• عدد المراجعات :
  • 834
  • 5/15/2004
  • تاريخ :

حقيقة الزهد والعلاج النفسي

عن الإمام علي (عليه السلام) (الزهد بين كلمتين من القرآن، قال الله سبحانه: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم) ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.

ليس من باب التدين إنما إنصافاً على العاقل المفكر أن يذعن ويتواضع أمام عبقرية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحكمته بل تفاصيل الحياة يخضع مقابل تجليات كلامه الواضح وفصله القاطع عند رسمه المستقبل وإخباره الماضي وإبداعه الحاضر.

وفي كلمته هذه من تحديد الزهد ضمن إطار (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) وإن كان قد بينها لإفهام الناس معنى الزهد في هذه الدنيا وذلك بالهدوء وعدم الاهتياج فلا العُسر يبقى ولا اليُسر والمطلوب هو الصبر والشكر على كل حال.

وتنبيه الناس عن الفهم السلبي للزهد بالابتعاد عن نِعَمِ الله تعالى وطيباته وزينته التي أخرج لعباده، كما هم عليه بعض الجاهلين الذين يحاولون إبعاد المسلمين عن أي اهتمام بالأمور المادية الدنيوية مع ما فيها من المفاسد من قبيل فتح المجال لسيطرة الآخرين من أعداء الإسلام على خيرات المسلمين وبركاتهم ومنابعهم المادية الغنية التي قل مثلها في غير بلاد المسلمين، بل وأكثر من ذلك قد يصبح الشخص الغافل هذا إنساناً حيادياً تجاه سيطرة المستكبرين على الحكم أيضاً مادام التقمص بالحكم عندهم يعتبر لوناً من ألوان التمتع بالدنيا وشكلاً من أشكال طلب الجاه والذي لا يناسب الزاهدين مادام الزهد عبارةً عن أن لا يهمك من أكل الدنيا، كما ذكره أحد الأعلام، ونماذج أخرى كالذي يعزف على الزواج باعتباره شاغل عن عبادة الله تعالى وكالذي ترك إعالة أهله والتزم بيته للعبادة وغيرهم ممن أفرط في التزهد وسوء الفهم فصار كما يُقال: مسلم أكثر من النبي محمد (صلى الله عليه وآله).

فلتوعية المسلمين وغيرهم وإيصال المعنى المطلوب قول الإمام الصادق (عليه السلام) ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله عز وجل)

وأيضاً عن الإمام علي (عليه السلام) الزهد في الدنيا قصر الأمل، وشكر كل نعمة، والورع عمّا حرم الله عليك.

فلا بد من الاعتدال في كل شيء دون الإفراط والتفريط وعدم نسيان الآخرة فعنه سبحانه وتعالى (وابتغ فيما آتاك الله الدارة الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) إذن ليس الزهد أن لا تملك شيئاً إنما أن لا يملك شيء.

ولا يخفى ما للزاهدين من الدرجات الرفيعة في الآخرة واحترام في الدنيا من حسن عبادتهم وربحهم الخير العاجل والآجل من المعرفة والحكمة والسلامة وانشراح الصدر وفي الآخرة جنات عدن فيها نعيم مقيم.

إضافة إلى هذه كلها: لو استخدمنا هذه القاعدة كعلاج نفسي من طبيب النفوس وأمير القلوب ورئيس العلم والحكمة الإمام علي (عليه السلام) وجعلناها وصفة طبية تتضمن إرشادات وتعليمات حيوية تنفعنا طوال حياتنا بل على مر العصور لكانت الراحة والهدوء النفسي والطمأنينة المالئة لكل جوانب حياتنا من نصيبنا وعشنا في سعادة تامة.

وكل ذلك يحصرها الإمام (عليه السلام) بين كلمتين من كلامه عز وجل وهي: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم).

جميل أن يفكر الإنسان بهذه الطريقة فيتخلص من ترسبات الماضي وآلامه ولا يرهق نفسه بالحاضر والمستقبل بل يُعدّ العدّة لكل منها قدر استطاعته ويبذل جهده ويترك الباقي للأقدار إن صح.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)