• عدد المراجعات :
  • 15538
  • 8/9/2014
  • تاريخ :

الشهيد أندرزگو ونشاطه الجهادي والنضالي

شهيد اندرزگو

كل من يدّعي بأن لديه معلومات كاملة حول طبيعة نشاطات الشهيد أندرزگو السياسة والاجتماعية والجهادية، سيكون ادعاۆه هذا بلا أساس. والسبب في ذلك هو أن الشهيد كان يمارس نشاطاته في سرية تامة، ولم تكن طبيعته لتسمح له إلا بإفشاء القليل عن نشاطه لمن يشاركونه هذا النشاط فحسب، وهذا هو ما ضلل جهاز السافاك الرهيب بكل ما أوقفه من إمكانيات ونفقات بالهظة للتعرف عليه واعتقاله، حيث دام هذا الفشل الذريع لعدة سنوات، حتى عندما كانوا يتوصلون إلى درجة الثقة بالقبض عليه فإنهم كانوا يواجهون موله خالياً، وهذا مصداق لقوله تعالى {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً}.

وفي الواقع فإنه يمكن القول بأن الشهيد السيد علي أندرزگو لم يكن فرداً حتى يمكن الإحاطة بكافة نشاطاته، بل إنه كان أمة على طريق الجهاد. إذاً… فمن الطبيعي أنه لا يمكن لهذه الترجمة الذاتية لحياته أن تلم بشتى أبعاد الحياة الجهادية لهذا الشهيد الفذ مع كل ما يدعمها من وثائق وأسانيد، ويا للحسرة إذ لم يعد بوسع أحبائه المشتاقين أن يستمعوا إليه هو متحدثاً بلسانه ولو بقبس من توجهات هذه الحياة الملألئة. 

مرحلة التكوّن

تكونّت شخصية الشهيد السيد علي أندرزگو في مرحلة تاريخية خاضت إيران أثناءها أحداثاً جسيمة ومنها حركة تأميم النفط، وتسارع تغيير الوزارات، وإعلان حالة الطوارئ المتتابعة في طهران، واغتيال "هژير" على يد السيد حسين إمامي، ثم إعدام إمامي فيما بعد، ونفي وإعادة آية الله الكاشاني، واللقاءات المتكررة بين آية الله الكاشاني وأعضاء منظمة "فدائي الإسلام"، واغتيال "رزم آرا" على يدي خليل طهماسي، وإغلاق بازار طهران، ودور تجار البازار في هذه التحركات. وكان السيد علي منذ شبابه المبكر فتى متحمساً وكم سمع من العلماء والفضلاء ما يمارسه النظام الملكي من عسف وجور، كما كان قد تعلم الكثير في جامعة اسمها جامعة بازار طهران. وعندما كان في الثالثة عشرة من عمره (بعد عودته من زيارة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد) فإنه وقف في منطقة "دروازه دولت" في طهران، وصاح بأعلى صوته: "ما هذا البلد، وما هذه الحياة، وما هذا المَلِك!!". وقد صدر منه هذا التصرف عدة مرات. 

فدائيو الإسلام

كان السيد علي يحمل مشاعر خاصة تجاه فدائيي الإسلام والشهيد السيد مجتبى نواب صفوي، وشارك هذه المنظمة في جهادها المرير، كما كان يتميز بشخصية متديّنة ومعارضة للظلم والطغيان. ولهذا فإنه ذهب إلى قبر الشهيد نواب صفوي بعد استشهاده وعقد العهد مع روحه على مواصلة دربه. لقد آلمته شهادة المرحوم نواب صفوي وجرحت مشاعره وضاعفت في قلبه الحق والضغينة على الشاه وبطانته، فظل يترقب الفرصة ليثأر لدماء الشهيد صفوي سيراً على طريق الإسلام العزيز. 

الجمعيات المۆتلفة الإسلامية

وبتأسيس الجمعيات المۆتلفة الإسلامية تحقيقاً لإدارة التجمعات الدينية وبازار طهران، والتي كان يتولى أمرها نخبة من المجاهدين المخضرمين والذين كان بعضهم من رفاق الشهيد نواب صفوي ومنظمة فدائيي الإسلام في كفاحها الطويل، وبعد إحراز موافقة الإمام الخميني (ره)، فإن هذه الحركة أخذت في ممارسة نشاطها. وانضم السيد علي الذي كان يعمل في صناعة الصناديق لدى شقيقه في بازار طهران إلى جمعية الشهيد الحاج صادق أماني الهمداني وهي إحدى الجمعيات المۆسسة لهذا الإئتلاف، حيث كان يقوم بتوزيع بيانات الإمام الخميني (ره) وعلماء الدين المجاهدين.

