كأنني لست إنسانة
حقوق العاملين في الخدمة المنزلية
أقرت منظمة العمل الدولية يوم 16 يونيو 2011 في جنيف أول معاهدة دولية لحماية عمال المنازل في جميع أنحاء العالم، وقالت إن المعاهدة ستضع ما بين 50 مليون و100 مليون خادم وخادمة تحت مظلة معايير العمل الدولية. عليناأن نستفيد من نهج الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) في تعامله مع خدمه .
في الرواية «أتى أمير المؤمنين(عليه السلام) سوق الكرابيس، فاشترى ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم، والآخر بدرهمين. فقال: يا قنبر، خذ الذي بثلاثة، قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين، تصعد المنبر وتخطب الناس. فقال: يا قنبر، أنت شابّ ولك شره الشباب، وأنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليك، لأنّي سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون، وأطعموهم ممّأ تأكلون».
الإمام(عليه السلام) يقول لقنبر: أنت شاب ولك شره الشباب، أي لك أن تلبس ما يناسبك بين أقرانك، وأن تتمتع بشبابك. ومن ناحية دينية يرى أنه يستحيي من ربه أن يكون وضعه المعيشي أفضل من خادمه حتى وهو في موقع السلطة السياسية والسيد لهذا الخادم الشاب. ولعل الدرس الأهم الذي أراد أن يقدمه لنا علي هو ألا نشعر الخدم الذين تحت أيدينا ويعملون في منازلنا بأنهم في مرتبة دونية، إذ ينبغي أن يكون مستوى معيشتهم وملبسهم مناسبا لحاجتهم الأساسية والاعتبارية كمراعاة فئتهم العمرية ووضعهم الاجتماعي.
لقد حاز موضوع العاملين في الخدمة المنزلية على اهتمام دولي واسع، إذ يجري اليوم نقاش عالمي لمعالجة الأوضاع البائسة التي تواجهها العمالة المنزلية والبالغ عددها أكثر من 52 مليون خادم وخادمة على مستوى العالم. فالخدم غالبًا ما تتقلص فرص إنصافهم عند مطالبتهم بحقوقهم ما داموا واقعين تحت سلطة غيرهم من أرباب العمل. وبلدنا غير مستثنى من هذه الحالة، فقد أصدرت منظمة «هيومن رايتس واتش» في يوليو 2008 تقريرًا جاء في أكثر من 173 صفحة بعنوان «كأنني لست إنسانة» تحدث عن وضع العاملات في المنازل السعودية والذين يزيد عددهم على مليون ونصف المليون عاملة. ولخصت نيشا فاريا الباحثة في قسم حقوق المرأة في «هيومن رايتس واتش» حالة العمالة المنزلية في المملكة بالقول «في أحسن الأحوال تتمتع النساء المهاجرات في السعودية بظروف عمل طيبة وأصحاب عمل طيبين وفي أسوأ الأحوال يعاملن كما العبيد.. ومعظم العاملات تتراوح معاملتهن بين هذين المستويين».
في كثير من الأحيان لا يكون وقت العمل محددًا، فالمعروف دوليًا أن ساعات العمل هي ثماني ساعات في اليوم، فيما نجد خادمات يشتغلن في كثير من الأحيان إلى 18 ساعة في اليوم! وإذا كان لابد من ذلك فيجب أن تعطى أجرًا إضافيا، وخلاف ذلك يصبح نوعا من الإجحاف والظلم.
كما يواجه بعضهن تأخرًا في دفع الأجور،وعدم إتاحة فرصة التمتع بعطلة أسبوعية، فكما هو معروف دوليًا بأن كل موظف وعامل يتمتع براحة أسبوعية ليوم أو يومين. وأخيرًا ما تتعرض له العاملات في بعض الأحيان من الإساءة والتحرش والنظرة الدونية.علينا أن نعلم من ناحية دينية أن هذا العامل أو العاملة أن لم تسعفهما القوانين والأنظمة لأن ينتصفا لنفسيهما في الدنيا نتيجة قصور القوانين أو بسبب ضعفهما عن الدفاع عن حقوقهما، فعلينا أن نعرف أن الله تعالى بصير وأنه بالمرصاد لكل ظالم، ولهذا ورد «إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرًا إلا الله».
علينا أن نراعي حق العمالة وأن نأخذ بعين الاعتبار ظروفهم الخاصة التي تصيب أي إنسان، من حالات الغفلة والنسيان والخطأ والاشتباه، يروي أبو مسعود الأنصاري يقول كنت أضرب غلاما فسمَّعني من خلفي صوتا. اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود إن الله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو النبي(صلى الله عليه وآله) فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار».
المنهج التربوي العام في العلاقات الأسرية
تعلمت من الحياة