للحب ثمن
ما أسهل ادعاء القرب والمحبوبية وما أصعب إثباته. فالادعاء مجرد قول ربما لا يكون له نصيب من الواقع، أما الإثبات فيأتي عن طريق الأفعال الخارجية الكاشفة عن استحقاق المحبوبية.
فالحب لا يُمنح مجانا، خصوصا إذا كان المحبوب عليما لا يمكن الكذب والتدليس عليه، وحكيما يضع كل شيء في موضعه. يقول تعالى في الرد على مدعي القرب والاختصاص به: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاۆُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ )
سورة المائدة.
ويوضح في آية أخرى الطريق لمن أراد السلوك إلى محبوبيته قائلا: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (31) سورة آل عمران.
يقول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان معلقا على هذه الآية: "فالمراد - و الله أعلم - إن كنتم تريدون أن تخلصوا لله في عبوديتكم بالبناء على الحب حقيقة فاتبعوا هذه الشريعة التي هي مبنية على الحب الذي ممثله الإخلاص والإسلام وهو صراط الله المستقيم الذي يسلك بسالكه إليه تعالى، فإن اتبعتموني في سبيلي وشأنه هذا الشأن أحبكم الله وهو أعظم البشارة للمحب، وعند ذلك تجدون ما تريدون، وهذا هو الذي يبتغيه محب بحبه، هذا هو الذي تقتضيه الآية الكريمة بإطلاقها".
إذن غاية ما يطلب المحب أن يحظى بالمحبوبية عند محبوبه، وهذا يحتاج إلى وقفة أو وقفات عند آيات الحب في القرآن الكريم، والتي تبين أن الله لا يحب الكافرين والظالمين والمسرفين والمفسدين والمعتدين والمستكبرين والخائنين وكل مختال فخور، بينما يمنح حبه المحسنين والتوابين والمتطهرين والمتقين والصابرين والمتوكلين والمقسطين والذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص.
هذه هي معايير المحبوبية والمبغوضية والتي يستطيع كل أحد أن يكتشف من خلالها مدى علاقته وارتباطه بالله تعالى، فمن أراد كسب محبوبية الله عليه أن يتخلى عن كل الرذائل المبغوضة عنده، ويتحلى بكل الفضائل المحبوبة لديه.
أما ثمرة المحبوبية فتكشف عنها الروايات التي تنص على أن جائزة الحب هي الدين والإيمان، وهل أعظم منهما جائزة. يقول الإمام الباقر عليه السلام لمالك بن أعين الجهني: يا مالك إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي دينه إلا من يحب.
ويقول الإمام الصادق : إن الدنيا يعطيها الله عز وجل من أحب ومن أبغض وإن الإيمان لا يعطيه إلا من أحبه.
نسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب كل عمل يقربنا إلى حبه.
قلب المۆمن عرش الله
لماذا الحزن على الدنيا قبل الاخرة؟