، في كتفه علامة النبي، يخرج براية النبي (صلى الله عليه وآله)، من مرط معلمة سوادء مربعة فيها حجر لم تنشر منذ توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا تنشر حتى يخرج المهدي يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم يبعث وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين.
وعن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) قال: هو أمرنا أمر الله عز وجل أن لا تستعجل به حتى يؤيده (الله) بثلاثة (أجناد) الملائكة والمؤمنين والرعب وخروجه (عليه السلام) كخروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك قوله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق).
نزول عيسى بن مريم والصلاة خلفه
عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم.
عقد الدرر في الباب العاشر ص229 عن صحيح مسلم مثله وعقد الدرر في الباب الأول ص 25 عن أبي نعيم في مناقب المهدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه.
والأخبار في ذلك مستفيضة وهو القول الصحيح الذي ذهب إليه المشهور وقال به الجمهور، وما في بعض الأخبار أو في بعض الكتب من أن المهدي يأتم بعيسى فهو شاذ.
قال أبو الحسن الأبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) بخروجه، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج مع عيسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه.
عن أبي إمامة قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): وذكر الدجال إلى أن قال: وإمامهم المهدي رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم.
في حالات أصحابه وقوتهم وشدتهم
وقد ورد في وصف أصحاب المهدي أنهم الصلحاء والنجباء والفقهاء، ومطيعون لأمره (عليه السلام)، ويشتاقون إلى الشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله، رجال كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضة وراية لم تنشر منذ طويت ورجال كأن قلوبهم زبر الحديد لا يشوبها شك في ذات الله أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها، كأن على خيولهم العقبان، يتمسحون بسرج الإمام (عليه السلام) يطلبون بذلك البركة، يحفون به، يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد فيهم.
رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل يبيتون قياماً على أطرافهم ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار وهم أطوع له من الأمة لسيدها، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم (يا لثارت الحسين) إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى إرسالاً، بهم ينصر الله إمام الحق.
وعن عاصم بن حمزة عن علي (عليه السلام) أنه قال: لتملأن الأرض ظلماً وجوراً حتى لا يقول أحد الله إلا مستخفياً ثم يأتي الله بقوم صالحين يملؤونها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
وفي حديث آخر طويل عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) يذكر فيه عدتهم وبلادهم إلى أن قال (عليه السلام): وهم النجباء والقضاء والحكام والفقهاء في الدين يمسح الله بطونهم فلا يشتبه عليهم حكم. وروي بهذا الإسناد في حديث عدتهم وأسماؤهم وأسماء بلادهم.
وعن أبي عبد الله الحاكم من مستدركه عن محمد بن حنفية قال: كنا عند علي (عليه السلام) وقد سأله رجل عن المهدي فقال: هيهات _عقد بيده سبعاً_ فقال: ذلك يخرج في آخر الزمان إّذا قال الرجل الله الله قتل، فيجمع الله له قوماً قزعاً كقزع السحاب يؤلف الله بين قلوبهم فلا يستوحشون إلى أحد ولا يفرحون بأحد دخل فيهم، على عدة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون، وعلى عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر...
الحديث قال: قال الحاكم: وهذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه.
وعن أبي عمرو عثمان بن سعيد المقري في سننه عن حذيفة بن اليماني قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قصة المهدي ومبايعته بين الركن والمقام وخروجه متوجهاً إلى الشام قال: وجبرائيل على مقدمته وميكائيل على ساقته الحديث.
وبهذا المضمون أحاديث أخرى في المصدر المذكور وإسعاف الراغبين والصواعق.
وفي ينابيع المودة عن كتاب الدرر المنظم قال: ومن إمارات خروج الإمام المهدي (عليه السلام) إلى أن قال: ويبايعه بين الركن والمقام ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من الأخيار كلهم شبان لا كهل فيهم... الخ.
وعن عبد الله بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: كيف لنا بعلم ذلك؟ فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب (طاعة معروفة).
وروى أنه يكون في راية المهدي (عليه السلام) (البيعة لله عز وجل).
وعن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام القائم (عليه السلام) نزلت سيوف القتال، على كل سيف اسم الرجل واسم أبيه.
وعن حذيفة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا كان عند خروج القائم (عليه السلام) ينادي مناد من السماء (أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين وولى الأمر خير أمة محمد فالحقوا بمكة) فيخرج النجباء من مصر والأبدال من الشام وعصائب العراق، رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد يبايعونه بين الركن والمقام.
ويأتي في باب استقرار حكومته ما يدل على أن قلوب جيوشه المؤمنين وشيعته تكون كزبر الحديد.
قال الصادق (عليه السلام): إنما سمي (قم) لأن أهلها يجتمعون مع قائم آل محمد (عليه السلام)، ويقيمون معه، ويستقيمون عليه وينصرونه.
وفي السيرة الحلبية (ج1/ص22) قال: وقد ذكر بعضهم أن أهل الكهف كلهم أعجام ولا يتكلمون إلا بالعربية وأنهم يكونون وزراء المهدي (عليه السلام).
نزول عيسى بن مريم ( عليه السلام) والصلاة خلفه (عليه السلام):
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم.
عقد الدرر في الباب العاشر ص229 عن صحيح مسلم مثله وعقد الدرر في الباب الأول ص 25 عن أبي نعيم في مناقب المهدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه.
والأخبار في ذلك مستفيضة وهو القول الصحيح الذي ذهب إليه المشهور وقال به الجمهور، وما في بعض الأخبار أو في بعض الكتب من أن المهدي يأتم بعيسى فهو شاذ.
قال أبو الحسن الأبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) بخروجه، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج مع عيسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه.
عن أبي إمامة قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله): وذكر الدجال إلى أن قال: وإمامهم المهدي رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمام.
المهدي (عليه السلام) وانتقامه من أعداء الله
إذا ظهر (عليه السلام) فإنه ينتقم من أعداء الله وأعداء رسوله (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) أجمعين كما ورد بذلك بعض الروايات.
عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي في حديث أنه سأل أبا جعفر محمد الباقر (عليه السلام) يا ابن رسول الله ألستم كلكم قائمين بالحق؟ قال: لما قتل جدي الحسين ضجت الملائكة بالبكاء والنجيب، وقالوا: (إلهنا وسيدنا تصفح عمن قتل صفوتك وخيرتك من خلقك)؟ فأوحى الله إليهم: قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لأنتقمن منهم ولو بعد حين، ثم كشف الله عز وجل لهم عن الأئمة من ولد الحسين فسرت الملائكة بذلك ورأوا أحدهم قائماً يصلي فقال سبحانه: بهذا القائم أنتقم منهم.
وعن محمد بن حمران قال: قال أبو عبد الله: لما كان من أمر الحسين بن علي (عليهما السلام) ما كان ضجت الملائكة إلى الله تعالى وقالت: (يا رب يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك) قال: فأقام لهم ظل القائم وقال بهذا انتقم له من ظالميه.
وعن فرات بن أحنف عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام) قال: زاد الفرات (ماء الفرات) على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) فركب هو وأبناه الحسن والحسين (عليهم السلام) فمر بثقيف فقالوا: قد جاء علي يرد الماء، فقال علي (عليه السلام): أما والله لأقتلن أنا وابناي هذان وليبعثن الله رجلاً من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبن عنهم تمييزاً لأهل الضلالة حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة.
ويستفاد من بعض الأحاديث أنه (عليه السلام) إذا ظهر قتل أولاد قاتلي الحسين (عليه السلام) لأنهم رضوا بصنع آبائهم ومن رضي بفعل قبيح كان كمن أتاه.
ويدل عليه ما عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي الرضا ابن موسى الكاظم (عليهما السلام): يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن جدك جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا قام قائمنا المهدي قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟ فقال: هو ذلك، قلت: فقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ما معناه؟ فقال: صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون ويفتخرون بفعال آبائهم، ومن رضي شيئاً كمن فعله، ولو أن رجلاً قتل في المشرق فرضي لقتله رجل في المغرب لكان شريك القاتل فقوله تعالى: (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا) نزل في الحسين والمهدي (عليهما السلام).
ويستفاد من بعض الأحاديث أن المهدي (عليه السلام) أول من يظهر يقطع أيدي بني شيبة الذين معهم مفاتيح الكعبة ويعلقها على الكعبة وينادي عليهم: هؤلاء بنو شيبة سراق الكعبة.
