المجلسي ينقل كيفية اسلام سلمان الفارسي
يقول سلمان الفارسي:
كان والدي فلاحاً في قرية (دجي) في مدينة اصفهان(1) وكان يحبني كثيراً كنا على الديانة المجوسية ولا علم لنا ببقية الديانات.
وفي أحد الايام امرني والدي أن أذهب الى مزرعته فمررت في طريقي بكنيسة فيها اناس يتعبدون, ولكي اطلع عليهم اكثر دخلت الى الكنيسة فرأيتهم منشغلين بالدعاء والتضرع الى الله فاعجبني حالهم فبقيت هناك الى المغرب ولم اذهب الى المزرعة. ففكرت في نفسي وقلت ان دين هۆلاء افضل من دين آبائنا بعد ذلك رجعت الى المنزل.
فسألني والدي: اين كنت ولماذا تأخرت؟
قلت: ذهبت الى الكنيسة فنظرت الى عبادتهم وتضرعهم ففكرت مع نفسي وقلت ان دين هۆلاّء افضل من دين آبائنا.
فقال والدي: بل دين آبائك أفضل.
قلت لـه: لا ان دينهم افضل انهم يعبدون الله وانتم تعبدون النار التي اضرمتموها بايديكم تنطفأ اذا تركتموها فانزعج والدي من كلامي فحبسني ووثّق رجلي بالسلاسل.
فارسلت خبراً الى المسيحيين باني دخلت في دينهم فاين مركز هذا الدين؟
قالوا لي: في الشام.
قلت: اذن اذا جاءت قافلة من الشام وارادت ان ترجع فابلغوني كي اذهب معها الى الشام.
وفعلاً عندما جاءت قافلة من الشام اخبروني بذلك فهربت من والدي والتحقت بالقافلة وذهبت معهم الى الشام.
سلمان يدخل في دين الاساقفة المسيحيين
قال: سألت: من هو افضل عالم مسيحي؟
قالوا: الاسقف مسۆول الكنيسة.
فذهبت اليه وقلت له: اريد البقاء معك لتعلمني وتربيني.
فوافق الاسقف على ذلك فبقيت عنده فترة اتعلم منه, كان الاسقف هذا يحب الدنيا ولم أكن مقتنعاً به حتى مات.
حلّ مكانه شخص آخر لكن هذه المرّة الاسقف انسان زاهد متقي فبقيت عنده مدة ايضاً حتى توفي بعد فترة قصيرة.
وقبل وفاته طلبت منه ان يرشدني الى شخص ارجع اليه بعده فقال لي: يابني! اني اعرف عالماً في الموصل اذهب اليه بعدي!
فذهبت الى ذلك العالم في الموصل وقلت له:
لقد بعثني اليك فلان, فبقيت عنده حتى توفي.
قلت: بمن توصيني بعد وفاتك؟
قال: يابني! اني لااعرف احداً غير رجل صالح في نصيبين فاذهب اليه بعد وفاتي!
فذهبتُ بعد وفاته الى نصيبين فوجدت الرجل عالماً صالحاً فبقيت عنده حتى قربت وفاته فاوصاني ان اذهب الى عالم في عمورية (احدى مدن الشام) فذهبت اليه فكان هذا ايضاً عالماً صالحاً فبقيت عنده حتى قربت وفاته فطلبت منه أن يرشدني الى شخص بعده؟
قال: لاأعرف مَنْ هو مثلي لكن سرعان ما يظهر نبي في جزيرة العرب من أهل مكة يُهاجر الى ارض مغطاة بالنخيل تقع بين صحرائين كبيرتين (المدينة) ومن علامات النبوة عليه:
منقوش بين منكبيه بمهر النبوة .
يقبل الهدية ويأكل منها.
لاياخذ الصدقة .
فبهذه العلامات تعرفه فاوصل نفسك اليه!
بعد وفاة هذا العالم التقيت بقافلة تريد الذهاب الى جزيرة العرب فقلت لهم: أهب لكم جميع اموالي بشرط أن تصحبوني معكم!
فقبلوا بذلك. لكن غدروا بي في الطريق وباعوني عبداً على يهودي فاخذني معه الى مزرعة نخيله, فمكثت عنده بامل أن هذا المكان هو المكان الموعود لكن بعد مدة تبين أنه ليس هو, بعد ذلك اشتراني يهودي من بني قريظة واخذني معه الى المدينة. فعندما دخلنا المدينة عرفتها بواسطة تلك العلامات التي اعطاني اياها ذلك العالم, لذلك قمت اعمل في مزرعة النخيل لليهودي وبقيت انتظر ظهور النبي محمد(ص) . بعد مدة سمعت بظهور نبي في مكة.
ولاني كنت عبداً لم استطع التحقيق في الموضوع, فبقيت انتظر حتى هاجر النبي (ص) مع بعض اصحابه الى المدينة ونزلوا في (قبا).
سلمان في مرحلة تشخيص النبي (ص)
يقول سلمان:
اخذت معي طعاماً في الليل بخفية وخرجت من بيت سيّدي فالتقيت بالنبي (ص) في قبا.
فقلت: سمعت أنك رجل صالح وقد هاجرت مع بعض اصحابك وقد جئتكم بطعام صدقة فهل تقبلونه مني؟
فقال النبي(ص) لاصحابه: كلوا منه ولكنه لم يأكل.
فقلت مع نفسي: هذه احدى علائمه انه لاياكل من الصدقة.
ثم رجعت الى البيت والنبي (ص) دخل الى المدينة فرجعت مرة ثانية بطعام وقلت: وجدتك لم تأكل من الصدقة وقد جئتك بهدية فقدمتها اليه فاكل منها هو واصحابه.
فقلت وهذه علامة ثانية.
فرجعت مسروراً الى البيت. فصرت اطلب العلامة الثالثة فذهبت الى النبي (ص) مرة اخرى وكان قد خرج مع اصحابه في تشييع جنازة.
كان يلبس عباءتين: يرتدي أحداهما والاخرى ملقاة على منكبيه فأخذت أدور حول النبي (ص) لأرى العلامة التي بين منكبيه فلما انتبه الي رفع العباءه من على منكبيه فرأيت العلامة كما قيل لي فالقيت بنفسي على قدمية واخذت اقبلهما وابكي فدعاني رسول الله (ص) اليه فجلست الى جانبه فطلب مني أن اقص على اصحابه ماجرى عليّ فذكرت لهم قصة حياتي كلها ومن ذلك الوقت دخلت الاسلام.
و بما اني كنت عبداً لذلك لم استطع القيام بالتكاليف الشرعية بحرية, وبأمر من رسول الله (ص) اتفقت مع سيدي ان اشتري نفسي منه, وبفضل الله ومساعدة المسلمين تمكنت ان أحرّر نفسي وان كنت لم استطع ان اشارك في معركة بدر لاني كنت عبداً ولكني شاركت في معركة الخندق وبقية المعارك(2).
المصادر:
(1) جاء في بعض المصادر انه من مدينة شيراز, بحارالانوار: ج22, ص355.
(2) بحارالانوار: ج22 , ص355, 362.