الشمولية والأممية في القران الکريم
ترى بأن القرآن الكريم في خطابه يقول«يا أيها الناس....» ولم يخص القرآن في امور البشرية بخطاب بل تراه شامل للناس والامم ولم يخص القرآن بقول «يا أيها الذين امنوا....» الا في الامور التي تخص المۆمنين وليس على من لا يعتقد بذلك خطاب يقول تعالى: «ي أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام» [1] و(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [2] ان القرآن جاء ليحرر البشرية أجمع لما هم فيه من الظلام والغي والطغيان وترى بأن القرآن شامل لجميع جوانب الحياة لا لجانب او عدة جوانب فهناك احكام تخص: السياسة والاقتصاد والدين والحرب والسلم والمأكل والمشرب والملبس والنوم والجلوس والمشي ووو.. الخ
الثقافة المسۆولة والتبريرية
يقول تعالى «وقِفُوهُم إنَّهّم مسۆولُون» َ ويقول سبحانة «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً» [3] ان ثقافة القرآن الكريم هي ثقافة مسئولة تجعل من الفرد المسلم أنسانا مسئولا عن نفسه وسلوكه ورعيته ومجتمعه وكل فرد يعيش معه على الأرض وتراه يتألم على اخيه المۆمن وحتى وأن كان في غرب الارض وهذا كما جاء في الاحاديث الشريفة عن أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «المۆمن أخو المۆمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإن روح المۆمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها» [4] وقول الرسول (صلى الله وعليه وآله)«وإنّي مسۆول وإنّكم مسۆولون» [5] وقوله (صلى الله وعليه وآله) أيضاً: «ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسۆول عن رعيته، فالاَمير الذي على النّاس راع، وهو مسۆول عن رعيته، والرَّجُلُ راعٍ على أهل بيته وهو مسۆول عنهم، والمرأةُ راعية على بيتِ بعلها وولده، وهي مسۆولة عنهم» [6] ويقول أمير المۆمنين (عليه السلام): «اتّقوا الله في عباده وبلاده، فإنّكم مسۆولون حتى عن البقاع والبهائم..» [7]
الثقافات الأخرى وانبهار الشباب بها
في الحقيقة ما نراه من تقدم الغرب في الصناعة والازدهار والتقنية والتكنولوجيا وغيرها ماهي في الاساس الا بثقافة بل هي تقنيات قام الانسان بصنعها بمقدور أي انسان مهما كان انتمائه القيام بها إذا توفرت الظروف والبيئة المناسبة لذلك وسيبدع الانسان عندما يكون بحاجة لآلة ما، وكل هذا الابداع والازدهار والتقدم النسبي عند الغرب جعل من الشباب المسلم ينبهر ويعجب بتلك التقنيات مع قدرة شبابنا على الابداع والتطوير، ولكن لو عشت أو اقتربت من تلك الحضارات والثقافات لرأيتها سراب وهي غشاء دون محتوى وهي شعارات خاوية من المحتوى فمثلا سار الغرب ينادونا بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة وفي نفس الوقت يرفضون تطبيق ما ينادون به والدليل هو وجود العنصرية التي في امريكا مثلا فمنذ بداية امريكا الى الان ترى بأن اوباما هو اول رئيس اسود، وتراهم ينادون بحقوق الانسان بينما ترى في سجلات الغرب الكم الهائل من الحروب والدماء في فلسطين والعراق وافغانستان وغيرها الكثير فضلا عن انتشار الجريمة والشذوذ الجنسي وحوادث الانتحار اليومية وغيرها، فلم تستطيع الثقافات والتقنيات ايقاف كل تلك الجرائم وتقف عاجزة امامها وسترى كيف ستتاوى تلك الامم والحضارات والثقافات مع قادم الايام كما انهار الاتحاد السوفييتي وغيره، وترى أيضا كيف انهم يبدعون من اجل صنع القنابل النووية والصواريخ مثلا وكل تلك الابداعات من اجل دمار الارض وخرابها وترى ابداعهم من صناعة نظام تقني عالي رقابي ومسلح باحسن انواع الاسلحة من اجل حراسة اموالهم وبنوكهم ثم عندما يقومون بتطبيق النظام الحراسي ترى بإن من وظفوهم هم من يقومون باستخدام تلك التقنية من اجل سرقة الاموال فيقفون عاجزون امام حل هذه المشكلة فبعدما قضوا مدة من الزمن لصناعة النظام الرقابي يسقط ويتهاوى امام اعينهم فينبغي عليهم اصلاح الافراد انفسهم للقيام بعمل وتطبيقه وغيره من الامثلة الكثيرة.