ويدل على ذلك ما عن أبي عبد الله في حديث قال: أما أن قائمنا لو قد قام أخذهم وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سراق الله (أي بني شيبة). وجاء بهذا المضمون في البحار ج 52 عن الكافي ورواه الشيخ المفيد (قدس سره) في الإرشاد والشيخ الصدوق (قدس سره) في عيون أخبار الرضا ج1 الباب 28 الحديث 5. ورواه الشيخ في التهذيب وفي حديث سدير الصيرفي عن رجل من أهل الجزيرة كان قد جعل على نفسه نذراً في جارية، وجاء بها إلى مكة قال: فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلا قال لي: جئني بها وقد وفي الله نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة، فذكرت ذلك لرجل من أًصحابنا من أهل مكة فقال لي: تأخذ عني؟
فقلت: نعم: فقال: انظر الرجل الذي يجلس بحذاء الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به! قال: فأتيته فقلت: رحمك الله إني رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها علي نذراً لبيت الله في يمين كانت علي، وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة وأقبلت لا ألقى منهم أحداً إلا قال جئني بها وقد وفى الله نذرك فدخلني من ذلك وحشة شديدة.. فقال: يا عبد الله إن البيت لا يأكل ولا يشرب فبع جاريتك واستقص وانظر أهل بلادك ممن حج هذا البيت فمن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتى يقوى على العود إلى بلادهم، ففعلت ذلك ثم أقبلت لا ألقى أحداً من الحجبة إلا قال ما فعلت بالجارية؟ فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر (عليه السلام) فيقولون: هو كذاب جاهل لا يدري ما يقول فذكرت مقالتهم لأبي جعفر (عليه السلام) فقال: قد بلغتني تبلغ عني؟ فقلت: نعم، فقال: قل لهم قال لكم أبو جعفر: كيف بكم لو قد قطعت أيديكم وأرجلكم وعلقت في الكعبة ثم يقال لكم نادوا نحن سراق الكعبة؟ فلما ذهبت لأقوم قال: أنني لست أنا أفعل ذلك وإنما يفعل رجل مني.
فعند ذلك ترفع التوبة، فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً. فإن قلت: قد روى الصدوق طال ثراه هذا المضمون بأسانيد متعددة من أنه في زمن المهدي (عليه السلام) لا تقبل توبة من لم يتب قبل ظهوره.
وهذا بظاهره ينافي ما روي في الأخبار المستفيضة من أنه (عليه السلام) إذا ظهر ضرب الناس بسيفه وبسوطه حتى يدخلوا في دينه طائعين أو كارهين فيجئ تأويل قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فإن ظهور دينه على جميع الأديان إنما يكون في زمان المهدي (عليه السلام) على ما نطقت به الأخبار.
قلت: يمكن أن يكون وجه الجمع بينهما أن هناك أخباراً تدل على أن المهدي (عليه السلام) إذا خرج أحيا الله سبحانه له جماعة ممن محض الكفر محضاً، فهؤلاء الأحياء الذين تقدم موتهم ورأوا العذاب عيناً وعذبوا به واضطروا إلى الإيمان لا يقبل المهدي (عليه السلام) منهم توبة لأن توبتهم في هذا الحال مثل توبة فرعون لما أدركه الغرق فقال عز وجل في جوابه (الآن وقد عصيت قبل) فلم يقبل له توبة ومثل توبة من بلغت روحه إلى حلقه وتغرغرت في صدره ورأى مكانه من النار وعاينه فإنه إذا تاب لا يقبل له توبة أيضاً. فالمراد بالنفس التي لا ينفعها إيمانها هذه النفس، وإما الأحياء الذين يكونون في زمن ظهوره (عليه السلام) ولم يسبق عليهم الموت فلا يقبل (عليه السلام) منهم إلا القتل أو الإيمان.
ويؤيد ذلك ما في بعض الأحاديث من أنه في قيام دولته (عليه السلام) ليس لمن نصب لهم العداوة إلا القتل كما في حديث أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) يذكر فيه نزول القائم (عليه السلام) في مسجد السهلة إلى أن قال أبو بصير قلت: فما يكون من أهل الذمة عنده؟ قال (عليه السلام): يسالمهم كما سالمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون قلت: فمن نصب لكم عداوة؟ فقال: لا يا أبا محمد ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحل لنا دمائهم عند قيام قائمنا فاليوم محرم علينا وعليكم ذلك فلا يغرنك أحد إذا قام قائمنا انتقم لله ورسوله ولنا أجمعين (البحار: ج52/ص381) عن مزار الكبير.
المهدي وطريقته وسلوكه وعجائب آياته في حكومته بعد ظهوره واستقراره (عليه لسلام)
لا يخفي أن تعريف كيفية سلوكه (عليه السلام) في دولته (عليه السلام) عجل الله فرجه الشريف كما هو حقه غير ممكن لنا كما هو المستفاد من الأخبار، إلا أن يرزقنا الله ذلك ونراه بأعيننا، وعن كتاب معاني الأخبار عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: أقسم بالله أن معرفة كيفية دولة القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كما هو حقه غير ممكن لكم إلى أن يأتي زمان ترونه فيه. نعم لا بد لنا أن نشير إلى جملة منها مستفادة من الأخبار:
فمنها: أن طريقة معاملته (عليه السلام) مع الناس في بداية ظهوره كطريقة معاملة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيرته، فهو لا يتعرض على من كان قد ارتكب المحرمات والقبائح والأفعال الشنيعة قبل زمانه ولا يؤاخذهم على ذلك بل كل من آمن بالله ورسوله وصدقه (عليه السلام) من صميم القلب والواقع سيكون في نعمة وراحة تحت ظل دولته، وكل من كان فاجراً ومنافقاً وماكراً ومخادعاً. فسوف يبتلى بغضب حجة الله (عليه السلام) وسيفه كما أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان كذلك لم يؤاخذ حين بعثته (صلى الله عليه وآله) على ما صدر من الناس قبل الإسلام من القبائح.
وفي الحديث إذا قام سار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديث.
روى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا أذن الله عز وجل للقائم (عليه السلام) في الخروج صعد المنبر فدعى الناس إلى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم إلى حقه وأن يسير فيهم بنسبة رسول الله ويعمل فيه بعمله الحديث.
وعن عبد الله بن عطا قال: سألت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) فقلت: إذا قام القائم (عليه السلام) بأي سيرة يسير في الناس؟ فقال يهدم ما قبله كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويستأنف الإسلام جديداً.
وفي عقد الدرر في الفصل الثالث من الباب التاسع (ص 227) مثله.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إن قائمنا إذا قام دعا الناس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن الإسلام بدأ غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء فقلت: اشرح لي هذا أصلحك الله! فقال: (مما) يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومنها: أنه (عليه السلام) يحكم مثل حكم داود وسليمان (عليهما السلام). فإنه (عليه السلام) وإن لم يؤاخذ المذنبين على ما اقترفوه قبل ظهوره (عليه السلام) كما عرفت ذلك ولكنه في دولته يحكم بمثل حكم داود وسليمان لا يطالب بالبينة بل يحكم على ما هو الواقع وكل أمر يكون عنده واضح وجلياً والأمور المخفية معلومة عنده بالعيان ولا يستطيع المنافقون أن يتقربوا منه تحت لباس الورع وستار التقدس.
روى عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام القائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) حكم بين الناس بحكم داود (عليه السلام) لا يحتاج إلى بينة يلهمه الله فيحكم بعلمه ويخبر كل قوم بما استبطنوه ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال تعالى: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم).
عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً (يعني مسجد الكوفة) يعلم أهل مكة أنه لم يلد (هم) آباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتب على كل سيف كلمة تفتح ألف كلمة، فيبعث الله تبارك وتعالى ريحاً فتنادي بكل واد هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان لا يريد عليه بينه.
وعن حريز قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منا أهل البيت يحكم بحكم داود وآل داود لا يسأل الناس بينة.
وعن الحسن بن طريف قال: كتبت إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) أسأله عن القائم (عليه السلام) إذا قام بم يقضي بين الناس وأردت أن أسأله عن شيء لحمى الربع فأغفلت ذكر الحمى، فجاء الجواب: سألت عن الإمام فإذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء داود (عليه السلام) لا يسأل البينة الخبر.
عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كأني بطائر أبيض فوفق الحجر فيخرج من تحته رجل يحكم بين الناس بحكم آل داود وسليمان لا يبتغي بينة.
وعن سعدان مسلم عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: بينا الرجل على رأس القائم يأمره وينهاه إذ قال: أديروه فيديرونه إلى قدامه فيأمر بضرب عنقه فلا يبقى في الخافقين شيء إلا خافه.
ومنها: أن تلك الآية الكبرى والحجة العظمى سيركب السحاب ويتجول في جميع أنحاء الأرض مثل ذي القرنين ويظهر دين الإسلام في كل مكان، ويطبق أحكام الله على الخلق كله في مشارق الأرض ومغاربها.
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أما أن ذا القرنين قد خير السحابين فاختار الذلول وذخر لصحابكم الصعب قال: قلت: وما الصعب؟ قال: ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق فصاحبكم يركبه، أما أنه سيركب السحاب ويرقي في الأسباب أسباب السموات السبع والأرضين السبع خمس عوامر واثنتان خرابان.
عن سهل بن زياد أبي يحيى قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أن الله خير ذا القرنين السحابين الذلول والصعب، فاختار الذلول وما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأن الله ادخره للقائم (عليه السلام).
وفي حديث جابر الجعفي عن جابر الأنصاري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله الله حجة على عباده، فدعا قومه إلى الله عز وجل وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه فغاب عنهم زماناً حتى قيل مات أو هلك بأي واد سلك، ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه، ألا وفيكم من هو على سنته، وأن الله عز وجل مكن له في الأرض (أي لذي القرنين) وآتاه من كل شيء سبباً، وبلغ المشرق والمغرب،وإن الله تبارك وتعالى سيجري سنته في القائم من ولدي ويبلغ شرق الأرض وغربها حتي لا يبقى سهل ولا موضع من سهل ولا جبل وطأه ذو القرنين إلا وطأه، ويظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها وينصره بالرعب، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملأت جوراً وظلماً.
وروى علي بن عقبة عن أبيه قال: إذا قام القائم (عليه السلام) حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كل حق إلى أهله، ولم يبق أهل كل دين حتى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله سبحانه يقول: (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون). وحكم بن الناس بحكم داود وحكم محمد (صلى الله عليه وآله) الحديث.
