العوامل المساعدة على ترسيخ العقائد الشيعية
من أجل تقوية و ترسيخ المعتقدات الدينية الشيعية لابد من ان تکون قائمة و مستندة على الأدلة و البراهين الواضحة بعيدة عن القضايا الخرافية، و لابد من اعداد الجواب الکافي لکل شبهة قد تثار، هذا في الجانب الاعتقادي اما في الجانب العملي و السلوکي لابد من ان ايلاء العبادات الشرعية و تهذيب النفس أهمية خاصة؛ و ذلک لأن العمل الصالح يقوي و يرسخ المعتقد کما ان العمل السيئ و السلوک غير الصالح يضعف الايمان لدى الانسان؛ اضف الى ذلک لابد من دعم و ترسيخ البعد العاطفي و ظاهرة المحبة و اقامتها على اساس معرفي؛ و ذلک لان التعاليم الدينية اعتبرت الدين الاسلامي دين مساواة و محبة. و لتقوية الايمان الصحيح لابد من الحرکة في ثلاثة محاور، المحور العلمي، و العملي، و العاطفي. هذه المحاور الثلاثة لابد ان يتم التنسيق بينها بصورة متوازنة لکي تتم عملية تقوية و ترسيخ المعتقد الشيعي الصحيح.
١- المحور العلمي:
اجمع فقهاء الإمامية على ان التقليد في اصول الدين غير جائز و انه يجب على الانسان ان يحصل على عقائده عن طريق التفکير و البحث العلمي. من هنا اذا اراد الانسان الشيعي ان يقوي عقائده لابد ان يدعمها بالدليل و البرهان و لابد من البحث و المطالعة في المجالات العقائدية بحيث يعد ذلک جزءا من برنامجه الحياتي اليومي و ان يسعى لترسيخ ذلک يوما بعد يوم و ان يوسع من دائرة علومه بصورة مستمرة حتى يتمکن من تنقية عقائده من الامور الخرافية التي قد يسعى المغرضون و الجاهلون نشرها تحت مظلة الدين و المقدسات و نسبتها الى الدين المحمدي الخالص و کذلک محاولة التستر تحت مظلة المذهب الاثني عشري الناصع.
فمن الواضح ان الانسان الذي يکون اعتقاده مستندا الى الدليل القوي و البرهان الواضح سوف لا تتزلزل عقائده امام ادنى شبهة او اثارة تثار هنا او هناک؛ من هنا نرى الاسلام يحث کثيرا على التأمل و التفکير.
ان المطالعة الدقيقة تخلق عند الانسان الشيعي حالة الاطمئنان الى أفضلية معتقداته علي سائر المذاهب و مع فهمه يقوي ايمانه.
کما انه لابد للشيعة ان يدرک انه ينتسب الى ائمة مطهرون من الرجس و المعاصي و ان الله تعالى طهرهم من ذلک تطهيرا، و انهم معدن العلم و المعرفة(1)
کما ينبغي على الانسان الشيعي ان يکون متأهبا للرد على الشبهات التي قد تثار في اذهان البعض و ان يعد نفسه من خلال المطالعة الدقيقة لمثل هکذا امور محتملة و ان يعطي الاجابة الکافية الشافية عنها؛ و ذلک لان الشبهات سريعة التعلق في الاذهان مثلها مثل الوباء المعدي اذا لم يعالج فانه يسرى الى الاخرين، و لا ريب ان الشبهات الدينة اذا لم تعالج معالجة منطقية صحيحة فانها و بالتدريخ سوف تۆدي الى هدم ايمان الناس على المستويين الفردي و الاجتماعي.
2- المحور العملي:
لقد اولت المصادر الدينية قضية تهذيب النفس اهمية کبرى بحيث عد بمثابة الجهاد الاکبر، و انه اهم عامل من عوامل تکامل و ترسيخ الايمان.
کذلک القيام بالعبادات على الوجه الصحيح مع مراعاة الشروط و الآداب له الدور الفاعل في تثبيت معتقدات الانسان و ترسيخها. و لقد وردت الاشارة الى ذلک في القرآن الکريم و الاحاديث الشريفة "وَ اعْبُدْ رَبَّکَ حَتَّى يَأْتِيَکَ الْيَقين"(2)
کذلک يقع في الطرف المقابل الاعمال القبيحة و المعاصي فانها تۆثر في تضعيف ايمان الانسان و قد تنجر به الى الکفر"ثُمَّ کانَ عاقِبَةَ الَّذينَ أَساۆُا السُّواى أَنْ کَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ کانُوا بِها يَسْتَهْزِۆُنَ"(3)
3- المحور العاطفي:
من اهم الابعاد المهمة التي تشکل شخصية الانسان هي بعده العاطفي و الذي له دور مهم في معتقدات الانسان حتى انه ورد في بعض الروايات تفسير الدين بالحب، فقد روي عن الامام الصادق (ع) انه قال:" هل الدين الا الحب"(4) ان الحب الواقعي يدفع الانسان الى طاعة المحبوب و القيام بکل ما يرضيه على اکمل؛ من هنا نرى الامام الصادق(ع) انه بعد ان ذکر الحديث السابق قرأ قوله تعالى " قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْکُمُ اللَّهُ وَ يَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيمٌ"(5)
من هنا تکون تقوية العواطف على اساس المعرفة الصحيح تمثل احدى العوامل المۆثرة في تقوية المعتقدات لدى الانسان الشيعي.
(1) يقول الامام الخميني قدس في وصيته المعروفة: نفتخر بان ائمتنا هم الائمة المعصومون بدء بامير المۆمنين و انتهاء بمنجي البشرية الذي هو حي قائم باذن الله تعالى ينظر اعمالنا و يرقب سلوکنا.
نحن نفتخر بان باقر العلم الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا ولم يعرف مقامه الا الله و رسوله و الائمة، هو منا. نظرة موضوعية لوصية الامام الخميني قدس، ص6، الطبعة الثامنة، مۆسسة تنظيم و تدوين آثار الامام الخميني، طهران، 1383 ش.
(2) الحجر، 99.
(3) الروم، 10.
(4) الشيخ الصدوق، الخصال، ص21، جماعةالمدرسين في الحوزة العلمية، قم، 1362ش.
(5) آل عمران، 31.
السر في بقاء التشيع
مبدأ التشيع وتاريخ نشأته
ظهور الشيعة وانتشارهم