إسرائيل والانتفاضة الفلسطينية الثالثة
تعيش إسرائيل اليوم في حالة من القلق والخوف بسبب تصعيداتها الإجرامية الأخيرة التي مارستها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتخشى إسرائيل من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة قد تكون ربيعا جديدا يضاف الى ثورات الربيع العربي التي تشهدها المنطقة وهو أمر يصعب السيطرة عليه في مثل هكذا ظروف، خصوصا وان إسرائيل تقاتل في أكثر من جبهة وضد أكثر من عدوا يضاف الى ذلك مجموعة الأزمات السياسية الداخلية والخارجية التي تعيشها، والاعتراضات الدولية بشأن سياستها التوسعية في الأراضي المحتلة وانتهاكاتها المستمرة ضد حقوق الإنسان، تلك المخاوف تزايدت بعد جريمة الاغتيال التي نفذت بحق الأسير عرفات جرادات والذي توفي بسبب تعرضه للتعذيب بعد اعتقاله، قضية أسهمت بتأجيج الشارع الفلسطيني الذي يعيش حالة من الغضب والغليان الشعبي وعززت من التوترات حيث تضاعفت الاشتباكات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال في الآونة الأخيرة مما جعل إسرائيل تخشى انطلاق انتفاضة جديدة.
وركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية على انشغال حكومة نتنياهو وقيادة الجيش بدراسة سبل مواجهة انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة، يتوقع لها محللون سياسيون وقادة مخضرمون، مثل وزير الدفاع الأسبق بنيامين بن أليعزر أن تكون أكثر دموية من الانتفاضتين السابقتين. من جهة أخرى عبر وزير الأمن الداخلي في إسرائيل افي ديختر عن قلقه من أن تۆدي زيادة في الاحتجاجات الفلسطينية العنيفة بالضفة الغربية المحتلة إلى اندلاع انتفاضة جديدة إذا أسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى. وقال ديختر للاذاعة الإسرائيلية "وقعت الانتفاضتان السابقتان نتيجة لسقوط عدد كير من القتلى (خلال احتجاجات).. يمثل سقوط قتلى وصفة مۆكدة تقريبا لتصعيد أعنف."
وقال ديختر إنه يجب على إسرائيل أن تتحسس خطاها عند التصدي لأي احتجاجات متهما الفلسطينيين بمحاولة الظهور في صورة الضحايا قبل زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمنطقة. وقال ديختر "لا أعتقد أن السلطة الفلسطينية ستكسب من وراء انتفاضة مثلما لم تكسب أي شيء من الانتفاضتين الأولى والثانية. "لكنني سأقول إنه وبعدما اتبعوا تفكيرا ضعيفا ومشوها عبر السنوات فإنهم لا يدركون دائما ما هي مصلحتهم."
وتأجج إحباط الفلسطينيين بسبب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وجمود عملية السلام منذ عام 2010 والشقاق القائم منذ وقت طويل بين السلطة الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة. وقال محمود العالول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "لا خيار أمامنا سوى الاستمرار في المقاومة الشعبية وتصعيدها لمواجهة سياسة الاحتلال سواء عبر جيشه أو مستوطنيه."
وقال ياسر عبد ربه وهو من كبار مساعدي عباس إن تعامل إسرائيل مع مسألة السجناء وعنف المستوطنين المناهض للفلسطينيين هما "سبب التدهور". وطالبت إسرائيل بأن تضع السلطة الفلسطينية حدا للاحتجاجات التي نظم الكثير منها في مناطق تقع خارج نطاق سيطرة السلطة. وقال عباس إنه لن يسمح باندلاع انتفاضة مسلحة ثالثة لكن مسۆولين فلسطينيين حذروا من خروج الأمور عن السيطرة.
وقال ديختر "إنهم (الفلسطينيون) يحاولون جرنا إلى وضع يسفر عن سقوط قتلى من الأطفال." وناصر فلسطينيون قضية السجناء الأربعة المضربين عن الطعام ومن بينهم اثنان محتجزان بدون محاكمة للاشتباه في ممارستهم نشاطا مناهضا لإسرائيل. ويوجد نحو 4700 فلسطيني في السجون الإسرائيلية. ويرجح أن تۆدي وفاة أي من المضربين عن الطعام والذين يقبل أحدهم الطعام بشكل متقطع منذ أكثر من 200 يوم إلى المزيد من العنف واسع النطاق.
واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987 وانتهت في عام 1993 بتوقيع اتفاقات السلام المۆقت في أوسلو. واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000. وقتل أكثر من ألف إسرائيلي في السنوات السبع التالية نصفهم في هجمات انتحارية استهدفت مدنيين في الأغلب. وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 4500 فلسطيني.
وتعهد الجناح العسكري لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان بالرد على وفاة جرادات. وقال البيان الذي وزعته كتائب شهداء الأقصى في قرية سعير قرب الخليل جنوب الضفة الغربية قبل جنازة الاسير عرفات جرادات "هذه الجريمة البشعة لن تمر دون عقاب ونتوعد الاحتلال الصهيوني بالرد على هذه الجريمة".