ومنها: أنه تظهر بركات الأرض والسماء بواسطة وجوده الشريف (عليه السلام)، وتخرج الأرض ما في بطونها وحواياها من الكنوز والمعادن من الذهب والفضة والجواهر وغيرها.
وفي حديث جابر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ويظهر الله له الكنوز الأرض ومعادنها.. الخ).
وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لمن ينعموا مثلها قط، يرسل السماء عليهم مدرارا ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلا أخرجته، والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني! فيقول: خذ.
وفي خبر آخر عنه قال مكان (خذ): فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
وفي الحديث الأربعمائة عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولأخرجت الأرض نباتها... إلى أن قال حتى تشمي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قديمها إلا على نبات.. الخ).
وفي عقد الدرر: ويزرع الإنسان مداً يخرج له سبعمائة مدٍ كما قال الله تعالى: (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء) الحديث.
وأخرج أبو نعيم عن أبي إمامة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بينكم وبين الروم أربع هدن يوم الرابعة على يدي رجل من أهل هرقل يدوم سبع سنين، فقال له رجل: يا رسول الله من إمام المسلمين يومئذ؟ قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة، كان وجهه كوكب دري، في خده الأيمن خال أسود، عليه عباءتان قطوانيتان كأنه من رجال بني إسرائيل، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الحديث.
وفي الحديث عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة). فقال (عليه السلام): النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والبطانة الإمام الغائب، فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال (عليه السلام): نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا يسهل الله له كل عسير ويذلل له كل صعب ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد، ويهلك على يده كل شيطان مريد. ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عزوجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً.
وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً (يعني حجباً).
عن الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله (صلى الله عليه وآله): ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه حتى تضيق بهم الأرض الرحبة وحتى تملأ الأرض جوراً وظلماً ولا يجد المؤمن ملجأ يلجأ إليه من الظلم، يرضى عن ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبته مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين أو ثماني أو تسعاً، يتمنى الأحياء الأموات بما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره، قال الحاكم وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووردت بهذا المضمون أخبار أخرى من الخاصة والعامة.
ومنها: أن من بركات وجوده الشريف أنه ينشر في الأرض الأمن والأمان حتى أنه يقع الصلح الكلي بين جميع ذوات الأرواح المتضادة من الإنسان والحيوان والوحوش حتى أنه يزول النفاق والعداوة من بين الجميع، وتعيش الوحوش والأفاعي والحيات والحيوانات مختلطين وممتزجين مع بني الإنسان ولا يتضرر واحد منها من الآخر ولا يضره.
وفي الحديث الأربعمائة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف زمان القائم (عليه السلام): (ولذهبت الشحناء من قلوب العباد واصطلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلى على نبات وعلى رأسها زبيلها لا يهيجها سبع ولا تخافه).
وعن جابر أبي جعفر (عليه السلام) قال: كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين، ليس من شيء إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير تطلب رضاهم (في) كل شيء حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول مر بي اليوم رجل من أصحاب القائم (عليه السلام). وفي حديث عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل قال في آخره: وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه برٌّ حتى تطحنه بكربلاء.
وعن السيد ابن طاووس (قدس سره) في كتاب سعد السعود نقلاً عن صحف أدريس النبي قال: وألقي في تلك الزمان الأمان على الأرض فلا يضر شيء شيئاً ولا يخاف شيء من شيء، ثم تكون الهوام والمواشي بين الناس فلا يؤذي بعضهم بعضاً، وانزع حمة كل ذي حمة من الهوام وغيرها، واذهب سم كل ما يلدغ وانزل بركات من السماء والأرض، وتزهر الأرض بحسن نابتها وتخرج كل ثمارها وأنواع طيبها، وألقي الرأفة والرحمة بينهم، فيتواسون ويقتسمون بالسوية فيستغني الفقير ولا يعلو بعضهم بعضاً ويرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير ويدينون بالحق وبه يعدلون ويحكمون.
قال المجلسي رضوان الله عليه في ذيل هذا الخبر: أن هذه الآثار المذكورة مع إبادة الشيطان وخيله ورجله لم تكن في مجموع أيام النبي وأمته بل يكفي أن يكون في بعض الأوقات بعد بعثته وما ذلك إلى في زمان القائم (عليه السلام) كما هو مذكور في الأخبار.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قصة المهدي وفتحه لمدينة القاطع قال: فيبعث المهدي (عليه السلام) إلى امرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، وتعلب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء ويذهب الشر ويبقى الخير الحديث.
ومنها: أنه بسبب وجوده المبارك تزول جميع الأمراض والآفات الظاهرة عن أبدان الناس مثل العمى والبرص ونحوهما من العاهات المزمنة، ويصفي ظاهر الخلق من جميع العيوب.
عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة برأ ومن ذي ضعف قوي.
عن النعماني بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: إذا قام القائم أذهب الله عن كل مؤمن العاهة ورد إليه قوته.
ومنها: أنه (عليه السلام) مع زيادة عمره الشريف وطول حياته في الدنيا من ابتداء ولادته إلى زمان ظهوره وطول غيبته لا تؤثر فيه تلك الأزمنة والسنون التي عاشها (عليه السلام) شيئاً، ولا يصيبه شيء من الضعف والوهن في مزاجه الشريف وجوارحه وأعضائه المباركة، وعندها يظهر في منظر شاب له أربعون سنة حيث يكون في نهاية القوة والكمال الظاهري والباطني، ويظهر على هيئة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصورته فيكون درعه (صلى الله عليه وآله) مناسباً وموافقاً لقامته (عليه السلام).
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لو خرج القائم (عليه السلام) لقد أنكره الناس يرجع إليهم شاباً موفقاً فلا يلبث عليه إلا كل مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذر الأول.
وعنه (عليه السلام) أنه قال: وأن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبكم شاباً وهو يحسبونه شيخاً كبيراً
وعن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملأها عدلاً كما ملأت جوراً، وكيف أكون ذاك على ما ترى من ضعف بدني، وأن القائم (عليه السلام) هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب قوياً في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصى موسى وخاتم سليمان، ذاك الرابع من ولدي يغيبه الله في ستره ما شاء الله ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً.
وعن الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما علامة القائم (عليه السلام) منكم إذا خرج؟ قال: علامته أن يكون شيخ السن شاب المنظر حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها وأن من علامته أن لا يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتى يأتي أجله.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك إني أريد أن أمس صدرك فقال: افعل! فمسست صدره ومناكبه فقال: ولم يا أبا محمد؟ فقلت: جعلت فداك إني سمعت أباك وهو يقول أن القائم (عليه السلام) واسع الصدر مسترسل المنكبين عريض ما بينهما فقال: يا أبا محمد أن أبي لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانت تسحب على الأرض وإني لبستها فكانت وكانت وأنها تكون من القائم كما كانت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشمرة كأنه ترفع نطاقها بحلقتين وليس صاحب هذا الأمر من جاز أربعين.
ومنها: أنه يوجد عنده (عليه السلام) مواريث جميع الأنبياء والأولياء والأصفياء من ثوب إبراهيم وعصى موسى وخاتم سليمان (عليهم السلام) ودرع الرسول (صلى الله عليه وآله) وعمامته ونعله وسائر ملابسه (صلى الله عليه وآله) ويوجد عنده ذو الفقار سيف حيدر الكرار، وأن السيد الحسني كما عرفنا سابقاً، يطالب الحجة (عليه السلام) بمواريث الأنبياء وما عنده من مواريث رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيأمر الحجة (عليه السلام) باحضارها.
وفي حديث يعقوب السراج عن أبي عبد الله (عليه السلام): (وخرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: ما تراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرعه وعمامته وبرده وقضيه ورايته ولأمته وسرجه حتى ينزل مكة فيخرج السيف من غمده ويلبس الدرع وينشر الراية والبردة والعمامة ويتناول القضيب بيده ويستأذن الله في ظهوره... الحديث).
وعن محمد بن الفيض عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: كان عصا موسى لآدم (عليه السلام) فصارت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى بن عمران (عليه السلام) وإنها لعندنا، وإن عهدي بها آنفاً وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها، وإنها لتنطق إذا استنطقت أعدت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها، وإنها لتروع وتلقف ما يأكفون وتصنع كما تؤمر وإنها حيث أقبلت تلقف ما يأكفون تفتح لها شفتان إحداهما في الأرض والأخرى في السققف وبينهما أربعون ذراعاً وتلقف ما يأكفون.
وفي حديث الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السلام): (يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان).
وفي حديث أبي جعفر بن علي الباقر (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله): (تكون له (عليه السلام) غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملأت جوراً وظلماً).
وفي حديث عن النعماني بإسناده عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ألا أريك قميص القائم الذي يقوم عليه؟ فقلت: بلى قال: فدعا بمقطر ففتحه وأخرج منه قميص كرابيس فنشره فإذا في كمه الأيسر دم قال: هذا قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي عليه يوم ضربت رباعية وفيه يقوم القائم (عليه السلام)، فقبلت الدم ووضعته على وجهي ثم طواه أبو عبد الله (عليه السلام) ورفعه.
