من هم الفطحية
ـ فرقة من فرق الشيعة البائدة، خالفت التشيع الأصيل، وقالت بإمامة عبد الله بن جعفر الأفطح بعد أبيه الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام)، لأنّه الولد الأكبر سناً من ولد الإمام ـ وسمي الأفطح لأنّه كان معوج الرجلين، وقيل لأنّه كان عريض الرأس، ـ ويقال أنّهم لقبوا بالفطحية لأنّ داعيتهم إلى إمامة عبد الله رجل من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن أفطح . لم يعمر عبد الله الأفطح طويلاً، حيث توفـي بعد أبيه الصادق (عليه السّلام) بشهـرين، ولم يعقب ولداً ذكراً، فرجع جلّ أتباعه إلى القول بإمامة أخيه موسى الكاظم (عليه السّلام).
عوامل الظهور :
1 ـ دخول الشبهة على كبار رجالات عصر الإمام موسى الكاظم ( عليه السّلام )، إذ واعتلّوا بحديث يروونه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السّلام) أنّه قال : (الإمامة في الأكبر من ولدي ) ، فمال بعضهم إلى عبد الله، وقالوا بإمامته، قد امتحنوا عبد الله الأفطح بمسائل الحلال والحرام، من الصلاة والزكاة، وغير ذلك فلم يجدوا عنده علماً.
2 ـ إرهاب العباسيـين، وبطشهم، والكتمان والسرية، في الحركة الشيعية الإسلامية ساعد على نمو الآراء الفطحية، والتفاف الاتباع والمۆيدين حولها. وأشار الشيخ المفيد في إرشاده إلى جوّ الاستبداد العباسي المكبل لحرية القيادة الشرعية المتجسدة بالإمام الكاظم (عليه السّلام) فذكر رواية عن هشام بن سالم من أنّه دخل على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وقال : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : ( نعم قلت : مضى موتاً ؟ قال : نعم ، قلت : فمن لنا بعده ؟ قال : إن شاء الله يهديك هداك قلت جعلت فداك، إنّ عبد الله أخاك يزعم أنّه الإمام بعد أبيه، فقال : عبد الله يريد ألاّ يعبد الله ، قال قلت : جعلت فداك، فمن لنا بعده ؟ فقال : إن شاء الله يهديك هداك قال : قلت : جعلت فداك، فأنت هو ؟ قال : لا أقول ذلك ، قال : فقلت : في نفسي : لم أصب طريق المسألة ثُمّ قلت له : جعلت فداك، عليك إمام ؟ قال : لا ، قال فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله إعظاماً له وهيبة، ثُمّ قلت : جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك ؟ قال : سل تخبر ولا تذع، فإنّ أذعت فهو الذبح ، قال : فسألته فإذا هو بحر لاينزف، قلت : جعلت فداك، شيعة أبيك ( في) ضلال ألقي إليهم هذا الأمر وأدعوهم إليك ؟ فقد أخذت علي الكتمان، قال : من آنست منهم رشداً فألق اليه وخذ عليه بالكتمان فإن أذاع فهو الذبح) وأشار بيده إلى حلقه.
3 ـ الدوافع الشخصية، والرغبة في السلطان، النابعة من سلوكية عبد الله الأفطح، المتهم بالخلاف مع أبيه الصادق (عليه السّلام) في الاعتقاد، ويقال أنّه كان يخالط الحشوية، ويميل إلى مذاهب المرجئة.، كُلّ هذا مهد لعبد الله الأفطح بأن يدّعي الإمامة من بعد أبيه، ويحتجّ بأنّه أكبر إخوته، ويعمق من قوّة الشبهة في فهم هذا الحديث، ولم تكن آنذاك الظروف مۆاتية للحدّ من شبهاته وتخرّصاته، ولم يمتلك الأئمة (عليه السّلام) القوّة الكافية في استئصال جذور الضلال والعناد.
