تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (1)
لقد أشارت الآيات القرآنية إلى تسخير الموجودات للإنسان ، ويتضح ذلك بالتأمل في الآيات التالية :
( ... هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ... ) [1] .
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ... ) [2] .
( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... ) [3] .
( ... وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ) [4] ( وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) [5] ( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ... ) [6] .
( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ... ) [7] .
الشعور والإدراك لدى المخلوقات :
ثم إن الإنسان يريد أن يتعامل مع كون ليس جماداً بقول مطلق ، وإنما كل الموجودات فيه تمتلك درجة من الشعور والإدراك ، وإن كنا لا نعرف كنهه ولا حدوده .
وقد تحدث القرآن عن السماوات ، والأرض ، والجبال والطير وكل الموجودات ، بطريقة تركز هذا المعنى ، وتدفع أي تشكيك أو ترديد فيه . فلنقرأ معاً الآيات التالية :
قال تعالى مخاطباً نبيه موسى «عليه السلام» : ( ... قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ... ) [8] .
وقال سبحانه عن داود : ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) [9] .
وقال في آية أخرى عن داود أيضاً : ( ... يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ... ) [10] .
والمراد بالتأويب ترجيع التسبيح على ما يظهر .
وقال تعالى : ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ... ) [11] .
وقال : ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) [12] .
وقال تعالى : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [13] .
وتسبيح ما في السماوات والأرض ، مذكور في عدة آيات [14] .
وقال سبحانه : ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... ) [15] .
وقال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ... ) [16] .
وقال جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ... ) [17] .
فكل ما تقدم يشير بوضوح : إلى أن هذه المخلوقات تملك حالة شعورية وإدراكية معينة ، وليست مجرد جمادات أو حيوانات خاوية من ذلك بصورة نهائية .
وهذا ما يفسر لنا : أننا نجد أن الله قد تعاطى معها بطريقة تكرس هذا الفهم ، وترسخه ، ولا تبقي مجالاً لأي تشكيك أو ترديد فيه .
المصادر:
[1] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 228 .
[2] القران الكريم : سورة لقمان ( 31 ) ، الآية : 20 ، الصفحة : 413 .
[3] القران الكريم : سورة الجاثية ( 45 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 499 .
[4] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 259 .
[5] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 259 .
[6] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 260 .
[7] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 268 .
[8] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 143 ، الصفحة : 167 .
[9] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 454 .
[10] القران الكريم : سورة سبأ ( 34 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 429 .
[11] القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 250 .
[12] القران الكريم : سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 6 ، الصفحة : 531 .
[13] القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 44 ، الصفحة : 286 .
[14] راجع : الآيتان 1 و 24 من سورة الحشر والآية 1 من سورة التغابن والآية 1 من سورة الصف والآية 1 من سورة الجمعة والآية 1 من سورة الحديد .
[15] القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 548 .
[16] القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 334 .
[17] القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 355 .
تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (2)
تسخير المخلوقات للإنسان في اليات القرنية (3)