لمحات من صبر الحسين عليه السلام
روي عن عصام بن المصطلق انّه قال:
دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي عليهِ السَّلام فاعجبني سمته ورواۆه، وأثار من الحسد ماكان يخفيه صدري لأبيه من البغض ، فقلت له : أنت ابن أبي تراب؟
فقال: نعم.
فبالغت في شتمه وشتم أبيه..
فنظر اليّ نظرة عاطف رۆوف ، ثمّ قال:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
(خذ العقو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين* واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انّه سميع عليم *انّ الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيظان تذكروا فاذا هم مبصرون *واخوانهم يمدونهم في الغي ثمّ لا يقصرون)(1).
ثمّ قال لي: خفّض عليك، استغفر الله لي ولك ، انّك لو استعنتنا لاعناك ،ولو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشد تنا لرشدناك.
قال عصام: فتوسم مني الندم على ما فرط مني.
فقال:(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)(3) أمن أهل الشام أنت؟
قلت :نعم.
فقال: (شنشنة اعرفها من اخزم) (4)حيّانا الله وايّاك، انبسط إلينا في حوائجك،
وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنّك إن شاء الله تعالى.
قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت وودتُ لو ساخت بي، ثمّ سللتُ منه لواذاً (1)وما على الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه (2).
يقل صاحب الكشاف في ذيل الآية الشريفة: (لا تثريب عليكم اليوم)(3) التي تمثل بها سيّد الشهداء رواية في حسن خلق يوسف الصديق، من المناسب ذكرها هنا، والرواية هي:
(انّ اخوته لما عرفوه وارسلوا إليه: انّك تدعونا الى طعامك بكرةً وعشياً، ونحن نستحي منك لما فرط (4)منا فيك.
فقال يوسف: انّ أهل مصر وإن ملكتُ فيهم، فانّهم ينظرون اليّ بالعين الاُولى ويقولون سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنّكم اخوتي وانّي من حفدة ابراهيم (5).
*وروي أيضاً انّه لما اجتمع يعقوب مع يوسف عليهِما السَّلام قال:
((يا بني حدثني بخبرك؟
فقال له : يا ابت لا تسألني عمّا فعل بي اخوتي ، واسألني عمّا فعل الله بي)) (6).
الهوامش:
(2) سورة الاعراف: الآيات 199 ـ 202.
(3) سورة يوسف: الآية 92.
(4) قال ابن الاثير في النهاية ج 2، ص 504: (الشنشنة: السجية والطبيعة. وقيل القطعة المضغة من اللحم. وهو مثل ، وأول مَن قاله أبو اخزم الطائي وذلك: انّ اخزم كان عاقلاً لأبيه، فمات وترك بنين عقوا جدهم وضربوه وادموه فقال: انّ بنيّ زمَّلوني بالدم شِنشِنَةٌ أعرِفُها من أَخزَمِ
(5) ويستخدم (لواذاً) لشدة الاستخفاء والاستتار.
(6) سفينة البحار: ج 1، ص 421. وفي: ج2، ص 705، الطبعة الحديثة.
حلم الإمام الحسين ( عليه السلام ) وتواضعه
أخلاق سيد الشهداء عليه السلام
كرم الامام الحسين ( عليه السلام )
عبادة الإمام الحسين ( عليه السلام )