كثرة البشر تهدد مصير الحياة والطبيعة
أصبح للأعداد الهائلة من بني البشر تأثير فاعل على الحياة وتحديد مصير الطبيعة فإلى أين سيؤدي ذلك بالإنسان الذي يعتبر من أكثر مخلوقات عدداً.
تجوب أعداد البشر كوكب الأرض حتى ليكاد أن يشكل تواجد البشر في كل بقاع الأرض سمة للحياة عليها، وبالمقارنة مع أنواع المخلوقات الأخرى فكلها تضمحل أمام كائنية نوع الإنسان سواء عبر عوامل وصفات تميزه عن بقية المخلوقات أو من خلال امتلاكه العقل الواسع التفكير.
ومن خلال بعض الإنطباعات يلاحظ مثلاً أن فترة الخصوبة عند إناث البشر تمتد لأكثر من سن الأربعين بقليل في حين أن ذلك يستمر حتى سبعينات وثمانينات العمر بالنسبة للرجال ولعل من الثابت في الانطباع العام أن الأنثى البشرية تحمل وتلد في أي يوم من أيام السنة لكن ذلك غير متوفر بالنسبة لإناث الكائنات الأخرى التي تصبح مستعدة للإخصاب في فترة واحدة أو فترتين فقط من السنة كفصل الربيع.
لقد تطورت قابلية الجهاز العصبي عند الإنسان فأبدع كثيراً في تدجين الحيوانات وسيطر على زراعة النباتات ونظم شؤون الرعي وبذاك وفرّ له مصدراً دائماً من الغذاء خلال أوقات السنة فهو يتغذى على لحوم الحيوانات المختلفة وأفلح أن يجعل من الأسماك ومخلوقات البحار إضافة لمحاصيل النباتات والخضراوات مسخرة لصالحه.
ومن ضمن المزايا التي وفرها تطور الجهاز العصبي لدى الإنسان هي قدراته على اتخاذ الإجراءات والتدابير التي تمكنه من حماية نفسه وحماية نسله، ويمكن القول بحسية بسيطة أن التطعيمات الطبية التي بدأت في الخمسينات من القرن العشرين الماضي قد ساهمت في زيادة عدد البشر عبر إنقاذ حياة عشرات الملايين من الأطفال.
ولكن يمكن النظر إلى أنّ ما حقّقه الإنسان على أنّه خروج ولو كان ذلك إلى حد ما عن قوانين الطبيعة وسنتها غالباً ما يؤدي إلى اختلال النظم التي تشكل الطبيعة في مجملها مما يؤدي في النهاية إلى انهيار الطبيعة وانهيار النظم القائمة عليها، فبسبب الأعداد المتزايدة باستمرار والتي وصلت إلى أرقام كبيرة أمام سوء توزيع الخيرات قد أحدث خللاً بحيث بدت الطبيعة ذات الإمكانات الإنتاجية الهائلة عاجزة عن توفير احتياجات المجتمعات في هذه الحقبة، أظهرها بشكل جلي تقرير صدر عن الأمم المتحدة في شهر آذار الماضي 2003م إذ جاء فيه: أن (2.5) مليار شخص سيعيشون في أجواء من النقص الحاد في المياه العذبة بحلول سنة 2025م في حال استمرار الزيادة السكانية على وضعها الحالي. وأكثر التقرير أن (2.7) مليار شخص آخرين سوف يعيشون في ظروف لا تتوفر فيها مياه عذبة كافية لسد جميع احتياجاتهم.
أما هيئة الأمم المتحدة فقد سبق لها أن أصدرت في شهر شباط 2003م الماضي تقريراً جاء فيه: (أن الزيادة المطردة في أعداد أفراد الجنس البشري ستسهل حدوث وانتقال وانتشار الأوبئة المرضية بشكل لم يشهده التاريخ) وجاء ذلك التقرير أصلاً كلسان حال صدر عن الجمعية الأمريكية لتطوير العلوم.
وهو ما يعني أن الكرة الأرضية تضاف إليها سنوياً ما يعادل دولة متوسطة الحجم من السكان الجدد فبنظرة إلى الدول المكتظة بالسكان كالهند التي احتفلت مؤخراً بوصول سكانها إلى رقم مليار شخص والصين التي تخطى رقم سكانها الـ(1.3) مليار نسمة وإذا ما تم الإدراك أن الجنس البشري يزداد سنوياً بمعدل قدره (77) مليون إنسان فهذا ما يزيد على تعداد دولة مثل مصر أو فرنسا، إن عمل شيء ما يقتضي من كافة الحكومات والهيئات الإنسانية الاتجاه لتظافر الجهود كي تحفظ حياة الإنسان على الأرض التي اقترن اسمها به كي يعمرها فهو سيدها دون أي منافس.