ماذا لو تم عرض الوقائع المسلمة في مسلسل عمر؟
من الضروري الانتباه الى خطر بث مسلسل عمر بن الخطاب و ذلک لان أمره لا يخرج من احد الامرين إمّا يکون علي خلاف الواقع و حقيقة التاريخ فحينئذ يکون کذباً وتشويهاً للحقائق التاريخية و إمّا ان يکون مطابقاً مع ما حدث فحينئذٍ بيان قسم کثير من تلک الحوادث يسبب تشويه صورة الاسلام و کبار الصحابة و الخلفاء وذلک لانه ليس مما فيه المصلحة للإسلام والمسلمين لانّ هناک اموراً تحققت وکانت مصيرية ولکنّها لاتنجسم مع الافکار والقيم في يومنا الحاضر بل تعدّ من الأمور المنکرة وخلاف حقوق الإنسان وهناک امور اخري حدثت لعلها کانت في وقتها صحيحة ومنسجمة مع تلک الظروف ولکن لاتنسجم مع ظروفنا و هناک مخالفات لو تنقل و تبث علي الشاشات تمسّ بکرامة الوجوه والرموز التاريخية کما هناک اختلاف وجهة النظر والعقيدة الخاصة التي لايمکن تخريجها بصورة فنية قابلة للفهم لدي الجماهير .
ندرج فيما يلي جملة من تلک الامور التي تحققت ونري انه ليس من المصلحة تمثيلها لعامة الناس لما يمکن ان يترتب عليه التلقي الخاطيء کما أن حذفها وعدم التطرق اليها موجب لتحريف التاريخ والکذب علي الامة کالفرار من الزحف في اُحد والاعتراض في الحديبية لقرار الصلح الذي اتخذ والاصرار علي القتال علي الخلاف ما ارثاه الرسول الاعظم (ص) و التخلف عن جيش اسامة، وحديث القلم ورزية يوم الخميس وما صدر من اللفظ غير اللائق في حق النبي (ص) والقول بانه (ص) لم يمت بعد وفاته، و منع فاطمة فدکاً وتمزيق ما کتبه ابوبکر سنداً لاسترداد حقها وجمع الحطب علي بيت فاطمة(ع) والتهديد باضرام النار علي الدار ومن فيها و الهجوم علي الدار واخراج علي والزبير بصورة بشعة لأخذ البيعة وتعرض فاطمة للضرب المبرح وإسقاط جنينها وايذائها وما ترتب علي وصيتها بان لايحضر جنازتها.
والمنع من متعة الحج و متعة النکاح، و التصرف في الاذان بزيادة ونقيصة ووقوع الطلاق في مجلس واحد ثلاثاً من دون الرجوع والعول في الفرائض والنهي عن البکاء علي الميت وتجسسه في الامور الخاصة والدخول في البيوت بدون إذن اهلها وقتل ابنه عبدالرحمن حينما شرب الخمر نتيجة شدة العقوبة عليه أکثر مما حددته الشريعة، ومنع الخليفة من کتابة حديث الرسول (ص) وضرب ابي هريرة لنقله الاحاديث وأمره بحرق الکتب المخزونة بعد فتح ايران والتفريق في العطاء بين العرب وغيرهم وکيفية اختيار افراد الشوري لتعيين الخليفة من بعده ونکتفي بنقل الاخير بشيء من التفصيل.
واليکم ايها العلماء والافاضل، القول الفصل وفيما نذکرکم بالقصة:
انه لما طعن (الخليفة عمر) ويئس من الحياة وقيل له: لواستخلفت قال: لوکان ابو عبيدة حياً لأستخلفته، لانه أمين هذه الامة ولوکان سالم مولي أبي حذيفة حيا إستخلفته لانه شديد الحب لله تعالي. فذکر إبنه عبدالله، فأبي أن يستخلفه، فخرج القوم ثم رجعوا اليه فقالوا له: يا امير المومنين لو عهدت عهداً، فقال: قد کنت أجمعت بعد مقالتي الأولي ان اولي أمرکم رجلاً هو أحراکم أن يحملکم علي الحق وأشار إلي علي، فقالوا ما يمنعک منه، قال لا أتحمله حياً وميتاً ثم قال: عليکم بهۆلاء الرهط: علي وعثمان وعبدالرحمن وسعد والزبير و طلحة فليستشوروا بينهم، وليختاروا واحداً منهم، فإذا ولوه، فأحسنوه مۆازرته وأعينوه. ثم استدعي أولئک الرهط، فقال لهم: إذا أنا مت فليصلّ بالناس صهيب الرومي وتشاوروا أنتم ثلاثة ايام، ثم أمر أبا طلحة الأنصاري أن يختار خمسين رجلاً من الأنصار يقومون معه مسلحين علي رۆوس الستة حتي يختاروا رجلاً منهم في ثلاثة أيام من موته، و أمر صهيباً ان يصلي بالناس تلک المدة و ان يدخل أولئک الستتة بيتاً فيقوم عليهم بسيفه مع أبي طلحة وأصحابه، وقال له: إن اجتمع خمسة و أبي واحد فأشدح رأسه بالسيف، وان اتفق أربعة وابي اثنان فأضرب رأسيهما، فأن افترقوا ثلاثة وثلاثة فالخليفة في الذين فيهم عبدالرحمن، واقتلوا أولئک إن خالفوا، فأن مضت الثلاثة أيام ولم يتفقوا علي واحد منهم، فاضربوا اعناق الستتة ودعوا الأمر شوري بين المسلمسن يختارون لأنفسهم من شاۆوا. (الکامل لابن الاثير في حوادث سنة 23 ه وکذلک ذکره ابن جرير في کتابه تاريخ الامم و الملوک).
بالله عليکم يا أهل العلم والفضل هل يجوز تمثيل مثل هذه الوقائع المسلمة، في يومنا الحاضر ألا يۆدي ذلک إلي الاستهانة بالاسلام ورموز المسلمين ألا يحکم عليهم بالوحشية والتخلف وجرائم حرب وضدالانسانية ومخالفة حقوق الانسان والإرهاب وما شابه من العناوين البراقة المغرية للشباب والمثقفين ولهذا السبب لابد من الحيلولة دون بث المسلسل والا فلا مشکلة من ناحية تمثيل الشخصيات لولا ترتب بعض العناوين الثانوية کملابسات محيطة في خصوص شخصية الممثل.
الکاتب: السيد الاشکوري