• عدد المراجعات :
  • 4122
  • 2/23/2014
  • تاريخ :

الصناعات الفخارية في ايران (1)

نقوش سفال، کتاب کهن

 اقترن فن الصناعات الفخارية بفضل تاريخه الطويل في إيران والذي يعود إلى الألف 8 ق.م، في العصر الإسلامي بالتطور ، الاستخدام والتنوع الواسع.

وفي القرون الأولى كانت الأواني المطلية وغير المطلية متداولتين كليهما وبقي تأثير الفن الفخاري في العصر الساساني مثل الفروع الفنية الأخرى (1). إن المسيرة المتنامية من حيث الصياغة والتكامل والأهم من ذلك الأساليب التزيينية الجديدة وتنفيذ النقوش المتنوعة وتوظيف فن الرسم والخط في الصناعات الفخارية، كل ذلك يعد تحولاً كبيراً استمر تدريجياً منذ القرون الهجرية الأولى وحتى عصر أفول هذا الفن. وقد كانت هناك 3 أنواع من التزيين متداولة في الفخاريات غير المطلية، منذ بداية الصناعات الفخارية في العصر الإسلامي، وقد كانت هذه الأنواع على شكل نقوش محفورة، نقوش مضافة ومقولبة. ويمكن مشاهدة ذروة تطور هذا النوع من الفخار وجماله في القرون 4 حتى 8هـ/10 حتى 14م في صناعات مراكز مهمة مثل نيسابور، الري وجرجان(2).

وأما الأسلوب الآخر الذي كان متداولال في القرنين 3و4هـ/9و10م وخاصة في المناطق الشرقية من إيران، فهو استخدام التزجيج الطيني بألوان مختلفة وخاصة الأبيض واللبني، حيث كانت تستخدم لتزيينها النقوش الحجرية الكتابية المختلفة ومنها الخط الكوفي. وتعتبر نيسابور من أكبر مراكز صناعـة هـذه الأوانـي(3).

تمتد صناعة الفخاريات المطلية في إيران إلى تاريخ طويل. فقد كان الطلاء من لون واحد معروفاً لتغليف الفخار منذ أواخر الألف 2 وأوائل الألف 1 ق.م، وكان مستخدماً منذ عصر الأخمينيين وحتى العصر الساساني.

وبدأت صناعة الفخاريات بنقوش تحت الطلاء منذ القرون الإسلامية الأولى، ولكن طرأت تغييرات مهمة منذ القرنين 3و4 هـ في صناعة الفخاريات المطلية، فضلاً عن أساليب التزيين الثلاثة الخالية من الطلاء الزجاجي. وقد ترك تعرف صانعي الفخار الإيرانيين على التراب الصيني وجلبه لهم من الصين، تأثيراً كبيراً على التركيبة الهيكلية للفخاريات وأصبحت هيكلية الأواني ضريفة وخفيفة جداً(4).

كما أدى استخدام الطلاء الزجاجي الشفاف إلى أن يبادر الفنانون إلى صناعة أوان برسوم تحت الطلاء، حيث لم يكن لهذا الفن نظير في السابق من حيث تنوع التزيينات والنقوش. وقد أضفت النقوش النباتية والحيوانية المختلفة في القصص التاريخية والملحمية والأدبية، ومجالس اللهو، والقتال مع تنوع الألوان، حياة جديدة على فن الصناعات الفخارية، فحافظ هذا الفن على شيوعه وازدهاره حتى القرن 8هـ/14م.

وقد كان هذا النوع من الفخاريات يصنع في جميع أرجاء إيران في مراكز مثل نيسابور، جرجان، الري، كاشان، سلطان آباد (أراك)، سلطانية وغيرها. وتمثل أجمل الأواني الفخارية المنفذة بأسلوب الرسم تحت الطلاء الزجاجي، مجموعة من الصناعات الفخارية التي تتألف نقوشها من لونين أزرق وأسود وتظهر في الغالب نقوشاًكبيرة لعازفين، أو صيادين تغطي أرضية الإناء، أو هيكله كلـه.

