• عدد المراجعات :
  • 3102
  • 5/30/2004
  • تاريخ :

تفسيره عليه السلام للقران الكريم

 الامام العسكري (عليه السلام)
الحديث في هذه الصفحات عن تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ؛ وعلم التفسير من أكثر العلوم تعلقاً بهم (عليهم السلام)، ومقتصراً عليهم، لأنهم الثقل الثاني المعادل للقرآن الكريم. بنص الحديث الشريف: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)

وقد اقتصر بعض أعلام الشيعة في تفاسيرهم على التفاسير الواردة عنهم (عليهم السلام) مستغنين بها عن غيرها من البحوث القرآنية

وبين أيدينا تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) يحتوي على مئات الصفحات بالقطع الكبير، ومنهجه (عليه السلام) فيه هو تفسير فقرات كل آية وقد. ينجر إلى بحث روائي أو غيره، وقد نهج نهجه المفسرون حتى اليوم.

لقد اعتنى العلماء بهذا التفسير عناية كبيرة، وتقبلوه بالإكبار والإجلال، ونقلوا بعض فصوله في مؤلفاتهم

يبدأ التفسير من سورة الفاتحة، ثم يستمر إلى أكثر آيات سورة البقرة، ولا نعلم هل بقيته فقدت شأن النفائس الكثيرة التي فقدت من المكتبة الإسلامية خلال هذه الفترة الطويلة، فأصبحت أثراً بعد عين، أو أنّ الظالمين لم يمهلوه لإتمامه، وعجلوا عليه بالحبس أو الشهادة.

نقتصر في هذه الصفحات على بعض الآيات، ونحيل المطالع الكريم إلى الأصل ليزداد من هذا المنهل العذب.

1 - قوله تعالى (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين).

قال (عليه السلام): كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا: سحر مبين تقوله، فقال الله عز وجل: (ألم ذلك الكتاب) أي: يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلته عليك، هو بالحروف المقطعة التي منها (ا ل م) وهو بلغتكم، وحروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا بذلك بسائر شهدائكم.

ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً).

ثم قال عز وجل: (الم) هو القرآن الذي افتتح بـ(الم) هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى، ومن بعده من الأنبياء، وأخبروا بني إسرائيل إني سأنزل عليك يا محمد كتاباً عربياً عزيزاً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (لا ريب فيه) لا شك فيه لظهوره عندهم، أخبرهم أنبياؤهم أنّ محمداً ينزل عليه كتاب... إلخ.

2 - قوله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون).

قال (عليه السلام): قال عز وجل: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً) جعلها ملائمة لطبائعكم، وموافقة لأجسادكم، لم يجعلها شديدة الحر والحرارة فتحرقكم، ولا شديدة البرد والبرودة فتجمدكم، ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم، ولا شديدة النتن فتعطبكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في حروثكم وأبنيتكم، ودفن موتاكم، ولكنه جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسكون، ويتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم وجعل فيها من اللين ما تنقاد به لحروثكم وقبوركم، وكثير من منافعكم، فلذلك جعل الأرض فراشاً لكم، والسماء بناءً سقفاً من فوقكم محفوظاً يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم.

ثم قال: (وأنزل من السماء ماء) يعني المطر، ينزله من علا ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم ثم فرقه رذاذاً ووابلاً وهطلاً وطلاً، لتنشفه أرضوكم، ولم يجعل ذلك المطر نازلاً عليكم قطعة واحدة فتفسد أرضكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم.

ثم قال: (فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم) يعني مما يخرجه من الأرض رزقاً لكم (فلا تجعلو لله أنداداً) أي أشباهاً وأمثالاً من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شيء (وأنتم تعلمون) أنّها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم... إلخ.

3 - قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون).

