استشهاد محمد بروجردي
بشعره الأشقر الداكن، ولحيته الشهباء. كان "محمّد" معروفًا بين المجاهدين باسم "مسيح كردستان"، وإن كان بعضهم يعتبرونه أبًا لكردستان، فإنّه في الحقيقة، كان أبًا لغرب البلاد كلّها. كيف لا وقد بكت عند استشهاده جميع نواحي غرب البلاد وأقاليمها؟
لقد كانت إحدى الخصال البارزة لهذا العظيم مواساته للإخوة. فعلى الرغم من مشاغله الكثيرة كان يجلس لساعات مع المجاهدين، ويُصغي إلى مشاكلهم وهمومهم.
كثيرٌ من الأفراد كانوا يعقدون العزم على مغادرة منطقة كردستان، بسبب المشاكل الكثيرة فيها. لكنّهم كانوا يُبدّلون رأيهم تمامًا، ويُقرّرون البقاء في المنطقة، بعد أن يجلسوا إلى محمّد ويتحدّثوا معه.
في الأيّام الأخيرة التي اقترب فيها من الشهادة، كان "محمّد" يسعى بشتّى السبل, كي يختار مكانًا لاستقرار لواء الاستشهاديّين الخاصّ. وقد فزتُ بشرف خدمته في مسعاه هذا، برفقة أربعة إخوة آخرين.
في أحد الأيّام توجّهنا، للقيام بهذه المهمّة إلى مكان جرى استطلاعه من قبل، لاستقرار اللواء الخاصّ. خلال الطريق، جلس أحد الإخوة إلى جانب "محمّد" يحدّثه عن مشاكله، ومحمّد يشرح له عن يوم القيامة، وأجر الجهاد والشهادة، وتضحيات مسلمي صدر الإسلام إلى أن وصلنا إلى تقاطع طريق "مهاباد- نقده"، عندها قلنا له: "حاجّ محمّد، انتظرنا هنا حتّى نذهب ونستطلع المكان"، لكنّه لم يقبل.
اضطررنا للموافقة على طلبه مرافقتنا. وبعد إصرار منّي، استقرّ الرأي على أن نصعد في سيّارة مجهّزة برشّاش دوشكا، يرافقنا أحد الإخوة، لنواكب سيّارته ونۆمّن حمايته طول الطريق.
تحرّكنا في المقدّمة، واستقلّ الأخ "بروجردي" سيّارة عسكريّة (جيب) وراءنا برفقة ثلاثة إخوة. لم يمرّ الكثير من الوقت، ولم نكن قد ابتعدنا عنهم كثيرًا، عندما دوّى فجأة صوت انفجارٍ رهيب من الخلف. عبرت سيّارته فوق لغم، وقبل أن نصل إليهم، كانوا قد نالوا أمنيتهم.
كان وجه "محمّد" الدامي لا زال مبتسمًا، وفي لحظةٍ مرّ في خاطري أنّه قال: "فزتُ وربّ الكعبةً".
مسيح كردستان
شجاعة الشهيد محمد بروجردي