4 ـ إنّ بعض الضعفاء من أتباع الأئمة الأطهار (عليه السّلام) التبس عليهم الأمر، فتوقفوا عن القول بإمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السّلام)، وساروا مع التيار المعارض، وساندوه وساعدهم على هفوتهم الإعلام المضاد، الذي تقوده السلطة العباسية، التي عملت ليل نهار على تطويق وتحجيم التيار الشيعي الإمامي المعارض لها وتحجيمه.
النشأة والتطور :
1 ـ بدأت الفرقة الفطحية نشاطها والإعلان عن نفسها، حين أعلن عبد الله الأفطح إمامته بعد استشهاد أبيه الصادق (عليه السّلام) عام 148 هـ.
2 ـ ساعدت الظروف السياسية بشكل فعال على نمو وانتشار الفرقة وعقائدها، حيث أنّ السلطات العباسية دائماً تحاول الوقوف إلى جانب التيار المضاد لأهل البيت (عليه السّلام)، والمضعف من قدرة البيت الهاشمي ومكانته، فتركت الباب مفتوحاً في وجه عبد الله الأفطح، وفي الجانب الآخر فرضت العيون والجواسيس على تحرّك الإمام الكاظم (عليه السّلام).
3 ـ اضطربت الفرقة الفطحية بموت الأفطح، وكونه لم يعقب ولداً ذكراً، إذ أنكروا الروايات الكثيرة الصحيحة التي رووها عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق ( عليهم الصلاة والسلام )، في أنّ الإمامة لاتكون في اخوين بعد الحسن والحسين، ولاتكون إلاّ في الأعقاب، وأعقاب الأعقاب، إلى انقضاء الدنيا، فرجع عامة الفطحية إلى القول بإمامة موسى بن جعفر الكاظم (عليه السّلام).
4 ـ تصدّى كبار الأصحاب، ووجوه الشيعة، وأهل العلم منهم للنظر والفقه، أمثال هشام بن سالم، ومحمد بن النعمان أبي جعفر الأحول ( مۆمن الطاق )، وعبيد بن زرارة، وجميل بن دراج، وأبان بن تغلب، وهشام بن الحكم، لمحاربة الشائعات ومحاجَّة من التبس عليهم الأمر، وتـثبـيتهم إمامة موسى بن جعفر (عليه السّلام)، حتى رجع إلى مقالتهم جميع من قال بإمامة عبد الله بن جعفر من الفطحية، فاجتمعوا جميعاً على إمامة موسى بن جعفر، سوى نفر منهم يسير.
5 ـ انقرضت الفرقة الفطحية بسرعة لموت مۆسسها عبد الله الأفطح، بعد أبيه الصادق (عليه السّلام) بقليل يوما فرجع عامة أفرادها إلى القول بإمامة موسى بن جعفر الكاظم (عليه السّلام) سوى القليل منهم، ولما تبينوا من ضعف دعوى الأفطح، وقوّة أمر الإمام الكاظم (عليه السّلام) وبراهين إمامته، وللروايات التي وقفوا عليها عن أبيه جعفر الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : أنّ الإمامة بعدي في ابني موسى، وأنّه دلّ عليه وأشار إليه، وأعلمهم في عبد الله أموراً، لايجوز أن تكون في الإمام، ولا يصلح من كانت فيه للإمامة، وروى بعضهم أنّه قال لموسى (عليه السّلام) : يا بني إنّ أخاك سيجلس مجلسي ويدّعي الإمامة بعدي فلا تنازعه، ولا تتكلمن فإنّه أوّل أهلي لحاقاً بي.
الأفكار والمعتقدات :
ـ قالوا : بانتقال الإمامة من الصادق (عليه السّلام) إلى ابنه عبد الله الأفطح، وكان أسنّ أولاد الإمام(عليه السّلام).ـ زعموا بأنّ الإمامة تكون لمن يجلس مجلس الإمام، أو من يغسله ويصلي عليه، ويأخذ خاتمه ويواريه، وكلّ ذلك تولاه عبد الله الأفطح فهو الإمام بعد أبيه.ـ وقالت فرقة من الفطحية وهم ( الفطحية الخلص ) إنّ الإمام الكاظم (عليه السّلام)، إمام صامت في حضرة عبد الله الأفطح، وتجوز الإمامة في أخوين إذا لم يكن الأكبر منهماً خلف ولداً.