قال (عليه السلام): قال الله عز وجل: واذكروا يا بني إسرائيل إذ قال موسى لقومه عبدة العجل: (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم) أضررتم بها باتخاذكم العجل إلهاً، (فتوبوا إلى بارئكم) الذي برأكم وصوركم (فاقتلوا أنفسكم) يقتل بعضكم بعضاً، يقتل من لم يعبد العجل من عبده (ذلكم خير لكم) أي ذلك القتل خير لكم (عند بارئكم) من أن تعيشوا في الدنيا وهو لم يغفر لكم، فيتم في الحياة الدنيا حياتكم، ويكون إلى النار مصيركم، وإذا قتلتم وأنتم تائبون، جعل الله عز وجل القتل كفارتكم وجعل الجنة منزلتكم ومقيلكم.

قال الله عز وجل: (فتاب عليكم) قبل توبتكم قبل استيفاء القتل لجماعتكم، وقبل إتيانه على كافتكم، وأمهلكم للتوبة، واستبقاكم للطاعة (إنه هو التواب الرحيم) قال: وذلك أنّ موسى لما أبطل الله على يده أمر العجل فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري، فأمر موسى أن يقتل من لم يعبده من عبده، تبرأ أكثرهم وقالوا: لم نعبده فقال: عز وجل لموسى: ابرد هذا العجل الذهب بالحديد برداً، ثم ذره في البحر، فمن شرب من مائه اسودّت شفتاه وأنفه، وبان ذنبه، ففعل فبان العابدون، فأمر الله اثني عشر ألفاً أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف يقتلونهم ونادى مناديه: ألا لعن الله أحداً اتقاهم بيد أو رجل... إلخ.

4 - قوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العاب ولا هم ينصرون).

قال (عليه السلام): (وإذ أخذنا ميثاقكم) واذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا ميثاقكم على أسلافكم، وعلى كل من يصل إليه الخبر بذلك من أخلافهم، الذين أنتم منهم (لا تسفكون دماءكم) لا يسفك بعضكم دماء بعض (ولا تخرجون أنفسكم من دياركم) لا يخرج بعضكم بعضاً من ديارهم (ثم أقررتم) بذلك الميثاق كما أقر به أسلافكم والتزمتموه كما التزموه (وأنتم تشهدون) بذلك على أسلافكم وأنفسكم (ثم أنتم) يا معاشر اليهود (تقتلون أنفسكم) يقتل بعضكم بعضاً (وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم) غصباً وقهراً (تظاهرون عليهم) يظاهر بعضكم بعضاً على إخراج من تخرجونه من ديارهم، وقتل من تقتلونه منهم بغير حق (بالإثم والعدوان) بالتعدي تتعاونون وتتظاهرون (وإن يأتوكم) يعني هؤلاء الذين تخرجونهم أو تروموا إخراجهم وقتلهم ظلماً (أسارى) قد أسرهم أعداؤكم وأعداؤهم (تفادوهم) من الأعداء بأموالكم (وهو محرم عليكم إخراجهم) أعاد قوله عز وجل إخراجهم ولم يقتصر على أن يقول: وهو محرم عليكم، لأنه لو قال ذلك لرأى أنّ المحرّم إنما هو مفاداتهم. ثم قال عز وجل: (أفتؤمنون ببعض الكتاب) وهو الذي أوجب عليكم المفاداة (وتكفرون ببعض) وهو الذي حرم قتلهم وإخراجهم.

فقال: فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس والإخراج من الديار كما فرض فداء الأسرى فما بالكم تطيعون في بعض وتعصون في بعض، كأنكم ببعض كافرون وببعض مؤمنون.

ثم قال عز وجل: (فما جزاء من يفعل ذلك منكم) يا معشر اليهود (إلا خزي) ذل (في الحياة الدنيا) جزية تضرب عليه ويُذل بها (ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) إلى جنس أشد العذاب يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم (وما الله بغافل عما يعملون) يعمل هؤلاء اليهود. وصفهم فقال عز وجل: (أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة) رضوا بالدنيا وحطامها بدلاً من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله (فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون) لا ينصرهم أحد ولا يدفع عنهم العذاب.

