أحتجاج اليهود على النبي صلى الله عليه وآله وكيف أفحمهم ؟
وعن ابن عباس قال: خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود قالوا:
انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه ونكذبه، فإنه يقول، أنا رسول رب العالمين، وكيف يكون رسولا وآدم خير منه ونوح خير منه - وذكروا الأنبياء عليهم السلام - فقال النبي صلى الله عليه وآله لعبد الله بن سلام: التوراة بيني وبينكم فرضيت اليهود بالتوراة فقال اليهود: آدم خير منك لأن الله عز وجل خلقه بيده ونفخ فيه من روحه. فقال النبي صلى الله عليه وآله: آدم النبي أبي وقد أعطيت أنا أفضل مما أعطي آدم. قال اليهود: وما ذاك؟ قال: إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " ولم يقل آدم رسول الله، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة وليس بيد آدم. فقال اليهود: صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة. قال: هذه واحدة.
قالت اليهود: موسى خير منك. قال النبي صلى الله عليه وآله ولم؟ قالوا: لأن الله عز وجل كلمه بأربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشئ. فقال النبي صلى الله عليه وآله.
لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك. قالوا: وما ذاك؟ قال: هو قوله عز وجل " سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " وحملت على جناح جبرائيل حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش " إني أنا الله لا إله إلا أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرؤف الرحيم " ورأيته بقلبي وما رأيته بعيني، فهذا أفضل من ذلك قالت اليهود: صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذه اثنتان.
قالوا: نوح أفضل منك. قال النبي صلى الله عليه وآله: ولم ذاك؟ قالوا: لأنه ركب السفينة فجرت على الجودي. قال النبي صلى الله عليه وآله: لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك. قالوا: وما ذاك؟ قال: إن الله عز وجل أعطاني نهرا في السماء مجرية من العرش وعليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضة حشيشها الزعفران ورضراضها الدر والياقوت وأرضها المسك الأبيض، فذلك خير لي ولأمتي، وذلك قوله تعالى " إنا أعطيناك الكوثر " قالوا: صدقت يا محمد هو مكتوب في التوراة وهذا خير من ذلك. قال النبي صلى الله عليه وآله هذه الثلاثة.
قالوا:إبراهيم خير منك. قال: ولم ذاك؟ قالوا: لأن الله اتخذه خليلا. قال النبي صلى الله عليه وآله: إن كان إبراهيم خليله فأنا حبيبه محمد.
قالوا: ولم سميت محمدا؟ قال: سماني الله محمدا وشق اسمى من اسمه هو المحمود وأنا محمد وأمتي الحامدون على كل حال. فقالت اليهود: صدقت يا محمد هذا خير من ذلك. قال النبي صلى الله عليه وآله هذه أربعة.
قالت اليهود: عيسى خير منك. قال: ولم ذاك؟ قالوا: إن عيسى بن مريم كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءه الشياطين ليحملوه فأمر الله جبرائيل أن اضرب بجناحك الأيمن وجوه الشياطين والقهم في النار، فضرب بأجنحته وجوههم وألقاهم في النار. فقال رسول الله: لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك.
قالوا: وما هو؟ قال: أقبلت يوم بدر من قتال المشركين وأنا جائع شديد الجوع، فلما وردت المدينة استقبلتني امرأة يهودية وعلى رأسها جفنة وفي الجفنة جدي مشوي وفي كمها شئ من سكر فقالت: الحمد لله الذي منحك السلامة وأعطاك النصر والظفر على الأعداء، وإني قد كنت نذرت لله نذرا إن أقبلت سالما غانما من غزاة بدر لأذبحن هذا الجدي ولأشوينه ولأحملنه إليك لتأكله. فقال النبي صلى الله عليه وآله: فنزلت عن بغلتي الشهباء فضربت بيدي إلى الجدي لآكله فاستنطق الله الجدي فاستوى على أربع قوائم وقال: يا محمد لا تأكلني فإني مسموم. قالوا: صدقت يا محمد هذا خير من ذلك. قال النبي صلى الله عليه وآله: هذه خمسة.
قالوا: بقيت واحدة ثم نقوم من عندك. قال: هاتوا. قالوا: سليمان خير منك. قال: ولم ذاك؟ قالوا: لأن الله عز وجل سخر له الشياطين والإنس والجن والطير والرياح والسباع. فقال النبي صلى الله عليه وآله: فقد سخر الله لي البراق وهو خير من الدنيا بحذافيرها، وهي دابة من دواب الجنة وجهها مثل وجه آدمي وحوافرها مثل حوافر الخيل وذنبها مثل ذنب البقر وفوق الحمار ودون البغل، وسرجه من ياقوتة حمراء وركابه من درة بيضاء، مزمومة بألف زمام من ذهب عليه جناحان مكللان بالدر والياقوت والزبرجد. مكتوب بين عينيه " لا إله الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله ".قالت اليهود: صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة وهذا خير من ذلك.
يا محمد نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم وصفهم الله عز وجل فقللهم فقال " وما آمن معه إلا قليل " ولقد تبعني في سنيي القليلة وعمري اليسير ما لم تتبع نوحا في طول عمره وكبر سنة، وأن في الجنة عشرين ومائة صف أمتي منها ثمانون صفا، وأن الله عز وجل جعل كتابي المهيمن على كتبهم الناسخ لها، ولقد جئت بتحليل ما حرموا وبتحريم بعض ما أحلوا. من ذلك أن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت حتى أن الله تعالى قال من اعتدى منهم في صيدها يوم السبت " كونوا قردة خاسئين " فكانوا، ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا. قال الله تعالى " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم " وجئت بتحليل الشحوم كلها وكنتم لا تأكلونها.
ثم إن الله عز وجل صلى علي في كتابه العزيز، قال الله عز وجل " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " ثم وصفني الله عزو جل بالرأفة والرحمة وذكر في كتابه " لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم " وأنزل الله تعالى أن لا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة وما كان ذلك لنبي قط، قال الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " ثم وضعها عنهم بعد أن افترضها عليهم برحمته ومنه.
مواجهة الرسول لقريش