• عدد المراجعات :
  • 2082
  • 11/21/2012
  • تاريخ :

من أسرار بقاء نهضة عاشوراء

امام سجاد

لقد كان للإمام زين العابدين (ع) دور أساسي في حفظ نهضة عاشوراء واستمرارية مدرسة كربلاء المقدسة إلى يومنا هذا.

حيث أدى الإمام السجاد (ع) كل ما بوسعه لإحياء ظلامة أبيه الحسين (ع) حتى استمرت قضية عاشوراء والنهضة الحسينية المباركة إلى يومنا هذا، بل وستستمر إلى يوم القيامة بإذن الله تعالى.

فقد سعى الإمام زين العابدين (ع) دائماً إلى تشكيل مجالس الحزن والعزاء على شهداء كربلاء وبيان ما جرى فيها من الظلم والجور..

فكان ببصيرته الثاقبة كلما نظر إلى عماته وأخواته شرع بالبكاء عالياً.

وإذا ما سقط نظره (ع) على طفل رضيع جرت دموعه على خديه.

وإذا ما شاهدت عينيه رأسا مقطوعاً حتى إذا كان لحيوان، أو عند ما كان يريد الجزار ذبح شاة، فإنه (ع) كان يتأثر بشدة، فقد مر (ع) ذات يوم في سوق المدينة على جزار بيده شاه يجرها إلى الذبح، فناداه الإمام: يا هذا هل سقيتها الماء؟ فقال الجزار: نعم نحن معاشر الجزارين لا نذبح الشاة حتى نسقيها الماء، فبكى الإمام (ع) وصاح:

وا لهفاه عليك أبا عبد الله، الشاة لا تذبح حتى تسقى الماء وأنت ابن رسول الله تذبح عطشاناً.

لم يذبح الكبش حتى يورى من ظمأ  ويذبح ابن رسول الله ظمــــــآناً

وإذا ما قدموا له طعاماً أو ماءً، تحسر وتأوه حتى يمزج ذلك بدموع عينيه.

يقول أحد مواليه: «كان الإمام السجاد (ع) صائماً، وعند الإفطار قدمت له مقداراً من الخبز والماء، ولكنه ما أن نظر إلى الماء، بكى عالياً، قلت: يا بن رسول الله، اشرب الماء.

قال (ع) : كيف أشرب الماء وقد قُتل ابن رسول الله عطشاناً.

قلت: يا بن رسول الله كل طعامك!

قال (ع) : كيف آكل طعامي وقد قتل ابن رسول الله جوعاناً»(1).

نعم إن البكاء مدرسة حضارية، استخدمها الإمام زين العابدين (ع) لفضح الظلم والطغيان مضافاً إلى الأساليب الأخرى كأسلوب الدعاء وإلقاء الخطب وبيان الأحاديث وتنظيم الكوادر الواعية وما أشبه مما هو مذكور في تاريخ الإمام (ع) .

إن الله عزوجل فطر الناس على حب المظلوم ونصرته، وسلاح الظلامة أقوى وأمضى سلاح على الظالم المعتدي، ومن هنا فإن الإمام زين العابدين (ع) بعد فاجعة كربلاء جعل من ظلامة أهل بيت العصمة والطهارة (ع) شعاراً لفضح وطعن أعداء الحق وأنصار الباطل.

فكان (ع) وفي كل المناسبات يذكر مصيبة أبيه وأخوته وأصحابهم (ع) ، وكذلك مسألة الأسر وهتك حرمة بنات رسول الله (ص) ، فكان يندب ويذرف الدموع ويقرأ عزاءهم.

وقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «بكى علي بن الحسين عشرين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف أن تكون من الهالكين!

قال: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)(2)، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة.

وفي رواية قال الراوي: أما آن لحزنك أن ينقضي؟

فقال له: ويحك أن يعقوب النبي (ع) كان له اثنا عشر ابناً فغيب الله واحداً منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه واحدودب ظهره من الغم وكان ابنه حياً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني»(3).

وهكذا استطاع الإمام زين العابدين (ع) من إيجاد حركة عاطفية دائمة في أوساط الناس وواقعهم الخارجي ، حتى تبقى على إثرها نهضة الإمام الحسين (ع) وأهدافه المقدسة حية وخالدة دائماً.

المصادر:

(1) راجع وسائل الشيعة: ج3 ص282 ب87 ح3658.

(2) سورة يوسف: 86

(3) مناقب ابن شهر آشوب: ج4 ص165-166 فصل في كرمه وصبره وبكائه


 

في البكاء على الحسين عليه السلام حفظ الدين

البكاء على الحسين(عليه السلام) وسيلة للتوحيد الخالص

ليس في البكاء على الحسين(عليه السلام) بدعة

ظاهرة البكاء عند الاِمام زين العابدين عليه السلام

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)