الصلوات هي من حقوق أهل البيت (عليهم السلام)
من حقوق أهل البيت (عليهم السلام) هي الصلوات عليهم عند الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال سبحانه: (إِنَّ اللّهَ وَمَلائکَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيّ يا أَيُّهَاالّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) .(1)
ظاهر الآية هو تخصيص الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لکن فهمت الصحابة انّ المراد هو الصلاة عليه وعلى أهل بيته، وقد تضافرت الروايات على ضمّ الآل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند التسليم والصلاة عليه، وقد جاء ذلک في الصحاح والمسانيد، نقتصر منها على ما يلي:
1. أخرج البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني کعب بن عجرة، قال: ألا أُهدي لک هدية سمعتها من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال: سألنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلنا: يا رسول اللّه، کيف الصلاة عليکم أهل البيت، فانّ اللّه قد علّمنا کيف نسلم، قال:
«قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، کما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّک حميد مجيد، اللّهمّ بارک على محمّد وعلى آل محمّد، کما بارکت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّک حَميدٌ مجيد».(2)
وأخرجه أيضاً في کتاب التفسير عند تفسير سورة الاَحزاب.(3)
کما أخرجه مسلم في باب الصلاة على النبي من کتاب الصلاة.(4)
2.أخرج البخاري أيضاً، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول اللّه، هذا التسليم فکيف نصلّي عليک؟ قال: «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد عبدک ورسولک، کما صلّيت على آل إبراهيم، وبارک على محمّد وعلى آل محمّد، کما بارکت على إبراهيم».(30)
3. أخرج البخاري، عن ابن أبي حازم عن يزيد، قال: «کما صليت على إبراهيم، وبارک على محمّد و آل محمّد، کما بارکت على إبراهيم وآل إبراهيم».(5)
4. أخرج مسلم، عن أبي مسعود الاَنصاري، قال: أتانا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) و نحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا اللّه تعالى أن نصِّلي عليک، يا رسول اللّه: فکيف نصلي عليک؟
قال: فسکت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى تمنينا انّه لم يسأله.
ثمّ قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): «قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، کما صليت على آل إبراهيم،وبارک على محمّد وعلى آل محمّد کما بارکت على آل إبراهيم في العالمين انّک حميد مجيد، والسلام کما قد علمتم».(6)
ويروى: لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسکون بل قولوا: اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمد. ثمّ نقل عن الاِمام الشافعي قوله:
يا أهل بيت رسول اللّه حبکم فرض من اللّه في القرآن أنزله
کفاکم من عظيم القدر إنّکـم من لم يصلِّ عليکم لا صلاة له
فقال: فيحتمل لا صلاة له صحيحة فيکون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل، ويحتمل لا صلاة کاملة فيوافق أظهر قوليه.(7)
وأما حکم الصلاة على آل البيت في التشهد، فقال أکثر أصحاب الشافعي: انّه سنّة.
وقال التربجي: من أصحابه هي واجبة، ولکن الشعر المنقول عنه يدل على وجوبه عنده، ويوَيده رواية جابر الجعفي ـ الذي کان من أصحاب الاِمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وفي طبقة الفقهاء ، عن أبي جعفر عن أبي مسعود الاَنصاري، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): «من صلّى صلاة لم يصل فيها عليّ ولا أهل بيتي لم تقبل منه».(8)
وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل، فکلّ ذلک يدل على أنّ حبّ آل محمّد واجب، وقال الشافعي:
يا راکباً قف بالمحصَّب من منى واهتف بساکن خيفها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى فيضاً کما نظم الـفرات الفائض
إن کان رفضاً حـبُّ آل محمـّد فليشهد الثقـلان أنّي رافضـي (9)
وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالى: (قُل لا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَوَدَّة فِي القُربى) کفى شرفاً لآل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وفخراً ختم التشهد بذکرهم والصلاة عليهم في کالّصلاة.(10)
وروى محب الدين الطبري في الذخائر عن جابر بن عبد اللّه الاَنصاري(رض) عنه انّه کان يقول: لو صلّيت صلاة لم أُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنّها تقبل.(11)
وقال المحقّق الشيخ حسن بن عليّ السقاف: تجب الصلاة على آل النبي ص في التشهد الاَخير على الصحيح المختار، لاَنّ أقصر صيغة وردت عن سيدنا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثبت فيها ذکر الصلاة على الآل، ولم ترد صيغة خالية منه في صيغ تعليم الصلاة، فقد تقدّم حديث سيدنا زيد بن خارجة، انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
«صلّوا عليّ واجتهدوا في الدعاء، وقولوا:اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».(12)
وفي الختام نذکر ما ذکره الرازي، انّه قال: أهل بيته ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه و عليهم في التشهد، وفي السلام، والطهارة، وفي تحريم الصدقة، وفي المحبّة.(13)
المصادر:
1- الاَحزاب: 56.
2- صحيح البخاري: 4|146 ضمن باب «يزفُّون النَسَلان في المشي» من کتاب بدء الخلق.
3- صحيح البخاري: 6|151 تفسير سورة الاَحزاب.
4- صحيح مسلم: 2|16.
5- صحيح البخاري: 6|151، تفسير سورة الاَحزاب.
6- المصدر السابق.
7- صحيح مسلم: 2|46، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد التشهد من کتاب الصلاة.
8- الصواعق المحرقة: 146، ط عام 1385هـ.
9- سنن الدارقطني:1|355.
10- تفسير الفخر الرازي:27|166،تفسير سورة الشورى.
11- تفسير النيسابوري: تفسير سورة الشورى.
12- ذخائر العقبى:19، ذکر الحث على الصلاة عليهم.
13- صحيح صفة صلاة النبي: 214.
السر في بقاء التشيع
مبدأ التشيع وتاريخ نشأته
ظهور الشيعة وانتشارهم