العدالة الاجتماعية في القرآن
انّ العدل بمفهومه الواسع يشمل (حقوق الله على الانسان) و(حقوق أبناء الانسان على الانسان) و(حق الانسان على نفسه) و(حق أعضاء الانسان وجوارحه على نفسه) و...
أولاً: رۆية القرآن عن العدل (1)
يذّكر القرآن الكريم المسلمين في هذا المجال بأمرين تحت عنواني (العدل) و(القسط) وهما -كما ذكر- مفهومان مترادفان ولهما معنى واحد. في هذا المجال يأمر القرآن الكريم أحياناً باقامة العدل مطلقا، كقوله تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(2). وكقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)(3).
ويأمر القرآن في موارد اُخرى بأعمال مختلفة وصفها وقيّدها بالعدل فهو يدعونا في الواقع الى موارد خاصة من العدل كالحكومة العادلة والإصلاح العادل والقول العادل، كقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُۆَدُّوا الأَْماناتِ إِلى أَهْلِها وَ إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)(4).
وكقوله تعالى: (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(5).
وكقوله تعالى: (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى)(6).
وكقوله تعالى: (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ)(7). (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)(8).
إن في القرآن مجموعة من المفاهيم الأخلاقية التي تشمل بسعتها المفهومية جميع أو أغلب القيم الايجابية أو القيم السلبية، وقد ذكرناها باسم المفاهيم الأخلاقية العامة، واعتبرنا مفهومي العدل والظلم من زمرة هذه المفاهيم.
انّ العدل بمفهومه الواسع يشمل (حقوق الله على الانسان) و(حقوق أبناء الانسان على الانسان) و(حق الانسان على نفسه) و(حق أعضاء الانسان وجوارحه على نفسه) أي يكون مفهوم العدل في هذه الحالة معادلاً لجميع القيم الايجابية تقريبا وان كان موضوع بحثنا هو العدل الاجتماعي وحق الانسان على الانسان فقط حيث ينظم العلاقة بين بني الانسان وليس علاقة الانسان بالله أو علاقة الانسان بنفسه. وعليه تكون النقطة المقابلة للعدل في بحثنا في هذا القسم هو ظلم الآخرين فقط وليس الظلم لله ولا الظلم للنفس.
ثانياً: العدل الاجتماعي في القرآن
تشير آيات كثيرة في القرآن الى مصاديق مختلفة للعدل الاجتماعي نذكّر هنا ببعضها:
قال تعالى في آية كريمة: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (9).
وقال في آية اُخرى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُۆدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ)(10).
وخاطب نبيه (ص) في آية اُخرى: (وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ)(11).
وقال في آية اُخرى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(12).
وقال في آية اُخرى: (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى)(13).
وقال عن رعاية العدل بين الازواج: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً)(14).
وقال عن الدَّين وضبطه: (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْن إِلى أَجَل مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ ... فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)(15).
المصادر:
1- مقتبس من كتاب الأخلاق في القرآن، آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي.
2- المائدة 8.
3- النحل 90.
4- النساء 58.
5- الحجرات 9.
6- الانعام 152.
7- البقرة 282.
8- البقرة 282.
9- النحل 90.
10- النساء 58.
11- الشورى 15.
12- المائدة 8.
13- الانعام 152.
14- النساء 3.
15- البقرة 282.
العدل جوهر التوحيد
في العدل والتكليف والقضاء والقدر
علاقة العدل الإلهي بمسألة الحسن والقبح العقليين