• عدد المراجعات :
  • 3439
  • 2/27/2014
  • تاريخ :

صلابة وشهامة الشهيد محمد بروجردي

الشهيد محمد بروجردي

كان صبر "محمّد" وتحمّله مثيرًا للعجب. كيف لا، ولم تكن البسمة لتُمحى عن وجهه، حتّى في المصائب والمشكلات. ففي اللحظات العصيبة للبلاد، وضغوط الحرب التي لا ترحم، وفي الوقت الذي كانت فيه مدننا تسقط، ويرتفع الشهداء القادة والأصدقاء، كان يقف بصمودٍ وثباتٍ، وسط ضعف الكثيرين وعجزهم عن التحمّل، وكان يقول ببسمته المعهودة: "هذه الشهادات طبيعيّة وضروريّة للثورة. لا ينبغي أن يضطرب الإنسان من هذه الأحداث".

كان محمّد مظهر الإيمان والتوكّل على الله تعالى والاعتماد عليه. ففي إحدى المرّات وخلال عمليّات "مطلع الفجر"، عندما تشرّفتُ بالخدمة في عداد قوّاته، وقعت حادثة نادرة:

عندما تقرّر تحرير معبر "كورك"، تقدّمنا لمسافة كبيرة، لكنّنا لم نوفّق وللأسف بشكل كامل، لأنّ عددًا من الإخوة الذين كانوا يتحرّكون باتّجاه رأس أحد المرتفعات، وقعوا خلال تقدّمهم تحت مرمى النيران العراقيّة وتوقّفوا.

فورًا، قام قائد المجموعة بإبلاغ "محمّد" على الجهاز اللاسلكيّ، بأنّه يلزمهم قوّة مساندة. فأجابه قائلًا: "قاوموا، وستصل القوّات سريعًا لمساعدتكم". بالطبع، تعجّبنا من موقفه لأنّنا لم نكن نملك قوّة مساندة في (الميدان)، ولم ندرِ على أيّ أساس قال هذا الكلام.

بعد مدّة، جرى الاتّصال ثانيةً، ومجدّدًا قال "بروجردي" بطمأنينة: "قاوموا وستصل القوات". في المرّة الثالثة، استُشهد عامل اتّصال مجموعتنا، وصرخ قائد تلك المجموعة بعصبية: "لمَ لا ترسلون القوة؟"، فتعالى من الجهة الأخرى صوت "محمّد" على جهاز اللاسلكيّ أن: "قاوموا، فتأتي ملائكة الله". ثمّ هزّ قلوبنا جميعًا بتلاوته لآية:(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ).

لم يكن "محمّد" يتظاهر أبدًا بحبّه للشهادة، لكن عندما كان يسمع بخبر شهادة أحد أصحابه أو أصدقائه كانت حاله تتبدّل ومزاجه يتغيّر، وترتسم على وجهه علامات تُظهِر بوضوح عشقه للشهادة.

من الذكريات الجميلة التي لا زالت إلى الآن باقية في ذهني هي تلك الخاصّة بإعادة تحرير محور "بانه -سردشت". لم يبقَ على بدء العمليّات سوى بضع ساعات، وكنّا قد جلسنا مع "محمّد" في أحد الأمكنة، بصحبة الأخ "عياري" - مسۆول عمليّات الحرس في "بانه" - الذي تحدّث بشوق عن منامه ليلة أمس، حيث رأى الأخ "عياري" أنّه سيستشهد في عمليّات اليوم. فما كان من "محمّد" إلّا أن نهض من مكانه بشكل مفاجئ وركض نحوه، طالبًا منه بحماسة وشوق لافتين، أن يُعيد ذكر المنام... تحقّقت الرۆيا وفي نفس ذلك اليوم ذاق "الأخ عياري" شهدَ الشهادة العذب.

كان صبر "محمّد" وتحمّله مثيرًا للعجب. كيف لا، ولم تكن البسمة لتُمحى عن وجهه، حتّى في المصائب والمشكلات. ففي اللحظات العصيبة للبلاد، وضغوط الحرب التي لا ترحم، وفي الوقت الذي كانت فيه مدننا تسقط، ويرتفع الشهداء القادة والأصدقاء، كان يقف بصمودٍ وثباتٍ، وسط ضعف الكثيرين وعجزهم عن التحمّل، وكان يقول ببسمته المعهودة: "هذه الشهادات طبيعيّة وضروريّة للثورة. لا ينبغي أن يضطرب الإنسان من هذه الأحداث".


 مسيح كردستان

     شجاعة الشهيد محمد بروجردي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)