مناظرة السيد عبدالله الشيرازي مع بعضهم في حكم تقبيل ضريح النبي (صلى الله عليه وآله)
كنت يوماً في الروضة النبوّية المقدّسة قرب الشباك الشريف فجاء أحد من أهل الفضل والعلماء الساكنين في قم، وأغفل المأمور الواقف بجانب الشباك المقدّس، المانع من تقبيل الناس، وقبّل الضريح ثم مضى لشأنه، فالتفت المأمور الذي كان من هيئة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ثم أقبل إليّ وقال باحترام: يا سيّد، لِمَ لا تمنع أصحابك من التقبيل ؟ هذا حديد من اسطنبول(1).
قلت: أتقبّلون الحجر الاَسود ؟
قال: نعم.
قلت: ذاك أيضاً حجر، فإذا كان هذا شركاً فذاك أيضاً شرك.
قال: لا، إنّ النبي صلى الله عليه وآله قبّله.
قلت: افرض أن النبي صلى الله عليه وآله قبّله، إذا كان تقبيل الجسم بقصد التيمّن والتبرك شركاً، فلا فرق بين صدوره من النبي صلى الله عليه وآله أو غيره.
قال: قبّله النبي صلى الله عليه وآله لاَنّه نزل من الجنّة(2).
قلت: نعم معلوم أنه نزل من الجنّة لكن ـ والعياذ بالله ـ هل الله حلّ فيه حتّى يجوز تقبيله ويصير معبوداً ؟ أليس لاَنّه لمّا نزل من الجنة صار شريفاً، وأنّ النبيصلى الله عليه وآله قبّله وأمر بتقبيله لاَجل شرافته لكونه من أجزاء الجنّة.
قال: نعم.
قلت: شرافة الجنة وأجزاۆها لا تكون إلاّ من جهة وجود النبي صلى الله عليه وآله.
قال: نعم.
قلت: صارت الجنة وأجزاۆها ذات شرافة لاَجل وجود النبي صلى الله عليه وآله ويجوز تقبيل الشيء الذي يعدّ جزءاً من الجنة تيمّناً وتبرّكاً، فهذا الحديد وإن كان من إسطنبول إلاّ أنه لاَجل مجاورته لقبر النبي صلى الله عليه وآله صار شريفاً يجوز تقبيله تبرّكاً وتيمّناً.
أقول: يا للعجب جلد المصحف لا يكون إلاّ من أجزاء حيوان يأكل العلوفة في البرّ والصحراء، وفي ذلك الوقت لا احترام له ولا يحرم تنجيسه وهتكه، لكن بعد ما صار جلداً للقرآن يصير محترماً ويحرم هتكه ويُتبرك به، والمتداول بين المسلمين من الصدر الاَول إلى زماننا هذا تقبيله تيمّناً وتبرّكاً، واحتراماً أو محبّة، كتقبيل الوالد ابنه، ولم يقل أحد بأنّه شرك وحرام، وتقبيل المسلمين قبر النبي صلى الله عليه وآله وضريحه وقبور الاَئمة من أهل بيته عليهم السلام وضرائحهم المقدّسة عليهم السلام من هذا الباب ولا يرتبط بالشرك أصلاً(3).
المصادر:
(1) استنبول: مدينة في تركيا على ضفتي البوسفور، أسّسها الاِغريق الاَقدمون، جعلها قسطنطين عاصمة الامبراطورية الرومانية الشرقية، فتحها الاَتراك العثمانيون (1453) وفيها استقر السلاطين حتى نقل الكماليون العاصمة إلى انقرة (1923) وتعد استنبول من النقاط العسكرية في الشرق ومن المراكز الهامة التجارية. المنجد (قسم الاَعلام) ص4 .
(2) سفينة البحار للقمّي: ج 1 ص 222 ـ 223.
(3) الاحتجاجات العشرة للسيد عبدالله الشيرازي قدس سره: ص 3 ـ 32.
الاساءة الجديدة للإسلام... استفزاز سياسي؟
العالم الاسلامي و تحديات الوحدة الإسلام والحياد