ثقافة القرآن وحل المشكلات
عندما يقوم القرآن بتربية افراده على التقوى والخشية من الله والعذاب والرغبة في الجنة ويۆمن بأنه هناك من خلفه قدرة غيبية ومعاد وحساب تكون كل تلك الامور ضابط لهم من ارتكاب الجريمة والرذيلة فعندما يقوم الفرد المسلم ذات الثقافة القرآنية بصناعة شي ما سيبدع من اجل عمارة الارض لا لخراب الارض ودمارها يبدع من اجل بناء الانسان لا من اجل دمار الانسان وخرابه من اجل أمن الانسان وسلامته، تقوى الانسان وخشية من الله تجعل ذلك مانع بأن يقوم بصناعة قنبلة تدمر الانسان او صاروخ يقتل البشرية [8] ، ان تقوى المسلم وخوفه من الله لا يخول لنفسه ان يسرق او يكذب او يخون او يزني او.. او...، فعند وجود كل تلك الفضائل لا حاجة بأن يبدع الانسان بهذا القدر من اجل حماية البنوك او الاموال او غيرها لانه من يحمي تلك الاماكن لديه الامانه والنزاهه بأن يخون اصحاب المال لانه يرى عين الله عليه ويخشى من الحساب والعقاب، وليس هناك مكان للجرائم والسرقات والشذوذ الجنسي في وسط افراد الثقافة القرآنية، ترى بأن الاسلام يحرض على الزواج المبكر والانجاب والعلاقات الاجتماعية التي لا تجدها عند الغرب مثل التزاور وصلة الارحام وحق الجار والصديق والكبير والصغير والوالدين والرئيس وعالم الدين والعالم والاخوة والوحدة وغيرها، وكل تلك العلاقات مبنية على اساس التقوى.
لماذا لم يصلح القرآن واقعنا
بعد ما ذكرنا ثقافة القرآن الكريم والحلول الصالحة لاصلاح واقعنا نرى بأن الامة في انهزام اضمحلال وتقهقر وتأخر رغم ما لدنيا من ثقافة تسع العالم اجمع والبشرية وتضع لهم الحلول لاسعادهم وجعلهم يعيشون حياة مليئة بأمن والامان والرخاء، كل ذلك يكمن في انه لو كان لدينا آلة جديدة ومعها كتيب صغير يشرح لنا كيفية تشغيلها واستخدامها ولكن قمنا بوضع الكتيب على الرف واجتهدنا لكي نجعل تلك الالة تعمل فلن تعمل وان عملت فإنها ستعمل مدة من الزمن ثم ان العمل الخاطئ سيجهدها ويجعل ذلك يسرع في تلفها، كذلك الانسان بتركة الثقافة القرآنية الرسالية الاصلية واتباع غيرها وان ابدع يتوه في الظلام وهذا ما اخبرنا به الرسول الاكرم (صلى الله وعليه وآله) بقوله: «إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا» [9] وبتفريطنا لتعليم القرآن والعترة المهدية (عليهم السلام) تهنا في غياهب الظلام ولن يصلح حالنا الا بالعودة الى كتاب الله الحكيم وتطبيق مافيه.
المصادر:
[1] البقرة 24
[2] المائدة - 1
[3] الصافات 24 / الاسراء 34
[4] الكافى: ج 2، ص 166.
[5] كنز العمال 5: 289.
[6] صحيح مسلم 3: 1459 كتاب الامارة ـ دار احياء التراث ط1
[7] نهج البلاغة، خطبة 167
[8] لا مانع من صناعة تلك الوسائل من اجل الدفاع عن النفس ولكن بقدر ما.
[9] الاحتجاج ج2 ص215 مستدرك الوسائل ج7 ص254
فلا اقسم بالشفق
و السماء بناء مرج البحرين الطارق