من الفخاريات البالغة الشهرة في إيران في العصر الإسلامي، الأواني المعروفة باسم «زرين فام»، أو الذهبية. وهناك اختلاف بين المتخصصين بشأن مصدر هذا النوع من الفخار وكيفية انتشاره. وقد اعتبرت إيران، العراق ومصر منشأ هذا الأسلوب في صناعة الفخار.

ويرى پوپ أن الري هي التي بدأت صناعة هذه الفخاريات الذهبية اللون. وقد صنف تكامل صناعة هذا النوع من الفخار في 3 مراحل بين القرون 3 حتى 12هـ/ 9 حتى 18م، في نوعين مذهب ملون ومذهب فقط (5). ويستخدم في تلوين هذا النوع من الآنية في الغالب كل من اللون الذهبي، الياقوتي، البني والأخضر الفاتح. وقد كانت الأواني الذهبية ذات اللون الواحد تصنع غالباً مزينة بالنقوش النباتية والخط، وباللون الذهبي الزيتوني؛ ولكن ازدهار صناعة هذا النوع من الأواني المذهبة كان في القرون 5 حتى 9هـ/11 حتى 15م. وقد أبدع فنانو الفخار في بداية هذا العصر نماذج بارزة من الأواني المذهبة مستلهمين من الآثار الفنية الساسانية. وكانت كاشان المركز المهم لصناعة الفخاريات المذهبة في هذا العصر، حيث تعد أوانيها غنية للغاية من حيث تصاميم النقوش. ويحمل أقدم نموذج مۆرخ من هذه الأواني تاريخ 575هـ (6).

وقد نسب بعض الباحثين، هذه المجموعة من الأواني إلى الري وجرجان، فيما رأى البعض أنها صناعة كاشان؛ ولكننا نستطيع أن نعتبر جرجان في عداد المدن المنتجة للفخار المذهب بعد اكتشاف عدد كبير من أفران الفخار ومنها المذهب خلال تنقيبات 1350ش 1971م. وفي هذا العصر كانت ساوة أيضاً من منتجي الفخار المذهب. ولم تظهر دراسات پوپ نماذج بارزة للأواني المذهبة وحسب، بل أظهرت أيضاً وجود أفران عديدة للصناعات الفخارية في هذه المدينة (7). ويرى بعض الباحثين ، أن أسلوب ساوه هو مزيج من أسلوب الري وكاشان، حيث كان حصيلة الهدوء الذي ساد ساوة خلال هجمات المغول على أثر بقائها بعيدة عن مسرح هذه الهجمات . وقد كانت الصناعات الفخارية المذهبة تنتج بالإضافة إلى المراكز القديمة، في – مواضع مثل تخت سليمان في آذربايجان الغربية، حيث شيد في عهد آباقاخان قصركبير على بقايا بيت النار الكبير فيها. ولم يتم العثور فيه على الأواني فحسب، بل وعلى القاشاني المذهب النجمي الشكل والمربع(8).

وقد أصاب الركود صناعة الأواني المذهبة في القرن 9هـ/15م، ولكنها ازدهرت مرة أخرى في القرن 10هـ/16م. وظهرت في هذا العصر تغييرات ملفتة للنظر في أشكال الأواني وأحجامها – مثل صناعة الصراحيات ذات العنق الطويل والكاسات، والأقداح الصغيرة وشيوع اللون البني المائل إلى الحمرة. واستناداً إلى تقارير الرحالة، فقد كانت مدينة أصفهان ، كاشان، كرمان ومشهد من أماكن صناعة الفخاريات المذهبة في هذا العصر(9).

المصادر:

1- (زماني، 202)

2- (ظ: راجرز، 256-257)

3- (ظ: EWA، ج III، الصورة 143)

4- (ظ: ص، 161-166،163)

5- (ظ: پوپ، «صناعة الفخار...» ، 1489-1490؛ راجرز، 257؛كريمي،44)

6- (ظ: پوپ ، ن.م، 1487-1498)

7- (ظ: ن.م، 1493؛ راجرز، 261)

8- (ظ: م.ن، 282)

9- (ظ:م.ن، 256-266؛ حسن، 206)


الرسوم على الأواني الخزفية الإيرانية

المنمنمات..‌  فن‌ ايراني‌ عريق‌

أثر المنمنمات‌ الإيرانية‌ في‌ الفن‌ الإسلامي‌

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)