ثقافة الاغتيال السياسي في البلدان العربية
تشكل ثقافة الاغتيال السياسي في البلدان العربية متنا رئيسيا في السلوك السياسي الذي ينتهجه المعارضون للحكام داخل بلدانهم.. وتشكل تلك الثقافة بالنسبة للحكام هامشا واسعا للمناورة مع الخصوم وتهيئة السبل للاستبداد ونظام الحكم المتفرد.
وهناك الكثير من التجارب التي فتحت بوابات جهنم ولم تغلقها بسبب مفاعيلها السياسية التي كثيرا ما تتوسل بالعنف في ردودها تجاه القائمين بها او المفترضين بهذا القيام. نتذكر اغتيال عبد الكريم قاسم وما فتحه على العراق من بوابات العنف التي حصدت اعدادا لا يستهان بها وعبّدت الطريق امام ثقافة العنف المستمرة حتى الان، وجاءت بالبعث وطغمته الحاكمة.
ونتذكر ما تم ترويجه لمحاولة اغتيال عبد الناصر في الاسكندرية وعمليات الاعتقال التي طالت قيادات الاخوان بعدها وعددا من الاعدامات التي لحقت بقيادات اخرى.
اخر ما تمخض عنه الحراك السياسي المصري بعد صعود الاخوان المسلمين الى السلطة ما تم ترويجه في الاخبار عن مخطط لاغتيال الرئيس المصري محمد مرسي وعدد من القيادات السياسية الاخرى، في حين نفت مصادر أمنية، صحة ما أثير بشأن محاولة اغتيال منظمة لرئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بالإسكندرية.
وأكدت تلك المصادر أن المتهم المقبوض عليه يشتبه في قواه العقلية، وأن تحقيقات النيابة تسير في هذا الاتجاه، مشيرة إلى أن كافة الأدوات التي عثر عليها تۆكد هذا الأمر، وقللت من أهميتها.
من جانبها أصدرت النيابة العامة بالإسكندرية قرارها بحسب المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وهو «محب ع. س. 36 سنة»، ويعمل فني حاسب آلي، بتهمة تهديد شخصيات سياسية عبر رسائل إلكترونية من خلال الهاتف المحمول، وشبكة الإنترنت.
وقد سبق ذلك جملة من التطورات كانت ابرزها اقالة النائب العام المصري واعادته الى منصبه، وخروج تظاهرات مليونية لليبراليين المصريين، وماقابلها من رد عنيف للمحسوبين على تيار الاخوان المسلمين حيث اشتبكوا مع المتظاهرين واستعملوا الحجارة والعصي وقنابل المولوتوف حسب شهود عيان..
يحفل التاريخ المصري بالكثير من حوادث الاغتيال، لعل اشهرها حادثة المنصة والتي راح ضحيتها الرئيس المصري الاسبق انور السادات، وجاءت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك والذي شغل منصبه طوال ثلاثة عقود، اودع في السجن الكثير من معارضيه لعل ابرزهم قادة الجهاد وعددا من قيادات الاخوان وكذلك القيادات الليبرالية واليسارية..وقد سبق ذلك في التاريخ المصري عدة حوادث منها: قتل احمد ماهر، ومحمود فهمي النقراشي، وحسن ألبنا، وشخصيات عديدة أخرى.
ويجب الا ننسى الكاتب المصري المعروف فرج فودة، ومحاولة اغتيال الروائي نجيب محفوظ وغيرها من حوادث كان للتيارات السياسية الاسلامية اليد الطولى فيها.
استفاد جمال عبد الناصر وقتها من تلك المحاولة، وقد طارد معارضيه على وقعها طوال سنوات حكمه، ثم عمل السادات على ذلك ايضا من خلال الترويج لمحاولات اغتيال تعرض لها قبل ان تقع احدى تلك المحاولات حقيقة وواقعا، ثم عمل حسني مبارك على الذهاب بعيدا للاستفادة من اغتيال سلفه السادات ليعلن الاحكام العرفية والتي بقيت مستمرة حتى قبل ازاحته بقليل، وكانت سيفا مسلطا على رقاب معارضيه من سياسيين وكتاب ومثقفين وفنانين.
وجدير بالذكر ما حدث في العراق بعد العام 1968 والانقلاب البعثي الذي اوصل تلك الزمرة والتي حكمت العراق لأكثر من ثلاثة عقود، والتي بدأت بالحديث عن المۆامرات الخارجية والتي تم بعدها اعدام عدد من اليهود العراقيين اضافة الى معارضين اخرين، ثم انقلاب صدام حسين على رفاق دربه في العام 1979 بعد اكتشاف مۆامرة مزعومة للاطاحة بنظام البعث وكانت حفلة القتل التي اشترك فيها جميع من اصبحوا قادة الصف الاول، ولا ننسى محاولة اغتيال طارق عزيز في المستنصرية وما اعقبها من مطاردات واعتقالات واغتيالات لكوادر حزب الدعوة الاسلامي ومنظمة العمل الاسلامي وغيرها من احزاب.
ولتأكيد قصص الاغتيال التي كثيرا ما تكون من بنات افكار وخيالات الحكام، صدر في الثمانينات العراقية كتاب محاولات اغتيال الرئيس والذي الفه الاخ غير الشقيق لصدام حسين، برزان التكريتي حين كان مديرا للمخابرات العامة، والكتاب محاولة لإسباغ الشرعية على ردود الافعال التي تقوم بها الاجهزة الامنية ومحاولة تبرير حجم العنف والقسوة في التعامل مع المعارضين او الكتاب والمثقفين.
الاغتيال السياسي والترويج له في بلداننا العربية محاولة مكشوفة للتقدم تجاه اجراءات ضد الاخرين للتضييق عليهم ومنعهم من التحرك وهو اولى خطوات الاستبداد.
اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي
القسم العربي - تبيان
القيادة السياسية وأثر السلوك
كيفية بناء الأوطان على أساس الثقافة الإسلاميّة
الدولة العادلة هي حق انساني
الطاغوت السياسي واستغلال الدين