إنا أعطيناك الكوثر ،فصل لربك و أنحر، إن شانئك هو الأبتر
فاطمة عليها السلام من مصاديق الکوثر
السؤال: هل کانت فاطمة الزهراء عليها السلام من مصاديق الکوثر؟
الجواب: يقول المفسرون في سبب نزول سورة الکوثر: أن أحد أقطاب المشرکين، وهو العاص بن وائل، التقى يوماً برسول الله (صلى الله عليه وآله) عند باب المسجد الحرام، فتحدّث مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلک بمرأى من جماعة من صناديد قريش، وهم جلوس في المسجد الحرام، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول (صلى الله عليه وآله)وفارقه، جاء إلى أولئک الجالسين، فقالوا له: من کنت تُحَدِّث؟.
قال (صلى الله عليه وآله): ذلک الأبتر، وکان مقصوده من هذا الکلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) ليس له أولاد وعقب، إذن سينقطع نسلُه، فکان هذا سبباً لنزول سورة الکوثر وهي: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاکَ الْکَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّکَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَکَ هُوَ الْأَبْتَرُ)سورة الکوثر.
رَدّاً على العاص الذي زعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) أبتر (يعني الذي انقطع عنه کل خير).
أما المعنى، فهو أن الله سوف يُعطيک نسلاً في غاية الکثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة.
قلنا إنّ « الکوثر » له معنى واسع يشمل کل خير وهبه اللَّه لنبيّه صلى الله عليه و آله، ومصاديقه کثيرة، لکن کثيراً من علماء الشيعة ذهبوا إلى أنّ «فاطمة الزهراء عليها السلام» من أوضح مصاديق الکوثر، لأنّ رواية سبب النزول تقول: إنّ المشرکين وصموا النبي بالأبتر، أي بالشخص المعدوم العقب، وجاءت الآية لتقول: « إِنَّا أَعْطَيْنَاکَ الْکَوْثَرَ »ومن هنا نستنتج أنّ الخير الکثير أو الکوثر هو فاطمة الزهراء عليها السلام، لأنّ نسل الرسول صلى الله عليه و آله انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الکريمة ...
وذرّيّة الرسول صلى الله عليه و آله من فاطمة عليها السلام لم يکونوا امتداداً جسمياً للرسول فحسب، بل کانوا امتداداً رسالياً صانوا الإسلام وضحوا من أجل المحافظة عليه وکان منهم أئمّة الدين الإثني عشر، أو الخلفاء الإثني عشر بعد النبي کما أخبر عنهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في الأحاديث المتواترة بين السنّة والشيعة.[1]
والفخر الرازي في استعراضه لتفاسير معنى الکوثر، يقول: « الکوثر » أولاده، قالوا لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه صلى الله عليه و آله بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلًا يبقون على مرّ الزمان، فانظر کم قتل من أهل البيت، ثم العالم ممتليء منهم، ولم يبق من بني امية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم انظر کم کان فيهم من الأکابر من العلماء کالباقر والصادق والکاظم والرضا عليهم السلام والنفس الزکية وأمثالهم ».[2]
إذن فالخير الکثير، أو الکوثر هي فاطمة الزهراء (عليها السلام) لأن نسل الرسول (صلى الله عليه وآله) انتشر بواسطة الزهراء (عليها السلام)، مع العلم أن امتداد الذرية الطيِّبة لم يکن فقط جسماني، بل رساليٌ أيضاً. وکون المذهب الشيعي منبثق من أهل البيت (عليهم السلام)، وهُم درٌّ مستخرج من بحر فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولؤلؤ أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والعلماء يأخذون من فيض هذا البحر العميق بلا قاع.
مصادر
[1] . المختصر الامثل، ج5، ص: 550.
[2] . التفسير الکبير 32/ 124.
بحوث تمهيدية حول القرآن الكريم
تعلم القرآن و تعليمه
القرآن وكيفية استنطاقه
هل يختلط القرآن باللحم والدم؟