عن محمد بن إبراهيم النعماني بأسانيده عن أبي الجارود قال: أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام): إذا ظهر القائم ظهر براية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخاتم سليمان وحجر موسى وعصاه، ثم يأمر مناديه فينادي: ألا لا يحملن رجل منكم طعاماً ولا شراباً ولا علفاً، فيقول أصحابه: أنه يريد أن يقتلنا ويقتل دوابنا من الجوع والعطش، فيسير ويسيرون معه، فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون ودوابهم حتى ينزلوا النجف بظهر الكوفة.
وعنه عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إذا خرج القائم من مكة ينادي مناديه ألا لا يحملن أحد طعاماً ولا شراباً ويحمل معه حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير فلا ينزل منزلاً إلا نبع منه عيون، فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآناً روى (ورويت) دوابهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة.
عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف (عليه السلام)؟ قال: قلت: لا قال: أن إبراهيم (عليه السلام) لما أوقدت له النار نزل إليه جبرئيل بالقميص وألبسه إياه فلم يضره معه حر ولا برد، فلما حضرته الوفاة جعله في تميمة وعلقه على إسحاق وعلقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف علقه عليه وكان في عضده حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله عز وجل: (إني لأجد ريح يوسف لو لا أن تفندون) فهو ذلك القميص الذي من الجنة، قلت: جعلت فداك فإلى من صار هذا القميص؟ قال: إلى أهله وهو مع قائمنا إذا خرج ثم قال: كل نبي ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي حديث عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا أبا محمد إنه يخرج موتوراً غضبان أسفاً لغضب الله على هذا الخلق، عليه قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان عليه يوم أحد وعمامته السحاب ودرع رسول الله (صلى الله عليه وآله) السابغة وسيف رسول الله ذو الفقار، يجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً الحديث .
وأخرج نعيم بن حماد عن عبد الله بن شريك قال: مع المهدي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) المعلمة.
ومنها: أنه (عليه السلام) يسير في الشمس ولا يكون له ظل كما كان جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذلك لأن نوره الإلهي (عليه السلام) يغلب على جميع الأنوار، ويستفاد هذا من الأخبار المنقولة عن طرق الخاصة والعامة.
وفي رواية الحسين بن خالج عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (هو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظل وهو الذي ينادي مناد من السماء باسمه الحديث.
ومنها: أن الأرض تضيء وتتلألأ بنور ذلك الإلهي بحيث يكون الناس في غنى عن نور الشمس والقمر، وإذا لم يطلع الشمس والقمر يكتفي جميع من على وجه الأرض بنور جماله وإشراقه (عليه السلام). وقد حمل البعض تفسير: (وأشرقت الأرض بنور ربها) على هذا الوجه.
روى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أن قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة الحديث. وفي البحار نقلاً عن غيبة الشيخ الطوسي ما يدل عل ذلك ويأتي الحديث في عنوان (تكثر جمعية الناس في الكوفة).
ومنها: أن جميع الدنيا تكون عنده (عليه السلام) بمنزلة كفه فيسطح ًله جميع أعالي الأرض وأدانيها وبحارها وجزرها، فيكون باستطاعته (عليه السلام) أن يرى جميعها دون ستر وحجاب.
عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: القائم منصور بالرعب مؤيد بالنصر، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عز وجل به دينه ولو كره المشركون الحديث.
وفي خبر عبد العظيم الحسني عن محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (وهو الذي تطوى له الأرض ويذل له كل صعب الحديث).
وعن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى له كل منخفض من الأرض وخفض له كل مرتفع حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فأيكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها؟.
ومنها: أن المؤمنين في ذلك العصر تكون أذهانهم مستعدة للفهم والتعلم ويكونون على درجة من كمال العقل والعلم والمعرفة ويقتبسون جميع أقسام العلوم الظاهرة والباطنة من فيوضات ذلك المنبع الرباني، وينكشف جميع علوم الأنبياء السالفين لخواص من الشيعة والأزكياء ببركة وجوده (عليه السلام)، ويكون حصول هذا الأمر لهم من يمن يده المباركة (عليه السلام) التي يمرها على رؤوس محبيه برأفة ومحبة.
روى جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إذا قام قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) ضرب فساطيط ويعلم الناس القرآن على ما أنزل عز وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف.
وعن محمد بن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: إّذا قام قائم آل محمد (بعث) في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول عهدك (في) كفك فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر إلى كفك واعمل بما فيها.
قال: ويبعث جنداً إلى القسطنطينة فإذا بلغوا إلى الخليج كتبوا على أقدامهم شيئاً ومشوا على الماء (فإذا نظر إليهم الروم يمشون على الماء) قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فيكيف هو؟ فعند ذلك يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها بما يريدون.
عن ابن أبي يعفور عن مولى لبني شيبان عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم.
عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع به عقولهم وأكمل به أخلاقهم.
عن أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العلم سبعة وعشرون حرفاً، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً.
وفي حديث حمران عن أبي جعفر (عليه السلام): (وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن امرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومنها: أنه (عليه السلام) يأمر بهدم جميع ما بنى من المنارات والمقاصير والنقوش التي توجد في المساجد لأنها محدثة ومبتدعة لم يبنها نبي ولا حجة، ويأمر بإعادة بناء جميع ذلك على الهيئة التي كانت عليها زمان رسول الله وشرعها الرسول (صلى الله عليه وآله).
عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي محمد (عليه السلام) فقال: إذا قام القائم (عليه السلام) أمر بهدم المنار والمقاصير التي في المساجد فقلت في نفسي: لأي معنى هذا؟ فأقبل علي (عليه السلام) فقال: معنى هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي ولا حجة.
وفي حديث عن أبي بصير عن قال: إذا قام القائم دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتى يبلع أساسها ويصيرها عريشاً كعريش موسى، ويكون المساجد كلها جماء لا شرف لها كما كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعاً، ويهدم كل مسجد على الطريق، ويسد كل كوة إلى الطريقة جناح وكنيف وميزاب إلى الطريق الحديث.
ومنها: أنه (عليه السلام) يغير بناء الكعبة ويبنيها على النمط الذي بناها عليه إبراهيم الخليل وإسماعيل (عليهما السلام)، ويأمر بقطع أيدي بني شيبة أصحاب مفاتيح الكعبة وتعليقها على الكعبة وأن ينادى بأن هؤلاء هم سراق الكعبة.
عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: القائم (عليه السلام) يهدم مسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى أساسه، ويرد البيت إلى موضعه وأقامه على أساسه وقطع أيدي بني شيبة السراق وعلقها على الكعبة.
وروى أبو بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا قام القائم (عليه السلام) هدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، وحول المقام إلى المواضع الذي كان فيه، وقطع أيدي بني شيبة وعلقها بالكعبة وكتب عليها هؤلاء سراق الكعبة.
وفي حديث عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ويجرد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجاً. فأول ما يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة وينادي مناديه هؤلاء سراق الله ثم يتناول قريشاًً فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف.
ومنها: ما رواه جمع من المشايخ من أصحاب الحديث كالصدوق والنعماني وغيرهما عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا ظهر قائم آل محمد (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في النجف الأشرف كأنه نراه مرتدياً درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وراكباً على فرس سوداء ذات جبهة بيضاء، وفي رواية أخرى آخذاً سيفه بيده ومحركاً فرسه، وبإعجازه يراه الناس في جميع البلدان والقرى والبحار والصحارى والقفار وكل سهل وجبل يراه كل منهم كأنه بينهم وفي محلتهم كما أنهم يرون عين الشمس وقرص القمر عندما تصل إلى وسط السماء، وينور العالم بنوره الأنور، وهذه من خصائص معجزاته (عليه السلام) وإن كان باقي الأئمة قادراً على إتيانها ولكن إظهارها يتم بيده (عليه السلام).
عن إبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كأني بالقائم (عليه السلام) على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فينتفض هويها فتستدير عليه فيغشيها بحداجة من استبرق ويكرب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ فينتفض به انتفاضة لا يبقى أهل بلد وهو يرون أنه معهم في بلادهم، فينتشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله الحديث.
عن أبي الربيع الشامي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى (لا) يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه.
ومنها: أن علم نصرته (عليه السلام) علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمود ذلك العلم مصنوع من عمود العرش الإلهي وهو علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي لا يحمل إلى طائفة إلا خذلت، وأن قلوب جيوشه المؤمنين تكون كزبر الحديد في شجاعتهم وبطولتهم حيث يعطي لكل مؤمن من القوة ما يعادل قوة أربعين رجلاً.
عن الثمالي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (كأني) أنظر إلى القائم (عليه السلام) قد ظهر على نجف الكوفة، فإذا ظهر على النجف نشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عمودها من عمد عرش الله تبارك وتعالى وسائرها من نصر الله جل جلاله، لا يهوي بها إلى أحد إلا أهلكه الله عز وجل قال: قلت: تكون معه أو يؤتى بها؟ قال: بل يؤتى بها، يأتيه بها جبرئيل.
وفي حديث أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام): (فينشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شيء أبداً إلا هتكه الله، فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلاً، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم الحديث(.
وفي حديث عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وهي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بها جبرئيل يوم بدر، ثم قال: يا أبا محمد ما هي والله قطن ولا كتان ولا قز ولا حرير. قلت: فمن أي شيء هي؟ قال: من ورق الجنة، نشرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر ثم لفها ودفعها إلى علي (عليه السلام) فلم تزل عند علي (عليه السلام) حتى إذا كان يوم البصرة نشرها أمير المؤمنين ففتح الله عليه، ثم لفها وهي عندنا هناك لا ينشرها أحد حتى يقوم القائم، فإذا هو قام نشرها فلم يبق أحد في المشرق والمغرب إلا لعنها ويسير الرعب قدامها شهراً ووراءها شهراً، وعن يمينها شهراً وعن يسارها شهراً الحديث.
