ما موقف أهل السنّة من نهج البلاغة ؟
يعتقد كثير من علماء أهل السنّة صحّة كتاب نهج البلاغة ، بل شرحه جماعة من علماء أهل السنّة مثل ابن أبي الحديد المعتزلي الذي له شرح نهج البلاغة ـ طبع في عشرين جزء ـ ، ومحمّد عبده مفتي الديار المصرية الذي شرح نهج البلاغة ، وقد تصدّى كثير من أصحاب المعاجم اللغويّة لبيان معنى الألفاظ الواردة في خطب نهج البلاغة مثل ابن الأثير في [ النهاية ] مثلاً : « فسّر ابن الأثير في النهاية لفظ الشقشقة ثم قال : ومنه حديث علي عليه السلام في خطبة له : تلك شقشقة هدرت ثم قرت .. وشرح كثيراً من ألفاظ هذه الخطبة » [ النهاية : ج 2 ص 490 ]. وقال الفيروزآبادي في القاموس : « الشقشقه شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج والخطبة الشقشقية العلوية لابن عباس لما قال ـ لو اطردت مقالتك من حيث افضيت ـ يا ابن عباس هيهات تلك شقشقة هدرت ثم قرّت ». وهكذا ابن منظور في لسان العرب قال : « وفي حديث علي رضوان الله عليه في خطبه له : تلك شقشقة هدرت ثم قرت » [ لسان العرب 12 / 53 ].
وممّن شرح كتاب نهج البلاغة من علماء السنّة أبو الحسين البيهقي وفخر الدين الرازي. وإليك كلام ابن أبي الحديد مستدلاً على صحة نهج البلاغة : « كثير من أرباب الهوى يقولون انّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدّث صنعه قوم من فضحاء الشيعة وربما غروا بعضه إلى الرضي ابن الحسن وغيره وهۆلاء اعمت العصبية أعينهم فضلّوا عن النهج الواضح ... وأنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول : لا يخلو امّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً أو بعضه ، والأوّل باطل بالضرورة لأنّا نعلم بالتواتر صحّة اسناد بعضه إلى أمير المۆمنين عليه السلام وقد نقل المحدّثون كلّهم أو جلّهم والمۆرّخون كثيراً منه وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك والثاني يدلّ على ما قلنا لانّ من قد أنس بالكلام والخطابة وشدا طرفاً من علم البيان وصار ذوق في هذا الباب لابدّ ان يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح وبين الفصيح والأفصح وبين الأصيل والمولّد وإذا وقف على كرّاس واحد يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء أو الأثنين منهم فقط فلابدّ ان يفرّق بين الكلامين ويميّز بين الطريقتين الا ترى انا مع معرفتنا بالشعر ونقده لو تصفحنا ديوان ابي تمام فوجدنا قد كتب في أثنائه قصائد وقصيدة واحدة لغيره لغرضنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام نفسه وطريقه ومذهبه في القريض الا ترى ان العلماء بهذا الشأن خذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر ـ إلى أن قال ـ وأنت إذا تأمّلت نهج البلاغة وجدت كلّه ماء واحداً ونفساً واحداً واسلوباً واحداً كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الألفاظ في الماهية وكالقرآن العزيز أوله كوسطه وأوسطه كآخره وكل سورة منه وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفن والطريقه والنظم لباقي الآيات والسور.
ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك فقد ظهر لك بالبرهان الوا ضح ضلال من زعم انّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المۆمنين عليه السلام ». [ شرح نهج البلاغة ج 2 / 54 طبعه الحلبي ]
عظمة النفس و الغيرة في نهج البلاغة
الفصاحة والجمال في نهج البلاغة
بلاغة الإمام علي عليه السلام
عقله الجبار ينظم عاطفته