ولقد كان لشخصية الشهيد أماني الرفيعة والمجاهدة تأثير كبير على السيد علي فدفعته إلى مواصلة الطريق والقيام بالنشاطات السرية. وفي تلك الفترة كان السيد علي يتلقى دروسه لدى الميرزا علي أصغر الهرندي، فتعرف على الشهيد صفار الهرندي والشهيد بخارائي، وانخرط معهما في ممارسة النشاطات المختلفة، حيث أصبح حلقة الوصل بين الشهداء بخارائي وصفار الهرندي ونيك نژاد وبين الشهيد صادق أماني وصار عضواً في الفرع العسكري لحركتهم. 

حزب الله

وكان الشهيد اندرزگو قد ارتبط بمحمد مفيدي في تلك الفترة، وشارك في تنظيمات حزب الله عن طريق توفير السلاح وتزويدها بالمعلومات، وباشر نشاطه بهدف توجيه ضربة لهيكل النظام الملكي. وتواصلت هذه النشاطات حتى اعتقال محمد مفيدي بعد اغتيال اللواء طاهري. وعندئذ جمع السيد علي أثاث منزله مستخدماً إحدى الحيل وغادر طهران إلى قم، وأخذ حذره في المجيء إلى چيدز، حتى تأكد بأن محمد مفيدي لم يعترف بشيء ضده، فعاد ليواصل نشاطه براحة بال. 

 منظمة (مجاهدين خلق)

ولأن السيد علي أندرزگو كان يعلم بأن خلاص إيران من قبضة المستعمرين وعملائهم لن يكون إلاّ بقيام الحكومة الإسلامية، وأن هذا هو دافعه للالتحاق بركب الجهاد، فإنه لم يدخر جهداً في تحقيق هذا الهدف السامي. وكانت منظمة (مجاهدي خلق) تتمتع بدعم المتدينين والعلماء المادي والفكر في ذلك الوقت، ولم يكن قد ظهر شيء بعدُ حول تمايلهم للماركسية، فارتبط السيد علي بهذه المنظمة إثر تعرفه على أحمد رضائي من اللقاءات الدينية التي كانت تعقد في مسجد (هدايت) و(مكتب توحيد)، وأخذ يوفر لهم الأسلحة إلى مجاهدي خلق، حيث كان هذا يتم سابقاً عن طريق محمد مفيدي، ولكن النجاح لم يكتب لهذه المحاولة، إذ تم القبض على أسد الله تأملي الذي كان قد ذهب إليه فياض لتسليم الأسلحة، كما اعتقل فياض أيضاً، واعترف على الشيخ عباس الطهراني تحت أبشع أساليب التعذيب، ودلّ السافاك على مكان اختفاء الأسلحة. وبعد اعترافات مجيد فياض قام السافاك باعتقال عزة الله سيل سپور والد زوجة الشهيد اندرزگو، وذهبوا به إلى قم للقبض على الشيخ عباس الطهراني. وكان السيد علي قد سافر للتبليغ، فانتظره السافاك للقبض عليه عند عودته. ولكن الشيخ عباس عاد إلى قم قبل الموعد المقرر بيوم واحد وشعر بحاسته القوية أنهم يراقبون منزله، فدلف إلى المنزل مستخدماً إحدى الحيل، وأخذ زوجته وابنه البالغ من العمر ستة أشهر وعاد بهما إلى طهران وقصد منزل أحد أصدقائه القدامى الذي كان على ارتباط معه منذ عامي 42 ــ 1343هــ ش وداهم السافاك بوحشية منزله في چيذر وفي قم واستولوا على كافة ما لديه من متاع تعبيراً عن غضبهم الشديد. وضاعفت المشكلة أخت زوجة الشهيد اندرزگو التي كانت معهم في قم في مهمة تبليغية حتى لا يكون أفراد العائلة وحدهم، ولهذا فإنه أخذها معه أيضاً إلى منزل صديقه أسد الله أوسطي عند هربه من قم. وضاعف السافاك من إجراءاته للقبض على السيد اندرزگو عندما علم أن أخت زوجته برفقته، وذلك من خلال المراقبة التي فرضوها على منزل عزة الله سيل سپور. وبعد ثلاثة أيام، حلق السيد علي لحيته وبدّل ملابسه، وتوجه مع العائلة إلى مشهد من أجل مغادرة البلاد، وكان قد كلّف صديقه أسد الله أوسطي بأخذ أخت زوجته إلى منزل عمه في منطقة ورامين متوخياً الحذر الشديد. ولدى وصول السيد علي إلى مشهد فإن عدد من أصداقئه وزملائه في الجهاد إضافة إلى حجة الإسلام والمسلمين واعظ طبسي قد ساعدوه على الذهاب إلى زاهدان في طريق الهرب إلى أفغانستان. ولكنه بعد الذهاب والإياب من أفغانستان وجد أنه من الأفضل أن يقيم بمدينة مشهد، فحط الرحال بجوار ثامن الحجج الإمام الرضا (ع). 

 


 الشهيد اندرز گو في ظل الظروف القاسية

الشهيد اندرز گو واراتداء الملابس الدينية

إجراءات السافاك للقبض على الشهيد أندرزگو

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)