إرادة الإنسان في طول إرادة الله
قال تعالى:(و أن إلى ربك المنتهى، و أنه هو أضحك و أبكى، و أنه هو أمات و أحي، و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى، من نطفة إذا تمنى، و أن عليه النشأة الأخرى، و أنه هو أغنى و أقنى) فإرادة الله قد تعلق بالضحك الإرادي الإختياري للإنسان فالآيات لا تنافي دور الأسباب الطبيعية و غير الطبيعية حيث أن إرادة الإنسان في طول إرادة الله فهذه الأفعال قائمة بالإنسان رغم أن وجودها منسوب إلى الله، و القيام غير الإيجاد.
فالأفعال الإختيارية ليست مخلوقة لله (كما يقول الجبري) و ليست مخلوقة للإنسان (كما يقول المعتزلي) بل هناك أمر بين الأمرين.
وكل فاعل غيره تعالى يُسأل عن فعله لم فعلت كذا ؟ والمطلوب بهذا السۆال هو أنَّه هل يتطابق ما أوجده من الفعل مع تلك الصورة المُثلى التي كانت هي الغاية أم لا؟
الحكمة في أفعال الإنسان:
الحركات المختلفة التي تصدر من الإنسان على قسمين:
1-مالا تتعلَّق بإرادته كالصحة و المرض و الحركات الاضطرارية فهي ليست بأفعاله.
2-ما تتعلَّق بإرادته نوعاً من التعلق كشرب الماء والنوم والإستيقاظ فهي أفعال الإنسان.
ثمَّ إنَّ إرادة الفعل تتبع :
ألف) العلم برجحانه ،أي فعله خيرٌ من تركه.
ب) والإذعان بكونه كمالا له و نفعه غالبا على ضرره.
غاية الفاعل:
هي الخير المترتب على الفعل و هو الذي يبعث الإنسان نحوه وهذا ما يسمَّى بغاية الفاعل و غرضه في فعله.
المصلحة العقلائيَّة:
المصلحة التي يعدها العقلاء مصلحةً هي الباعثةُ للفاعل على فعله، وهي سبب إتقان الفعل الموجب لعدِّ الفاعل حكيماً في فعله، و لولاها لكان الفعل لغواً لا أثر له أو خطأً. ففي الحديث (الحكمة ضدها الخطاء)
الوجود العلمي للمصلحة:
ومن الواضح أن المصلحة المترتبة على الفعل لا وجود لها قبل وجود الفعل، فكونها باعثة للفاعل نحو الفعل داعية له إليه إنما هو بوجودها علماً لا بوجودها خارجاً وشأنُ الفاعل الإرادي هو تطبيقُ حركاته الخاصة على ما عنده من العلم.
فإن أصاب في تطبيقه الفعل على العلم كان حكيما في فعله متقناً في عمله.
وإن لم يصب لقصور أو تقصير لم يسم حكيما بل لاغياً و جاهلاً وخاطئاً.
صحَّة السۆال عن الفعل:
وكل فاعل غيره تعالى يُسأل عن فعله لم فعلت كذا ؟ والمطلوب بهذا السۆال هو أنَّه هل يتطابق ما أوجده من الفعل مع تلك الصورة المُثلى التي كانت هي الغاية أم لا؟
فيصح السۆال عن سبب وجودها فنقول: لماذا وجدُ فلان؟ كما يصح الاستفهام عن أفعالها فنقول: لماذا فعل زيدٌ هذا الفعل؟
الحكمة في أفعال الله:
ولإثبات حكمة الله تعالى ينبغي تقديم مقدَّمات:
1-إنَّ الله هو الكمال المطلق والواجب بالذات الذي هو واجب من جميع الجهات.
2-أنَّه تعالى لما كان ذاته المقدس كاملاً مطلقا و جميلا مطلقا، صار كعبة لآمال كافة الموجودات و هدفا منشودا لجميع الكائنات، لأن جميع الموجودات الأخرى ناقصة بالذات، و كلُّ ناقص مهروب عنه بالفطرة كما أن كل كامل مرغوب فيه، فالذات المقدس غاية جميع الحركات و الأفعال الصادرة من سائر الموجودات.
3-حيث أن الإرادة، و المشيئة، و القدرة عين ذاته المقدس، كانت الفاعلية بالذات عين الفاعلية بالإرادة و القدرة.
4-إنَّ هناك فرق كبير بين أفعال الناس وسائر الموجودات، وبين أفعال الله تعالى، فكلُّ ما يصدر من وجوده المقدس، فهو صادر من حقيقة ذاته و أصل حقيقته، بينما ليست الكائنات الأخرى كذلك، فهو فاعل بالذات، أما الموجودات الأخرى فهي فاعلة بالعرض و يصح السۆال عن فعلها.
العدل الإلهي
العلاقة بين القضاء والقدر، وإختيار الإنسان القضاء والقدر والتربية