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما كان يقول لوط (عليه السلام):( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) إلا تمنيا لقوة القائم (عليه السلام)، ولا ذكر إلا شدة أصحابه فإن الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلاً، وإن قلبه لأشد من زبر الحديد، ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل.
عن عبد الملك بن أعين قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السلام) فاعتد مت على يدي فبكيت وقلت: كنت أرجوا أن أدرك هذا الأمر وبي قوة فقال: أما ترضون أن أعداءكم يقتل بعضهم بعضاً وأنتم آمنون في بيوتكم؟ أنه لو كان ذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلاً وجعل قلوبكم كزبر الحديد، لو قذفتم بها الجبال فلقتها وأنتم قوام الأرض وخزانها.
عن جابر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله نزع الخوف من قلوب شيعتنا وأسكنه قلوب أعدائنا، فواحد أمضى من سنان وأجرى من ليث، يطعن عدوة برمحه ويضربه بسيفه ويدوسه بقدمه.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كأني أنظر إلى القائم بأصحابه في نجف الكوفة كأن على رؤوسهم الطير قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم قد أثر السجود بجباههم، ليوث بالنهار ورهبان بالليل، كأن قلوبهم زبر الحديد، يؤتى الرجل منهم قوة أربعين رجلاً، لا يقتل أحداً منهم إلا كافر أو منافق، وقد وصفهم الله تعالى بالتوسم في كاتبه العزيز بقوله: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين).
ومنها: إن الله سبحانه وتعالى يدخل الفرح والسرور في قبور المؤمنين عند ظهور حجة الله، حتى يسر ويبتهج جميعهم بظهور ذلك النور الإلهي وتمتلئ قبورهم من النور، فيذهب لزيارة بعض ويبشر بعضهم بعضاً بفرج آل محمد، ويرجع جمع منهم إلى الدنيا أو إن جمعاً منهم يخيرون بين الرجوع إلى الدنيا والبقاء في عالم البرزخ في سعة رحمة الخالق عز وجل.
ويستفاد من بعض الأدعية والأخبار أن جمعاً غفيراً من المؤمنين كاملي الإيمان يخرجون مع سيوف عارية من قبورهم في أيام دولته الحقة لنصرة ذلك النور الإلهي ويجاهدون في سبيل الله.
ومما يدل على ذلك ما ورد عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من دعى أربعين صباحاً بدعاء العهد كان من أنصاره (عليه السلام)، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة.
عن
أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: (ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم الحديث).
ومنها: أن مظهر رحمة الله (عليه السلام) يؤدي عن شيعته قروضهم من الأحياء والأموات ويبرئ من حقوق الناس، والظاهر أن تلك المرحمة تكون في حق الذين كانت ديونهم من جهة ضيق معيشة الأهل والعيال، أو اشتغلت ذمتهم بها بسبب ما صرفوه في الخيرات والمبرات والإنفاق في سبيل الله، واتفق أنهم لم يتمكنوا من أداء قروضهم، وأما الذين حصلت قروضهم من جهة عدم المبالاة في الأمور الدينية وكان صرفهم للدراهم والدنانير في معصية الله، وكانوا من أهل الإسراف والطغيان وكان غرضهم أكل مال المسلمين بالمكر والحيلة وهم يحملون مظالم المسلمين في ذمتهم، فالظاهر أنه لن يحصل لهم سوى خسران الدنيا والآخرة إلا إذا حصل لهم التوفيق إلى التوبة والإنابة والخروج عن عهدة ما عليهم من حقوق الناس فينجون ببركة النور الإلهي من المهالك.
وفي حديث طويل عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول في آخره: فلا يترك عبداً مسلماً إلا اشتراه وأعتقهن ولا غارماً إلا قضى دينه، ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها، ولا يقتل منهم عبدٌ إلا أدى ثمنه ( دية مسلمة إلى أهلها) ولا يقتل قتيل إلا قضى عنه دينه وألحق عياله في العطاء حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً وعدواناً ويسكنه هو وأهل بيته الرحبة.
وعن كعب قال: لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك فيهزمهم ويأخذ ما معهم من السبي والأموال، ثم يصير إلى الشام فيفتحها ثم يعتق كل مملوك معه ويعطي أصحابه قيمتهم.
ومنها: أنه (عليه السلام) يقلع جميع بدع الأرض من مبدعات الفراعنة والمتكبرين وشعار الفاجرين وعلامات المشركين من الأعمال والأفعال والصفات والحالات، وجميع الآلات المحرمة من اللهو واللعب والقمار وأسباب الطرب بجميع أقسامها، ويزيل ألبسة الكفار والمشركين وزيهم من بين المسلمين. وأن المتأثرين بالكفار والمشركين والمقتدين لهم في أعمالهم وحركاتهم ولباسهم وزينتهم وعماراتهم وكلامهم بحيث يفتخرون على المسلمين بما تشبهوا به، فالظاهر أنه في زمان ظهور صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يكون حال هؤلاء المتابعين حال من تشبهوا بهم من الكفار حيث لا يبقيهم (عليه السلام) ولا يبقي من أوضاعهم وتجملاتهم شيئاً. وإذا جاءهم الأجل قبل ظهوره (عليه السلام) فإنهم يدخلون في القوم الذين قال الله تعالى في حقهم: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، وفي السنة (من تشبه بقوم فهو منهم).
وفي الحديث عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): (ولا يترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أقامها الحديث)، ومثله في عقد الدرر (الباب 11 ص239).
وفي حديث عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): (فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك إلا كره خروج الإمام، حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله!).
وعن
عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليهم السلام):
إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً. فقال: يا أبا القاسم ما منا إلا قائم بأمر الله عز وجل وهاد إلى دينه، ولكن القائم الذي يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي يخفي على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنيه.. الحديث.
عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يميز الله أولياءه وأصفياءه حتى يطهر الأرض من المنافقين والضالين وأبناء الضالين، وحتى تلتقي بالرجل يومئذ خمسون امرأة هذه تقول يا عبد الله اشترني وهذه تقول يا عبد الله آوني.
وروى أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل أنه قال: إذا قام القائم (عليه السلام) سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية.
عليهم السلاح فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة! فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا.
وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام القائم من آل محمد (عليهم السلام) أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال: نعم، منهم ومن مواليهم.
وقد مر في عنوان (المهدي وانتقامه من أعداء الله) ما يدل على هذا.
ومنها: أنه (عليه السلام) لا يداري أحداً ولا يظهر الصداقة إلا لمن اختار الإيمان عن صدق وحقيقة، وأخلص طاعته لوجه الله، ولم يكن في عمله شيء من التزوير والحيلة وجعل التقوى شعاره ومضى على منهاج أمير المؤمنين (عليه السلام) وأولاده المعصومين (عليهم السلام)، من لم يكن كذلك يقع مورداً لسخطه (عليه السلام)، ولذا ورد أن أصحابه (عليه السلام) كلهم زهاد عباد أتقياء مخلصون في العمل ومن أهل الفضل والأمناء والأمراء كلهم والحكام من قبله (عليه السلام) في أطراف البلدان.
وتكون أوامرهم ونواهيهم أوامره (عليه السلام) ونواهيه، فيكون حكام الشرع هم الحكام العرفيين، ويبسطون العدالة بأمره (عليه السلام) في جميع البلاد حتى يضيء العالم بنور عدالته ونعمة وجوده، ويعيش الناس شرقاً وغرباً في كمال الراحة والأمن من دون خوف واضطراب وفي سعة من الرزق فيعبدون الله فارغي البال، ولا يصل من ذي روح إلى غيره أذى وضرر، ويعيشون بدون خوف وخطر. رزقنا الله تعالى درك زمانه (عليه السلام) وعجل الله فرجه.
ويمكن أن يستفاد هذا المعنى (وهو عدم إظهار الصداقة لأحد إلا لمن اختار الإيمان حقاً) من بعض ما مر في عنوان (يحكم بمثل حكم داود وسليمان عليهما السلام) وهكذا من بعض الأحاديث الآخر.
ومنه ما في بعض الأحاديث: (وإنما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي إلى أمر خفي الخ) وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (يعرف المجرمون بسيماهم) قال: الله يعرفهم ولكن نزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطاً.
وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: بيناً الرجل على رأس القائم يأمر وينهي إذ أمر بضرب عنقه فلا يبقى بين الخافقين شيء إلا خافه.
ومنها: أنه (عليه السلام) يقتل أعداء أهل بيت النبوة مثل بني أمية وقتلة سيد الشهداء (عليه السلام) وبني العباس والنواصب والمنافقين الذين هم خارجون عن زمرة فرقة الحق، حتى أنه لا يبقي منهم أحداً على وجه الأرض.
وعن الهروي قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا خرج القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟ فقال (عليه السلام): هو كذلك. فقلت: وقول الله عز وجل: (ولا تزر وزارة وزر أخرى) ما معناه؟ قال (عليه السلام): صدق الله في جميع أقواله ولكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون بفعال (بأفعال) آبائهم ويفتخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أن رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم الحديث وقد مر في عنوان (المهدي وانتقامه من أعداء الله) ما يدل على هذا.