أبرز الشخصيات :
1 ـ عبد الله بن جعفر الأفطح.
2 ـ علي بن الطاحي الخزاز.
3 ـ عمار بن موسى الساباطي.
4 ـ الحسن بن علي بن فضال.
الانتشار ومواقع النفوذ :
بدأت الفرقة الفطحية نشاطها في المدينة المنورة، ومارست نشاطها إلاّ أنّها سرعان ما اندمجت مع التيار الشيعي الذي التف حول قيادة الإمام الكاظم (عليه السّلام)، ولم يبق من أفرادها إلاّ عدد يسير.
أحداث ووقائع :
ـ اضطربت الأوضاع في البلاد الإسلامية، وعمت الفوضى العقائدية، وازدادت الحيرة بين الأوساط الشيعية، وحدثت الفتنة، وتولدت فرق عديدة، اتخذت كُلّ منها قائداً ومنهجاً، وبهذا الصدد ذكر الشيخ الكشي رواية ينتهي سندها إلى علي بن يقطين قال : لما كانت وفاة أبي عبد الله (عليه السّلام) قال الناس بإمامة عبد اللّه بن جعفر واختلفوا، فقائل قال به، وقائل قال بابي الحسن (عليه السّلام) فدعا زرارة ابنه عبيداً فقال يا بني الناس مختلفون في هذا الأمر : فمن قال بعبد الله فإنّما ذهب إلى الخبر الذي جاء أنّ الإمامة في الكبير من ولد الإمام، فشدّ راحلتك وامض إلى المدينة حتى تأتيني بصحة الأمر فشدّ راحلته ومضى إلى المدينة واعتلّ زرارة فلما حضرته الوفاة سأل عن عبيد فقيل : أنّه لم يقدم، فدعا بالمصحف فقال : اللهم إني مصدّق بما جاء نبيك محمد فيما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه، واني مصدّق بما أنزلته عليه في هذا الجامع، وأنّ عقدي ( عقيدتي )، وديني الذي يأتيني به عبيد ابني، ومابينته في كتابك، فإن امتني قبل هذا، فهذه شهادتي على نفسي، وإقراري بما يأتي به عبيد ابني، وأنت الشهيد عليّ بذلك، فمات زرارة وقدم عبيد، فقصدناه لنسلم عليه فسألوه عن الأمر الذين قصده فأخبرهم أنّ أبا الحسن (عليه السّلام) صاحبهم.
ـ حاول الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام) تسليط الأضواء على شخصية من يعقبه من أبنائه، ويتولى شۆون الإمامة في عدّة مناسبات ووقائع أراد من خلالها تمهيد الطريق، وإزالة الغموض والالتباس، عن الصورة المقدسة للإمامة ، يذكر الشيخ المفيد ( ره ) في إرشاده رواية عن طاهر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : رأيته يلوم عبد الله ابنه ويعظه ويقول له : ( ما يمنعك أن تكون مثل أخيك ؟ فو الله إني لأعرف النور في وجهه، فقال عبد الله : وكيف ؟ أليس أبي وأبوه واحدا، وأصلي وأصله واحداً ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السّلام)، أنّه من نفسي وأنت ابني).
ـ الرواية التي تمسك بها دعاة الفطحية لم يتعاملوا معها بجميع مفرداتها ،حيث التزموا بصدر الرواية، وتركوا ذيلها فالرواية المنقولة عن الإمام الصادق (عليه السّلام) وردت هكذا : ( إنّ الإمامة لا تكون إلاّ في الولد الأكبر إلاّ أن تكون به عاهة ) فذيل الرواية لا ينطبق على عبد الله الأفطح، فقد كان افطح الرأس ـ أي عريضه ـ وقيل كان افطح الرجلين أي معوجّ الرجلين، فلا يكون من المصاديق لهذه الرواية الصريحة الدلالة.
الازارقة – من فرق الخوارج
الاباظية – من فرق الخوارج
البيهسية – من فرق الخوارج