5 - قوله تعالى: (وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون) قال (عليه السلام)

قالوا يعني هؤلاء اليهود الذين أراهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآله المعجزات المذكورات عند قوله فهي كالحجارة (قلوبنا غلف) أوعية للخير والعلوم قد أحاطت بها، واشتملت عليها، ثم هي مع ذلك لا تعرف لك يا محمد فضلاً مذكوراً في شيء من كتب الله، ولا على لسان أحد من أنبياء الله، فقال الله ردا عليهم (بل) ليس كما تقولون أوعية للعلوم، ولكن قد (لعنهم الله) أبعدهم من الخير (فقليلاً ما يؤمنون) قليلٌ إيمانهم، يؤمنون ببعض ما أنزل الله تعالى، ويكفرون ببعض، فإذا كذبوا محمداً في ساير ما يقول فقد صار ما كذبوا أكثر، وما صدقوا به أقل... إلخ.

6 - قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير).

قال (عليه السلام): (أقيموا الصلاة) بإتمام وضوئها وتكبيراتها، وقيامها وقراءتها، وركوعها، وسجودها وحدودها (وآتوا الزكاة) مستحقيها، لا تؤتوها كافراً ولا مناصباً، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المتصدق على أعدائنا كالسارق في حرم ربنا (وما تقدموا لأنفسكم من خير) من مال تنفقونه في طاعة الله، فإن لم يكن لكم مال فمن جاهكم تبذلونه لإخوانكم المؤمنين، وتجرون به إليهم المنافع، وتدفعون به عنهم المضار (تجدوه عند الله) ينفعكم الله بجاه محمد وعلي وآلهما يوم القيامة، فيحطّ به سيئاتكم، ويضاعف به حسناتكم، ويرفع به درجاتكم، فقال: تجدوه عند الله (إن الله بما تعملون بصير) عالم ليس يخفى عليه ظاهر فعل ولا باطن ضمير، فهو يجازيكم على حسب اعتقاداتكم ونياتكم، وليس هو كملوك الدنيا الذين يلتبس على بعضهم، فينسب فعل بعضهم إلى غير فاعله، وجناية بعض إلى غير جانيها، فيقع ثوابه وعقابه بجهله بما ليس عليه بغير مستحقه.

7 - قوله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون).

قال (عليه السلام): (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) من الدين، بل دينهم باطل وكفر (وقالت النصارى ليست اليهود على شيء) من الدين، بل دينهم باطل وكفر (وهم يتلون الكتاب) فقال: هؤلاء وهؤلاء مقلدون بلا حجة (وهم يتلون الكتاب) فلا يتأملون ليعملوا بما يوجبه فيتخلصوا من الضلالة (كذلك قال الذين لا يعلمون) الحق، ولم ينظروا فيه من حيث أمر الله، فقال بعضهم لبعض وهم مختلفون كقول اليهود والنصارى بعضهم لبعض، هؤلاء يكفر هؤلاء، وهؤلاء يكفر هؤلاء، ثم قال الله: (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) في الدنيا، يبين ضلالهم وفسوقهم، ويجازي كل واحد منهم بقدر استحقاقه.

8 - قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد).

قال (عليه السلام): (ومن الناس من يشري نفسه) ببيعها (ابتغاء مرضات الله) عز وجل، فيعمل بطاعة الله، ويأمر الناس بها، ويصبر على ما يلحقه من الأذى فيها، يكون كمن باع نفسه وسلمها مرضاة لله عوضاً منها، فلا يبالي ما حل بها بعد أن حصل لها رضاء ربها (والله رؤف بالعباد) كلهم، أمّا الطالبون لرضاه فيبلغهم أقصى أمانيهم ويزيدهم عليها ما لم تبلغه آمالهم، وأمّا الفاجرون في دينه فيتأناهم ويرفق بهم، يدعوهم إلى طاعته، ويقطع من علم أنّه سيتوب عن ذنوبه التوبة الموجبة له عظيم كرامته.

احاديث الحسن بن علي العسکري(عليه السلام)

وصايا الامام الحسن بن علي العسکري(عليه السلام)

ما قيل فيه (الحسن العسكري) عليه السلام

فضل زيارت الامام الحسن بن علي العسکري(عليه السلام)

دور السياسي للامام الحسن العسکري(عليه السلام)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)