الإيرانيون ودورهم في عصر الظهور
قبل الثورة الإسلامية في إيران كانت إيران تعني في أذهان الغربيين قاعدة حيوية في وسط العالم الإسلامي ، وعلى حدود روسيا.
وكانت تعني في أذهان المسلمين بلداً إسلامياً عريقاً يتسلط عليه ( شاه ) موال للغرب وإسرائيل ، يسخر بلده لخدمتهم.
وكانت تعني للشيعي مثلي مضافاً إلى ذلك بلدا فيه مشهد الإمام الرضا عليه السلام ، وحوزة قم العلمية ذات تاريخ عريق في التشيع والعلماء ومۆلفاتهم.
وكنا عندما نمر بالأحاديث التي تمدح الفرس وقوم سلمان أو نتذاكرها نقول لبعضنا : إنها مثل الأحاديث التي تمدح أهل اليمن ، أو بني خزاعة ، أو تذمهم ، وإن كل الأحاديث التي تمدح أو تذم أقواماً أو بلداناً أو قبائل ، فهي محل نظر. وإن صحت فهي أحاديث عن التاريخ تخص حالة هذه الشعوب في صدر الإسلام وقرونه الأولى.
كانت هذه هي النظرة السائدة بين المثقفين منا ، وأن الأمة اليوم كلها تعيش حالة جاهلية وتخضع لسيطرة الكفر العالمي ووكلائه ، ولا أحد من شعوبها أفضل من أحد ، بل قد يكون الإيرانيون أسوأ حالاً من غيرهم لأنهم أصحاب حضارة كافرة عريقة ، وأمجاد قومية يعمل الغرب والشاه على بعثها فيهم ، وتربيتهم على الإعتزاز بها والتعصب لها.
حتى إذا فاجأت المسلمين في العالم أحداث ثورة إيرن الإسلامية بانتصارها فرحت قلوبهم المهمومة فرحاً لم تعرفه منذ قرون ، وضاعف منه أنه نصر غير محتسب ، وعمت أعمال التعبير عن فرحتهم ، كل بلادهم ، وكان منها أحاديث الناس عن فضل العجم والفرس وقوم سلمان ، وكان عنوان مجلة المعرفة التونسية ( الرسول يختار الفرس لقيادة الأمة الإسلامية ) واحداً من مئات العناوين في منشورات مغرب العالم الإسلامي ومشرقه ، التي تعني أننا استعدنا ذاكرتنا عن الإيرانيين ، واكتشفنا أن أحاديث النبي صلى الله عليه وآله عنهم لم تكن تاريخاً فقط ، بل مستقبلاً أيضاً.
ورجعنا إلى مصادر الحديث والتفسير نتتبع أخبار الإيرانيين ونتفحصها فإذا بها تخص المستقبل كالماضي ، وإذا بها في مصادر السنة أكثر منها في مصادر الشيعة.
ماذا نصنع إذا كانت أحاديث المهدي المنتظر عليه السلام والتمهيد لدولته فيها السهم الأوفر للإيرانيين واليمانيين ، الذين ينالون شرف التمهيد لدولته والمشاركة في حركته عليه السلام ؟ وفيها نصيب للنجباء من مصر ، والأبدال من الشام ، والعصائب من العراق.
وفيها حظ لمۆمنين متفرقين من أطراف العالم الإسلامي ، يكونون أيضاً من خاصة أصحابه ووزارئه ، أرواحنا فداه وفداهم.
وهذه بعض الأحاديث الواردة في الإيرانيين بشكل عام :
أحاديث المصادر السنية في مدح الإيرانيين
من الأمور الملفتة كثرة الأحاديث النبوية في مدح الفرس في مصادر السنيين ، وقلتها في مصادر الشيعة! حتى أن الباحث يستطيع أن يۆلف من صحاح السنة ومسانيدهم كتاباً في مناقب الإيرانيين وتفضيلهم على العرب!
من نوع حديث ( الغنم السود والبيض ) : الذي رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه ذكر أصبهان ص 8 ، بعدة طرق ، عن أبي هريرة ، وعن النعمان بن بشير ، وعن مطعم بن جبير ، وعن أبي بكر ، وعن ابن أبي ليلى ، وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله واللفظ لحذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني رأيت الليلة كأن غنماً سوداً تتبعني ثم أردفها غنم بيض حتى لم أر السود فيها. فقال أبو بكر : هذه الغنم السود العرب تتبعك ، وهذه الغنم البيض هي العجم تتبعك فتكثر حتى لا ترى العرب فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هكذا عبرها الملك ).
وحديث ( فارس عصبتنا أهل البيت ) : رواه أبو نعيم أيضاً عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وذكرت عنده فارس فقال : فارس عصبتنا أهل البيت ).
وحديث ( لأنا أوثق بهم منكم ) : الذي رواه أبو نعيم في المصدر المذكور ص 12 عن أبي هريرة قال : ( ذكرت الموالي أو الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : والله لأنا أوثق بهم منكم ، أو من بعضكم )! ( وروى قريباً منه الترمذي : 5/382 )
وحديث مسلم في صحيحه : 7/192 ، عن أبي هريرة قال : كنا جلوساً عند النبي (ص) إذا نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ، قال رجل : من هۆلاء يا رسول الله فلم يراجعه النبي (ص) حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً ، قال وفينا سلمان الفارسي ، قال فوضع النبي (ص) يده على سلمان ثم قال : لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هۆلاء ). انتهى.
وما رواه أحمد : 5/11 عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ( يوشك أن يملأ الله تبارك وتعالى أيديكم من العجم ثم يكونون أسداً لايفرون فيقتلون مقاتلتكم ، ولا يأكلون فيأكم ). ورواه أبو نعيم في ذكر أصبهان ص 13 بعدة طرق عن حذيفة ، وسمرة بن جندب ، وعبد الله بن عمر.
وما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج : 20/284 ، قال : ( جاء الأشعث إليه ( إلىعلي عليه السلام ) فجعل يتخطى الرقاب حتى قرب منه ، ثم قال له : يا أمير المۆمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك ، يعني العجم ، فركض المنبر برجله حتى قال صعصعة بن صوحان : ما لنا وللأشعث! ليقولن أمير المۆمنين اليوم في العرب قولاً لايزال يذكر. فقال عليه السلام : من عذيري من هۆلاء الضياطرة ، يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار ، ويهجر قوما للذكر! أفتأمرني أن أطردهم؟! ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين. أما والدي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ليضربنكم على الدين عوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً ). انتهى.
والذي يتصل بموضوعنا هو دورهم في عصر الظهور وحركة الإمام المهدي عليه السلام. وقد وردت الأحاديث حولهم بتسعة عناوين : قوم سلمان. أهل المشرق. أهل خراسان. أصحاب الرايات السود. الفرس. أهل قم وأهل الطالقان والمقصود فيها غالباً واحد.
من كتاب « عصر الظهور » -مۆلف « الشيخ علي الكوراني العاملي »
خروج اليماني من العلائم الحتمية لظهور القائم عليه السلام
يعتقد الشيعة والسنة