"السارس" وباء العام 2003
ظهور المرض
في شهر تشرين الثاني من العام 2002م بدأ وباء غريب بالتفشي في عدد من دول العالم، مسجلاً ظهوره لأول مرة في منطقة كانتون بجنوب الصين لينتقل الى هونغ كونغ، وتايوان وسنغافورة وفييتنام، فكندا، وقد انتشر في هذه الدول عن طريق السفر.
الفيروس المسبب لمرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارز" لم يعرف مصدره، وقد أصيب بالوباء آلاف الأشخاص، في هذه الدول، وأدى الى وفاة المئات، وتسبب بشلل عام لفترة غير قصيرة في البلدان التي أعلن عن الاصابات بالمرض فيها، وقد حظّرت منظمة الصحة العالمية السفر الى تلك الدول.
وفي الخامس من تموز/يوليو2003 أعلنت منظمة الصحة العالمية السيطرة على مرض "سارز" بدون القضاء عليه، بعدما طاول المرض ثلاثين بلداً، وأصابت عدواه نحو تسعة آلاف شخص، وأودى بحياة أكثر من ثمانمئة شخص.
اللقاح
وقد عرّف العلماء هذا الوباء "سارز" على أنه عضو جديد في عائلة الفيروسات الاكليلية التي تسبب نزلات البرد الشائعة، وبدأ سباق في المعامل حول العالم لتطوير عقار مضاد له.
وقال علماء الصحة إن لقاحاً مضاداً لمرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارز" جرى تطويره باستخدام الهندسة الوراثية، أظهر نتائج مبشّرة في تجاربه المبدئية على القرود، وقد يمهد الطريق أمام لقاح واقٍ للانسان.
وبعد أسبوعين من قيام باحثين بجامعة بيتسبرج في بنسلفانيا بحقن ستة من قرود التجارب باللقاح أظهرت جميعاً استجابة ملحوظة في جهازها المناعي ضد الفيروس الاكليلي المسبب للمرض "سارز".
وبتاريخ الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني 2003 أعلنت وكالة انباء الصين الجديدة أن الصين ستبدأ حتى نهاية العام 2003 سلسلة اختبارات على البشر للقاح ضد مرض الالتهاب الرئوي اللانمطي "سارز"، وذلك بعد نجاح هذه الاختبارات على القرود. وقالت الوكالة ان الحيوانات التى حُقنت باللقاح أبدت مقاومة لفيروس "سارز" ولم تظهر عليها أي أعراض جانبية مثيرة للاهتمام.
وإذا نجحت الاختبارات على البشر أيضاً فسيكون هذا اللقاح الأول من نوعه لهذا الوباء الغريب.
العودة
بعد الاعلان عن محاصرة المرض، وفك العزلة الدولية التي فرضتها منظمة الصحة العالمية على البلدان التي تفشى فيها المرض، مضت أشهر عدة قبل أن يعود القلق يساور هذه الدول بسبب ظهور حالات جديدة مصابة بالمرض، فبتاريخ السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر أجرت وزارة الصحة في تايوان فحوصات لباحث في مستشفى عسكري في تايبة، وأظهرت الفحوص أنه مصاب بالمرض، وكان هذا الرجل قد سافر الى سنغافورة للمشاركة في ندوة علمية، وعاد في العاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر، وبعد ظهور اصابته بالمرض، نقلت سنغافورة سبعين شخصاً ممن خالطوا المصاب الى الحجر الصحي، ثم ما لبثت الصين بعد أيام أن أجرت اختباراً على شخص ظهرت عليه علامات المرض، إلا أن الفحوص جاءت متفاوتة، فتارة أظهرت أنه مصاب بالمرض، وأخرى أظهرت أنه غير مصاب، لتعود من جديد دوامة هذا الوباء الى الدوران.