ومنها: أن عطايا ذلك النور الإلهي بالنسبة إلى المؤمنين في زمان دولته الحقة تكون بحيث أنه لا يوجد فقير ليعطيه الناس صدقاتهم وزكواتهم فيحملونها إلى بيوتهم ويتوسلون إليهم ليقبلوها، ولا أحد منهم يقبل ذلك.
وفي خبر علي بن عقبة عن أبيه قال: وحكم بين الناس بحكم
داود (عليه السلام) وحكم محمد (صلى الله عليه وآله) فحينئذٍ تظهر الأرض كنوزها بركاتها ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعاً لصدقته ولا لبره لشمول الغنى جميع المؤمنين.. الحديث.
وفي رواية جابر
عن الباقر (عليه السلام): (وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها فيقول للناس تعالوا إلى ما قطعتم فيه الإرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام وركبتم عدلاً وقسطاً ونوراً كما ملأت ظلماً وجوراً وشراً).
وروى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إلى أن قال: وتظهر الأرض من كنوزها حتى تراها الناس على وجهها، ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ منه زكاته فلا يجد أحداً يقبل منه ذلك واستغنى الناس بما رزقهم الله من فضله.
وعن مطر أنه قيل له: عمر بن عبد العزيز مهدي؟ قال مطر: بلغنا عن المهدي شيء لم يبلغه عمر. قال: يكثر المال في زمان المهدي فيأتيه رجل فيسأله فيقول له: ادخل فخذ! فيأخذ ثم يخرج فيرى الناس شباعاً. قال: فيندم فيرجع إليه فيسأله أن يأخذ ما أعطاه فيأبى فيقول: إنا نعطي ولا نأخذ.
وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) في قصة المهدي (عليه السلام) قال: فيجيء رجل فيقول: يا مهدي أعطني! قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله.
وعن عمر بن الخطاب أنه ولج البيت وقال: والله ما أدري أدع خزائن البيت وما فيه من السلاح والمال أو أقسمه في سبيل الله؟ فقال له علي بن أبي طالب: امض يا أمير المؤمنين فلست بصاحبه إنما صاحبه منا شاب من قريش يقسمه في سبيل الله في آخر الزمان.
وعن طاووس قال: إّذا كان المهدي يبذل المال ويشتد على العمال ويرحم المساكين.
ابن أبي شيبة عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد.
وعن الحسين بن علي (عليهما السلام) أنه قال: تواصلوا وتباروا فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ولا لدرهمه موضعاً (يعني لا يجد عند ظهور المهدي موضعاً يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعاً بفضل الله تعالى وفضل وليه المهدي (عليه السلام).
ومنها: أنه في زمان دولته الحقة (عليه السلام) تكثر جمعية الناس في الكوفة حتى أن كل ذراع من أرضها تصل قيمته إلى مبالغ كثيرة ويضيق مكان المؤمنين في مسجد الكوفة، فتبنى أربعة مساجد أخرى بأمره (عليه السلام) فيكون أصغر هذه المساجد مساحة هو مسجد الكوفة الذي هو معمور الآن، مع أنه في درجة من كمال الوسع والكبر.
عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أن قائمنا (عليه السلام) إّذا قام أشرقت الأرض بنور ربها واستغنى الناس من ضوء الشمس، ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له ألف ذكر لا يولد فيهم أنثى، ويبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب، وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة حتى يخرج الرجل يوم الجمعة على بلغة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها، (والبغلة السفواء الخفيفة السريعة).
وعن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل قال: يدخل المهدي الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت بينها فتصفو له فيدخل حتى يأتي المنبر ويخطب ولا يدري الناس ما يقول من البكاء وهو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها) فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس: يا ابن رسول الله الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسجد لا يسعنا فيقول: أنا مرتاد لكم، فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس، عليه أصيص ويبعث فيحضر من خلف قبر الحسين (عليه السلام) لهم نهراً يجري إلى الغريين حتى ينبذ في النجف، ويعمل على فوهته قناطر وإرحاء في السبيل وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه بر حتى تطحنه بكربلاء.
ومن كتاب الفضل بن شاذان رفعه، عن سعد عن أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) قال: لموضع الرجل في الكوفة أحب إلي من دار في المدينة.
وعن سعد بن الأصبغ قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كانت له دار بالكوفة فليتسمك بها.
ومنها: امتلاء الأرض من العدل، فإنه (عليه السلام) إذا ظهر واستقرت حكومته يظهر بين الناس القسط والعدل فلا يبقى في الأرض ظلم من أحد لأحد كما مر هذا المضمون في كثير من الأحاديث السابقة فحينئذٍ يعيش المؤمن في ظل حكومته (عليه السلام) في رحب وأمان من جميع الجهات فلا يلاقي أي مكروه من أحد فيحيي الله به (عليه السلام) السنن التي قد أميت وتسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين وتتآلف إليه رزقنا الله تعالى ذلك.
عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: تأوي إليه أمته كما يأوي النحل إلى يعسوبها، يملأ الأرض عدلاً كما ملأت جوراً حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً.
ينابيع المودة (ص429) عن كتاب المحجة في قوله تعالى: (واعملوا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) عن سلام بن المستنير عن الباقر (عليه السلام) قال: يحييها الله بالقائم (عليه السلام) فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم.
عن صاحب كامل الزيارة في حديث طويل رواه بسنده عن حماد بن عثمان عن أبي الله (عليه السلام) ذكر فيه ما قيل للنبي (صلى الله عليه وآله) لما أسرى به إلى السماء وما أخبره الله تعالى من اختباره في ثلاث فقال بعد ذكر ما يصيب الحسين من أمة جده من الشهادة وقتل ولده ومن معه من أهل بيته وسلب حرمه ثم أخرج من صلبه ذكراً به أنصرك انتصر له به وأن شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط يسير معه الرعب يقتل حتى يشط فيه الحديث.
عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أقنى يملأ الأرض عدلاً كما ملأت من قبله ظلماً، يكون سبع سنين.
عن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه (عليهما السلام) قال: يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من النس يؤيده الله بملائكة ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على الأرض حتى يدينوا طوعاً أو كرهاً يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلا آمن ولا طالح إلى صلح، وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاماً فطوبى لمن أدرك وسمع كلامه.
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما يرفعه كل واحد منهما إلى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أمتي ومن أهل بيتي يواطي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً.
وبهذا المضمون ورد كثير من الأحاديث من الفريقين.
قال فض بن شاذان: حدثنا فضالة بن أيوب قال: حدثنا عبد الله بن سنان قال: سأل أبي عن أبي عبد الله ً(عليه السلام) عن السلطان العادل قال: وهو سلطان بعد سلطان إلى أن ينتهي إلى سلطان الثاني عشر. فقال رجل من أصحابه: صف لنا من هم يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: هم الذين قال الله تعالى فيهم: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) والذين خاتمهم الذي ينزل في زمن دولته عيسى (عليه السلام) من السماء ويصلي خلفه، وهو الذي يقتل الدجال ويفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ويمتد سلطانه إلى يوم القيامة.
المهدي وقتله أعداء الله
إذا ظهر (عليه السلام) فإنه يقتل أعداء الله ويطهر الأرض من الشرك ومن كل جور وظلم يزيل ملك الجبابرة ويقاتل على التأويل كما قاتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على التنزيل.
ويستفاد من الأخبار أنه (عليه السلام) إذا ظهر يعرض الإسلام على اليهود والنصارى والصابئين الزنادقة وأهل الردة والكفار وكل ضال، فمن أسلم طوعاً أمره بما يؤمر المسلم ويعبد الله تعالى ومن لم يسلم قتله.
عن كعب الأحبار قال: إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أسفار من أسفار التوراة فيستخرجها من جبال الشام يدعو إليها اليهود فيسلم على تلك الكتب جماعة كبيرة ثم ذكر نحوا من ثلاثين ألفاً.
وعن ابن شوذب قال: إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة يحاج بها اليهود، فيسلم علي يديه جماعة من اليهود.
وعن محمد بن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: القائم (عليه السلام) لم يظهر أبداً حتى تخرج ودائع الله عز وجل (أي أصحابه (عليه السلام) الذين يجاهدون بين يديه) فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عز وجل فقتلهم.
وعن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (أو قال له رجل): أصلحك الله، ألم يكن علي (عليه السلام) قوياً في دين الله عز وجل؟ قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم؟ وكيف لم يدافعهم؟ وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل منعته، قال: قلت: وأي آية هي؟ قال: قوله عز وجل: (لو تزيلوا لعذبنا الذي كفروا منهم عذاباً أليماً) أنه كان لله عز وجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتى يظهر ودائع الله عز وجل فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فيقتله.
وعن كتاب المحجة عن محمد بن مسلم قال: قلت للباقر (عليه السلام): ما تأويل قوله تعالى في الأنفال: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) قال: لم يجئ تأويل هذه الآية فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون حتى يوحدوا الله عز وجل وحتى لا يكون شرك، وذلك في قيام قائمنا.
وعن زرارة قال: سئل الباقر (عليه السلام) عن قوله تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) حتى لا يكون شركاً ويكون كله لله.. قال: لم يجئ تأويل هذه الآية وإذا قام قائمنا بعد يرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد (صلى الله عليه وآله) ما بلغ ليل والنهار حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله عز وجل.
عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) قول الله عز ذكره: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) قال لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم ولكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز وجل وحتى لا يكون شرك.
