عبادة المحبّين
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : بكى شعيب (عليه السلام) من حبّ الله عزّ وجلّ حتّى عمي ، فردّ الله عزّ وجلّ عليه بصره ، ثمّ بكى حتّى عمي فردّ الله عليه بصره ، ثمّ بكى حتّى عُمي فردّ الله عليه بصره ، فلمّـا كانت الرابعة أوحى الله إليه : يا شعيب ، إلى متى يكون هذا أبداً منك ؟ إن يكن هذا خوفاً من النار فقد آجرتك ، وإن يكن شوقاً إلى الجنّة فقد أبحتك . فقال : إلهي وسيّدي ، أنت أعلم إنّي ما بكيت خوفاً من نارك ولا شوقاً إلى جنّتك ، ولكن عقد حبّك على قلبي فلست أصبر أو أراك . فأوحى الله جلّ جلاله إليه : أمّا إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران.
وهذا يعني أنّ القائد يخدم الجندي ، فإنّ موسى كان من أنبياء اُولي العزم ، وشعيب من اُمّته ورعيّته ومن جنده ، وهكذا يفعل الحبّ بأهله.
وممّـا جاء في صحيفة إدريس : طوبى لقوم عبدوني حبّاً ، واتَّخذوني إلهاً وربّاً وسهروا الليل ، ودأبوا النهار طلباً لوجهي ، ومن غير رهبة ولا رغبة ، ولا لنار ولا جنّة ، بل للمحبّة الصحيحة والإرادة الصريحة والانقطاع عن الكلّ إليَّ.
فيما أوحى الله تعالى إلى داود : يا داود ، أبلغ أهل أرضي أنّي حبيب من أحبّني ، وجليس من جالسني ، ومۆنسٌ لمن آنس بذكري ، وصاحبٌ لمن صاحبني ، ومختارٌ لمن اختارني ، ومطيعٌ لمن أطاعني . وما أحبّني أحد أعلم ذلك يقيناً من قلبه ، إلاّ قبلته لنفسي ، وأحببته حبّاً لا يتقدّمه أحد من خلقي ، من طلبني بالحقّ وجدني ، ومن طلب غيري لم يجدني ، فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها ، وهلمّوا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومۆانستي ، وآنسوني اُونسكم واُسارع إلى محبّتكم.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ الناس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه : فطبقة يعبدونه رغبةً إلى ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء ، وهو الطمع . وآخرون يعبدونه خوفاً من النار ، فتلك عبادة العبيد ، وهي الرهبة . ولكنّي أعبده حبّاً له ، فتلك عبادة الكرام ، وهو الأمن لقوله تعالى :
( وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنونَ ) [النمل : 89 ].
( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعوني يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنوبَكُمْ ) [آل عمران :٣١ ].
فمن أحبّ الله عزّ وجلّ أحبّه الله ، ومن أحبّه الله عزّ وجلّ كان من الآمنين.
اعداد: سيد مرتضى محمدي
القسم العربي : تبيان
حبّ الله وحبّ الدنيا لا يجتمعان
الإخلاص ثمرة الحب