موقف الإسلام من التراث الإيراني القديم
أن موقف الإسلام من النتاج الفكري والعلمي الإنساني لم يكن سلبيًا أبدًا إذا لم يندرج في قائمة موانع الحركة التكاملية. يشهد على ذلك موقفه من التراث الإيراني القديم.. من اللغة الفارسية.. ومن علوم الحرب.. ومن علوم الإدارة.. ومن فنون العمارة.. ومن الكتب القديمة.. ثم من العادات والتقاليد السليمة.
مع أن اللغة العربية هي لغة الدين، ولا يصح إسلام مسلم إلا إذا تعلّم قدرًا من هذه اللغة، فإن العرب لم يفرضوا لغتهم على أبناء الشعوب المفتوحة فرضًا كما فعلت القوي الغازية في التاريخ بل وفي عصرنا الراهن أيضًا.
التاريخ يحدثنا عن دور قيادات عسكرية إيرانية في القضاء على بعض الحركات القومية المعارضة للإسلام في أنحاء إيران، وفي الفتوحات الإسلامية، وفي القضاء على الخوارج، وفي إخماد الفتن. كل هذا يعني أن الفنون العسكرية الإيرانية كان لها دور فاعل في إدارة العمليات العسكرية بعد الإسلام.
نعم، لقد أقبل الإيرانيون بأنفسهم على تعلم اللغة العربية وخدموا هذه اللغة في مختلف المجالات، ولكنهم لم يجدوا أنفسهم ملزمين بترك اللغة الفارسية، فبقيت هذه اللغة إلى جنب اللغة العربية، بل إن العرب الساكنين في إيران بعد جيل أو جيلين أصبحوا يتكلمون باللغة الفارسية. ولكن من الطبيعي أن تمتزج اللغتان لتشكلان اللغة الفارسية الإسلامية، وهي اللغة المتداولة اليوم، بمفرداتها العربية الكثيرة.
واستفاد المسلمون دون شك من فنون الحرب الإيرانية لأن الأكاسرة كانوا يهتمون بهذا الجانب بشدة، لما كان لهم من حروب مستمرة مع الروم منافسيهم في السيطرة على العالم، والوثائق التاريخية المتوفرة في هذا المجال رغم قلتها توضّح استفادة العرب من هذه الفنون، ففي عصر الرسول(ص) حُفِر الخندق حول المدينة في حرب الأحزاب باقتراح من سلمان الفارسي، وكلمة الخندق كما يقال فارسية، ثم إن القادة العسكريين الإيرانيين في اليمن كان لهم دور في إدارة عمليات الفتوح وفي القضاء على الردة، كما أن جمعًا من قادة جيش كسرى (الأساورة) كان لهم مثل هذا الدور حتى في فتح إيران.
التاريخ يحدثنا عن دور قيادات عسكرية إيرانية في القضاء على بعض الحركات القومية المعارضة للإسلام في أنحاء إيران، وفي الفتوحات الإسلامية، وفي القضاء على الخوارج، وفي إخماد الفتن. كل هذا يعني أن الفنون العسكرية الإيرانية كان لها دور فاعل في إدارة العمليات العسكرية بعد الإسلام.
وأما في مجال العلوم الإدارية فيكفي أن نذكر أن المحاسبات الإدارية كانت تتم في الدولة حتى زمن هشام بن عبدالملك باللغة الفارسية، مما يدلّ على أن الجهاز الإسلامي استفاد من هذه العلوم ومن الإيرانيين المتمرسين فيها دونما أدنى حساسية، ومن الطريف أن لغة هذه الدواوين بُدّلت إلى اللغة العربية في زمن هشام على يد إيراني يحسن اللغتين هو صالح بن عبدالرحمن.
أما الحديث عن موقف العرب من المراكز العلمية والمكتبات في إيران إبان الفتح الإسلامي فهو ذو شجون. لقد حاولت العصبيات والدراسات الاستشراقية أن تعطي للفاتحين المسلمين طابعًا وحشيًا معاديًا للعلم والمعرفة، وتصفهم بأنهم بدو أبادوا الحضارات وأحرقوا المكتبات.
ودرس الباحثون مسألة إحراق مكتبات إيران إبّان الفتح ومنهم الأستاذ الشهيد مطهري رضوان الله تعالى عليه، وذكر كل الأقوال في هذا المجال وفنّدها. كما فنّد فِرية إحراق مكتبة الاسكندرية، في كتابه الخدمات المتبادلة بين إيران والإسلام.
بقي أن نشير إلى موقف الإسلام من العادات والتقاليد. لا شك أن المسلم يكفّ عن أية عادة تتنافى مع الإسلام وتعاليمه، وهكذا فعل الإيرانيون بعد أن تأدبوا بآداب الإسلام، فأصبحوا في مأكلهم وملبسهم ومسكنهم ومعيشتهم وحياتهم اليومية ملتزمين بآداب الدين الحنيف، ولكنهم لم يجدوا حرجًا في ممارسة التقاليد القديمة بعد أن هذّبها الإسلام وأطّرها بتعاليمه، من ذلك مثلا الاحتفال بعيد النوروز، فلقد تواصل الاحتفال به، ثم شاركهم العرب فيه، وامتدّت هذه الاحتفالات إلى مصر.
ونشير أيضا إلى أن فنّ العمارة الإيراني كان له أثره الكبير في بناء المساجد وبناء المدن الجديدة. وهكذا الأمر في باقي الفنون الجميلة، مما يدل على انفتاح الإسلام على ما عند الآخرين من علوم وفنون وعادات حميدة.
الثقافة الايرانية فترة ما قبل الاسلام
ماذا استخدم المعمار الايراني في البناء ؟
الاسواق و القصور مظهرا من العبقريه الفنيه الايرانيه