وعن إسحاق بن عمار قال سألته عن إنظار الله تعالى إبليس وقتاً معلوماً ذكره في كتابه فقال: (فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) قال: الوقت المعلوم يوم قيام القائم، فإذا بعثه الله كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتى يجثو على ركبتيه فيقول: يا ويلاه من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه فذلك (يوم الوقت المعلوم) منتهى أجله.
وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله.
وفي حديث محمد بن المفضل عن المفضل بن عمر، والحديث طويل إلى قوله: فيختلط العسكران فيقبل المهدي (عليه السلام) على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيام فلا يزدادون إلا طغياناً وكفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً، ثم يقول لأصحابه: لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرفوها ولم يعملوا بما فيها الحديث.
ما جاء فيما يلقى القائم (عليه السلام) ويستقبل من جاهلية الناس
روى الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن قائمنا إذا قام استقبل من جهل الناس أشد مما استقبله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهال الجاهلية، قلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله، يحتج عليه به، ثم قال: أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر.
وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: أن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس ما لقي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأكثر.
وعن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: القائم (عليه السلام) يلفي في حربه ما لم يلق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاهم وهم يعبدون حجارة منقورة وخشباً منحوتة، وإن القائم يخرجون (عليه السلام) فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه.
مدة خلافته وملكه بعد ظهوره (عليه السلام)
عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أن القائم يملك تسع عشرة سنة وأشهراً.
وفي حديث عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) يذكر خروج القائم وبعض ما يفعله (عليه السلام) بعد ظهوره إلى أن يقول: فيمكث على ذلك سبع مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه ثم يفعل الله ما يشاء.
قال: قلت له: جعلت فداك فكيف تطول السنون؟ قال: يأمر الله تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون.
قال: قلت له: أنهم يقولون أن الفلك إذا تغير فسد. قال: ذلك قول الزنادقة فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك وقد شق الله القمر لنبيه (صلى الله عليه وآله) ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون وأخبر بطول يوم القيامة وأنه كألف سنة مما تعدون.
وعن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): أن القائم يملك ثلاث مائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملأت ظلماً وجوراً، ويفتح الله له شرق الأرض وغربها ويقتل الناس حتى لا يبقى إلا دين محمد (صلى الله عليه وآله)، يسير بسيره سليمان بن داود.
وعن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كم يملك القائم؟ قال: سبع سنين يكون سبعين سنة من سنيكم هذه.
وفي بعض الأخبار: (يملك ما بين الخافقين أربعين عاماً فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه الحديث).
وفي بعضها: (وإن السنة من سنيه تكون مقدار عشر سنين) إلى غير ذلك مما ورد من الاختلاف في مدة خلافته وملكه بعد ظهروه. وقال العلامة المجلسي في البحار: الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه (عليه السلام) بعضها محمول على جميع مدة ملكه وبعضها على زمان استقرار دولته وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة.
ولنختم هذا البحث بشيء من كلام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيما تضمنه من الأحوال الشديدة والأمور الصعاب، وذلك ما هو الوارد في عقد الدرر الباب الرابع من الفصل الثاني بما هو نصه:
كلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما تضمنه من الأحوال الشديدة والأمور الصعاب:
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: تختلف ثلاث رايات، راية بالمغرب، ويل لمصر وما يحل بها منهم، وراية بالجزيرة، وراية بالشام، تدوم الفتنة بينهم سنة.
ثم يخرج رجل من ولد العباس بالشام، حتى تكون منهم مسيرة ليلتين، فيقول أهل المغرب: قد جاءكم قوم حفاة، أصحاب أهواء مختلفة، فتضطرب الشام وفلسطين، فتجتمع رؤوساء الشام وفلسطين، فيقولون: اطلبوا ملك الأول: فيطلبونه فيوافونه بغوطة دمشق، بموضع يقال لها حرستا، فإذا أحس بهم هرب إلى أخواله كلب، وذلك دهاءٌ منه.
ويكون بالوادي اليابس عدة عديدة، فيقولون له: يا هذا، ما يحل لك أن تضيع الإسلام، أما ترى ما الناسُ فيه من الهوان والفتن؟ فاتق الله واخرج، أما تنصر دينك؟
فيقول: لست بصاحبكم.
فيقولون: ألست من قريش، من أهل بيت الملك القديم، أما تغضب لأهل بيتك، وما نزل بهم من الذل والهوان!؟.
ويخرج راغباً في الأموال والعيش الرغد، فيقول: اذهبوا إلى حلفائكم الذين كنتم تدينون لهم هذه المدة.
ثم يجيئهم، فيخرج في يوم جمعة، فيصعد منبر دمشق، وهو أول منبر يصعده، فيخطب ويأمرهم بالجهاد، ويبايعهم على أنهم لا يخالفون له أمراً، رضوه أم كرهوه.
فقام رجل: ما اسمه يا أمير المؤمنين؟
فقال: هو حرب بن عنبسة بن مرة بن كلب بن سلمة بن يزيد بن عثمان بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، معلون في السماء، معلون في الأرض، أشر خلق الله عز وجل أباً، وألعن خلق الله جداً، وأكثر خلق الله ظلماً.
قال: ثم يخرج إلى الغوطة، فما يبرح حتى يجتمع الناس إليه، وتتلاحق به أهل الضغائن، فيكون في خمسين ألفاً، ثم يبعث إلى كلب، فيأتيه منهم مثل السيل، ويكون في ذلك الوقت رجال البربر يقاتلون رجال الملك من ولد العباس، فيفاجئهم السفياني في عصائب أهل الشام، فتختلف الثلاث رايات، رجال ولد العباس هم الترك والعجم، ورايتهم سوداء، وراية البربر صفراء، وراية السفياني حمراء، فيقتتلون ببطن الأردن قتالاً شديداً، فيقتل فيما بينهم ستون ألفاً، فيغلب السفياني، وأنه ليعدل فيهم حتى يقول القائل: والله ما كان يقال فيه إلا كذب.
والله إنهم لكاذبون، لو يعلمون ما تلقى أمة محمد (صلى الله عليه وآله) منه ما قالوا ذلك.
فلا يزال يعدل حتى يسير، ويعبر الفرات، وينزع الله من قلبه الرحمة.
ثم يسير إلى الموضع المعروف بقرقيسيا، فيكون له بها وقعة عظيمة، ولا يبقى بلدٌ إلا بلغه خبره، فيداخلهم من ذلك الجزع.
ثم يرجع إلى دمشق، وقد دان له الخلق، فيجيش جيشين، جيش إلى المدينة وجيش إلى المشرق، فأما جيش المشرق، فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً.
وأما جيش المدينة إذا توسطوا البيداء صاح بهم صائح، وهو جبرئيل (عليه السلام)، فلا يبقى منهم أحد إلا خسف الله به.
ويكون في أثر الجيش رجلان يقال لهما بشير ونذير، فإذا أتيا الجيش لم يريا إلا رؤوساً خارجة على الأرض، فيسألان جبريل (عليه السلام): ما أصاب الجيش؟
فيقول: أنتما منهم؟
فيقولان: نعم
فيصيح بهما، فتتحول وجوههما القهقري.
ويمضى أحدهما إلى المدينة وهو بشير، فيبشرهم بما سلمهم الله عز وجل منه، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني، فيخبره بما نال قال: (وعند جهينة الخبر اليقين) لأنهما من جهينة.
ثم يهرب قوم من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بلد الروم، فيبعث السفياني إلى ملك الروم: رد إلي عبيدي. فيردهم إليه، فيضرب أعناقهم على الدرج شرقي مسجد دمشق، فلا ينكر ذلك عليه.
ثم يسير في سبعين ألفاً نحو العراق، والكوفة، والبصرة. ثم يدور الأمصار والأقطار، ويحل عرى الإسلام عروة بعد عروة، ويقتل أهل العلم، ويحرق المصاحف، ويخرب المساجد، ويستبيح الحرام، ويأمر بضرب الملاهي والمزاهر في الأسواق، والشب على قوارع الطرق، ويحلل لهم الفواحش، ويحرم عليهم كل ما افترضه الله عز وجل عليهم من الفرائض، ولا يرتدع عن الظلم والفجور، بل يزداد تمرداً وعتواً وطغياناً، ويقتل من كان اسمه محمدً، وأحمد، وعلياً، وجعفر، وحمزة، وحسناً، وحسيناً، وفاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وخديجة، وعاتكة، حنقاً وبغضاً (لآل البيت) رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثم يبعث فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فنحن ما ذنبنا؟
فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسناً وحسيناً، فيصلبهما.
ثم يسير إلى الكوفة، فيفعل بهم كما فعله بالأطفال، ويصلب على باب مسجدها طفلين أسماؤهما حسن وحسين، (فتغلى دماؤهما) كما غلى دم يحيى بن زكريا (عليهما السلام)، فإذا رأى ذلك، أيقن بالهلاك والبلاء، فيخرج هارباً منها، متوجهاً إلى الشام، فلا يرى في طريقه أحداً يخالفه.
فإذا دخل دمشق اعتكف على شرب الخمر والمعاصي، ويأمر أصحابه بذلك.
ويخرج السفياني، وبيده حربة، فيأخذ امرأة حاملاً، فيدفعها إلى بعض أصحابه، ويقول: افجر بها في وسط الطريق.
فيفعل ذلك، ويبقر بطنها، فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك.
