الإنترنت بين الحرية والرقابة
يحمل الإنترنت في أحشائه جملة من المفارقات: فهو يلبي حاجة الفرد المعاصر الى الخصوصية، ويكرس حقه في حياته الخاصة، ويتيح له إنشاء مدونته وأرشفة ألبوم صوره وإختيار لائحة أصدقائه، كما أنه يسعفه في تركيب ملامح شخصيته والتعريف بنفسه للآخرين، ويساعده على إحداث مواقعه الإلكترونية الخاصة، وعلى عرض أعماله وأنشطته وعلى تكوين آرائه ومناقشتها.
ومن أهم ما أسفر عنه الإنترنت هو أنه يتيح الى مستعمله توسيع شبكاته الاجتماعية وتمديد دائرة معارفه بما يضمن الإدلاء بدلوه في أحداث الساعة.
صار الإنترنت الأداة الإلكترونية التي لا غنى عنها لتحقيق الفرد لحريته الخاصة من دون عوائق، ومن دون رقابة.
ولكن وفي المقابل – وهذه من مفارقات الإنترنت التي لايملك الفرد عنها فكاكاً- يكبله بقيود أخرى تتمثل في إفشاء حياته الخاصة على صفحات الويب (Le Web)، الشيء الذي يجعلها عرضة لعبث العابثين، ويصبح أنئذ التساۆل أين تنتهي حرية الفرد، وأين تبدأ الرقابة؟
بالرغم من إنفلات الإنترنت من أجهزة الرقابة التقليدية التي كانت تمارسها الدولة على انتشار المعلومة غير أنه يفرض رقابة من نوع جديد، أو بعبارة أخرى بدأت تتشكل فيه ملامح رقابة جديدة.
خُذ قانون السرية (Confidentialite) الذي تلتزم به أو تدعي أغلب المواقع الإلكترونية من شبكات إجتماعية وغيرها أنها تلتزم به: إن لشرط السرية حدوداً، أولها أنه لايحول دون إستغلال المعلومات الشخصية في إستطلاعات الرأي وفي سبر أذواق الجمهور وتوظيفها لأغراض الدعاية والإشهار.
تطرح معضلة أخرى لاتقل صعوبة وإستعصاء على الحل من الأولى، وهي أن الحرية الفردية التي يتيحها الإنترنت، من خلال سهولة التنقل بين المواقع ويُسر الترحال بين الشبكات، تصطدم بالحواجز الرقابية والهواجس الأمنية: فلا يكاد يخلو موقع ولا شبكة من أقفال وشفرات تمنع ارتيادها من طرف مستعملي الإنترنت خوفاً من القرصنة، الى حد أصبحنا نتحدث اليوم عن الإرهاب المعلوماتي.
ألا تضع تساۆل؟ المخاوف حرية إرتياد المواقع وسهولة الولوج الى المعلومة موضع تساۆل؟
د. عبدالعالي معزوز
المصدر: كتاب (الإنترنت والاستلاب التقاني)
الحوسبة السحابية... ميزة كثيرة المخاطر
الحواسب الهجينة... ظاهرة تغــزو المعـارض الدولية
كومبيوتر لوحي.. للكتابة والرسم وتدوين الملاحظات
كومبيوترات لوحية وهواتف بنظام تشغيل جديد بدل «ويندوز»