فتضطرب الملائكة في السماء، فيأمر الله عز وجل جبرئيل (عليه السلام)، فيصيح على سور مسجد دمشق: ألا قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الغوث يا أمة محمد، قد جاءكم الفرج، وهو المهدي (عليه السلام)، خارج من مكة، فأجيبوه.
ثم قال (عليه السلام): ألا أصفه لكم، ألا وأن الدهر (فينا قسمت) حدوده، (ولنا أخذت) عهوده، وإلينا ترد شهوده، ألا وأن أهل حرم الله عز وجل سيطلبون لنا بالفضل من عرف عودتنا فهو مشاهدنا، ألا فهو أشبه خلق الله عز وجل برسول الله (صلى الله عليه وآله)، واسمه من اسمه، واسم أبيه على أسم أبيه، من ولد فاطمة ابنة محمد (صلى الله عليه وآله)، من ولد الحسين (عليه السلام)، ألا فمن توالى غيره لعنه الله.
ثم قال (عليه السلام): فيجمع الله عز وجل أصحابه على عدد أهل بدر، وعلى عدد أصحاب طالوت ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنهم ليوث خرجوا من غابةٍ، قلوبهم مثل زبر الحديد، لو هموا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها، الزي واحدٌ، واللباس واحدٌ، كأنما آباؤهم أب واحدٌ، ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وإني لأعرفهم، وأعرف أسماءهم.
ثم سماهم وقال: ثم يجمعهم الله عز وجل، من مطلع الشمس إلى مغربها في أقل من نصف ليلةٍ، فيأتون مكة، فيشرف عليهم أهل مكة فلا يعرفونهم فيقولون: كبسنا أصحاب السفياني.
فإذا تجلى لهم الصبح يرونهم طائعين مصلين، فينكرونهم، فعند ذلك يقيض الله لهم من يعرفهم المهدي (عليه السلام)، وهو مختفٍ، فيجتمعون إليه، فيقولون له: أنت المهدي (عليه السلام)؟
فيقول: أنا أنصاري.
والله ما كذب: وذلك أنه ناصر الدين.
ويتغيب عنهم، فيخبرونهم أنه قد لحق بقبر جده (عليهما السلام)، فيلحقونه بالمدينة، فإذا أحس بهم رجع إلى مكة، فلا يزالون به إلى أن يجيبهم، فيقول لهم: إني لست قاطعاً أمراً حتى تبايعوني على ثلاثين خصلةٍ تلزمكم، لا تغيرون منها شيئاً، ولكم علي ثمان خصالٍ.
قالوا: قد فعلنا ذلك، فاذكر ما أنت ذاكر يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فيخرجون معه إلى الصفا، فيقول: أنا معكم على أن لا تولوا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا محرماً، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحداً بحقه، ولا تكنزوا ذهبا ولا فضة ولا تبراً ولا شعيراً، ولا تأكلوا مال اليتيم، ولا تشهدوا بغير ما تعلمون، ولا تخربوا مسجداً، ولا تقبحوا مسلماً، ولا تلعنوا مؤاجراً إلا بحقه، ولا تشربوا مسكراً، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تبيعوها رباً، ولا تسفكوا دماً حراماً، ولا تغدروا بمستأمن، ولا تبقوا على كافرٍ ولا منافق، وتلبسون الخشن من الثياب، وتتوسدون التراب على الخدود، وتجاهدون في الله حق جهاده، ولا تشتمون، وتكرهون النجاسة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر.
فإذا فعلتم ذلك فعلي أن لا أتخذ حاجباً، ولا ألبس إلا كما تلبسون، ولا أركب إلا كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض عدلاً كما ملأت جوراً، وأعبد الله عز وجل حق عبادته، وأف لكم وتفوا لي.
قالوا: رضينا واتبعناك على هذا.
فيصافحهم رجلا رجلاً.
ويفتح الله عز وجل له خراسان، وتطيعه أهل اليمن، وتقبل الجيوش أمامه، ويكون همدان وزراءه، وخولان جيوشه، وحمير أعوانه، ومضر قواده، ويكثر الله عز وجل جمعه بتميم، ويشد ظهره بقيس، ويسير ورايته أمامه، وعلى مقدمته عقيل، وعلى ساقته الحارث، وتخالفه ثقيف وعداف، وتسير الجيوش حتى تصير بوادي القرى في هدوءٍ ورفق، ويلحقه ابن عمه الحسني، في اثني عشر ألف فارس، فيقول: يا ابن عم، أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا ابن الحسن، وأنا المهدي.
فيقول المهدي (عليه السلام): بل أنا المهدي.
فيقول الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟
فيومئ المهدي (عليه السلام)، إلى الطير فتسقط على يده، ويغرس قضيباً في بقعةٍ من الأرض فيخضر ويورق.
فيقول له الحسني: يا ابن عم هي لك، ويسلم إليه جيشه، ويكون على مقدمته، واسمه على اسمه.
وتقع الضجة بالشام: ألا إن أعراب الحجاز قد خرجوا إليكم.
فيجتمعون إلى السفياني بدمشق فيقولون: أعراب الحجاز قد جمعوا علينا.
فيقول السفياني لأصحابه: ما تقولون في هؤلاء القوم؟
فيقولون: هم أصحاب نبلٍ وإبل، ونحن أصحاب العدة والسلاح أخرج بنا إليهم.
فيرونه قد جبن، وهو عالم بما يراد منه، فلا يزالون به حتى يخرجوه، فيخرج بخيله ورجاله وجيشه، في مائتي ألف وستين ألفاً، حتى ينزلوا ببحيرة طبرية، فيسير
المهدي (عليه السلام)، بمن معه ولا يحدث في بلد حادثة إلا الأمن والأمان والبشرى، وعن يمينه جبريل، وعن شماله ميكائيل (عليهما السلام)، والناس يلحقونه من الآفاق، حتى يلحقوا السفياني على بحيرة طبرية.
ويغضب الله عز وجل على السفياني وجيشه، ويغضب سائر خلقه عليهم، حتى الطير في السماء فترميهم بأجنحتها، وإن الجبال لترميهم بصخورها، فتكون وقعة يهلك الله فيها جيش السفياني، ويمضي هارباً، فيأخذه رجل من المولى اسمه صباح، فيأتي به إلى المهدي (عليه السلام)، وهو يصلي العشاء الآخرة فيبشره، فيخفف في الصلاة ويخرج.
ويكون السفياني قد جعلت عمامته في عقنه وسحب، فيوقفه (بين يديه) فيقول السفياني للمهدي: يا ابن عمي، منَّ علي بالحياة أكون سيفاً بين يديك، وأجاهد أعداءك.
والمهدي (عليه السلام) جالس بين أصحابه، وهو أحيى من عذراء، فيقول: خلوه. فيقول أصحاب المهدي (عليه السلام): يا ابن بنت رسول الله، تمُّنَّ عليه بالحياة وقد قتل أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ما نصبر على ذلك.
فيقول: شأنكم وإياه، اصنعوا به ما شئتم، وقد كان خلاه وأفلته. فيلحقه صباح في جماعة، إلى عند السدرة، فيضجعه ويذبحه، ويأخذ رأسه، ويأتي به المهدي (عليه السلام)، فينظر شيعته إلى الرأس، فيكبرون ويهللون، ويحمدون الله تعالى على ذلك.
ثم يأمر المهدي (عليه السلام) بدفنه، ثم يسير في عساكره، فينزل دمشق، وقد كان أصحاب الأندلس أحرقوا مسجدها وأخربوه، فيقيم في دمشق مدة، ويأمر بعمارة جامعها.
وإن دمشق فسطاط المسلمين يومئذ، وهي خير مدينه على وجه الأرض في ذلك الوقت، ألا وفيها آثار النبيين، وبقايا الصالحين، معصومة من الفتن، منصورة على أعدائها، فمن وجد السبيل إلى أن يتخذ بها موضعها ولو مر بط شاة فإن ذلك خير من عشر حيطان بالمدينة، تنتقل أخيار العراق إليها، ثم أن المهدي يبعث جيشاً إلى أحياء كلبٍ، والخائب من خاب من سبي كلب.
المهدي وإصلاحاته وختم الدين به
يظهر من الروايات أنه يجتمع الملل كلهم بعد ظهوره (عليه السلام) على الإسلام، ولا يعبد غير الله، وأنه يذهب بدولة الباطل، وأنه من أسلم طوعاً أمره بإطاعة الله ومن لم يسلم يضرب عنقه.
عن أبي داود عن علي رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً الحديث.
وأيضاً عن
علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قلت: يا رسول الله أمِنّا آل محمد (صلى الله عليه وآله) المهدي أم من غيرنا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): لا بل منا يختم الله به الدين كما افتتح بنا، وبنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك، وبنا يؤلف الله قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً في دينهم الحديث.
العياشي بإسناده عن أبي بكير قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً أو كرها) قال: أنزلت في القائم إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين الزنادقة وأهل الردة والكفار في شرف الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة ما يؤمر به المسلم ويحب الله، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى من المشارق والمغارب أحد إلا وحّد الله قلت: جعلت فداك أن الخلق أكثر من ذلك فقال: أن الله ّإذا أراد أمراً قلل الكثير وكثر القليل.
وعن علي بن أسباط قال: روى أصحابنا في قوله تعالى: (الملك يومئذ للرحمن) قال: الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ولكن إذا قام القائم لم يعبد إلا الله عز وجل.
وعن أبي حمزة عن أبي جعفر في حديث في قوله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل) قال: إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل .